لعنة النفط
لقد حبا الله دولا بالنفط في بلادها ودولا أخرى حباها بأشياء أخرى، ولا يوجد الكمال في إي دولة ، وكما هو حال الإنسان دائما يريد المزيد حتى في الدعاء يطلب من الله أكثر من حاجته والله يعلم حاجته فيعطيه ما يستحق وما يحتاج، وكم من دولة مثل الأردن تمنينا ان يكون لدينا نفط كباقي الدول التي لديها فائض في ميزانيتها من بيع النفط والغاز، ولكن لا ندري لعل رحمة الله أوسع من هذا ورحمة الله بنا ان لم يكن لدينا نفط وغاز ، كنت أتابع مقابلة مع عميل المخابرات الأمريكية (جون بيركنز) الذي عمل في أكثر من قضية ويروي فيها طريقة عمل المخابرات الأمريكية في استعباد الشعوب وهزيمة الدول وتدميرها ، حيث أفاد بان استعباد الأمم يكون إما بحد السيف أي بالغزو العسكري او بإثقالها بالديون وكسر ظهرها ، ولعل ما ذهب إليه ينطبق على عدة حالات حصلت في العالم وليست بعيدة عن عالمنا العربي.
ويقول أن عملهم هو تحديد البلدان التي لديها موارد كبيرة تثير لعاب شركات النفط ويتم ترتيب قرض ضخم من البنك الدولي او صندوق النقد الدولي أو اي من المنظمات الدولية ، ويعود هذا القرض بالفائدة الى شركاتنا لبناء البنية التحتية لتلك الدول مثل محطات توليد الكهرباء والمجمعات الصناعية والموانئ مما يعود بالنفع العام الى قلة من الأغنياء في تلك البلد والى شركاتنا ألا ان غالبية الشعب لا تستفيد من هذه الديون على الإطلاع، ويبقى الشعب والبلد مثقلين بديون كبيرة يستحيل سدادها ، ثم تبدأ الاستخبارات عملها بالقول : اسمعوا جيدا انتم مدينون لنا بالكثير من المال لا يمكن دفع ديونكم؟ ولديكم مصادر نفطية كثيرة نريدكم بيع النفط بسعر بخس وذلك لشركاتنا النفطية ، كذلك نحتاج بناء قاعدة عسكرية في بلدكم ، ونريدكم أيضا ان ترسلوا قوات خاصة لدعم قواتنا في اي مكان نحتاجه بالعالم، أو نريدكم ان تصوتوا معنا في اي تصويت لقرارات تهمنا في مجلس الأمن والأمم المتحدة، كذلك نريدكم أيضا خصخصة شركات الكهرباء الخاصة بكم وشركات المياه وان تباع إلى شركاتنا الكبيرة وهي نفس طريقة صندوق النقد الدولي حيث يترك البلد حاملا عبء الدين وهو دين صعب سداده، مما يتوجب بيع موارد تلك البلد ، وعند فترة ما يعرض عليهم إعادة جدولة الديون من اجل دفع مزيد من الفوائد والعمل مع الدولة بشروط لصالحنا، وتستمر الدول في بيع مصادرها وخدماتها الاجتماعية وتغيير مرافقها حتى الأنظمة المدرسية الى الشركات الأجنبية فهنا تكون الضرب ثنائية وثلاثية ورباعية، وضرب مثلا على ما حصل ، على سبيل المثال في ايران عام 1951، حيث تم انتخاب مصدق رئيسا للوزراء آنذاك بشكل ديمقراطي وكان ينظر إليه انه اكثر الشخصيات ديمقراطية في الشرق الأوسط، حيث كان رجل العالم على مجلة التايم آنذاك، الا انه جاء بشعارات تخالف أهدافنا، حيث قال على شركات النفط الأجنبية ان تدفع للشعب الإيراني ثمنا أكثر لقاء النفط الإيراني، وعلى ان الشعب الإيراني يجب ان يستفيد من نفط بلاده، رأينا أنها سياسة غريبة، ولم تعجبنا هذه الشعارات، ولم نرغب بإرسال الجيش لاقتلاعه، فأرسلنا عملاء المخابرات الأمريكية الى هناك ومعهم عدة ملايين من الدولارات، وكان ذلك برئاسة عميل الاستخبارات (كيرميت روزفلت) وهو نسيب الرئيس الأمريكي آنذاك روزفلت، وكانت خطته فعالة جدا ففي زمن قصير تمكن من رشوة بعض المقربين من رئيس الوزراء مصدق، وتم الانقلاب عليه من خلال مظاهرات مناوئة له ومؤيدة لشاه ايران وتم جلب شاه ايران ليحل محله الذي كان دائما يفضل النفط ، وانتشرت الاخبار بان ضباط الجيش الإيراني يصرخون ان رئيس الوزراء مصدق استسلم ونظامه الدكتاتوري المفترض وتم إنهاؤه ، وبدأ المتظاهرون بعرض صور شاه إيران في الشوارع وتعكس شعورا أن الشاه مرحب به أمريكيا حيث تم حصول ذلك باقل التكاليف وقد أوجدت هذه الطريقة نوعا جديدا من التلاعب بالبلدان وإنشاء الإمبراطوريات.
وفي حالة دولة غواتيمالا عندما أصبح اربنز (1951 رئيسا لغواتميالا كانت البلاد لعبة بيد شركة (يوناتيد فروت كمبوني) والشركات الدولية الكبرى، وكان قد انتخب رئيس غواتميالا و يقول إننا نريد اعادة الارض للشعب ، وبمجرد توليه السلطة تبني تنفيذ السياسات التي تطبق إعطاء حقوق ملكية الأراضي للشعب ، لكن الامر لم يعجب شركة (يوناتين فروت) وقاموا باستئجار شركات علاقات عامة لاطلاق حملة ضخمة في الولايات المتحدة ، لإقناع مواطني الولايات المتحدة والصحافة والكونغرس والولايات المتحدة بشكل عام ان رئيس غواتيمالا اربنز كان دمية بيد السوفييت، واذا سمحنا له بالبقاء في السلطة سيكون للسوفييت موطيء قدم في نصف الكره الأرضية هذه وفي هذه الوقت كان هناك خوف عظيم لدى كل شخص من الارهاب الاحمر الشيوعي، ونتيجة لذلك التزام من جانب المخابرات الأمريكية والجيش بخلع هذا الرجل وأرسلت الولايات المتحدة الطائرات والجنود والضباع (عملاء المخابرات الأمريكية) وارسلنا كل شيء يلزم لخلعه ولقد خلعناه بالفعل، وبعد سقوطه جاء الرئيس الجديد بإعادة كل شيء للمؤسسات الدولية ، بما فيها شركة (يونايتد فروت) .
ومثال آخر الاكوادور ، لسنوات عديدة كانت قد حكمت من قبل دكتاتوريين وحشيين نسبيا ولكنهم مناصرون للولايات المتحدة ، ثم قرروا إجراء انتخابات ديمقراطية حقيقة، ورشح جيم رولدوس نفسه للرئاسة وكان هدفه الرئيسي كرئيس هو التأكد من استخدام موارد الإكوادور لمساعدة الشعب ، وقد فاز فوزا ساحقا، بعدد أصوات لم ينلها احد في تاريخ الاكوادور، وبدا بتطبيق هذه السياسات، للتأكد من ان الإرباح المتأتية من النفط تذهب لمساعدة الشعب، لكن نحن لم يعجبنا ذلك في الولايات المتحدة ، أرسلت أمريكا عددا من ضباط الاستخبارات الى الاكوادور لتغيير الرئيس وإفساده واستمالته لجعله يدرك يمكنك ان تصبح غنيا جدا، أنت وعائلتك إذا وافقت على أن تلعب لعبتنا، لكن إذا واصلت تطبيق هذه السياسة التي وعدت فانك سوف ترحل ، ورفض رئيس الكوادر الإصغاء لهم، وتم اغتياله في تحطم طائرة لهم وتم تطويق المنطقة بالكامل سمح بالدخول فقط للجيش الأمريكي المتواجد في قاعدة قريبة وبعض من الجيش الاكوادوري وعندما تم التحقيق بالأمر مات اثنان من الشهود الرئيسيين في حوادث سيارات ، قبل ان تتاح لهم فرصة الإدلاء بشهاداتهم ، وحصلت أشياء غريبة أخرى من اغتيال الرئيس فقد كان ضباط المخابرات الأمريكية ومعظم من نظر في تلك القضية انهم اقروا بان ذلك اغتيال ويقول ضابط المخابرات الأمريكية كوني قاتلا اقتصاديا كنت أتوقع حدوث شيء ما للرئيس، لم أكن اعرف انه كان انقلابا أو اغتيالا لكني كنت متأكدا انه سوف يخلع لأنه لم يكن فاسدا ولم يرض لنفسه بالفساد كما أردنا إفساده .
وفي بنما ، كان الرئيس عمر تورجوس ، عام 1981، كان احد أكثر الناس المفضلين ، كان ذا شخصية كرزمية لقد اراد حقا مساعدة بلده ، وعندما تمت محاولة رشوته او إفساده كان يقول لي ” انظر يا جون إنا لا احتاج الى المال ما أريده لبلدي فقط، ان تعامل معاملة منصفه، ارشد ان تسدد الولايات المتحدة ثمن كل الخراب الذي أحدثتموه هنا ، احتاج الى أن أكون في وضع يمكنني من مساعدة بلدان أخرى في أمريكا اللايتينة، لنيل استقلالها ونتحرر من هذا التواجد الفظيع لبلدان الشمال ، انتم تقومون باستغلالنا بشكل سيء للغاية، اريد ان تعود قناة بنما لسيطرة الشعب البنمي، هذا ما أريد لذا اتركني بحالي لا تحاول رشوتي، كان هذا عام 1981 وفي ايار من نفس العام تم اغتيال جيم رولدس رئيس الاكوادور، وكان عمر رئيس بنما واعيا لهذا الحدث، لذلك جمع عائلته وقال لهم انا هو التالي على الأغلب لكن ليست تلك بمشكلة ولكنني فعلت ما أتيت هنا لأفعله، لقد أعدت التفاوض على القناة، والقناة هي الان في أيدينا ، انتهينا لتونا من التفاوض على معاهدة جيمي كارتر، وبعد شهرين قتل في حادث طائرة والتي نفذها بدون ادنى شك المخابرات الأمريكية وهناك كم هائل من الأدلة التي تشير ان احد حراسه أعطاه قبل صعوده للطائرة مسجلا صغيرا فيه قنبلة.
مثال اخر في فنزويلا: كيف ان هذا النظام بالعمل بشكل كبير بالطريقة نفسها لسنوات وسنوات ماعدا ان القتلة الاقتصاديين تحسنوا أكثر فأكثر ثم ووجهنا مؤخرا بالذي حدث في فنزويلا ففي عام 1998 انتخب هوغو شيفيز رئيسا لفنزويلا، بعد سلسلة طويلة من الرؤساء الفاسدين الذين حطموا اقتصاد البلاد ، وانتخب شافيز في خضم كل ذلك، حيث وقف شافيز في وجه الولايات المتحدة وقد فعل ذلك في المقام الأول مطالبا ان يستعمل النفط الفنزويلي لمساعدة الشعب الفنزويلي لكن ذلك لم يعجب الولايات المتحدة ، ففي عام 2002، تم ترتيب انقلاب من قبل المخابرات الأمريكية و كان مشابها للغاية لما قامت به المخابرات الأمريكية والعميل روزفلت في إيران، من دفع المال للناس لتخرج الى الشوارع، لتشاغب ولتحتج ولتظهر ان شافيز لا يحظى بشعبية، ويمكن جعل بضعة ألاف من الناس يفعلون ذلك من خلال التلفزيون يمكن ذلك أيضا وكان البلد كله كذلك وان الأمور تتفاقم، ما عدا في حالة شافيز لقد كان ذكيا كفاية وكان الناس يؤيدونه بقوة، حتى انه تخطى الأمر وكانت تلك اللحظة تاريخية في تاريخ أمريكا اللاتينية
وفي عالمنا العربي كان مثال العراق: وهي مثال واقعي جدا كيف يعمل نظام المخابرات الأمريكية عن طريق القتلة الاقتصاديين وهو تشكيل خط دفاع، نذهب هناك من اجل محاولات لإفساد الحكومات، ونحملهم على قبول هذه القروض الضخمة، والتي نستعملها كدافع لامتلاكهم ، وفي حالة العراق فشلنا في كل هذه الأمور، لم تستطع المخابرات الأمريكية من الوصول الى صدام حسين وعقد صفقة معه ، وأرسلنا المخابرات الأمريكية للإطاحة به ، ولم نتمكن من ذلك فقد كان حراسه الشخصيون ماهرين وجيدين، ، لذا في عام 1991 أرسلنا الجنود الأمريكيين، وانتصرنا على الجيش العراقي لأننا في ذلك الوقت افترضنا ان صدام حسين سياتينا، بالطبع كان بإمكاننا قتله في ذلك الوقت، لكننا لم نرد ذلك كونه الرجل القوي في تلك المنطقة وهو الذي نريد، يمكنه السيطرة على شعبه وكنا نعتقد انه يمكنه السيطرة على الأكراد، ويبقى الإيرانيون ضمن حدودهم ويحافظ على ضخ النفط لنا، وانه بمجرد بدأ العملية العسكرية سوف ياتينا، وهنا عاد القتلة الاقتصاديون في التسعينيات، ولم ينجحوا لكن لا يزال يدير البلاد ولكننا نبيع له كل المقاتلات النفاثة التي يريد، ولكنهم لم يستطيعوا ولم ينجحوا ولم يتمكن عملاء المخابرات الأمريكية الإطاحة بصدام مرة أخرى، لذا قررنا إرسال الجيش وهنا قاموا بعملهم واحتلوا العراق وخلعناه وفي تلك الإثناء خلقنا لأنفسنا بعض صفقات إعادة الأعمار المربحة جدا جدا، وذلك لأعمار البلد الذي قمنا بتخريبه وهي صفقة مربحة جدا اذا كنت تملك شركات مقاولات كبيرة وتخصصه بإعادة الأعمار، وقد ظهر في العراق ثلاث فترات منها فشل القتلة الاقتصاديين هناك، وفشل المخابرات الأمريكية مما استدعى تدخل الجيش وإجراء اللازم، واحتلال العراق وتدمير بنيته التحتية وإعطاء الفرصة للشركات الأمريكية مثل شركة (هاليبورتن) للفوز بأكثر العقود.
ولو نظرنا الى تحليل لما سبق من عمل المخابرات الأمريكية في المنطقة، نجد ان حال الدول الخليجية او النفطية بشكل عام مستقر حاليا، فلديها اتفاقيات سرية موقعة مع الولايات المتحدة تكون غالبا لمصلحة الولايات المتحدة من ضمان إمدادات النفط والغاز إليها بأسعار بخسة، مقابل المحافظة على كياناتهم وان كانت دكتاتورية أو معارضة لأبسط حقوق الإنسان، فهذا لا يهمهم، وسيأتي اليوم أن تنتهي صلاحية كثير من الزعماء ويتم إنهاؤهم بطريقة او بأخرى لاستبدالهم بمن هو اقرب مودة ورحمة مع أمريكا ومصالحها في المنطقة، وهذا ما حصل مع عميل أمريكا حسني مبارك ومعمر القذافي وزين العابدين ، وإنما تأخير الولايات المتحدة في اتخاذ قرار في علي عبدالله صالح في اليمن ناتج عن ان لدى هذا الرجل بعض الخيوط يجب الانتهاء منها قبل إنهائه، من هنا ندرك ان الأردن بلد الأمن والاستقرار وعدم وجود موارد ظاهرة لدينا قد ابعد عنا التدخل الأمريكي المباشر، كذلك متابعتي للإخبار بان هناك موارد أردنية لا يتم البحث فيها مثل الصخر الزيتي وحقول نفط وغاز في أماكن متفرقة من الأردن وحتى مصادر المياه، ألا أن بيع موارد ألدولة بغية تسديد الديون قد حصل ، وأصبحت الدولة تعاني من قلة ما تملكه من موارد مباشرة لها وأصبحت كبرى الموارد الاقتصادية بأيدي شركات أجنبية مثل المطار والاسمنت والموانئ وغيرها لست بصدد ذكرها.
الشعب الأردني بحاجة إلى التكاتف والالتفاف حول القيادة لتفويت الفرصة على الطامعين بهذا البلد من الخارج، والأزمة ليس أزمة وطن بديل، او غيره، ان كل الأردنيين بغض النظر عن الأصول والمنابت مطالبين بالالتفاف حول القيادة الهاشمية. وان نجعل ما حصل في تلك الدول عبرة لنا .
لقد حبا الله دولا بالنفط في بلادها ودولا أخرى حباها بأشياء أخرى، ولا يوجد الكمال في إي دولة ، وكما هو حال الإنسان دائما يريد المزيد حتى في الدعاء يطلب من الله أكثر من حاجته والله يعلم حاجته فيعطيه ما يستحق وما يحتاج، وكم من دولة مثل الأردن تمنينا ان يكون لدينا نفط كباقي الدول التي لديها فائض في ميزانيتها من بيع النفط والغاز، ولكن لا ندري لعل رحمة الله أوسع من هذا ورحمة الله بنا ان لم يكن لدينا نفط وغاز ، كنت أتابع مقابلة مع عميل المخابرات الأمريكية (جون بيركنز) الذي عمل في أكثر من قضية ويروي فيها طريقة عمل المخابرات الأمريكية في استعباد الشعوب وهزيمة الدول وتدميرها ، حيث أفاد بان استعباد الأمم يكون إما بحد السيف أي بالغزو العسكري او بإثقالها بالديون وكسر ظهرها ، ولعل ما ذهب إليه ينطبق على عدة حالات حصلت في العالم وليست بعيدة عن عالمنا العربي.
ويقول أن عملهم هو تحديد البلدان التي لديها موارد كبيرة تثير لعاب شركات النفط ويتم ترتيب قرض ضخم من البنك الدولي او صندوق النقد الدولي أو اي من المنظمات الدولية ، ويعود هذا القرض بالفائدة الى شركاتنا لبناء البنية التحتية لتلك الدول مثل محطات توليد الكهرباء والمجمعات الصناعية والموانئ مما يعود بالنفع العام الى قلة من الأغنياء في تلك البلد والى شركاتنا ألا ان غالبية الشعب لا تستفيد من هذه الديون على الإطلاع، ويبقى الشعب والبلد مثقلين بديون كبيرة يستحيل سدادها ، ثم تبدأ الاستخبارات عملها بالقول : اسمعوا جيدا انتم مدينون لنا بالكثير من المال لا يمكن دفع ديونكم؟ ولديكم مصادر نفطية كثيرة نريدكم بيع النفط بسعر بخس وذلك لشركاتنا النفطية ، كذلك نحتاج بناء قاعدة عسكرية في بلدكم ، ونريدكم أيضا ان ترسلوا قوات خاصة لدعم قواتنا في اي مكان نحتاجه بالعالم، أو نريدكم ان تصوتوا معنا في اي تصويت لقرارات تهمنا في مجلس الأمن والأمم المتحدة، كذلك نريدكم أيضا خصخصة شركات الكهرباء الخاصة بكم وشركات المياه وان تباع إلى شركاتنا الكبيرة وهي نفس طريقة صندوق النقد الدولي حيث يترك البلد حاملا عبء الدين وهو دين صعب سداده، مما يتوجب بيع موارد تلك البلد ، وعند فترة ما يعرض عليهم إعادة جدولة الديون من اجل دفع مزيد من الفوائد والعمل مع الدولة بشروط لصالحنا، وتستمر الدول في بيع مصادرها وخدماتها الاجتماعية وتغيير مرافقها حتى الأنظمة المدرسية الى الشركات الأجنبية فهنا تكون الضرب ثنائية وثلاثية ورباعية، وضرب مثلا على ما حصل ، على سبيل المثال في ايران عام 1951، حيث تم انتخاب مصدق رئيسا للوزراء آنذاك بشكل ديمقراطي وكان ينظر إليه انه اكثر الشخصيات ديمقراطية في الشرق الأوسط، حيث كان رجل العالم على مجلة التايم آنذاك، الا انه جاء بشعارات تخالف أهدافنا، حيث قال على شركات النفط الأجنبية ان تدفع للشعب الإيراني ثمنا أكثر لقاء النفط الإيراني، وعلى ان الشعب الإيراني يجب ان يستفيد من نفط بلاده، رأينا أنها سياسة غريبة، ولم تعجبنا هذه الشعارات، ولم نرغب بإرسال الجيش لاقتلاعه، فأرسلنا عملاء المخابرات الأمريكية الى هناك ومعهم عدة ملايين من الدولارات، وكان ذلك برئاسة عميل الاستخبارات (كيرميت روزفلت) وهو نسيب الرئيس الأمريكي آنذاك روزفلت، وكانت خطته فعالة جدا ففي زمن قصير تمكن من رشوة بعض المقربين من رئيس الوزراء مصدق، وتم الانقلاب عليه من خلال مظاهرات مناوئة له ومؤيدة لشاه ايران وتم جلب شاه ايران ليحل محله الذي كان دائما يفضل النفط ، وانتشرت الاخبار بان ضباط الجيش الإيراني يصرخون ان رئيس الوزراء مصدق استسلم ونظامه الدكتاتوري المفترض وتم إنهاؤه ، وبدأ المتظاهرون بعرض صور شاه إيران في الشوارع وتعكس شعورا أن الشاه مرحب به أمريكيا حيث تم حصول ذلك باقل التكاليف وقد أوجدت هذه الطريقة نوعا جديدا من التلاعب بالبلدان وإنشاء الإمبراطوريات.
وفي حالة دولة غواتيمالا عندما أصبح اربنز (1951 رئيسا لغواتميالا كانت البلاد لعبة بيد شركة (يوناتيد فروت كمبوني) والشركات الدولية الكبرى، وكان قد انتخب رئيس غواتميالا و يقول إننا نريد اعادة الارض للشعب ، وبمجرد توليه السلطة تبني تنفيذ السياسات التي تطبق إعطاء حقوق ملكية الأراضي للشعب ، لكن الامر لم يعجب شركة (يوناتين فروت) وقاموا باستئجار شركات علاقات عامة لاطلاق حملة ضخمة في الولايات المتحدة ، لإقناع مواطني الولايات المتحدة والصحافة والكونغرس والولايات المتحدة بشكل عام ان رئيس غواتيمالا اربنز كان دمية بيد السوفييت، واذا سمحنا له بالبقاء في السلطة سيكون للسوفييت موطيء قدم في نصف الكره الأرضية هذه وفي هذه الوقت كان هناك خوف عظيم لدى كل شخص من الارهاب الاحمر الشيوعي، ونتيجة لذلك التزام من جانب المخابرات الأمريكية والجيش بخلع هذا الرجل وأرسلت الولايات المتحدة الطائرات والجنود والضباع (عملاء المخابرات الأمريكية) وارسلنا كل شيء يلزم لخلعه ولقد خلعناه بالفعل، وبعد سقوطه جاء الرئيس الجديد بإعادة كل شيء للمؤسسات الدولية ، بما فيها شركة (يونايتد فروت) .
ومثال آخر الاكوادور ، لسنوات عديدة كانت قد حكمت من قبل دكتاتوريين وحشيين نسبيا ولكنهم مناصرون للولايات المتحدة ، ثم قرروا إجراء انتخابات ديمقراطية حقيقة، ورشح جيم رولدوس نفسه للرئاسة وكان هدفه الرئيسي كرئيس هو التأكد من استخدام موارد الإكوادور لمساعدة الشعب ، وقد فاز فوزا ساحقا، بعدد أصوات لم ينلها احد في تاريخ الاكوادور، وبدا بتطبيق هذه السياسات، للتأكد من ان الإرباح المتأتية من النفط تذهب لمساعدة الشعب، لكن نحن لم يعجبنا ذلك في الولايات المتحدة ، أرسلت أمريكا عددا من ضباط الاستخبارات الى الاكوادور لتغيير الرئيس وإفساده واستمالته لجعله يدرك يمكنك ان تصبح غنيا جدا، أنت وعائلتك إذا وافقت على أن تلعب لعبتنا، لكن إذا واصلت تطبيق هذه السياسة التي وعدت فانك سوف ترحل ، ورفض رئيس الكوادر الإصغاء لهم، وتم اغتياله في تحطم طائرة لهم وتم تطويق المنطقة بالكامل سمح بالدخول فقط للجيش الأمريكي المتواجد في قاعدة قريبة وبعض من الجيش الاكوادوري وعندما تم التحقيق بالأمر مات اثنان من الشهود الرئيسيين في حوادث سيارات ، قبل ان تتاح لهم فرصة الإدلاء بشهاداتهم ، وحصلت أشياء غريبة أخرى من اغتيال الرئيس فقد كان ضباط المخابرات الأمريكية ومعظم من نظر في تلك القضية انهم اقروا بان ذلك اغتيال ويقول ضابط المخابرات الأمريكية كوني قاتلا اقتصاديا كنت أتوقع حدوث شيء ما للرئيس، لم أكن اعرف انه كان انقلابا أو اغتيالا لكني كنت متأكدا انه سوف يخلع لأنه لم يكن فاسدا ولم يرض لنفسه بالفساد كما أردنا إفساده .
وفي بنما ، كان الرئيس عمر تورجوس ، عام 1981، كان احد أكثر الناس المفضلين ، كان ذا شخصية كرزمية لقد اراد حقا مساعدة بلده ، وعندما تمت محاولة رشوته او إفساده كان يقول لي ” انظر يا جون إنا لا احتاج الى المال ما أريده لبلدي فقط، ان تعامل معاملة منصفه، ارشد ان تسدد الولايات المتحدة ثمن كل الخراب الذي أحدثتموه هنا ، احتاج الى أن أكون في وضع يمكنني من مساعدة بلدان أخرى في أمريكا اللايتينة، لنيل استقلالها ونتحرر من هذا التواجد الفظيع لبلدان الشمال ، انتم تقومون باستغلالنا بشكل سيء للغاية، اريد ان تعود قناة بنما لسيطرة الشعب البنمي، هذا ما أريد لذا اتركني بحالي لا تحاول رشوتي، كان هذا عام 1981 وفي ايار من نفس العام تم اغتيال جيم رولدس رئيس الاكوادور، وكان عمر رئيس بنما واعيا لهذا الحدث، لذلك جمع عائلته وقال لهم انا هو التالي على الأغلب لكن ليست تلك بمشكلة ولكنني فعلت ما أتيت هنا لأفعله، لقد أعدت التفاوض على القناة، والقناة هي الان في أيدينا ، انتهينا لتونا من التفاوض على معاهدة جيمي كارتر، وبعد شهرين قتل في حادث طائرة والتي نفذها بدون ادنى شك المخابرات الأمريكية وهناك كم هائل من الأدلة التي تشير ان احد حراسه أعطاه قبل صعوده للطائرة مسجلا صغيرا فيه قنبلة.
مثال اخر في فنزويلا: كيف ان هذا النظام بالعمل بشكل كبير بالطريقة نفسها لسنوات وسنوات ماعدا ان القتلة الاقتصاديين تحسنوا أكثر فأكثر ثم ووجهنا مؤخرا بالذي حدث في فنزويلا ففي عام 1998 انتخب هوغو شيفيز رئيسا لفنزويلا، بعد سلسلة طويلة من الرؤساء الفاسدين الذين حطموا اقتصاد البلاد ، وانتخب شافيز في خضم كل ذلك، حيث وقف شافيز في وجه الولايات المتحدة وقد فعل ذلك في المقام الأول مطالبا ان يستعمل النفط الفنزويلي لمساعدة الشعب الفنزويلي لكن ذلك لم يعجب الولايات المتحدة ، ففي عام 2002، تم ترتيب انقلاب من قبل المخابرات الأمريكية و كان مشابها للغاية لما قامت به المخابرات الأمريكية والعميل روزفلت في إيران، من دفع المال للناس لتخرج الى الشوارع، لتشاغب ولتحتج ولتظهر ان شافيز لا يحظى بشعبية، ويمكن جعل بضعة ألاف من الناس يفعلون ذلك من خلال التلفزيون يمكن ذلك أيضا وكان البلد كله كذلك وان الأمور تتفاقم، ما عدا في حالة شافيز لقد كان ذكيا كفاية وكان الناس يؤيدونه بقوة، حتى انه تخطى الأمر وكانت تلك اللحظة تاريخية في تاريخ أمريكا اللاتينية
وفي عالمنا العربي كان مثال العراق: وهي مثال واقعي جدا كيف يعمل نظام المخابرات الأمريكية عن طريق القتلة الاقتصاديين وهو تشكيل خط دفاع، نذهب هناك من اجل محاولات لإفساد الحكومات، ونحملهم على قبول هذه القروض الضخمة، والتي نستعملها كدافع لامتلاكهم ، وفي حالة العراق فشلنا في كل هذه الأمور، لم تستطع المخابرات الأمريكية من الوصول الى صدام حسين وعقد صفقة معه ، وأرسلنا المخابرات الأمريكية للإطاحة به ، ولم نتمكن من ذلك فقد كان حراسه الشخصيون ماهرين وجيدين، ، لذا في عام 1991 أرسلنا الجنود الأمريكيين، وانتصرنا على الجيش العراقي لأننا في ذلك الوقت افترضنا ان صدام حسين سياتينا، بالطبع كان بإمكاننا قتله في ذلك الوقت، لكننا لم نرد ذلك كونه الرجل القوي في تلك المنطقة وهو الذي نريد، يمكنه السيطرة على شعبه وكنا نعتقد انه يمكنه السيطرة على الأكراد، ويبقى الإيرانيون ضمن حدودهم ويحافظ على ضخ النفط لنا، وانه بمجرد بدأ العملية العسكرية سوف ياتينا، وهنا عاد القتلة الاقتصاديون في التسعينيات، ولم ينجحوا لكن لا يزال يدير البلاد ولكننا نبيع له كل المقاتلات النفاثة التي يريد، ولكنهم لم يستطيعوا ولم ينجحوا ولم يتمكن عملاء المخابرات الأمريكية الإطاحة بصدام مرة أخرى، لذا قررنا إرسال الجيش وهنا قاموا بعملهم واحتلوا العراق وخلعناه وفي تلك الإثناء خلقنا لأنفسنا بعض صفقات إعادة الأعمار المربحة جدا جدا، وذلك لأعمار البلد الذي قمنا بتخريبه وهي صفقة مربحة جدا اذا كنت تملك شركات مقاولات كبيرة وتخصصه بإعادة الأعمار، وقد ظهر في العراق ثلاث فترات منها فشل القتلة الاقتصاديين هناك، وفشل المخابرات الأمريكية مما استدعى تدخل الجيش وإجراء اللازم، واحتلال العراق وتدمير بنيته التحتية وإعطاء الفرصة للشركات الأمريكية مثل شركة (هاليبورتن) للفوز بأكثر العقود.
ولو نظرنا الى تحليل لما سبق من عمل المخابرات الأمريكية في المنطقة، نجد ان حال الدول الخليجية او النفطية بشكل عام مستقر حاليا، فلديها اتفاقيات سرية موقعة مع الولايات المتحدة تكون غالبا لمصلحة الولايات المتحدة من ضمان إمدادات النفط والغاز إليها بأسعار بخسة، مقابل المحافظة على كياناتهم وان كانت دكتاتورية أو معارضة لأبسط حقوق الإنسان، فهذا لا يهمهم، وسيأتي اليوم أن تنتهي صلاحية كثير من الزعماء ويتم إنهاؤهم بطريقة او بأخرى لاستبدالهم بمن هو اقرب مودة ورحمة مع أمريكا ومصالحها في المنطقة، وهذا ما حصل مع عميل أمريكا حسني مبارك ومعمر القذافي وزين العابدين ، وإنما تأخير الولايات المتحدة في اتخاذ قرار في علي عبدالله صالح في اليمن ناتج عن ان لدى هذا الرجل بعض الخيوط يجب الانتهاء منها قبل إنهائه، من هنا ندرك ان الأردن بلد الأمن والاستقرار وعدم وجود موارد ظاهرة لدينا قد ابعد عنا التدخل الأمريكي المباشر، كذلك متابعتي للإخبار بان هناك موارد أردنية لا يتم البحث فيها مثل الصخر الزيتي وحقول نفط وغاز في أماكن متفرقة من الأردن وحتى مصادر المياه، ألا أن بيع موارد ألدولة بغية تسديد الديون قد حصل ، وأصبحت الدولة تعاني من قلة ما تملكه من موارد مباشرة لها وأصبحت كبرى الموارد الاقتصادية بأيدي شركات أجنبية مثل المطار والاسمنت والموانئ وغيرها لست بصدد ذكرها.
الشعب الأردني بحاجة إلى التكاتف والالتفاف حول القيادة لتفويت الفرصة على الطامعين بهذا البلد من الخارج، والأزمة ليس أزمة وطن بديل، او غيره، ان كل الأردنيين بغض النظر عن الأصول والمنابت مطالبين بالالتفاف حول القيادة الهاشمية. وان نجعل ما حصل في تلك الدول عبرة لنا .
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |
(وأصبحت كبرى الموارد الاقتصادية بأيدي شركات أجنبية مثل المطار والاسمنت والموانئ ).......؟