شهداء الوطن !!


... مؤمنون اصطفاهم الله تعالى لأنهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، ففازوا و ربحت تجارتهم، فأكرمهم الحي القيوم بالحياة بيننا ، والشهداء لا حاجة لهم في تكريم الأحياء ، فقد كفاهم تكريم الله لهم ، وقد دعت الحاجة في حاضرنا اليوم الى التذكير بتضحيات الشهداء لأسباب عقائدية وسياسية وإجتماعية ، باعتبارهم إلهام ومنارة الأحياء ، ليحذو حذوهم في الدفاع عن الأوطان أو نشر رسالة المحبة والسلام في العالم وتقديم التضحيات إن لزم ، وقد بدت الشعوب او الحكومات التي تصاب بالهزائم المتلاحقة وينتشر فيها مظاهر الفساد والجبن هي تلك الشعوب والحكومات التي قللت من قدر تضحية وشهادة ابنائها .

اجزم وبكل ثقة أن الاردن هو البلد الوحيد في العالم كما هي حال تفرده بقضايا كثيرة الذي لا تحتوي اجندته السنوية على يوم للشهداء ، وكأن أبناء الوطن لم يبلغوا بعد شرف الشهادة من وجهة نظر نظامنا السياسي وحكوماتنا المتعاقية ، " فروزنامة الأيام " في بلادنا حافلة بأعياد الميلاد المتعددة ، ليست الدينية فحسب ، بل والاجتماعية الخاصة جدا والمرتبطة بأعياد ميلاد الاشخاص ، والاحاديث تتناقل عن احتفالات تكلف خزينة الوطن ملايين الدنانير ، واحتفالات أخرى تقام في عواصم غربية تشتمل لائحة الدعوة فيها على اسماء كبار الطبقات الاجتماعيةالمختلفة من ساسة و رجال اقتصاد ومال وفكر وحتى أو حتى أشهر لاعبي كرة القدم والغناء وغيرهم !
اقول هذا بعد أن قرأت رسالة والد الشهيد الرائد عطا عيس المناصير (رحمه الله ) الذي لاقى ربه شهيدا في غربته وبعيدا عن أهله وعشيرته في هاييتي العام الماضي مع شهداء الواجب ال‘نساني - الرائد اشرف الجيوسي والعريف رائد فرج الخوالدة رحمهم الله جميعا ونحتسبهم عند الله شهداء مكرمين ، قرأت الرسالة التي تقدم بها والد الشهيد عطا ساخرا "مسهجما " بجزيل شكره وعظيم إمتنانه لحرارة الإستقبال الذي قوبل به في "بيت الأردنيين " ( الديوان الملكي ) كما كان يسمى قبل أن تبّدِل " البطانة السيئة " قيمة وقدر هذا البيت ، رسالة سبقتها عشرات الرسائل والبرقيات التي كانت تناشد الملك حاجة أو مظلمة الرجل ، وبعد طول صبر وصل الرجل الى الديوان الملكي و لاقى ما لاقاه من سوء ترحيب و "استهتار " على يد رجل كان يوما رفيق سلاح ولده عطا ، وخرج والد الشهيد من الديوان كما دخل ، حاملا بالإضافة الى مظلمته سخطا وثقلا كبيرا على قلبه لما آل اليه حال بيت الأردنيين بعد أن تبوأ مثل هؤلاء قيادته !!
تضحيات جمّة قدمها أبناء الوطن ، طوابير شهداء وجرحى ومصابين ، تاريخ حافل بكل هذا وأكثر ، بدءا من " هيّة الكرك " عام 1910 ، وما قدمته الانتفاضة حينها من عشرات الشهداء من ابناء الكرك والطفيلة ووادي موسى ومعان ، اُعدم من اُعدم ، وسمّم من استطاعوا الوصول اليه مثل قدر المجالي زعيم الهيّة الذي استشهد مسموما في دمشق ،بالإضافة الى عشرات الشهداء الذين لاقوا وجه ربهم في سجون معان والاستانه وساحة الإتحاد ( ساحة المرجه ) في دمشق على يد الحكم التركي ، مرورا بثوار وشهداء القلعة فيي موقعة "حد الدقيق " في الطفيلة 1917 ، وطوابير الشهدا من أبناء الوطن الذين قدّموا أرواحهم على أرض فلسطين الطاهرة في حروب " الهزائم العربية المسماة ب " النكبة والنكسة " وحرب رمضان 73 ، وماقدمته البلاد من شهداء الواجب داخل الوطن أو خارجه ، أفلا تستحق هذه الكواكب يوما أو ساعة للتذكير بتضحياتهم ودورهم في بناء الأردن وتحريره ! أفلا يستحق شهداءنا وابناء الشهداء وذويهم تكريما وتذكيرا بعظمة ما قدموه وما يمكن أن يقدموه إن دعت الحاجة ، أم أن الاحتفالات والبهرجة المرافقة لها و التي يتباهى بها البعض على حساب خزينة الدولة التي تعاني ما تعانيه ذات أولوية من تلك التضحيات ! أم أنها سياسة التهميش والإنكار والجحود لدور ابناء الوطن وتاريخ أجدادنا و تضحياتهم هي السياسة التي لا يخجل البعض من إعلانها على الملاء !
لن تنطوي يوما صفحة الشهداء وتضحيات الأجداد ، فالشهادة والتضحيات حاضرة في كتب التاريخ وسواليف البشر المتناقلة جيلا بعد جيل ، مهما حاول البعض طي صفحتها ، لأنها حاضرة بحضور الدماء الزكية وعبق رائحة المسك الشاهدة على شهادتهم وتضحياتهم في كل ركن من أركان الوطن وخارجه .
تكريم الشهداء لم يكن لدى الشعوب والحكومات مراسم احتفالات شكلية تقام كل عام ، بل هو واجب وطني يتجدد ويمهد لتضحيات قادمة إن لزم الأمر ، وتقليد بالغ الأهمية في بناء المواطن ثقافة ومنهج حياة ، وهي تُعتبر منهاج تربية وتعليم حتى لدى الشعوب والدول التي تتبع البقر والأوثان والشمس في دينها ، فكيف بنا نحن الذين كرمنا الله تعالى ونبيه العظيم فيمن سأل الله القتل في سبيل الله صادقاً من قلبه، أعطاه الله أجر شهيد، وإن مات على فراشه .
ما بال نظامنا ُيحطّ من قدر الشهادة و الشهداء ، ويعظّم من قدر الفاسدين والدخلاء ! وما بال النُخبة التي كنا نعتقد أنهم أصحاب فكر ورأي ، ُينكرون دور أجدادنا أصحاب الهدب الحمرا في تحرير و بناء الوطن والدفاع عنه ، وهم الذين كانت سنابك خيلهم تصبح في بلد وتمسي في بلد تستجيب لكل مظلوم ومستغيث ، وكانوا دوما الملفى لكل معازيب العرب والترك وحتى العجم حين لا أرض تأويهم ولا سماء ، يتسامرون مع الطيب وبيوتهم على ضو النار ترشد كل تائه وحيران ! فأعيدو للشهداء وِقارهم وللتاريخ ألقه ولا تحاولوا تشويه الصور الجميلة في حياة وتاريخ شعبنا ، لأن مؤامراتكم لن تمر !



تعليقات القراء

عبدالله المحاسنه
عزيزي ، ليس المطلوب ان تكون الشهادة منهج حياة الامه ولا الجهاد ، فكيف تطالبهم بذلك ، وشهداء الدار الاردنية على ثرى فلسطين وسوريا ولبنان والعالم ستبقى شاهده على رغبة الناس وحديثها بالجهاد والشهاده رغما عنهم ....
29-02-2012 09:24 AM
عادل المساعفه
فوت بيها وعلى الاشهاد احكيها
ليس بيتنا بل بيت الاغراب والدخلاء
بيت خرجنا بل اخرجنا منه عنوة
والحال قد يسير على وطن قد نخرج منه عنوة
وتبقى الشهادة والفداء ديدننا
فأن اخرجونا . ففي النفس محبة وحديث بالجهاد
29-02-2012 09:28 AM
في كل دوله
في كل دوله

هنالك

سجل

باسماء

شهدائها

وتوارخ استشاهدهم و اماكن استشهادهم

هل

لديك مثل

"ذلك"

و" سبب الشهاده"
29-02-2012 10:44 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات