نعم كبرنا و فهمنا


ها نحن ذا كبرنا و تعلمنا الكثير في خضم هذه الحياة و توسعت مداركنا و أصبحنا أكثر نضجاً و معرفةً بأمور لم نكن نفهمها أو نعرف حقيقتها نعم كبرنا و عرفنا بأن الدواء ليس عسلاً و ميزنا رداءة طعمه و فهمنا بأن من يشربه يكون مضطراً لذلك نعم كبرنا و فهمنا بأنه لا يوجد شيئ اسمه الغول و عرفنا أن الرجل كثيف الشعر طويل اللحية المتسخ الثياب ليس وحشاً و انما هو اباً لابناء مثلنا رموه الى الطرقات بعدما أصابه الكبر و المرض فلم يحتملوه بينهم ...
كبرنا الان و عرفنا ان الموت مع الجماعة ليس رحمة و انما ذل و خنوع .
و عرفنا أن من يمشي الحيط الحيط لن يصل أبداً .
فهمت الان و أيقنت ان الاحبة عندما يموتون لا يعودون للحياة مجدداً .
الان كبرت و عرفت سر عدم مقدرتي على فهم مادة الرياضيات في المرحلة الثانوية حيث يملك استاذي مركزاً ثقافياً و بطريقته الخبيثة يجبر الاهالي على ارسال اولادهم لمثل هذا المركز.
و الان بعد هذا العمر ندرك أن الحياة صعبة و معقدة و أقوى منَا بكثير الا من رحم ربي و ليس كما أخبرونا أن الحياة جميلة و المستقبل سيكون مختلف ...
اكتشف الان بأنني بعد أن تعلمت و درست و سهرت الليالي و حصلت على درجة علمية اكتشف بأني أعيد دور والدي رحمه الله الذي لم يتعلم شيئاً لكنه كان مكافحاً و يعمل بجد و الشقاء كان رفيق دربه .
نعم كبرنا و عرفنا بأن الوزير أو المدير ليس شخصاً استنائياً بل شخص عادي جداً و ربما يكون أقل الناس علماً و مالاً خيراً منه بكثير ..و عرفت بأن طول اللحية ليست دليلاً على التقوى و فهمت بأن التقوى في القلوب.

كبرنا و في دواخلنا الكثير الكثير من التساؤلات و في عقولنا حيرة كبيرة بسبب التناقضات الكبيرة بين ما كانوا يخبروننا به و نحن صغاراً و بين حقيقة الامور .
نعم كبرنا و فهمنا أن فلسطين ليست مستحيلة و ان محتلوها ليسوا كما توهمنا في الصغر بل انهم أجبن مما كنا نتخيل و أضعف بكثير مما قيل عنهم و عرفنا فقط ان الطريق الى هناك صعب و مليئ بالاسلاك الشائكة و الالغام رغم قرب المسافة بيننا و بينها ...
ها نحن ذا كبرنا و صرنا رجالاً نربي الاجيال ليس كما تربينا على الغول و الخوف منه و الخوف من اليهود ...
أدركت الان أن الوطن يكبر فينا و نكبر فيه و أن حدوده تتخطى خطوط الجغرافيا التي تعلمناها في المدارس..
و الان ندرك بعد عشرات السنين بأن لا ملجأ و لا منجى من الله الا اليه
و أنه لا ناصر لنا الا هو و أن ديننا هو الحق و به تحرر الاوطان و الانسان
و ندرك جيداً كل المحرمات و كل ما يغضب وجه الله و لكننا نضعف امام شهواتنا و أنفسنا و ننسى أو نتناسى بأن أهم سبب في هزيمتنا و تراجعنا و تدهور اخلاقنا و ثقافتنا هو ضعف ايماننا و جهلنا بأسباب النصر التي وصلتنا جاهزة و مكتوبة و مطبوعة دون أن نتعب للحصول عليها .
فلننسى الجانب المظلم من ثقافة أهلنا و نقتلع ما زرعوه في نفوسنا من معلومات خاطئة و لنأخذ بالفطرة التي ولدنا عليها فطرة الاسلام و هي طريق خلاصنا .



تعليقات القراء

ام يعرب
بارك الله فيك استاذ جهاد انت كاتب مبدع و موضوعك رائع .
24-02-2012 11:18 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات