النٌصحُ الثمين .. في خطاب ِ العلامة الحلبي للمعلمين ( 2 )
نُصح ٌأو إفتاء لا قضاء !! له ورثةُ الأنبياء ..
و دونهم ( حرثَةُ الأنباءِ ) والهُراءُ .. فلِمَ المِراءُ و الافتراءُ ؟!!
إن الحمد لله تعالى ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا }
{ ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما }
أما بعد ..
فإن أصدق الحديث كلامُ الله ، وخيرَ الهدي هديُ محمد ٍ صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
قال الله تعالى في محكم التنزيل : { وَالْعَصْرِ ، إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ، إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } [ العصر : 1- 3 ]
هذه الآيات الكريمات من كتاب ربنا عز وجل دلت على الوصف الغالب على الإنسان ، وهو الخسران ، وهو وصف ٌ عارض وليس لازماً ؛ بمعنى أنه ينفك عنه ؛ ولكن بما ذكر في الآيات من شروط وهي : الإيمانُ بالله المتعال ، وعملُ الصالحات من الأقوال والأفعال ، والتواصي بالحق والصبر في كل حال ومآل .
ولذلك ؛ فلا عجب أن قال الإمام الشافعي - رحمه الله – : " لو ما أنزل الله على خلقه حجةً إلا هذه السورة لكفتهم "
و قد بيَّن الله تعالى بأن الخسران يكون في الحياة الدنيا وفي الآخرة ؛ فقال – وقوله الحق - : { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْف فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِه وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِه خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } [ الحج : آية 11 ] .
والتواصي بالحق والصبر مقتضاه الأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهو " وإن كان من عمل الصالحات إلا أن الله - جل وعلا- خصه بهذا الذكر لشدة أو لحصول الغفلة عنه من كثير من الناس ؛ لأن بعض الناس يظن أنه إذا اهتدى في نفسه، فإن ذلك يكفي، وهذا من الخلط ؛ ولهذا قال الله تعالى : {.. وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بالصبرِ } فلا ينفع الإنسان أن يخرج من هذه الخسارة إلا إذا أمر بالمعروف، ونهى عن المنكر " كما قال ابن القيم - رحمه الله تعالى – في كتابه ( مفتاح دار السعادة ) .
ومثل هذه الأوامر في كتاب الله عز وجل – وأوجب علينا تطبيقها والامتثال لها - بها يكون صلاحُ دنيانا التي فيها معاشُنا ، وآخرتِنا التي إليها معادنُا ، ولا يؤدي الإعراضُ عنها إلا إلى أن يعرض الله تعالى عنا ؛ ومن أعرض الله تعالى عنه { فَإن لهُ معيشةً ضنكا } ، و " ما عدا عليك العدو إلا لما تولى عنك الولي " كما قيل .
واعلم – أخي – أن مناط ذلك كله ( أي : الامتثال والتطبيق لأوامر الله تعالى ) هو النصيحة ؛ وهي ركن عظيم من أركان هذا الدين ؛ وهذا يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم من حديث تميم بن أوس رضي الله عنه : " الدينُ النصيحةُ ، قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم "، قال الخطابي: "معنى الحديث : قوام الدين وعماده النصيحة، كقوله الحج عرفة " .
وقال - رحمه الله – في شرحه الحديث : "وأصل النصح في اللغة الخُلوص، يقال: نصحتُ العسلَ إذا خلصتُه من الشمع، فمعنى النصيحة لله صحةُ الاعتقاد في وحدانيته وإخلاص النية في عبادته، والنصيحةُ لكتابه الإيمان به والعمل بما فيه، والنصيحةُ لرسوله التصديق بنبوته وبذلُ الطاعة له فيما أمر به ونهى عنه، والنصيحةُ لعامة المسلمين إرشادهمُ إلى مصالحهم " .
وأقول : كيف لا يكون هذا شأن النصيحة وهي مما بعث الله تعالى به الأنبياء والرسل ، فهذا نوح يقول لقومه كما أخبر الله عز وجل : { أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون } ، وصالح إذ خاطب قومه فقال : { يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين } ، عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم .
وما أحسن أن يكون " المؤمن مرآة أخيه " كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم ، و" إذا رأى فيه عيباً أصلحه " كما قال أبو هريرة رضي الله عنه ، قال صاحب ( جوامع الآداب ) : " ينبغي أن يكون كل ٌ مرآة لأخيه ، ينصح بعضهم بعضاً ، ويرشد كلٌ أخاه إلى سبيل الكمال ، ولا يكتم نقد َ ما يراه نقصاً ، فمن تبادل النقد في ساحة المودة على بساط الصفا يكون الكمال " .
ولذلك " فإن أعظمَ ما عُبدَ اللهُ به نصيحةُ خلقه " كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ، فاحفظ هذا الأصل الأول ، وعض عليه بالنواجذ ؛ فإنه أساس ما نحن بصدده ؛ ولن – بإذن اله تعالى - بعده نتقول .
وكلٌ منا محِلٌ للنصح والنقد ؛ فإنه لا يسلم من العيب أحد ، ومن فتش في نفسه عن الآفات وجد ، ولو كان ممن حج وصام وسجد ، قل { وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ } ، وسل الله صاحباً بحمل
والنصيحة غير الإفتاء ؛ ولو تقاربا في الظاهر ، وهما بعيدان عن القضاء وبينهما فرق باهر ، ولست هنا بصدد التفصيل في هذه المسألة - على أهميتها – ولكن يكفي القول : إن النصيحة من حقوق المسلمين عليك ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي سبق - : " الدين النصيحة .. لأئمة المسلمين وعامتهم " ، ويتأكد هذا الحق لأخيك إذا استنصحك لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام مسلم من حديث أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه - " حق المسلم على المسلم ست ، قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه " .
فالنصيحة - ابتداءً وانتهاءً - كلمة يعبر بها عن إرادة الخير والصلاح للمنصوح له ؛ ويمكن للناصح المبادرة بها دون طلب من أحد ؛ ولكن بالضوابط الشرعية التي يترتب على الالتزام بها عدم حدوث مفاسد أعظم من المصالح الظاهرة ؛ وهي – أي النصيحة – غير ملزمة للمنصوح له ؛ يأخذ بها أو لا ؛ والضرر يقع بحسب إعراض الناس عنها ، لا سيما إذا صدرت من أهل الاختصاص والدراية ، ثم زادوا عليهما تقوى الله تعالى والإخلاص له .
وأما القضاء ؛ فهو الفصل بين الناس في منازعاتهم ، وقطع خصوماتهم ، بحكم شرعي على وجه الإلزام ؛ بمعنى : أن القاضي إذا حكم في شيء على ما بين يديه من الحجج والبراهين والبينات ؛ وجب على المتداعين أو المتنازعين الامتثال وإلا عوقبوا ، وللقضاء قواعد شرعية محكمة وأركان قد أسهب أهل العلم في تفصيلها ، واجتهدوا في تأصيلها .
قال شيخ الإسلام بن تيمية - رحمة الله - : " المقصود من القضاء وصول الحقوق إلى أهلها ، وقطع المخاصمة فوصول الحقوق هو المصلحة ، وقطع المخاصمة إزالة المفسدة ، فالمقصود هو جلب تلك المصلحة وإزالة هذه المفسدة ، ووصول الحقوق هو من العدل الذي تقوم به السماء والأرض ، وقطع الخصومة هو من باب دفع الظلم والضرر وكلاهما ينقسم إلى إبقاء موجود ودفع مفقود " .
لذا كان القضاء من أهم الوظائف المتعلقة بالسياسية العليا للدولة ؛ لصون الأمة من العبث ، وإظهار الحقوق وضمانها ورد الظلم ؛ فتنتظم حياة الناس وفق نسق يحفظ عليهم دينهم ودنياهم ، وأما حكمه فهو "من فروض الكفايات لأن أمرَ الناس لا يستقيم بدونه فكان واجباً عليهم كالجهاد والإمامة قال أحمد : لا بد للناس من حاكم أتذهب حقوق الناس؟ " كما قال ابن قدامة – رحمه الله تعالى - .
وأما الإفتاء فهو إظهار الحكم الشرعي في مسألة ما بالاستناد إلى الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع والقياس ، فالمفتي يتتبع الأدلة بعد استقرائها ثم يخبر بالراجح منها عنده ؛ فهو كالمترجم عن الله جل وعلا ، والإخبار بالحكم الشرعي - هنا – لا يكون على وجه الإلزام بعكس الإخبار بالحكم الشرعي عند القضاء ، فالمفتي يبين ويُعلم والقاضي يبين ويُلزم .
وإنما يحصل الخلاف بين ( أهل العلم ) في المسائل الشرعية تَبَعاً لاختلاف فهمهم للأدلة وطرق استقرائهم لها ؛ لا لنقص ٍ فيها ولا لتناقض بينها ، ولا يتوهم أحدٌ غياب َ الصواب عنها .
وهذا أصل ثانٍ ؛ يتعلق بالفرق بين النصيحة والإفتاء والقضاء ؛ ينبغي لكل ذي نَصَفَة ٍ الاعتناء به ، فإنه مما يعين على استيعاب ما يصدر عن أهل العلم وفهمه على وجه ٍ سليم ، أو قل - على الأقل - : النجاة من الفهم السقيم ، وفي كُلٍّ أنت على الحق ِّ مقيم .
وإذ عرفت َ النصيحة والإفتاء والقضاء ؛ فما صفةُ أهله ؟ ومن ذا الذي قُضيَ عليه من جهله ؟
لعلي لا أكون مخطئاً إذا قلت : إن أكثر ما يشغل الناس اليوم على امتداد وطننا الأردن هو ( الإضراب عن تدريس الطلاب ) ؛ وهو ما تداعى عليه كثير ٌ من المعلمين الأحباب ، ولما رأى البعض أن الأزمة قد طالت ولم ينقشع الضباب ، وقد تعددت الأسباب والأثواب !!، وأغلقت الأبواب ؛ عدّها من الحوادث والنوازل ، وما عاد يميز ُ الحقَّ من الباطل ، فمن المتحفظِ الذي أفتى نفسه إلى السائل ِ : أشرعي هذا الإضراب ؟ أم إنه من قبيح الوسائل ِ ؟
وأنا الآن لن أخوض في الحكم الشرعي للفي الإضراب عن العمل ؛ فهذا له موضع آخر ولكني أقول – بلا ترددٍ ولا تلكؤٍ ولا لجلجة ٍ - : لا ينصحك و يدلك على الخير ، ولا يفتيك بالحق إلا ورَثةُ الأنبياء ؛ إنهم العلماء الموقعون عن رب العالمين ، قال الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى - : " .. ولا يشاور إذا نزل المشكل ُ إلا أمينا عالماً بالكتاب والسنة ، والآثار وأقاويل الناس والقياس ولسان العرب " .
وقال الشاطبي - رحمه الله تعالى - : " فإذا بلغ الإنسان مبلغاً فهم عن الشارع فيه قصده في كل مسألة من مسائل الشريعة ، وفي كل باب من أبوابها ؛ فقد حصل له وصف ٌ هو السبب في تنزله منزلة الخليفة للنبي صلى الله عليه وسلم في التعليم والفتيا والحكم بما أراه الله تعالى "
وقال ابن القيم - رحمه الله تعالى - كما في " إعلام الموقعين " : العالم بكتاب الله وسنة رسوله وأقوال الصحابة فهو المجتهد في النوازل ، فهذا النوع الذي يسوغ لهم الإفتاء ويسوغ استفتاؤهم .. " .
ولهذا كان ابن سيرين – رحمه الله تعالى – يقول : " إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم " .
غير أنه " لا يأتي عليكم يوم ٌ إلا وهو شرٌّ ٌ من اليوم الذي قبله حتى تقوم الساعة ، لست أعني رخاءً من العيش يصيبه ولا مالاً يفيده ؛ ولكن لا يأتي عليكم يوم ٌ إلا وهو أقل علماً من اليوم الذي مضى قبله ، فإذا ذهب العلماء استوى الناس قلا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر ، فعند ذلك يهلكون " كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وذكر الأثر الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " .
قلت : والأمرُّ ُ من موت العلماء أن يكونوا أحياءً بيننا ، وأن نكون - نحن – أمواتاً بينهم ؛ لا نعرف لهم قدْرا ، ولا نحفظ عليهم سترا ، ولا نلتمس لهم عذرا ..
والأمرُّ ُ من الأمرّ أن يستفتى أو يفتي من ليس بعالم ؛ بكى أحد السلف الصالح يوماً ، فقيل له : أمصيبة نزلت بك ؟ فقال : " لا ؛ ولكن أستفتي من لا علم عنده وظهر في الإسلام أمر عظيم " .
لقد ( أفتى !! ) المعلمينَ بجواز الإضراب عن تدريس الطلاب ( لطلب الحقوق ) أناسٌ كثير : منهم بلسان المقال وباستعجال ، ولو أخبرته بأن " المسألة كانت تُعرض على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيجمع لها أهل َ بدر " لصال وجال ، ثم قال : هم رجال ونحن رجال ( ؟!! ) ، ومنهم – وفيهم حزبيون إسلاميون!! – أفتى المعلمين بلسان الحال أن ( إذا نزلتم إلى الشارع لنكونن أول النازلين ولكم ناصرين ... !! )
وأكرر : أنا – وأشهد الله جل و علا – لا أفتي ، ولست أهلاً لذلك ؛ وإنما أبين ما آلت إليه الأمور عند من يحرثون الأخبار والأنباء حرْثا ؛ طولاً وعرضاً ، ولا يبذرون بذر الخير في أرض النصح ، أفغير الشوك يحصدون ويُطعِمون ، ولو نالوا ما يريدون ، واسمعون ..
قال لي أحد المتحمسين من إخواني المعلمين : ( الإضراب جهاد في سبيل الله !! ) ، وزاد آخر : ( .. والمتخلف عنه – أي الذي لم يُضرب – متخاذل ؛ فلا يخذّ ل غيره !! )
وقال لي آخر من إخواني المعلمين : ( إنما النصر صبر ساعة !! )
وقال لي آخر من إخواني المعلمين – بعد " إشاعة " أن الحكومة بصدد حصر أعداد المضربين في قوائم - : ( الذين لم يُضربوا في القائمة السوداء !! )
وقال لي آخر من إخواني المعلمين : ( الذي يحاول أن يكسر الإضراب حقير ٌ حقيرُ !! )
وقال آخر من إخواني المعلمين : ( الذي لم يُضرب ليس له حقٌّ في الغنائم )
ولست هنا بصدد العدّ و الردّ ، ولا الدفاع ِ والصدّ ، ولكن ! أإلى هذا الحدّ ؟!! ، وما ذكرت ذلك ( الهراء ) إلا لتستبينوا ما أحدثت المحنة ُ (الفتنة ُ ) أو الأزمة ُ فينا ، ثم عظمت ؛ فقال ( لي ) أحد الأخوان : ( نحن لنا عالِم ٌيُفتينا .. فلان - من اللجان - ) !! فقلت : " فلان " عالم بالكتاب والسنة وأقوال الصحابة ومن أهل الاجتهاد ؟ قال : لا ؛ يعلم حقوقنا ! وأنت من يُفتيك ؟ فقلت – وقد أعطيته ورقةً فيها كلام لشيخنا العلامة الحلبي يتعلق بالإضراب - : هي نصيحة ٌ لنا - نحن المعلمين - ؛ هي نصيحة للمسلمين .
نعم ؛ ما قاله الشيخ العلامة في خطابه للمعلمين هو نصيحة ٌ أكثر من كونه إفتاءً ؛ بل بعيد عنه ، وهذا على ما ظهر لي ، والله ُ تعالى أعلم ؛ ويدلك على هذا عنوان الخطاب ( الرؤية الشرعية الصواب في امتناع المعلمين عن تدريس الطلاب ) ؛ ووجه الدلالة ؛ أن سيخنا العلامة الحلبي لو أرادها فتوى – وهو أهل ٌ لهذا – لقال : ( الحكم الشرعي الصواب ... ) ولم يقل : ( الرؤية .. ) وفرق بين اللفظين .
ثم ؛ إن شيخنا – حفظه الله – لا يخفى على مثله أن الخلاف في المسائل الشرعية أكثر من أن يحصر حتى في مجلدات ، وقد سمعت هذا – أو قريبا منه - من شيخنا في أحد دروسه العلمية ؛ فكيف يقرر صواب ما قاله لو كان حكماً أو فتوى ً منه فيما قام به المعلمون ، وإنما قال : ( .. الصواب ) لأنها نصيحة شرعية من نصوص : محكمة من الكتاب وصحيحة من السنة لا تقبل الخطأ .
وللتقريب نقول : إن الآيات والأحاديث التي تحث المؤمنين على الصبر كثيرة جداً ؛ فلو أن أخاً – وقد أصابك ظلم – قال لك : أوصيك ( أنصحك ) بالصبر . أتقول له : ( أنت مخطئ وغير مصيب ) ؟! ، لا يقول هذا عاقل ؛ فهو قد نصحك ؛ وأنت تقبل أولا تقبل ؛ القرار يعود لك ونتائجه عليك .
فتدبر هذا الكلام فإنه نفيس جداً ؛ وفيه رد ّ قاطع على من قال : ( كيف يقرر الحلبي أن فتواه في إضراب المعلمين هي الصواب ؟ )
وشيخُنا إذ فعل هذا – أي : جعلها نصيحة ً – فلفطنة ٍمنه بعد توفيق الله جل وعلا ؛ ذلكم ؛ أنه تجنب الحكم بالتحريم أو التحليل والتأثيم أو التجويز في مسألة المعلمين ؛ مراعاة منه – حفظه الله - للمصالح والمفاسد ؛ وشيخنا العلامة الحلبي هو القائل نفسه : " إن العلماءَ الفقهاءَ الناصحين قد يسكتون عن أشخاص ٍ وأشياءَ ؛ مراعاة منهم للمصالح والمفاسد .. " إلى أن قال : " .. فلا تظن ّ أن كل تصريح ٍ نصيحة، ولا كلّ سكوت ٍ غشُّ للإسلام والمسلمين ، والعاقل المنصف البصير يدرك متى يجب – أو يجوز – الكلام ُ ، ومتى يجب- أو يجوز – السكوت " كما في رسالته ( المنح ُ الصحيحة ) .
وأما الزّعْم ُ بأن الشيخ الحلبي لم يسمع من المعلمين حجتهم فظلمهم ، وأجحف بحقهم ، فهو زعْمٌ أهوج ؛ وسير ٌ في الظلام أعرج ، فإن الحق أبلج ، وشيخنا العلامة لم يقض ِ بين طرفين فيسمع منهما البينات ، وقد عرفتَ معنى القضاء سابقاً وكيف يفترق عن الفتوى أو النصيحة ، وأهل الإفتاء قد يخطئون وهم مأجورون من الله تعالى ، وأما النصيحة الشرعية فلا ظلم فيها .
هذا ؛ وإن من طعن في خطاب الشيخ المحدّث الحلبي للمعلمين الكرام ؛ قد ضاق صدره قبل عقله ، وقضى غلُه على عدله ، وسبق حقده نقده ، فصار سواد قلبه حبراً لقلمه .
وأما شيخنا؛ فإنه كسائر أهل العلم والفقهاء يُستدل له ، ولا يُستدل به ؛ وإنما كان حقاً علينا كمعلمين أن نسمع نصحه وتوجيهه ، بعيداً عن الغلط واللغط ؛ وإلا ... فالخلط .
ولعلي في الجزء القادم – إن شاء الله - أتكلم عن شيء ٍ من النصح في خطاب شيخنا للمعلمين ؛ وردّ شبهة من الشبهات حوله .
نسأل الله تعالى أن يطهّر قلوبنا من الغل والغش ، وأن يجعلنا هداة ً مهتدين غير ضالين ولا مضلين ، وأن يرزقنا العلم النافع و العمل الصالح .
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
نُصح ٌأو إفتاء لا قضاء !! له ورثةُ الأنبياء ..
و دونهم ( حرثَةُ الأنباءِ ) والهُراءُ .. فلِمَ المِراءُ و الافتراءُ ؟!!
إن الحمد لله تعالى ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا }
{ ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما }
أما بعد ..
فإن أصدق الحديث كلامُ الله ، وخيرَ الهدي هديُ محمد ٍ صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
قال الله تعالى في محكم التنزيل : { وَالْعَصْرِ ، إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ، إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } [ العصر : 1- 3 ]
هذه الآيات الكريمات من كتاب ربنا عز وجل دلت على الوصف الغالب على الإنسان ، وهو الخسران ، وهو وصف ٌ عارض وليس لازماً ؛ بمعنى أنه ينفك عنه ؛ ولكن بما ذكر في الآيات من شروط وهي : الإيمانُ بالله المتعال ، وعملُ الصالحات من الأقوال والأفعال ، والتواصي بالحق والصبر في كل حال ومآل .
ولذلك ؛ فلا عجب أن قال الإمام الشافعي - رحمه الله – : " لو ما أنزل الله على خلقه حجةً إلا هذه السورة لكفتهم "
و قد بيَّن الله تعالى بأن الخسران يكون في الحياة الدنيا وفي الآخرة ؛ فقال – وقوله الحق - : { وَمِنَ النَّاس مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْف فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِه وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِه خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } [ الحج : آية 11 ] .
والتواصي بالحق والصبر مقتضاه الأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهو " وإن كان من عمل الصالحات إلا أن الله - جل وعلا- خصه بهذا الذكر لشدة أو لحصول الغفلة عنه من كثير من الناس ؛ لأن بعض الناس يظن أنه إذا اهتدى في نفسه، فإن ذلك يكفي، وهذا من الخلط ؛ ولهذا قال الله تعالى : {.. وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بالصبرِ } فلا ينفع الإنسان أن يخرج من هذه الخسارة إلا إذا أمر بالمعروف، ونهى عن المنكر " كما قال ابن القيم - رحمه الله تعالى – في كتابه ( مفتاح دار السعادة ) .
ومثل هذه الأوامر في كتاب الله عز وجل – وأوجب علينا تطبيقها والامتثال لها - بها يكون صلاحُ دنيانا التي فيها معاشُنا ، وآخرتِنا التي إليها معادنُا ، ولا يؤدي الإعراضُ عنها إلا إلى أن يعرض الله تعالى عنا ؛ ومن أعرض الله تعالى عنه { فَإن لهُ معيشةً ضنكا } ، و " ما عدا عليك العدو إلا لما تولى عنك الولي " كما قيل .
واعلم – أخي – أن مناط ذلك كله ( أي : الامتثال والتطبيق لأوامر الله تعالى ) هو النصيحة ؛ وهي ركن عظيم من أركان هذا الدين ؛ وهذا يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم من حديث تميم بن أوس رضي الله عنه : " الدينُ النصيحةُ ، قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم "، قال الخطابي: "معنى الحديث : قوام الدين وعماده النصيحة، كقوله الحج عرفة " .
وقال - رحمه الله – في شرحه الحديث : "وأصل النصح في اللغة الخُلوص، يقال: نصحتُ العسلَ إذا خلصتُه من الشمع، فمعنى النصيحة لله صحةُ الاعتقاد في وحدانيته وإخلاص النية في عبادته، والنصيحةُ لكتابه الإيمان به والعمل بما فيه، والنصيحةُ لرسوله التصديق بنبوته وبذلُ الطاعة له فيما أمر به ونهى عنه، والنصيحةُ لعامة المسلمين إرشادهمُ إلى مصالحهم " .
وأقول : كيف لا يكون هذا شأن النصيحة وهي مما بعث الله تعالى به الأنبياء والرسل ، فهذا نوح يقول لقومه كما أخبر الله عز وجل : { أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون } ، وصالح إذ خاطب قومه فقال : { يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين } ، عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم .
وما أحسن أن يكون " المؤمن مرآة أخيه " كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم ، و" إذا رأى فيه عيباً أصلحه " كما قال أبو هريرة رضي الله عنه ، قال صاحب ( جوامع الآداب ) : " ينبغي أن يكون كل ٌ مرآة لأخيه ، ينصح بعضهم بعضاً ، ويرشد كلٌ أخاه إلى سبيل الكمال ، ولا يكتم نقد َ ما يراه نقصاً ، فمن تبادل النقد في ساحة المودة على بساط الصفا يكون الكمال " .
ولذلك " فإن أعظمَ ما عُبدَ اللهُ به نصيحةُ خلقه " كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ، فاحفظ هذا الأصل الأول ، وعض عليه بالنواجذ ؛ فإنه أساس ما نحن بصدده ؛ ولن – بإذن اله تعالى - بعده نتقول .
وكلٌ منا محِلٌ للنصح والنقد ؛ فإنه لا يسلم من العيب أحد ، ومن فتش في نفسه عن الآفات وجد ، ولو كان ممن حج وصام وسجد ، قل { وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ } ، وسل الله صاحباً بحمل
والنصيحة غير الإفتاء ؛ ولو تقاربا في الظاهر ، وهما بعيدان عن القضاء وبينهما فرق باهر ، ولست هنا بصدد التفصيل في هذه المسألة - على أهميتها – ولكن يكفي القول : إن النصيحة من حقوق المسلمين عليك ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي سبق - : " الدين النصيحة .. لأئمة المسلمين وعامتهم " ، ويتأكد هذا الحق لأخيك إذا استنصحك لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام مسلم من حديث أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه - " حق المسلم على المسلم ست ، قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه " .
فالنصيحة - ابتداءً وانتهاءً - كلمة يعبر بها عن إرادة الخير والصلاح للمنصوح له ؛ ويمكن للناصح المبادرة بها دون طلب من أحد ؛ ولكن بالضوابط الشرعية التي يترتب على الالتزام بها عدم حدوث مفاسد أعظم من المصالح الظاهرة ؛ وهي – أي النصيحة – غير ملزمة للمنصوح له ؛ يأخذ بها أو لا ؛ والضرر يقع بحسب إعراض الناس عنها ، لا سيما إذا صدرت من أهل الاختصاص والدراية ، ثم زادوا عليهما تقوى الله تعالى والإخلاص له .
وأما القضاء ؛ فهو الفصل بين الناس في منازعاتهم ، وقطع خصوماتهم ، بحكم شرعي على وجه الإلزام ؛ بمعنى : أن القاضي إذا حكم في شيء على ما بين يديه من الحجج والبراهين والبينات ؛ وجب على المتداعين أو المتنازعين الامتثال وإلا عوقبوا ، وللقضاء قواعد شرعية محكمة وأركان قد أسهب أهل العلم في تفصيلها ، واجتهدوا في تأصيلها .
قال شيخ الإسلام بن تيمية - رحمة الله - : " المقصود من القضاء وصول الحقوق إلى أهلها ، وقطع المخاصمة فوصول الحقوق هو المصلحة ، وقطع المخاصمة إزالة المفسدة ، فالمقصود هو جلب تلك المصلحة وإزالة هذه المفسدة ، ووصول الحقوق هو من العدل الذي تقوم به السماء والأرض ، وقطع الخصومة هو من باب دفع الظلم والضرر وكلاهما ينقسم إلى إبقاء موجود ودفع مفقود " .
لذا كان القضاء من أهم الوظائف المتعلقة بالسياسية العليا للدولة ؛ لصون الأمة من العبث ، وإظهار الحقوق وضمانها ورد الظلم ؛ فتنتظم حياة الناس وفق نسق يحفظ عليهم دينهم ودنياهم ، وأما حكمه فهو "من فروض الكفايات لأن أمرَ الناس لا يستقيم بدونه فكان واجباً عليهم كالجهاد والإمامة قال أحمد : لا بد للناس من حاكم أتذهب حقوق الناس؟ " كما قال ابن قدامة – رحمه الله تعالى - .
وأما الإفتاء فهو إظهار الحكم الشرعي في مسألة ما بالاستناد إلى الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع والقياس ، فالمفتي يتتبع الأدلة بعد استقرائها ثم يخبر بالراجح منها عنده ؛ فهو كالمترجم عن الله جل وعلا ، والإخبار بالحكم الشرعي - هنا – لا يكون على وجه الإلزام بعكس الإخبار بالحكم الشرعي عند القضاء ، فالمفتي يبين ويُعلم والقاضي يبين ويُلزم .
وإنما يحصل الخلاف بين ( أهل العلم ) في المسائل الشرعية تَبَعاً لاختلاف فهمهم للأدلة وطرق استقرائهم لها ؛ لا لنقص ٍ فيها ولا لتناقض بينها ، ولا يتوهم أحدٌ غياب َ الصواب عنها .
وهذا أصل ثانٍ ؛ يتعلق بالفرق بين النصيحة والإفتاء والقضاء ؛ ينبغي لكل ذي نَصَفَة ٍ الاعتناء به ، فإنه مما يعين على استيعاب ما يصدر عن أهل العلم وفهمه على وجه ٍ سليم ، أو قل - على الأقل - : النجاة من الفهم السقيم ، وفي كُلٍّ أنت على الحق ِّ مقيم .
وإذ عرفت َ النصيحة والإفتاء والقضاء ؛ فما صفةُ أهله ؟ ومن ذا الذي قُضيَ عليه من جهله ؟
لعلي لا أكون مخطئاً إذا قلت : إن أكثر ما يشغل الناس اليوم على امتداد وطننا الأردن هو ( الإضراب عن تدريس الطلاب ) ؛ وهو ما تداعى عليه كثير ٌ من المعلمين الأحباب ، ولما رأى البعض أن الأزمة قد طالت ولم ينقشع الضباب ، وقد تعددت الأسباب والأثواب !!، وأغلقت الأبواب ؛ عدّها من الحوادث والنوازل ، وما عاد يميز ُ الحقَّ من الباطل ، فمن المتحفظِ الذي أفتى نفسه إلى السائل ِ : أشرعي هذا الإضراب ؟ أم إنه من قبيح الوسائل ِ ؟
وأنا الآن لن أخوض في الحكم الشرعي للفي الإضراب عن العمل ؛ فهذا له موضع آخر ولكني أقول – بلا ترددٍ ولا تلكؤٍ ولا لجلجة ٍ - : لا ينصحك و يدلك على الخير ، ولا يفتيك بالحق إلا ورَثةُ الأنبياء ؛ إنهم العلماء الموقعون عن رب العالمين ، قال الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى - : " .. ولا يشاور إذا نزل المشكل ُ إلا أمينا عالماً بالكتاب والسنة ، والآثار وأقاويل الناس والقياس ولسان العرب " .
وقال الشاطبي - رحمه الله تعالى - : " فإذا بلغ الإنسان مبلغاً فهم عن الشارع فيه قصده في كل مسألة من مسائل الشريعة ، وفي كل باب من أبوابها ؛ فقد حصل له وصف ٌ هو السبب في تنزله منزلة الخليفة للنبي صلى الله عليه وسلم في التعليم والفتيا والحكم بما أراه الله تعالى "
وقال ابن القيم - رحمه الله تعالى - كما في " إعلام الموقعين " : العالم بكتاب الله وسنة رسوله وأقوال الصحابة فهو المجتهد في النوازل ، فهذا النوع الذي يسوغ لهم الإفتاء ويسوغ استفتاؤهم .. " .
ولهذا كان ابن سيرين – رحمه الله تعالى – يقول : " إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم " .
غير أنه " لا يأتي عليكم يوم ٌ إلا وهو شرٌّ ٌ من اليوم الذي قبله حتى تقوم الساعة ، لست أعني رخاءً من العيش يصيبه ولا مالاً يفيده ؛ ولكن لا يأتي عليكم يوم ٌ إلا وهو أقل علماً من اليوم الذي مضى قبله ، فإذا ذهب العلماء استوى الناس قلا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر ، فعند ذلك يهلكون " كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وذكر الأثر الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " .
قلت : والأمرُّ ُ من موت العلماء أن يكونوا أحياءً بيننا ، وأن نكون - نحن – أمواتاً بينهم ؛ لا نعرف لهم قدْرا ، ولا نحفظ عليهم سترا ، ولا نلتمس لهم عذرا ..
والأمرُّ ُ من الأمرّ أن يستفتى أو يفتي من ليس بعالم ؛ بكى أحد السلف الصالح يوماً ، فقيل له : أمصيبة نزلت بك ؟ فقال : " لا ؛ ولكن أستفتي من لا علم عنده وظهر في الإسلام أمر عظيم " .
لقد ( أفتى !! ) المعلمينَ بجواز الإضراب عن تدريس الطلاب ( لطلب الحقوق ) أناسٌ كثير : منهم بلسان المقال وباستعجال ، ولو أخبرته بأن " المسألة كانت تُعرض على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيجمع لها أهل َ بدر " لصال وجال ، ثم قال : هم رجال ونحن رجال ( ؟!! ) ، ومنهم – وفيهم حزبيون إسلاميون!! – أفتى المعلمين بلسان الحال أن ( إذا نزلتم إلى الشارع لنكونن أول النازلين ولكم ناصرين ... !! )
وأكرر : أنا – وأشهد الله جل و علا – لا أفتي ، ولست أهلاً لذلك ؛ وإنما أبين ما آلت إليه الأمور عند من يحرثون الأخبار والأنباء حرْثا ؛ طولاً وعرضاً ، ولا يبذرون بذر الخير في أرض النصح ، أفغير الشوك يحصدون ويُطعِمون ، ولو نالوا ما يريدون ، واسمعون ..
قال لي أحد المتحمسين من إخواني المعلمين : ( الإضراب جهاد في سبيل الله !! ) ، وزاد آخر : ( .. والمتخلف عنه – أي الذي لم يُضرب – متخاذل ؛ فلا يخذّ ل غيره !! )
وقال لي آخر من إخواني المعلمين : ( إنما النصر صبر ساعة !! )
وقال لي آخر من إخواني المعلمين – بعد " إشاعة " أن الحكومة بصدد حصر أعداد المضربين في قوائم - : ( الذين لم يُضربوا في القائمة السوداء !! )
وقال لي آخر من إخواني المعلمين : ( الذي يحاول أن يكسر الإضراب حقير ٌ حقيرُ !! )
وقال آخر من إخواني المعلمين : ( الذي لم يُضرب ليس له حقٌّ في الغنائم )
ولست هنا بصدد العدّ و الردّ ، ولا الدفاع ِ والصدّ ، ولكن ! أإلى هذا الحدّ ؟!! ، وما ذكرت ذلك ( الهراء ) إلا لتستبينوا ما أحدثت المحنة ُ (الفتنة ُ ) أو الأزمة ُ فينا ، ثم عظمت ؛ فقال ( لي ) أحد الأخوان : ( نحن لنا عالِم ٌيُفتينا .. فلان - من اللجان - ) !! فقلت : " فلان " عالم بالكتاب والسنة وأقوال الصحابة ومن أهل الاجتهاد ؟ قال : لا ؛ يعلم حقوقنا ! وأنت من يُفتيك ؟ فقلت – وقد أعطيته ورقةً فيها كلام لشيخنا العلامة الحلبي يتعلق بالإضراب - : هي نصيحة ٌ لنا - نحن المعلمين - ؛ هي نصيحة للمسلمين .
نعم ؛ ما قاله الشيخ العلامة في خطابه للمعلمين هو نصيحة ٌ أكثر من كونه إفتاءً ؛ بل بعيد عنه ، وهذا على ما ظهر لي ، والله ُ تعالى أعلم ؛ ويدلك على هذا عنوان الخطاب ( الرؤية الشرعية الصواب في امتناع المعلمين عن تدريس الطلاب ) ؛ ووجه الدلالة ؛ أن سيخنا العلامة الحلبي لو أرادها فتوى – وهو أهل ٌ لهذا – لقال : ( الحكم الشرعي الصواب ... ) ولم يقل : ( الرؤية .. ) وفرق بين اللفظين .
ثم ؛ إن شيخنا – حفظه الله – لا يخفى على مثله أن الخلاف في المسائل الشرعية أكثر من أن يحصر حتى في مجلدات ، وقد سمعت هذا – أو قريبا منه - من شيخنا في أحد دروسه العلمية ؛ فكيف يقرر صواب ما قاله لو كان حكماً أو فتوى ً منه فيما قام به المعلمون ، وإنما قال : ( .. الصواب ) لأنها نصيحة شرعية من نصوص : محكمة من الكتاب وصحيحة من السنة لا تقبل الخطأ .
وللتقريب نقول : إن الآيات والأحاديث التي تحث المؤمنين على الصبر كثيرة جداً ؛ فلو أن أخاً – وقد أصابك ظلم – قال لك : أوصيك ( أنصحك ) بالصبر . أتقول له : ( أنت مخطئ وغير مصيب ) ؟! ، لا يقول هذا عاقل ؛ فهو قد نصحك ؛ وأنت تقبل أولا تقبل ؛ القرار يعود لك ونتائجه عليك .
فتدبر هذا الكلام فإنه نفيس جداً ؛ وفيه رد ّ قاطع على من قال : ( كيف يقرر الحلبي أن فتواه في إضراب المعلمين هي الصواب ؟ )
وشيخُنا إذ فعل هذا – أي : جعلها نصيحة ً – فلفطنة ٍمنه بعد توفيق الله جل وعلا ؛ ذلكم ؛ أنه تجنب الحكم بالتحريم أو التحليل والتأثيم أو التجويز في مسألة المعلمين ؛ مراعاة منه – حفظه الله - للمصالح والمفاسد ؛ وشيخنا العلامة الحلبي هو القائل نفسه : " إن العلماءَ الفقهاءَ الناصحين قد يسكتون عن أشخاص ٍ وأشياءَ ؛ مراعاة منهم للمصالح والمفاسد .. " إلى أن قال : " .. فلا تظن ّ أن كل تصريح ٍ نصيحة، ولا كلّ سكوت ٍ غشُّ للإسلام والمسلمين ، والعاقل المنصف البصير يدرك متى يجب – أو يجوز – الكلام ُ ، ومتى يجب- أو يجوز – السكوت " كما في رسالته ( المنح ُ الصحيحة ) .
وأما الزّعْم ُ بأن الشيخ الحلبي لم يسمع من المعلمين حجتهم فظلمهم ، وأجحف بحقهم ، فهو زعْمٌ أهوج ؛ وسير ٌ في الظلام أعرج ، فإن الحق أبلج ، وشيخنا العلامة لم يقض ِ بين طرفين فيسمع منهما البينات ، وقد عرفتَ معنى القضاء سابقاً وكيف يفترق عن الفتوى أو النصيحة ، وأهل الإفتاء قد يخطئون وهم مأجورون من الله تعالى ، وأما النصيحة الشرعية فلا ظلم فيها .
هذا ؛ وإن من طعن في خطاب الشيخ المحدّث الحلبي للمعلمين الكرام ؛ قد ضاق صدره قبل عقله ، وقضى غلُه على عدله ، وسبق حقده نقده ، فصار سواد قلبه حبراً لقلمه .
وأما شيخنا؛ فإنه كسائر أهل العلم والفقهاء يُستدل له ، ولا يُستدل به ؛ وإنما كان حقاً علينا كمعلمين أن نسمع نصحه وتوجيهه ، بعيداً عن الغلط واللغط ؛ وإلا ... فالخلط .
ولعلي في الجزء القادم – إن شاء الله - أتكلم عن شيء ٍ من النصح في خطاب شيخنا للمعلمين ؛ وردّ شبهة من الشبهات حوله .
نسأل الله تعالى أن يطهّر قلوبنا من الغل والغش ، وأن يجعلنا هداة ً مهتدين غير ضالين ولا مضلين ، وأن يرزقنا العلم النافع و العمل الصالح .
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |
والحقيقة إنو أنا شايف الحياة بالأردن صارت إضراب بإضراب واعتصام ورا إعتصام والكل بقول بدي حقي وبدي زيادة عالراتب وبدي وبدي
والبلد قايمه قاعده
إرحموا الوطن وارحموا حالكو
الناس اليوم بتركض ورى المصالح
وعندهم إنعدام بالموازين
وإن شاء الله بتنحل هالمشكلة
وربنا يجنب بلنا الفتن
متل ما قالو عن المنتحر شهيد في سبيل لقمة العيش !!!!!
عجبي على هذا الزمان الغابر
وكلام العقل والمنطق
ويبقى الشيخ علي الحلبي صخرة تتكسر عليها كل أحجار البدع
جاء في الحديث عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه ) رواه أحمد والحاكم وقال العلامة الألباني حديث حسن، كما في صحيح الترغيب والترهيب 1/152. وقال الإمام أبو جعفر الطحاوي صاحب العقيدة الطحاوية المشهورة:[ وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخبر والأثر وأهل الفقه والنظر لا يذكرون إلا بالجميل ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل ] شرح العقدية الطحاوية ص 554.
وقد حذر العلماء من سب العلماء ومن الوقيعة بهم فقد ورد عن الإمام أحمد بن الأذرعي قوله [ الوقيعة في أهل العلم ولا سيما أكابرهم من كبائر الذنوب] حرمة أهل العلم ص 319.
وقال الحافظ ابن عساكر يرحمه الله مخاطباً رجلاً تجرأ على العلماء:[ إنما نحترمك ما احترمت الأئمة ].
وقال الحافظ ابن عساكر يرحمه الله:[ اعلم يا أخي وفقني الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك منتقصيهم معلومة وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب بلاه الله قبل موته بموت القلب ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )].
نقلاً عن فتوى للشيخ الدكتور حسام الدين عفانة
وجزيتم خيرا على هذا الموضوع الذي
بتنا في حاجة ماسة له في هذا العصر
حيث أصبح العلماء عرضة لللتهجم من ذوي النفوس الضعيفة
كلام في الصميم
لا زيادة
ولا عطر بعد عروس
الحمد لله الذي اصطفى من عباده العلماء، واجتباهم وجعلهم ورثة للأنبياء, وشرفهم وكرمهم ، وأثنى عليهم في كتابه قال جل وعلا: { قُلْ هَلْ يَسْتَوِى ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } ، وقال سبحانه: { إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاء} ، وقال جل وعلا: {أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِى ٱلاْمْرِ مِنْكُمْ } ، وأولو الأمر كما قال العلماء هم العلماء، وقال بعض المفسرين أولو الأمر الأمراء والعلماء.
وقال جل وعلا: { يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَـٰتٍ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} المجادلة:11.
وروى البخاري عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من يرد الله به خيراً يفقه في الدين)).
قال ابن المنير: "من لم يفقه الله في الدين فلم يرد به خيراً".
وروى أبو الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ليلة القدر، العلماء هم ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهم، وإنما ورثوا العلم فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر )).أخرجه أبو داود والترمذي والدارمي.
ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أنهم يدينون الله ويتقربون إلى الله جل وعلا باحترام العلماء الهداة.
قال الحسن: "كانوا يقولون موت العالم ثلمة في الإسلام، لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار".
وقال الإمام الأوزاعي: "الناس عندنا أهل العلم، ومن سواهم فلا شيء".
ومن هذه النصوص الكريمة والأقوال المحفوظة تتبين لنا المكانة العظيمة والدرجة العالية لعلماء الأمة ،ومن هنا وجب أن يوفيهم الناس حقهم من التعظيم والتقدير والإجلال وحفظ الحرمات قال تعالى: {ذٰلِكَ وَمَن يُعَظّمْ حُرُمَـٰتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبّهِ} ، ويقول جل وعلا: { ذٰلِكَ وَمَن يُعَظّمْ شَعَـٰئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ} .
والشعيرة كما قال العلماء كل ما أذن وأشعر الله بفضله وتعظيمه، إذاً العلماء بلا ريب يدخلون دخولاً أولياً فيما أذن الله وأشعر الله بفضلهم وتعظيمه بدلالة النصوص الكريمة السالفة الإيراد.
فالنيل من العلماء وإيذاؤهم يعد إعراضاً أو تقصيراً في تعظيم شعيرة من شعائر الله { يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَـٰتٍ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} .
وما أبلغ قول بعض العلماء : "أعراض العلماء على حفرة من حفر جهنم".
وإن مما يدل على خطورة إيذاء مصابيح الأمة وهم العلماء ما رواه البخاري في صحيحه عن أي هريرة رضي الله عنه، قال: (( قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)).
وكلنا ندرك أن من أكل الربا فقد آذنه الله بالحرب: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ} .
عباد الله ..كلنا ندرك أن آكل الربا إن لم ينته ويتب عن أكله الربا فقد آذنه الله بالحرب ، كلنا يدرك هذا ولكن هل نحن ندرك أيضاً أن من آذى أولياء الله فقد حارب الله جل وعلا كما تبين من الحديث السابق ؟ وهل نحن نستحضر هذا الوعيد الشديد.
روى الخطيب البغدادي عن أبي حنيفة والشافعي رحمهم الله أنهما قالا: "إن لم تكن الفقهاء أولياء الله فليس لله ولي".
قال الشافعي: "الفقهاء العاملون".
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (من آذى فقيها فقد آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد آذى الله عز وجل).
لعلنا من خلال النصوص التي ذكرتها وتحدثنا عنها تبين لنا بعض ما يجب علينا في حق علمائنا.
وقال ابن عساكر رحمه الله :" إن لحوم العلماء مسمومة وسنة الله في منتقصهم معلومة ".
وقال بعض العلماء : منتقص العلماء يخشى عليه سوء الخاتمة .
وما يوجد من بعض الناس في بعض المجالس أو بعض وسائل الإعلام من اننتقاص لأهل العلم بسبب خلافهم أو قولهم الحق والصدع به يجب إنكاره والرد على قائله ونصحه لأن الوقوع في العلماء اسقاط لهم وحرمان لناس من الإفادة من علمهم ، وحينئذ يتخذ الناس رؤوسا جهالاً فيفتوا بغير علم فيضلوا .
وإنني أوصي عموم الناس وخصوصاًً الشباب باحترام علمائهم والدفاع عنهم .
اللهم علمنا ما ينفعنا ، اللهم إنا نسألك علما نافعاً وعملاً صالحاً ،ورزقاً حلالاً طيباً ولساناً ذاكراً.
جد
مقال رائع وعقلاني
وانا بحكي ليش بخافوا من مناظرته
غيرة وحسد
وليتركنا نحن المساكين... فلئن رتعنا بالحرام ...فاننا قد وجدناهم من قبلنا راتعين ...
اما ... ... الذين باعوا الدنيا بالدين ..ويحسبون انهم محسنين...فنقول لهم :لن نسمع منكم بعد اليوم ...ان لم تستطيعوا قول الحق ..فلا تكونوا للباطل مناصرين ...
وهل أفسد الدين إلا الملوك .......... وأحبار سوء ورهبانها
فباعوا النفوس ولم يربحوا ........... ولم تغل في البيع أثمانها
لقد رتع القوم في جيفة ............... يبين لذي العقل انتانها
لكن الجدل يدور اليوم حول اليات المطالبة او كيفية الدفاع عن المصالح, وهي عملية جدلية تغشى المجتمع الاردني كله, فالجميع في الشوارع يهتف او يرفع الشعارات المطلبية او يجلس على ابواب المؤسسات الحكومية, وهذا الامر بدأه عمال المياومة وتلاه المعلمون واطباء الصحة واليوم نرى المهندسين, والممرضين وموظفي ديوان الخدمة المدنية ووزارة الداخلية ووزارة التنمية الاجتماعية والاحصاءات العامة الى ان وصل الامر بموظفي جامعة مؤتة الى الوقوف بالباب ومنع الطلاب من دخول جامعتهم, فهل ما يجري معقول?
المعلمون اصحاب حق في المطالبة بعلاوة المهنة لكنهم تسرعوا في اعلان اضرابهم هذه المرة, فخلقوا حالة من "العداء" المبكر مع اولياء امور الطلبة في اليوم الاول لبدء العام الدراسي, وما يترتب على ذلك من اضرار بمصالح الطلبة وخاصة طلبة الثانوية العامة, فاذا كان الامر كذلك, فكيف سيكون بعد الاعلان الرسمي للنقابة ? وهل ستصبح الاضرابات هي السبيل الوحيد للمطالبة بالحقوق او المنافع مهما كبرت او صغرت ? اليس من العجيب ان تصدر لجنة نقابية بيانا تعلن فيه رفضها للحوار او المفاوضات وان الاضراب المفتوح هو الحل الوحيد.
ان النزول للشارع او الاضراب عن العمل حق للموظفين والعمال كفلته المواثيق الدولية و فرضته ظروف الاقليم المشتعل, والدفاع عن المصالح حق شرعي اصيل, وليس مجديا دائما انتظار السلطات لتستجيب للمطالب طوعا, لكن ليس كل قضية بحاجة الى اضراب او تصعيد او اضرار بمصالح الاخرين, وخاصة اذا كانت الجهة القائمة على الاضراب منظمة وقادرة على التأثير المؤسسي وليست ردود افعال عشوائية.
المعلمون الاردنيون واعون لمسؤولياتهم الوطنية, لذلك يمر الاضراب بصمت وبدون اية فوضى او مناوشات, وفي النهاية سينتهي الاضراب ويعود المعلمون الى طلبتهم وستجد النقابة ووزارة التربية والتعليم حلا توافقيا, لكن يبقى مبدأ الاضراب واسلوبه خاضع للنقاش? هل نحاور اولا ام نصعد ثم نحاور? كيف يمكن ان نوائم بين معادلة التضارب باستغلال حقوق الانسان لاهدار حقوق انسان اخر? .
نبيل غيشان
التي اصرات اجبد انت تضحك قراءها بها :-
دركي فات المدرسة لأول مرة ..فات على صف شاف طالب واقف على اللوح قاللو مين انت وليش واقف هون ؟؟..
قالو الطالب انا العريف ..رد الدركي..اسف سيدي بس والله ما عرفتك باللباس المدني..!!!
فغيركم رتع بالعلم والمعرفة وطاعة الرحمن
إرحم حالك
فباعوا النفوس ولم يربحوا ........... ولم تغل في البيع أثمانها
لقد رتع القوم في جيفة ............... يبين لذي العقل انتانها
LLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLLL
الشيخ علي من طلاب الآخرة وليس من طلاب الدنيا وهو يقول كلمة الحق الشرعي
وليخسأ الخاسئون
ونحن جيرانه وأدرى الناس به
الله يرحم أيام البيضة والرغيف
كان علم وعلماء
الله يثبتو
أخي سعيد
علم وأخلاق وأدب وتواضع
أقول هذا الكلام لفئة من الذين اثروا مصالحهم الشخصية على مصالح الوطن ، واقدر واشكر للذين اثروا على أنفسهم ولو بهم خصاصة وواصلوا العمل والعطاء في ظل هذه المرحلة بالذات وهم الفئة الأكبر .
نزعُم نزعُم زورا ...... نزعُم أننا نغار .... نزعُم نزعُم أننا فداء لهذه الديار التي كنا نتغنى بحبها والانتماء لها في الليل والنهار ، ونفتديها بالأرواح والأموال والأولاد كبار وصغار، فأين إذا هو هذا الإيثار، نزعُم نزعُم .... أننا أصحاب رسالة نؤديها بكل اقتدار ، فما عاد يهمنا شيئا غير الدرهم والدينار ، وما عاد يجمعنا غير ذنبا ... وأقنعة ... وتفرقة ... وشخصنه ... ودمار .
فكيف لنا ان نُحقق لهذا البلد الازدهار ونجعل من سيلها أنهار ونعمل بكل جُهد وطاقة وننظر إليها بكل افتخار ، ونجعل من أجسادنا وأموالنا حولها سياجا يحميها من كل الأخطار ، ونصنعُ منها دولة نموذج تقتدي به كل الأقطار ، فهل سيتحقق ذلك وقد تركنا الوظيفة ... تركنا العمل ... تركنا المشفى ... تركنا المساجد ... تركنا المعاهد ... تركنا المدارس وطلابنا الصغار وخرجنا إلى الشوارع نطالب بالدينار ، فما بالنا لم نستطيع الانتظار لنحصل على حقوقنا في نهاية المشوار ، وما بالنا فقدنا البوصلة فقدنا التأني فقدنا التمني فقدنا التروي فقدنا أصول الحوار ، فأين هو الانتماء لتلك الرسالة وأين هو الولاء لهذه الدار التي جعلناها على وشك الانهيار ، إضراب ومسيرات ، أئمة ومعلمين هيكلة ومتقاعدين موظفين وممرضين ، هذه هي الأخبار وكلها أصبحت تطالب بزيادة الراتب وكل منهم لم يعد في وضعه راغب ، فلماذا هذا الاستهتار شخصا يَحرق نفسَه وآخر يُقدم على الانتحار فلم يعد هناك غير هذه الأفكار ، التي لا يمكن ان تورث لنا إلا الفُرقة والدمار ، فإلى متى الاستمرار في مشوار المطالب التي لا حصر لها ولا انحصار ، ونحن نعلم جميعا ان الفساد آتى عليها من كل فاسد وجاحد وسمسار من كل من تولى منصبا فجعل من أموال البلد لنفسه استثمار ، ولم يتقى الله فينا ولا فيها وترك اقتصادنا بحالة احتضار ، .... فمتى إذا عليها سنغار ؟!! ونعلن جميعا وقوفنا إلى صف البلد فليس بعد الضغط إلا الانفجار .
ودعونا نواصل مسيرة الإصلاح ومحاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين الأشرار ، الذين عاثوا في بلادنا الخراب والفتنه وبكل إصرار ،.... فمتى إذا عليها سنغار ،؟!! فهل لنا من عبرة فيما يحدث في دول الجوار ، ولكن ما أكثر العبر وما اقل الاعتبار ،... فمتى إذا عليها سنغار ،؟!! ونبدأ العمل ونخلص العطاء و نغلب مصلحة الوطن ونعيد له الاعتبار ، فحب الوطن والانتماء له والحرص عليه في السراء والضراء واجب لا شعار ، وان نجعل همنا فقط كيف نؤمن له الدينار ونُحافظ على أمنه وسلامته من كُل الأخطار ، .... فمتى إذا عليها سنغار .؟!!
والأروع هو أنت أستاذ سعيد
وسؤالي هل الشيخ علي الحلبي من علماء الأردن أم من سوريا؟ لأني بسمع فيه كثير ولكن الإسم العائلي أشكل علي هل هو من حلب ومقيم في الأردن؟
مع جزيل الشكر
شيخنا العلامة المحدث من علماء الأردن ،وهو - حفظه الله - واحد من كبار تلاميذ الإمامالمجدد محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى ، وشيخنا الحلبي له حلقلات درس كثير هنا في عمان مثل شرحه لكتاب الإبانة في مسجد المغيرة في جبل النزهه ، وأيضأ شرح كتاب فقهي للعلامة السعدي رحمه الله تعالى في مسجد فاطمة الزهراء في طبربور، وبارك الله فيك