بدنا نبطل سياسة ونحكي عن سوق الحرامية


هو سوق شعبي يطلق عليه البعض اسم سوق الحرامية , والبعض الآخر يطلق عليه اسم سوق الجمعة , يقام في الساحات العامة المتسعة , وهناك مقارٌ ثابتة أيضاً, ففي عمان هناك مقر ثابت في (سقف السيل) وفي اربد مقره بالقرب من سوق البالة, وفي بريطانيا يسمونه (صن داي ماركت) ,أما في أمريكا فيعرض الناس بضائعهم في الحي الواحد ويقومون بالمقايضة أحيانا والبيع أحيانا أخرى , في السعودية تعرفت عليه عن كثب , ففي بعض المناطق يسمونه حراج الخردة وفي محافظة جدة يسمونه سوق الصواريخ.
...في كل جمعة اعتدت للذهاب صباحاً والتسوق من ذلك السوق (الواقع بين اربد والرمثا) خضار, فواكه, ملابس, غرف نوم. كهربائيات, سحلب , عصير جزر ورمان , كركش وعدة ولوازم......اعتدت على تناول السحلب بالقطر (يدلعونه عسل) , واعتدت أيضا على تناول كأس من الشاي من صاحب الإبريق الضخم الذي يصيح دائماً :
ملِك الشاي بِالحي...
...........أحيانا اشرب كأساً من عصير الرمان أو البرتقال أو الجريب فروت (عفواً هسا بزعلو بلدياتي , قصدي إلقَرَفوت).. غالباً مايبدأ السوق من مساء يوم الخميس كي يحجز الباعة أماكن لبضائعهم حيث يضطرون للمبيت معها لسببين :
الأول :حراستها من السرقة
والثاني : لتوفير أجرة التنقل في اليوم التالي
........في أول السوق دائماً أجد ذلك الرجل المسن وقد تجاوز الخامسة والستين من العمر وقد فرش أمامه (قطع بسكليتات , على شوية سلاك كهربائية على قطع صوبات وشوية انتيكات ) يعني كووول البسطة يادوب تطلع بعشر دنانير......يقوم ذلك الرجل بتجميع قليل من الأخشاب والأوراق وربما كاوتشوك سيارة (كون السوق يقام في مدينة الشاحنات) ليستدفأ بتلك النار ويضيء بها على نفسه وليحتمي بها أيضاً من الكلاب والهوام .....أتقدم قليلاً فأجد طفلاً صغيراً يرتعش من البرد يحرس (بسطة) من الانتيكات (الخردة) ريثما يقوم والده بتنزيل بقية الخردة من البكم (بك أب بالمدني ) ولاتكاد تفرق بين الخردة ولابين ذلك البِكم .....إلى الإمام قليلاً اعتدت على تقديم التحية إلى أصدقائي من أصحاب البسطات الفارهة حيث تجد طقم كنبات يتجاوز ثمنه المئة والخمسين دينار ..وكلما مررت من جانب ذلك الباص المليء بالأدوات المنزلية نادي بي صاحبة وقد شدد العزيمة كي أتناول على حسابه رغيفاً من السندويتش أو (علبة) من العصير من (الكشك) المنصوب بجانبه , وهكذا تتنقل بين مجموعة من الأصدقاء الذين تشعر بينهم بالبساطة والصدق , حتى أنهم يعرضون علي أن اشتري من بضائهم وبأسعار مخفضة كما أنه يمكنني أن ادفع لاحقاً ( الجمعة الجاية أو بعدين)
...كان .....ومازال يؤلمني ذلك المنظر ...ففي يوم من الأيام قال لي أخي أن عائلة (مستورة) تود (تلقيط) الزيتون في بستاننا بالأجرة, وقام هو بإرسالهم إلى ذلك البستان , وطلب من الرجل أن يتم البديء بالبستان من أوله وليس بشكل انتقائي , وعندما ذهبت أنا لإرسال بعض الحاجيات لتلك العائلة في البستان تفاجأت بأنهم قد بدأوا بقطف ثمار الزيتون من الأشجار ذات الزيتون ذي الحجم الكبير متجاوزين عدة شجرات ذات الحب الصغير .....فناديت بالرجل قائلاً إن هذا خطأ والاتفاق على أن يكون بالترتيب (لأنني شعرت بأن الرجل قد يكون غير منضبط , ويمكن أن يهتم بتلقيط الحب الكبير ويترك الزيتون ذي الحجم الصغير, فبدلاً من أن يجيبني ذلك الرجل أجابت ابنته الصغيرة والتي لم يتجاوز عمرها عشرة سنوات وقالت :
(خلص ياعمو ولايهمك بنلقط من أول)
............. .يا الله !! .أحسست بهول الفاجعة ..أحسست وكأنني تلقيت صفعة ...يا ألله !! ماذنب هذة الصغيرة ؟ أين طفولتها ؟ شعرت بالخوف لخوفها أنهم سيخسروا ثمن بدل قطف الزيتون , رأيت ذلك في عينيها , ورأيت معالم يديها المليئة بالتجاعيد مثل يدي رجل عجوز ......
عذراً .......آسف إن خرجت بكم عن السياق .....لكن صورة تلك الطفلة , تشبه صور الأطفال الذين أشاهدهم ينامون على الأرض لشدة التعب , وهم (يبيعون) على بسطات ذويهم في سوق الجمعة والتي لاتتجاوز جميع موجودات تلك البسطة عشرة دنانير ....تلك الصورة تشبه صورة ذلك الستيني الذي يلتحف بقطعة من الخيش ويشعل إطارا ليستدفئ.في أول سوق الجمعة.....تلك الصورة تذكرني بذلك السبعيني الذي لازال يدفع عربته ويحمل عليها بضائع وخضار للآخرين مقابل بضعة قروش...
سوق الجمعة ياسادتي, أو إن شئتم (سوق الحرامية) فيه أناس لديهم من الشرف أكثرً مما لدى اولئلك الذين يلهفون الملايين ......أطلق البعض عليه سوق الحرامية لقيام البعض بتسويق مسروقات لايتجاوز ثمنها عشرون ديناراً ربما أو أقل .....ولربما وجدت في هذا السوق العديد من الأجهزة الأمنية تسعى جادة وجاهدة للبحث عن أولئك ( الحرامية)
.......مابدنا نحكي سياسة .....خلونا بسوق الحرامية .....
.بس بدنا نعرف حرامية القرارت الذين حرموا السبعيني من أن ينام في بيته معززاً مكرماً , بدلاً من أن يجر عربته.......بدنا نعرف حرامية المليارات الذين حرموا الأطفال من طفولتهم وقاموا بتحويلهم إلى عمال وعاملات , لاتكاد تفرق بين أيديهم وبين تصدع الحجارة وتشقق الأرض......ومابدنا نحكي سياسة ...... خلونا ...بالوطن ...
.قصدي ...
.............بسوق.......
الحرامية



تعليقات القراء

هذلول
المبدع و الفاضل

ابراهيم الداوود

(أجابت ابنته الصغيرة والتي لم يتجاوز عمرها عشرة سنوات وقالت :

(خلص ياعمو ولايهمك بنلقط من أول)



سيد ابراهيم:

كل مليارات الارض لاتزيل الام و لا تسوى

دمعه تنساب من عيني طفل او طفله على خده او خدها البريء

كما (يالمقابل:اقولها لكل افاك سراق نهاب اليم)كل مليراتك لا تسوى

بسمه تنتج من صدقه من فقير لفقير



لقد بدأت تنافس المبدع احمد حسن الزعبي



ولنغني معا

دق الماني

ترشرش ترشرش

فلقد اصبحت مقياسا للوطنيه و الانتماء مع برامج الاذاعه الصباحيه

(مع اعتذاري للمطرب (بلدياتك)حسين السلمان)

ولك مني عظيم الموده و الاحترام

و الشكر لمحرر جراسا

ملاحظه:انا من رواد السوق
09-01-2012 03:39 PM
ابراهيم الاسعد الداود
الى الفاضل هذلول
الله يجبر بخاطرك
المرة الجاي السحلب عحسابي
شكرا لمرورك وشكرا لجراسا ايضا
رد من المحرر:
شكراااا لكم.........
09-01-2012 07:04 PM
هذلول
الى الفاضل و الكريم

و المبدع دوما

الاستاذ:إبراهيم الداود

شكرا على تواضعك

و شكرا على تواصلك مع قرائك

فالقليل من يفعل ذلك

و هذا يدل على عظيم اصلك و سمو خلقك

مع عظيم مودتي\تقديري و احترامي

ملاحظه:انا افضل القرفوت

جراسا

شكرا

10-01-2012 10:25 AM
ابراهيم الاسعد الداود
الى الفاضل هذلول
تكرم بس عبين قدام الناس رح اقول قريب فروت مشان مايفضحونا ويقولوا مابحكي مدني..الله يستر علينا وعليك وعلى محرر جراسا
11-01-2012 11:16 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات