الاتجاه المشاكس


كشف الربيع العربي في البلاد العربيّة عن تيّارين رئيسين تيار الموالاة تحت اسم الشبّيحة او البلطجيّة او الزعران وغير ذلك من اسماء وهؤلاء هم اشبال القمع وزلم النظام والتيّار الاخر هم الثوّار والاصلاحيين والمظلومين والمنتفضين .
اما التيار الاول الموالي للنظام ومخابراته واجهزته الامنيّة القمعيّة فيسهل تنظيمها وتسليحها والصرف عليها بسهولة ومن اموال الشعب المنتفض ولكن التيار المنتفض يسهل عليه فقط تقديم الشهداء والجرحى إذا لم يتلقّى مساعدة دوليّة او عربيّة لحمايته وذلك لا يكون مجّانا على الاغلب وانما بتقديم مقابل اقتصادي او سياسي او إجتماعي .
وفي بداية الربيع العربي كان التيّار الثاني سريع الوصول الى اهدافه في تونس ومصر علما ان الثورتين في البلدين ما زالتا غير راكزتين على قواعد متينة وانما بحاجة الى تقويّة والتفاف شعبي حولها وانتباه لصونها واستمراريّتها لتحقيق اهدافها واستكمال برامجها.
وسرعان ما تنبّه الزعماء والغرب على انّ الوضع بحاجة الى اخراج صحيح يأخذ كافة الظروف بعين الاعتبار فتدخّل الناتو في ليبيا وتدخل مجلس التعاون في اليمن وتدخّلت الجامعة العربيّة في سوريا وامّا الحراك الشعبي في البحرين فقد تم التعامل معه ضمن البيت الخليجي وتهدف جميع هذه التدخّلات الى تغيير أنظمة الحكم في هذه الدول ومحاولة انقاذ اؤلئك الحكام من المحاكمة والمحاسبة ولكن الشعوب ما زالت ترفض ذلك حتّى الان وتذهب تضحية الشهداء وارواحهم العطرة مقابل القليل من الحريّة والمكاسب ويكسب الغرب حكاما جدد قادرون على التعامل مع المصالح الغربيّة باسلوب وطني تقبله شعوبهم
ومع انه ظهرت في تلك الدول اطرافا من الشعب شكلت تيارا ثالثا لا يقبل بما تتوصل اليه الجهات المتدخّلة مع انظمة الحكم وانما اصبحت تشاكس على اي اجرائات يتم اتخاذها لانقاذ الزعماء من العدالة وحكمها ويصرّ هذا التيّار على تحقيق اهداف الثورة والانتفاضة في الحريّة والعدالة والمساواة والمشاركة في صنع القرار اضافة لمكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين.
ولكن هذا الاتجاه المشاكس قد يواجه قوى شد عكسي داخليّة وخارجيّة لإخضاعه الى الحلول التي ترغبها الدول المؤثّرة والتي يراها الزعماء انها طاقة الفرج الوحيدة لهم لإنقاذ حياتهم وإفلاتهم من العقاب والمحافظة على الاموال التي هرّبوها بأسمائهم واسماء عائلاتهم وابنائهم .
وينقص هذا الاتجاه المال والإعلام والمد الشعبي الجارف والصابر على الظروف الصعبة ويستطيع روّاد هذا الاتجاه تسخير بعض الاساليب المقدور عليها مثل شبكات التواصل الاجتماعي والمنشورات المطبوعة والصحف الإلكترونيّة وغيرها لكسب المزيد من الجماهير الى صفّه .
إنّ عهد ما بعد الثورة ثبت انه اصعب من ايام الثورة الإصلاحيّة حسب ما نراه الان في تونس ومصر وليبيا إذ انّ الاوضاع الإقتصاديّة تكاد تُطيح بمكاسب هذه الثورات التي تلجأ لأمريكا والدول الغربيّة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لمساعدة الانظمة الجديدة على تسيير إدارة البلاد بضخ اموال على شكل إعادة بعض الاموال المُجمّدة او منح ومساعدات او على شكل قروض وكلُّ ذلك مُقابل ثروات تلك البلاد أو تدجينها لمصلحة إسرائيل او لجذبها لمواقف سياسيّة معيّنة بالتأكيد ليست لمصلحة العرب او الدول العربيّة .
إنّ الإتجاه المُشاكس ليس معاكسا للثوّار واهدافهم وإنما هو مشاكس لأنصاف الحلول التي تضعها الجهات المتدخّلة بين الحراكات الشعبيّة والانظمة بدعوى حماية المدنيين والحقيقة انّها تهدف لحماية الحكّام والمسؤولين عن الفساد والمجازر والقتل في تلك البلاد .
ولتكن كلّ الشعوب معاكسة لحكامها المستبدّة ومشاكسة لعدم تمرير الحلول التي تُعطي الحصانة للقتلة والمجرمين والفاسدين الذين إمتصّوا دماء وجيوب وإنسانيّة وكرامة شعوبهم
نار الجوع والفقر اهون من جنة الفساد والحرام الاسودا
ينام الشريف مرتاح الضمير والفاسد في قلبه نار لن تخمدا
شر الفاسدين استشرى وطغى وفي السماء رب عادل اوحدا
اغرقْ سفن الشر بلا هوادة ولا تقبل غير الكرامة والسؤددا
وانزع لجام الخوف من صدرك وكن نارا على الفاسد واهل العدا
عام 2012 قد اتى ولن نبقي ونذر من المستبدّين اي احدا
وكل عام واوطاننا بخير ورحم الله من ضحّى واستشهدا



تعليقات القراء

هذلول
الكاتب الكريم
(إنّ عهد ما بعد الثورة ثبت انه اصعب من ايام الثورة الإصلاحيّة)
احتاجت فرنسامن (100 الى 150 سنه )لتجني ثمار ثورتها الاجتماعيه
فمهلا ايها الكاتب الكريم
02-01-2012 11:06 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات