كشف حساب للحراك الشعبي


لا شك بأن العالم العربي بعد أحداث الربيع والثورات ليس كما قبله , هناك أشياء كثيرة تغيرت في الشكل والمضمون ومنها حرية التعبير والتي أرتفع سقفها لحد كبير , وحيث وجدت الحكومات العربية شريكاً جديداً يسمى الشعب الذي أصبح له كلمة قوية ومؤثرة في كافة الأحداث والقرارات , وحتى الحكومات أصبحت تتريث في أتخاذ أي قرار وتعيد الحساب له ألف مرة قبل نفوذه حتى لا يثير ضجة في الشارع , وهذا كله كان له أنعكاس واضح على الشارع الأردني وحكومته ونشاهد كيف كان للشارع دور مؤثر في تصحيح المسار في بعض الأحيان .
ما أرُيد قوله أن الشارع الذي أصبح له صولة وجولة وكلمة قوية لذلك يجب أن يحافظ على خط متّزن في حرية التعبير وتوضيح المطالب بشكل معقول وعدم الإنجراف خلف الإشاعات وحرق الشخصيات بدون أدلة واضحة وثابتة , وأقترح أن يجتمع كافة ممثلي الحراك الشعبي من كل الأطياف والتيارات السياسية وعمل كشف حساب ومراجعة لعام كامل من الحراك , حتى يتسنى توضيح المطالب والأهداف وأعادة ترتيب الشارع وحمايته من الفوضى والتخبط والعشوائية ووضع رسم مستقبلي محدد وواضح المعالم لما نريد والجدوى مما نريد , حتى لا نترك الباب مفتوحاً للفوضى والعنف , وليس عيباً الإستفادة من دروس الحراك الشعبي في الدول المجاورة والإتعاظ والتعلم من الأخطاء التي وقعت .
لهذا البلد خصوصية وتفّرد , حيث يمتلك خليط متجانس من كافة الأصول والمنابت من مسلمين ومسيحيين وهناك تجانس وتسامح وقبول للأخر يظهر بشكل جلّي حيثما أردت أن تكون , في الشمال والوسط والجنوب وفي المدينة والقرية والمخيم , يجب أحترام هذه الخصوصية وعدم المساس بها كونها جوهر الوحدة الوطنية المنشودة بل والتركيز عليها والدعوة لحمايتها وجعلها الأساس في كل طرح وعمل .
وأنصح كافة رموز الحراك عدم الزج بالشعارات الفئوية الضيقة وجعل الشعار الذي يخرج للعلن يحاكي الصالح العام وحث الجميع على المحافظة على مقدرات الوطن لأنها رأس المال وهي ملك الشعب والدعوة بشكل جليّ لنبذ العنف والحفاظ على السلم الأهلي والتركيز على سلمية الحراك بكافة الوسائل المتاحة .
ويجب على الأجهزة الأمنية المحافظة على خط الأمن الناعم في أحتواء الأحداث , لأنه و من المعلوم للجميع بأن العنف يولّد العنف المضاد ويخلق الكراهية والنفور وشد الأعصاب مما يؤدي لفقدان السيطرة أحياناً , وهنا لابد يعلم كل الأطراف بأن الواحد من أي طرف هو مواطن أردني , المطالب بالأصلاح ورجل الأمن وكل منّا يجب أن يكون حريص على الأخر ,
وفي النهاية لابد من أستيعاب حقيقة واضحة للعلن , إن الأردن وطن فقير بمقدّراته وهناك إستحقاقات وعبئ ثقيل على كافة أجهزة الدولة , وميزانية بالكاد تكفي الأساسيات في ظل أزمة أقتصادية خانقة تعصف بالمنطقة جراء الثورات العربية وتراكمات تعطل عجلة الأنتاج في بعض الدول المجاورة سببت أرهاق للأقتصاد الأردني وشلل واضح في بعض القطاعات , ولا ننسى الأزمة المالية العالمية التي لا زالت تفتك بأقتصادات بعض الدول في اوروبا , كل هذه الأمور تجعلنا نفكر جلياً في أقتصاد بلدنا وميزانيته البسيطه والتي لا زالت تدُفع للأمام عبر منح ومساعدات وقروض .





تعليقات القراء

كشف حساب
الله لا يكشف لحد
حسابه
ولا حسبه
11-02-2012 01:44 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات