افتتحها الملك عبد الله الأول .. فمن أحرقها؟!


قبل عشرين عاما .. عندما تسلمت مهمة أول مدير تنفيذي لجمعية المحافظة على القرآن الكريم كانت محافظة المفرق أول من تقدم لتأسيس فرع للجمعية في باديتها وبالتحديد في مغيّر السرحان، وكان شباب المفرق ذوو الجباه السمر أشد العاملين في خدمة كتاب الله حرصا وإخلاصا وتحملا للصعاب ومشاق السفر، ويروون لنا عجبا عن حب أهل المفرق حاضرة وبادية لقرآنهم ودينهم وإكرامهم العاملين للإسلام والدعاة إلى الإصلاح.

وليس هذا غريبا عن درع الأردن وحاميته الشمالية الشرقية التي احتضنت رفات الشهداء العراقيين، واستضافت الجيوش العربية المجاهدة في فلسطين، كما تستضيف اليوم مئات العائلات السورية النازحة، بكرمها العربي الأصيل والذي يتجلى مع صفات البداوة من الشجاعة والنخوة والشهامة والمروءة والنجدة والوفاء لدى عشائرها كافة وعلى رأسهم العشيرة الكبرى الممتدة –عشيرة بني حسن.
وقد ترجم أهل المفرق تدينهم الفطري العميق على أرض الواقع بانتخابهم شابا من خيرة شبابهم -وهو اليوم سيد من ساداتهم وشيخ من شيوخهم- النائب الأسبق الأستاذ عبد المجيد الخوالدة فمنحوه ومنحوا جبهة العمل الإسلامي التي يمثلها وجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها ثقتهم ومحبتهم وولاءهم.
وفي يوم الجمعة الحزين 23/12/2011 حدثت الجريمة النكراء التي تمثلت بالاعتداء الدموي الآثم على الأستاذ عبد المجيد الخوالدة والعشرات من إخوانه من شباب بني حسن وعشائر المفرق المخلصين لوطنهم والعاشقين لتراب أرضهم، والمناهضين لتحالف مثلث الفساد المكون من رأس المال المنهوب من مقدرات الوطن، و القوى التنفيذية المستفيدة والمتغلغلة في الكثير من مؤسسات الدولة، وثالث الثالوث اليد الضاربة الملوثة بالدماء الطاهرة والتي تتقاضى أجرها (عشرة دنانير وساندويتش دجاج مسحب).
واكتملت الجريمة البشعة بعد أن سالت الدماء الطاهرة بتكسير نوافذ بيوت الله، ثم الإقدام على إحراق مقري جبهة العمل الإسلامي وجماعة الإخوان المسلمين وهدم سورهما وسرقة محتوياتهما وتحطيمها، الأمر الذي لم يحدث منذ أن افتتح الملك الشهيد عبد الله الأول مؤسس المملكة الأردنية الهاشمية أول دار للإخوان المسلمين عام 1945 في عمارة أبوقورة في طلوع جبل عمان وبارك تأسيس الجماعة وأعلن حمايته ورعايته لها، واستقبل جلالته لدى حضوره جمهرة كبيرة من جوالة الإخوان.
إن الحكومة بأجهزتها الأمنية جميعا بدءا من رئيس الوزراء (المفترض دستوريا بأنه وزير الدفاع) ووزير الداخلية (المفترض دستوريا بأنه المسؤول عن جميع الأجهزة الأمنية) ومدير المخابرات العامة (المفترض دستوريا بأنه المسؤول عن حماية الأردنيين من الأخطار الداخلية والخارجية) ومدير الأمن العام (المفترض دستوريا بأنه المسؤول عن سلامة وأمن المواطنين وممتلكاتهم) وقائد قوات الدرك (المفترض قانونيا بأنه المسؤول عن منع راجمي الحجارة وحملة العصي والزجاجات الحارقة من الاعتداء على المواطنين المسالمين وإحراق وتكسير مقرات الأحزاب المرخصة) وانتهاء بمحافظ المفرق ومدير مخابراتها ومدير شرطتها، هؤلاء جميعا اليوم مسؤولون ومساءلون عما حدث أمام الشعب والوطن وقائد الوطن الذي يحق له أن يسأل كما ويحق لنا أن نسأل جميعا معه بصوت واحد: مقرات (افتتحها الملك عبد الله الأول .. فمن أحرقها؟!).
إن الذي أحرقها –وظاهر على إحراقها وتباطأ وتقاعس عن حمايتها- قد أحرق معها الأمن والأمان والسلم الأهلي واللحمة العشائرية والوحدة الوطنية، وهو متهم بأنه يقف في صف الفاسدين والمفسدين والناهبين لمقدرات وثروات الوطن والمعتدين على أراضي الدولة وعصابات السارقين للمال العام والمستغلين لوظائفهم العامة ونيابتهم المزورة، وهو عدو لمسيرة الإصلاح التي يقودها الملك عبد الله الثاني والتي بدأت تثمر رؤوسا كبيرة قد أينعت وحان قطافها من مسؤولين حكوميين وأمنيين واقتصاديين.
نعم إنهم أعداء الإصلاح .. حتى لو تستروا بالولاء للمللك ورفعوا صوره وهتفوا بحياته، فصورة الملك أشرف وأجل من أن تحملها يد ترمي حجرا على مسجد أو جبين مواطن شريف أو تحرق دارا أنشأها الشهيد عبد الله الأول رحمه الله.
أما أنت يا أخي عبد المجيد الخوالدة وإخوانك البررة وأنتم على أسرة الشفاء وجراحكم لا زالت حارة نازفة، فأبشرك بأن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم قد رجمت قدماه بالحجارة في الطائف، وأن رأسه الشريفة قد شجت في أحد وكسرت ثنيته ودخل حديد المغفر في وجنتيه، وأن دور أصحابه قد أحرقت في مكة، ولكنه ما لبث أن عاد فاتحا مكة المكرمة محطما ثلاثمائة وستين صنما، وما أكثر الأصنام في بلادنا اليوم!
ولأن ثالوث الفساد الذي وصفنا لا يعي دروس التاريخ، فأذكرهم بأحداث عظيمة على مقربة منهم لم يطل عليها الأمد فتنسى، فها هو الرئيس المخلوع مبارك الذي أذل المصريين على طوابير الخبز وأولاده الذين استحوذوا على شركات مصر يقبعون اليوم في الأقفاص، وها هو وزير داخليته الحبيب العدلي الذي سخر "البلطجية المرتزقة" لتهشيم رؤوس المتظاهرين ودهسهم يقبع صاغرا ذليلا معهم، وهاهو المنصف المرزوقي المطارد والعتقل والمعذب والمغيب عشرين عاما وخلال أقل من عام يتربع على سدة الرئاسة في تونس، وها هو حمادي الجبالي أمين عام حزب النهضة التونسي (إخوان مسلمون) المسجون 15 عاما منها 14 عاما في السجن الانفرادي يشكل اليوم الحكومة التونسية ويصبح رئيسا للوزراء، فالدهر "قلاب" أيها القوم، الدهر "قلاب"!
وفي الختام .. فإني أتوجه إلى مقام حضرة صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله ورعاه أن يرد اعتبار شباب بني حسن المعتدى عليهم وأن يحفظ كرامتهم المهدورة وهو القائل (كرامة المواطن من كرامتي)، كما أدعو جلالته أن يشفي غليل كل مواطن أردني شريف، منتم للأردن وموال لقيادته الهاشمية ووفي للملك الشهيد المؤسس، أن يتخذ الإجراء الذي يراه مناسبا للإجابة على السؤال الكبير في هذه الجمعة الحزينة: مقرات (افتتحها الملك عبد الله الأول .. فمن أحرقها؟!).

hishamkhraisat@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات