بئس المجلس


كنا دائما في المناسبات السعيدة نطلق العيارات النارية في الهواء ابتهاجا وسرورا، وربما كان هذا التصرف ناتج عن شدة تعلق الإنسان بسلاحه من جهة، والذي لا يستخدمه إلا في أوقات الضرورة، ومن جهة أخرى فسلاح الرجل كان بمعزة احد أبناءه، وما كان يخلو بيت من قطعة سلاح.
لكن وبعد أن سالمنا الصهاينة باتفاقية السلام البائسة، لم يعد في نظر العرابين لتلك الاتفاقية أي ضرورة لان يحتفظ أي شخص بأي نوع من السلاح، والاعتبارات كثيرة تبدأ من المحافظة على الأمن، ثم للمحافظة على أرواح الناس من الرصاص الطائش الذي يطلق في المناسبات السعيدة فيقلب الأفراح إلى أتراح، مرورا بحماية الأشخاص من التهور في لحظات الغضب وإساءة استخدام هذه الأسلحة، إلى العمل الجاد بإيقاع العقوبات الشديدة بحق من يوجد بحوزته سلاح، كل هذا كان له الأثر الكبير في النفس ومن باب حسن النية أيدنا الحكومة في مسعاها، وخوفا من العقوبة امتثلنا للتعليمات والتزمنا بالقانون، فهذا عذري للسادة النواب الذين لم استطع أن أطلق النار في الهواء ابتهاجا بقرارهم، الذي يقضي بعدم مسؤولية رئيس الوزراء السابق الدكتور معروف البخيت، ووزير المالية الدكتور زياد فريز، ووزيرة التخطيط سهير العلي، ووزير العدل عبد الشخانبة، ووزير الصناعة والتجارة شريف الزعبي، في قضية خصخصة الفوسفات، كما صوت المجلس وعن نفس القضية، بعدم مسؤولية وزير المالية السابق محمد أبو حمور، ورئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله، ووليد الكردي مدير عام المؤسسة الأردنية للاستثمار.
ورغم عدم التمكن من إطلاق النار ابتهاجا بالقرار الشجاع لمجلس 111، إلا أن مظاهر الفرح لم تغب عن الساحة، فدموع الشقران ذرفت بهذه المناسبة، وأحرار الوطن سيدبكون بهذه المناسبة ظهر الجمعة، وسيكون هذا القرار النيابي الرصاصة الرحيمة على هذا المجلس، الذي أحسن وصفه من كان على بابه من المواطنين وهم يرددون بأنه مجلس نواب وحرامية.
سقطت إذا اخر ورقة يمكن أن تطيل في فترة بقاء السادة النواب تحت القبة، فالمهمة المطلوبة منهم تم انجازها بنجاح، والقوانين التي ستقدم لهذا المجلس والمتعلقة بالانتخابات سيتم تقديمها للمجلس، ويبصم عليها السادة النواب، ثم يركب كل منهم سيارته ويطبق عائدا إلى بيته الرجوع الأخير، بعد أن سجل في كتاب التاريخ الأردني اسمه لكي يبقى يذكره التاريخ كأحد رجالات هذا البلد، بعد أن يضفي المؤرخون على هذا الكتاب عبارات البهرجة، ليقدموا للقارئ الكريم صورة تاريخية ناصعة البياض كما درسنا عن تاريخنا أننا كنا أحرارا وصدقنا ذلك، وما إن مات البوعزيزي حتى كُسرت المرآة التي كانت تعكس لنا زيف التاريخ فوجدنا أنفسنا دمى تلبس الزي العربي وتلعب بنا أمريكيا وبريطانيا، وبمباركة السادات العظيمة من الزعامات العربية التي قبضت ثمن استغفالنا ولا يعز عليها بيعنا.
نعم لقد اكسب السادة النواب الحِراكات الشعبية مزيدا من الأحرار، ومزيدا من الكره لهذا المجلس، ومزيدا من الفرقة بين الحكومة والشعب ولا اخفي أن الشعارات التي أصبحت تتزايد تجعلنا نقلق من مصير كمصير سوريا، بعد أن خسر المتراهنون الرهان وأثبتت الأيام للشرفاء أن الأيام تدور وحالنا واقف يعييه المسير، وهذه أبيات قالها حافظ إبراهيم في ثلاثينيات القرن المنصرم يصور بها حالنا اليوم:
(أَيُّها المُصْلِحُونَ ضاقَ بنا العَيْـ -----شُ ولمْ تُحسِنُوا عليه القيامَا)
(عزت السِّلْعَة ُ الذَّلِيلة ُ حتَّى ----باتَ مَسْحُ الحِذاءِ خَطْباً جُساما)
(وغَدَا القُوتُ في يَدِ النّاسِ كاليا --قُوتِ حتى نَوَى الفَقيرُ الصِّياما)
(أيّها المُصْلِحُونَ أصْلَحْتُمُ الأرْ -----ضَ وبِتُّمْ عن النُّفوسِ نيامَا)
وقال عن مليكه في ذاك الزمان الغابر:
(لا تَعجَبوا فمَليكُكُم لَعِبَت به -----أيدي البِطانَة ِ وهو في تَضليلِ)
(إنِّي أراهُ كأنّه في رُقعَة الشِّـ ----شِّطْرَنْجِ أو في قاعة ِ التَّمثيلِ)


kayedrkibat@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات