يا أم محمد كلنا محمد جميل


في ليل بهيم يحطم سكونه صرخات المظلومين من جوف الزنازن الضيقة، وفي فضاء ٍضاقَ على سعته وحُجِبَتْ في حُلْكَتِهِ الثريَّا من السماء فلا شيء يظهر من طاقات الزنازن إلا السواد ............... وخيمت فيه سحب الخوف القاتمة على سجن المخابرات في منطقة الجندويل .............لتنطلق آهاتٍ....... وعويلٍ ........ونحيبٍ ٌتختلط جميعا في كل الأنحاء والزوايا والرُّدْهات والممرات الضيقة عبر سراديب الأبواب السوداء .............أكثر من خمسة آلاف سجين أو يزيدون، كلما ذهب فوجٌ منهم جاء فوجٌ،يساقون على التوالي كما تساق القطعان إلى مسلخ التحقيق وكل يوم هو أحلك وأشد ازدحاما وإيلاما من الذي يسبقه .


البعض كان يؤتى به من جولة التعذيب لا يقوى على الوقوف والبعض كان في الداخل يرتجف لا من البرد ولكن هلعا أن يأتي دوره، والبعض في الزنزانة الإنفرادية يذكر الله ويصلي والبعض يرسل صوتا يمزِّّق الأبواب السوداء ويدخل الى أسماع الأسرى بالتكبير والتهليل والدعوة للصبر على البلاء.... رُبَ صوت مزق حُلكة الليل مع طرق أبواب الزنازن الحديدية -على بعض من كان نصيبهم من العذاب أن يمنعوا من النوم- (إستعينوا بالله واصبروا ) يجيبه صوت يرافقه عزمٌ (الله مولانا ولا مولى لهم ) فيهزم الخوف تكبيرٌ يرجُّ مبنى الزنازن المتراكمة فوق بعضها كما تتراكم الظلمات تحت الغيم في ليل الشتاء.

أيام سوداء ظننا أننا لا نقضيها في وطننا الذي كنا نسمع فيه عن الفخار والعزة والحرية والكرامة وأرض الرباط وسائر المصطلحات التي قيل لنا أن علينا أن نحفظها عن ظهر قلب،حديثا أجوفا يملأ الإعلام المملوك ويتشدق به مذيع يبتسم دوما لأننا احسن حالا من كل من يحيط بنا حسب زعمه ،فرأينا كل ذلك جليا والبصاق يُرشق في وجوهنا وتُـداس رؤوسنا ببساطير العسكر والمحققين.


كلُّ هذا الجمع جيئ به ليُسْتخْلَصَ منه الذي حاول اغتيال (علي برجاق) فهكذا يُجمع الناس على الهيئة واللحية ويُـستخرج المطلوب بتعذيب الجميع، ثم يحرَّز المطلوب ويترك الباقون بلا حقوق وقد نزعت منهم كرامتهم ،واحتقن في قلوبهم حقد يجسد ما سمعناه عن قهر الرجال ليتفجر من بعدُ غضبا وبراكين انتقام، يصيب كل من حوله بشظاياه إن أذن له صاحبه أن ينطلق من جوفه يوما، هكذا كانت سياسة علي برجاق في الشباب الملتزم تفرِّخ تفجيرا وقتلا وغلظة،عندما يصحو مارد الإهانة والإذلال الجاثم فوق صدور المعذبين من فعل سياط جلاديه ........ فلا قانون يُعرف الا قانون (علي برجاق) الذي كان يحكمنا جميعا ولا يكلفه جلب أحد من فراشه بين أطفاله مهما بلغت منزلته أكثر من ورقة صغيرة عليها توقيع المدعي العام وختمه الذي يقبع مكتبه في جوف الدائرة ويستطيع علي برجاق ان يرسل اليه آلاف طلبات الاعتقال وبالكيفية والتهمة التي يريدها –ثم يبعث بقوة من الملثمين ترافق دورية الاعتقال فينتزعون في جوف الليل مختارعشيرة رخيص يتبعهم لاهثا ،وفي الورقة تهمة ألفَّها علي برجاق لا يعلم أحدٌ عنها شيئا حتى هو ...فالمهم هو جلب الشخص الذي يريده علي برجاق...؛


وهناك في بيت المطلوب تستعمل كل صنوف الإرهاب والترويع بحق اهل المطلوب وتُخلع الأبواب والنوافذ ويؤخذ بلباسه الداخلي احيانا وهو لا يعلم فيم أُخذ ولا لأي شيء قد تم اعتقاله، فكم من أخ ٍلنا كان مع امرأته في فراشه ليجد كـَما الشهاب الساقط من السماء جنودا يقفون فوق رأسه ببنادقهم التي لم تعرف ان تصوب الى عدو من اعداء الأمة،واذهبوا الى بيت جراح لتروا على الباب آثار العراك مع الباب الأصم،قبل أن يُخلع على رجل يعلم الوطن كله أنه لا يملك سلاحا في بيته .


ولابواكي لنا ولا أهل ولا عشيرة الكل يصدق ما يدونه او يقوله (علي برجاق )فقط فلا صوت يسمع صداه إلا صوته فقط ولا يرون من الأمر إلا ما يريهم .......ونحن هناك في الأركان المظلمة وفي الأزقة نتخفى وننحني ملثمين عندما ننتقل من ضوء ساطع إلى ضوء خافت هربا من أن تلمحنا أعين الدوريات التي أرسلها علي برجاق كالجراد في كل مكان .


في مثل هذه الأجواء قبض على (الأخ محمد جميل عربيات) ..مواطن بسيط له بسطة يسعى عليها ويسعى أيضا إلى الصلوات ، كل همه في الجهاد كان منصبا على نصرة المستضعفين من المسلمين في البلاد التي غزاها الأمريكان والمتلفعون بعباءتهم من الصهاينة وأنصار الصهاينة ،في أفغانستان المسلمة ولا نية عنده للإضرار بأحد من أهله وعشيرته في الأردن ،وكما سيق الجميع سيق محمد مكبلاً إلى جحيم التحقيق الذي يبدأ بالأسئلة المبهمة طمعا في أن يَستخرج السؤال المبهم إجابات غير محددة عن جرائم لم تكن في حسبان المحقق ، لكن محمدا لم يستجب إلى الأسئلة فبوشر باستعمال الإهانات من خلال السباب ورشق البصاق في منتصف الوجه،والإهانة بالرفش والدوس على اللحية والرأس وتمرير الحذاء على الفم ومحاولة إقحامه في الحلق، فلما لم تفلح هذه المقبلات في استخراج الإعتراف جُرِّدَ من ثيابه،بحسب رواية شريكه في العذاب ، وقيدت رجلاه وجيئ بالملثمين وطافوا عليهما بجولات وجولات بأعواد من الخيزران المرن المبلل بالماء المملح ،ثم كان بين كل جولة ٍوجولةٍ يُترك ليخطو في مكانه ثابتا فوق كومة من الملح، حتى أُجهد محمد ودخل في غيبوبة، لم يفق منها بعد جولات الخيرزان إلا على بقعة كبيرة من الدماء تجمعت تحت قدميه الملتهبتين .

فَجَرَّه المسالح إلى زنزانته وهُدِدَ إن لم يعترف بأن الجولات لن تنتهي أبدا،فلم يملك هو كما لم يملك أحد قبله إلا أن يعترف بما يريدون، وأُخذ الى حجرة المدعي العام وسجلت الافادة باعترافه بما سألوه عنه ، ثم ترك بعد ذلك للأطباء حتى يداووه تمهيدا لترحيله الى المحكمة العسكرية،هناك أنكر محمد إفادته السابقة وقال بأنه تعرض للتعذيب، ولكن هيهات فمن يسمع ومن يلقي بالا لما يسمع وكيف سيثبت التعذيب؟؟ وهو لم يعرض على المحكمة إلا بعد أن تم علاجه من آثار التعذيب والتنكيل،وحُكِمَ بالإعدام ،ثم تم تمييز الحكم إلى المؤبد مضى منه عشر سنوات ولا زال هناك عشر أخريات ينتظر أن يأكلن عمره وشبابه.


وهذا الحكم الجسيم كان جزاء ًعلى اتهامه بأنه قد دلَّ الشخص الذي نفذ العملية على بيت علي برجاق، ولم يشارك بشيء من العملية إلا بهذه التهمة، التي ما زال محمدٌ إلى اليوم وبعد أن تم الحكم عليه وبعد كل المدة التي قضاها يحلف بالله أنه لا يعلم عنها شيئا أبدا، وهذا ما أسرَّ به إلى كل خواصه،وأعلنه للناس جميعا، وكأن عنوان علي برجاق لم يك معلوما لأحد إلا لمحمد جميل!!! مع العلم أن العنوان قد تم نشره في الجريدة قبل محاولة الإغتيال! بثلاثة أشهر حيث وضع العنوان مفصلا في الجريدة من أجل الارشاد الى عزاءٍ لوالد برجاق في بيته في جبل عمان! آنذاك،وهذا قدمه المحامي للمحكمة كبينة محتملة لدفع التهمة فلم تعترف المحكمة أيضا بهذه البينة ولا بالتعذيب ولا بالاعترافات التي تؤخذ خارج نطاق تحقيقاتها ، واعتمدت على ما وصلها جاهزا من برجاق، لتختم الأمر بحكم ٍلا يوازي القضية لو صح ،فهل يستحق من يرشد متهما الى عنوان يريده لو صح هذا الحكم، بينما من ثبت تورطهم في القضية ما عدا المتهم الأول كل أحكامهم لم تتجاوز السنتان.


وهاهو محمد ينتظر عشرا أخرى خلف قضبان الظلم ، وهاهي عروسه تنتظره لم تقبل أن تفارقه برغم طول مدة حكمه،فلم تكن قد اكتملت فرحة عرسهما بعد فهل ستنتظره حتى ينحني الظهر وتسقط الأسنان وتشيب الذوائب منها.......!؟ وهاهي أمه الصابرة ما زالت تزوره بعينين تحترقان من الدمع وآهات حرَّى لا تتركها للنوم إلا بعد أن يصطلي فؤادها بنار الحسرة التي زرعها برجاق فيه، وهي التي كانت تهدهده لينام يوما وهو طفل في حجرها حين لم تكن تعلم أنه من سينكل بفلذة كبدها ويقضي على حياته سجينا حزينا مفرداً ، وهاهم أصدقاءه وأخلاؤه يبكونه ويتنظرونه في العيزرية ليروه رائحا أو غاديا كما كان قبل أن ينسوا شكل مشيته وابتسامته ومداعباته......لك الله يا محمد جميل ؛


أليس فينا يا قوم من يهب لنجدة محمد ."ومحاكمة برجاق" الذي نكل بأبناء الوطن ، أيصح أن يودع الذهبي السجن ويبقى برجاق حراً طليقا بعد أن كان سببا في خراب البيوت وانتهاك حرماتها ،وبعد أن قطع الأرزاق وأجرى الدماء وأهدر الكرامات، وحارب الدين ،وأودع الآلاف في السجون بتهم القصد والتخطيط والمؤامرة،ولاشيء يثبت ان مخططا أو مؤامرة أو قصدا قد وقع مما يدعيه إلا اعترافات على ورق رتبه برجاق ليقدم كل ذلك قربانا لأمريكا وقربانا لحصوله على الأوسمة والنياشين والرتب، هلموا ياقوم يا ابناء السلط وطالبوا بالإفراج عن المسجون ظلما محمد جميل عربيات، ويا ابناء الاردن جميعا طالبوا بمحاكمة علي برجاق ، هلموا يا ابناء السلط أين الإباء الذي نسمع به؟ أين الرجفة التي ترسلها أقدامكم في الأرض عندما تغضبون،أين كشرةالأسد في بريق نواجذكم عندما تضحكون أين أنتم من لبن الحرائر الذي أرْضِعْتُموهُ وتتيهون به في كل المحافل، أين أنتم من نصرة أخيكم محمد كيف بكم إن بقيتم سكوتا على الإجرام بحق ابن السلط محمد جميل، كيف بكم وقد أخرج أكثر المحكومين ظلما أو بحق وبقي محمد ومعمر ألا تستفز رجولتكم آهات وحسرات أمه التي ذاقت حسرته حيا تنظر اليه أسيرا ً يذبل كما يذبل الغصن الرطيب في حر الشمس أنتركه ليحترق شبابه قربانا لرفاهية علي برجاق فمن أحق بالعيش وراء تلكم القضبان محمد جميل أم علي برجاق .



تعليقات القراء

سلطي وافتخر
حسبي الله عليك من متسلق
كل عرس وإلك فيه قرص
09-03-2012 01:10 PM
مش عاجبني
الصورة عليها علامات الحقد والكراهية
09-03-2012 01:11 PM
رائد العمايرة
أعلم أن انصار برجاق وزبانيته سوف يغيظهم ما في مقالي وسيرسلون تعاليق بأسماء مستعارة تطعن في شخصي وفي المقال ولكن هذا لن يثنينا بإذن الله تعالى عن المطالبة بمحاكمته ومحاكمة زبانيته الذين أساؤوا الى ابناء الوطن وكانوا سببا في تفريخ الارهاب والتفجير والغلظة بما زرعوه في قلوبهم من الحقد جراء تجاوزهم واهاناتهم وتعديهم على الحرمات والحقوق والدين والاخلاق وإن غدا لناظره قريب وارتقوا انا معكم مرتقبون.
09-03-2012 01:32 PM
عمايرة العز والطيب والصدق
..........
رد من المحرر:
نعتذر.........
09-03-2012 07:39 PM
فاقع
وارتقوا انا معكم مرتقبون
09-03-2012 07:40 PM
سلطي وافتخر
.............
رد من المحرر:
نعتذر........
09-03-2012 07:40 PM
عارفك
........
رد من المحرر:
نعتذر.........
09-03-2012 07:45 PM
سلفي عبادي
ألا ترعوي يا رائد الفتنة ، الرد جاءك من أهل السلط الواعين لألاعيبك الرخيصة التي تريد الخراب والفتنة في البلد
لكن انت وأمثالك سيحكم عليهم الناس ، ألا تعرف محتوى الرسائل التي يعتذر المحرر عن نشرها لأدبه وحفاظا على أن يخدش مشاعرالناس بالكلمات النابية التي تحتويها الرسائل ،ألا ترى أن من يوافقك لا يذكر عددهم ، وسيبقون كذلك وسترى ؟ أما لك من توبة ؟ ما الذي تريده للبلد أنت وأمثالك ؟
09-03-2012 11:34 PM
عربيات
...........
رد من المحرر:
نعتذر.........
10-03-2012 09:13 AM
؟؟؟
...........
رد من المحرر:
نعتذر...........
10-03-2012 09:19 AM
...بين الناس
قال عبد الله بن مسعود – رضي الله تعالى عنه - : ' لا يزال الناس صالحين متماسكين ما أتاهم العلم من أصحاب محمد ومن أكابرهم ، فإذا أتاهم من أصاغرهم ! هلكوا '
10-03-2012 09:23 AM
طالب علم سلفي
أخي الأستاذ رائد مقال في الصميم وكلمة حق وكفانا الله وإياك شر الأشرار
وجنب بلدنا الفاسدين وجعل كيدهم في نحورهم
10-03-2012 09:28 AM
سلطي حر
الاخ العزيز رائد العمايرة اثبت على الحق فانك شوكة في حلوق المغرضين
10-03-2012 12:58 PM
منصف
الله يجزيك الخير
10-03-2012 01:21 PM
فيصلاوي
على لسان الكاتب والاخ رائد العمايره
{ فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ }
10-03-2012 02:26 PM
إلى 13
..........
رد من المحرر:
نعتذر..........
10-03-2012 02:27 PM
والله وعارفين البير وعارفين غطاه
شغل فتن ودهلزة واللي ما بطوله بقول عنه حرام
10-03-2012 02:29 PM
مرشد
جزيت خيرا
10-03-2012 05:35 PM
سندباد
والله إنها كلمة حق في وجه أناس ظالمين ، وانتصار لأعراض أسرى مسلمين ، وإنكار لأمر تخاذل عنه الكثير .. هنيئا لك هذا وأحسبك من المجاهدين بأقلامهم في زمن النفاق والسكوت عن الظالمين
10-03-2012 07:11 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات