دور الجامعات الأردنية في تنمية البادية الأردنية


تواجه البادية الاردنية هموم وتحديات اقتصادية واجتماعية وثقافية وتربوية وتنموية وسكانية ونقص في الخدمات وسوء في البنية التحتية وتعاني من التخلف التنموي الشامل وازدياد في معدلات الفقر والبطالة وانعدام في المشاريع الاستثمارية والحيوية الكبرى وهروب الاستثمارات منها وكذلك نفور الجامعات الحكومية او الخاصة فيها وهذا بلا شك يساهم في ازدياد الهوة بين سكان المدن والمناطق الحضرية من جانب وسكان البادية من جانب اخر ، ومقارنة بسيطة بين مناطق المدن ومراكز المحافظات وبين مناطق البادية نلاحظ حجم الهوة الحضارية والثقافية والتنموية والصحية والتربوية الاجتماعية والاقتصادية حيث توجد وتتركز جل الخدمات في مراكز المدن والمحافظات بينما تفتقر وتنعدم في مناطق البادية الاردنية.
وهذا بلا شك يساهم في تردي الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مناطق البادية ويراكم همومها واحزانها واوجاعها وفقر اهلها الى درجة اصبحت الاقامة في مناطق البادية الاردنية والمعيشة بها تشكل تحديا كبيرا للسكان وتقف عائقا امام الاستمرار والاقامة وبالتالي اللجوء الى المدن للبحث عن فرص العمل وهذا يشكل ضغطا على الخدمات ويربك المخطط التنموي بسبب الهجرة والنزوح من مناطق البادية الاردنية الى هذه المحافظات ومراكز المدن. وهذا كله يعود الى اهمال التنمية الحقيقية والمستدامة والاهتمام بمناطق البادية الاردنية وتطويرها من كافة الجوانب والاهتمام بالبنية التحتية من الطرق والمواصلات واقامة المشاريع الحيوية ودعم الجمعيات الخيرية والاندية الرياضية والمنتديات الثقافية وتقديم القروض للمرأة في البادية ودعم اقتصاد البادية والذي يعتمد على الزراعة وتربية الثروة الحيوانية لمكافحة الفقر والبطالة والارتقاء بالواقع الاقتصادي والاجتماعي في البادية الاردنية في ظل التوجهات العالمية التي تدعو الى الاهتمام بالمناطق الاقل حظا والمناطق التي يطلق عليها في ادبيات التنمية المناطق المهمشة والتي تحتاج الى جهود مركزة وبرامج تنموية هادفة ومخطط لها ضمن استراتيجيات وطنية وحكومية وعلى فترات زمنية للارتقاء بواقع هذه المناطق التي تعاني من تخلف تنموي شامل .
وللجامعات الاردنية دور هام وكبير في الحد من هذه المعاناة التي تواجه البادية الاردنية وفي المساهمة في التنمية المحلية في منطقة البادية الاردنية بابعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية وفي تطوير البنية التحتية وفي اعادة تأهيل الكوادر البشرية وفي القيام بالبحوث والمسوح الاجتماعية والاقتصادية واجراء الابحاث والدراسات المتنوعة حول هموم البادية الاردنية ووضع الحلول وطرق المعالجة لاسيما انها تحفل باهل الخبرة والاختصاص من اساتذة وباحثين.
ولما تتوفر في هذه الجامعات الجامعة الاردنية من امكانيات كبيرة مالية وادارية وتعتبر بيوت خبرة للوطن لوجود الكفاءات العلمية القادرة على دراسة هموم واحتياجات البادية الارنية ولما تتمتع به من الابداع والعطاء والتميز ومعالجة المشاكل المعقدة التي تواجه البادية باسلوب علمي وموضوعي يستند على معيار البحث العلمي والمسوح والدراسات البحثية الاجتماعية والاقتصادية للوقوف على مشاكل وتحديات التنمية في البادية الاردنية والمساهمة في ايجاد الحلول لها.
ان تفعيل دور الجامعات الاردنية في تنمية البادية الاردنية يأخذ ابعادا متعددة ومتنوعة وسنحاول الوقوف على بعض الجوانب التي تستطيع الجامعات الاردنية ان تقوم بها كي تساهم في تنمية البادية الاردنية على ان نستكمل في دراسات قادمة جوانب اخرى للجامعات الاردنية لمساهمتها في تنمية البادية الاردنية.
ان البادية الاردنية تشكل 90% من مساحة الوطن وان اقتصاد البادية الاردنية وسكانها يعتمد بالدرجة الاولى على الزراعة فلا بد من دراسة واقع القطاع الزراعي في مناطق البادية الاردنية ودراسة التربة ودراسة معدل سقوط الامطار ومدى ملائمة المحاصيل الزراعية لكل منطقة من خلال دراسات وبحوث ميدانية للاساتذة وطلبة الدراسات العليا في مرحلة الماجستير والدكتوراه وتوجيه اطروحاتهم العلمية وابحاثهم نحو هذه المناطق وزيارة المزارعين لاخذ المعلومات والعينات ودراستها وتحليلها لفائدة المزارعين في البادية الاردنية والخلاص نهائيا من البحوث النظرية الفاشلة، كما لابد من قيام الاساتذة في كلية الزراعة ايضا من عقد الورش الفنية والارشادية والتوعوية لنصح المزارعين وتقديم المعلومات والمهارات واستخدام الطرق الزراعية الحديثة ، فلم نسمع عن ندوة او دورة او ورشة فنية في رحاب الجامعات الاردنية او في كليات الزراعة تم دعوة مزارعين من مناطق البادية الاردنية للتدريب او تقديم المعلومات او حتى تقديم النشرات من اجل الارتقاء بالقطاع الزراعي لخير المزارعين والاستخدام الامثل للبذور والاشتال وطرق زراعتها والزمان والمكان المناسب لها والتعريف بالامراض التي تواجه المحاصيل الزراعية من خلال قسم البستنة ووقاية النبات ، وكذلك عقد البحوث والدرسات حول قضايا وهموم مربي الثروة الحيوانية والمشاكل التي تواجههم من اجل زيادة كمية الحليب وعدد المواليد ومكافحة الامراض والبحث عن الاعلاف وانني اتساءل ماذا قدمت اقسام الانتاج الحيواني في هذا المجال من بحوث ودراسات وهنا نؤكد على اهمية دور الاقسام التالية في كليات الزراعة وهي : قسم التغذية والتصنيع الغذائي وقسم الموارد الزراعية والبيئية وقسم الاقتصاد الزراعي وادارة الاعمال الزراعية والارشاد الزراعي في الاهتمام بالقطاع الزراعي في البادية الاردنية ام ان الاساتذة وطلبة كلية الزراعة في واد والقطاع الزراعي في واد اخر.
كما يمكن ان تساهم كلية الطب في تنمية البادية الاردنية من خلال الاهتمام بالقطاع الصحي عبر عقد سلسلة من الايام الطبية المجانية لاجراء الفحوص الطبية للاطفال والنساء وكبار السن والوقوف على حالات الاعاقة السمعية والبصرية والجسدية ومشاكل النطق والكلام وخاصة الاطفال وتحويلها الى مستشفىات الجامعات الاردنية للمعالجة واجراء العمليات الجراحية لمن يعاني من الامراض وكذلك دعم العيادات الصحية في البادية الاردنية من خلال تدريب طلبة الطب والتمريض للعمل بها ولو بدوام جزئي وكذلك دعمها بالاجهزة الطبية والادوية .
ونظرا لضعف اللغة الانجليزية لدى طلبة البادية الاردنية وخاصة في المرحلة الثانوية يمكن للجامعة الاردنية ان تساهم بحل هذه المشكلة ولو جزئيا من خلال عقد الدورات المجانية للطلبة بالتعاون مع مديريات التربية والتعليم من خلال الكوادر العاملة في كلية اللغات الاجنبية ومركز اللغات وكذلك تدريب معلمي اللغة الانجليزية العاملين في مدارس البادية الاردنية من خلال دورات مجانية على اساليب التدريس او استحداث دبلوم في تعليم اللغة الانجليزية وتقديم منح للمعلمين لدراسة الماجستير في اللغة الانجليزية في الجامعة . وهذا بلا شك ينعكس على اداء الطلبة وتحصيلهم وتمكنهم من اللغة الانجليزية.
ويمكن لكليات العلوم التربوية ان تساهم في تنمية البادية الاردنية من خلال توفير المعلمين للعمل في مدارس البادية حيث تعاني المدارس من نقص كبير في الرياضيات والعلوم والفيزياء والكيمياء واللغة الانجليزية من خلال الاستعانة بطلبة السنة الرابعة والمقبلين على التخرج للعمل في هذه المدارس، كما يمكن للاساتذة في كلية العلوم التربوية من اجراء البحوث والدراسات وتوجية طلبة الدراسات العليا لاجراء البحوث حول مشاكل وهموم التعليم والاخفاق في الثانوية العامة وقضايا التحصيل الدراسي.
ويمكن لكليات الشريعة ان تساهم في التنمية في البادية الاردنية من خلال الوعظ والارشاد والدروس الدينية في مساجد البادية الاردنية من خلال التركيز ومحارية العادات والتقاليد البعيدة عن الدين ومحارية الظواهر الاجتماعية مثل الجلوة العشائرية و اطلاق العيارات النارية والمفرقعات ومحاربة المخدرات والتدخين وشرح وتبسيط الدين للشباب بعيدا عن الغلو والتطرف والتشدد ومحاربة الفكر الديني المتطرف والمتشدد الذي يدعو الى القتل والعنف والتفجير والتدمير، كما يمكن لكليات الشريعة من عقد الدورات الشرعية للأئمة والخطباء وخدمة المساجد وكذلك الى موظفي الاوقاف في البادية لرفع تاهيلهم وتقديم الدورات الشرعية في الفقة والسيرة والحديث وعلوم القران وتقديم منح لدراسة البكالوريوس في الشريعة والعقيدة والدعوة وانشاء وتأسيس المراكز الاسلامية والاشراف عليها في مناطق البادية الاردنية بالتعاون مع وزارة الاوقاف.
كم ان دور و مساهمة الجامعات الاردنية في تنمية وتاهيل وتطوير البادية الاردنية يجب ان يكون ضمن مخططات واستراتيجيات الجامعات في دعمها للمناطق الاقل حظا والاكثر فقرا من خلال تاهيل وتدريب الكوادر البشرية من المعلمين والموظفين والمزارعين والمهندسين والعاملين بقطاع البلديات والجمعيات الخيرية التعاونية والاندية الرياضية والملتقيات الثقافية وايلاء العناية بقطاع المرأة والطفولة والشباب ورعاية طلبة الجامعة الدارسين من ابناء البادية من خلال تقديم المنح والقروض ، وكذلك تنظيم الايام الطبية المجانية وتقديم الورش الفنية والندوات العلمية والانشطة الثقافية ودعم الحركة الثقافية في البادية واعطاء الفرص لحملة الدكتوراه من خلال تعيينهم كمحاضربن متفرغين والعناية بتحقيق التراث الشعبي والعادات والتقاليد ودراسة اللهجات العامية عند البدو وكذلك اجراء المسوح الاجتماعية والاقتصادية والسكانية للتعرف على واقع الفقر والبطالة والاعالة والتنمية وتقديم بيانات للحكومة والى صاحب القرار.
وكذلك كتابة وتوثيق السير الذاتية لرموز الحركة الوطنية من شيوخ البادية الاردنية كالشيخ مثقال الفايز والشيخ حديثة الخريشا والشيخ عضوب الزبن والشيخ فيصل الجازي والشخ قدر المجالي والشيخ حمد بن جازي والشيخ عودة ابو تايه والشيخ حسين الطروانة وغيرهم الكثير من رموز الحركة الوطنية في البادية الاردنية ، كمشروع وطني لابراز دورهم في تأسيس الامارة الاردنية وتأسيس المملكة وفي صنع الاستقلال وبناء الاوطان
ان دور الجامعات الاردنية في تنمية البادية الاردنية دور كبير وحيوي وهام وكلما امتدت الجامعات الاردنية الى مناطق الريف والبادية والمناطق المهمشة والاقل حظا ووضعت برامج تنموية هادفة ولها فترات زمنية محددة كلما ساهم في شهرتها عالميا ونتمنى ان تكون في العام القادم احدى الجامعات الاردنية من ضمن افضل 200 جامعة على مستوى العالم ، ونشعر بالاسى لعدم وجود أي جامعة عربية ضمن التصنيف العالمي لهذا العام بينما توجد الجامعة العبرية وجامعة تل ابيب ، وهذا يعود لعدم خروج الجامعات الاردنية الى هموم ومشاكل المجتمع على الرغم من وجود دوائر لخدمة المجتمع المحلي فيها.
أننا نأمل من الاخوة في الجامعات الاردنية العمل على تأسيس مركز لتنمية وتأهيل البادية الاردنية بحيث يتم رصد وتوفير الدعم المالي وتوفير الكوادر البشرية المؤهلة والمدربة والعمل والتنسق مع منظمات المجتمع المدني في الوطن والدوائر الحكومية والتنسيق مع النخب المثقفة في البادية من اجل الارتقاء بالواقع الاقتصادي والاجتماعي والسكاني واطلاق وتفعيل التنمية في البادية الاردنية.
ان الجامعات الاردنية تعيش في واد وهموم ومشاكل المجتمع الاردني في واد اخر ، وما يشغل هم الاستاد الجامعي هو اعداد بحث او بحثين للترقية وهي للاسف ابحاث نظرية يجريها داخل الجامعة عفوا داخل المكتب ومعظم الابحاث مسروقة وفقط يغير الاستاد العنوان ، في حين الاستاد الجامعي الاجنبي يحلق كالنحلة من بلد الى اخر ومن منطقة الى اخرى لاعداد ابحاث ميدانية رائعة تخدم المجتمعات ، ان اعادة دور الاستاد الجامعي الاردني الكسول ، واعادة دور الجامعات الاردنية في خدمة المجتمعات المحلية اصبح مطلب وطني ونامل ان يتم عقد مؤتمر وطني لمناقشة حالة التردي والتراجع التي تشهدها الجامعات الاردنية في ظل تنامي الهوشات الجامعية والقتال الطلابي المحتدم ، حتى اصبحت الجامعات الاردنية تسجل انجاز عالمي ليس بالتميز والابداع والاختراع ولكن بكثرة الهوشات والمشاكل والعنف الطلابي ، فهل يعقل لطالب جامعي يداوم بالجامعة يحمل بيده كتاب واليد الاخرى قنوة او شبرية او موس كباس او جنزير حديد او دبشة حجر من ان يفشح زميل اخر لخلاف فكري او عقائدي او حزبي ؟ اترك لرؤساء الجامعات او اساتدة الجامعات الاردنية تحليل ودراسة هده الظاهرة الطلابية المتميزة ؟



تعليقات القراء

فنيخر
يا هلا با لجامعه

يا هلا

يا هلا و مرحب
23-01-2012 10:47 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات