ثورة بقيادة الملك


دعوني اتحدث بالصراحة الممكنة وليست المطلقة، حتى نحافظ على سياق المقال الذي يهدف الى تقديم النصح الصادق ما امكن الى ذلك سبيلا ، واذكر ذلك حتى لا يساء فهم المقاصد من المقال من أي طرف كان.
بلا شك ان الامر جد خطير، ولعلني لم اشعر بحجم الاحتقان كما اشعر به الآن، وضع لا ارى ان هناك من يستطع توقع نتائجة، الا اذا كانت المكابرة ركوبته، ومصلحته وهواه رسن لها..
يبدو ان اجتهاد مسؤولي الديوان في الاعلان عن الاراضي التي سجلت باسم الملك كان يهدف الى وضع الحقائق امام الشعب من اجل تفهم للموقف، وتخفيف حدة السقوف التي اخذت تتحدث عن هذا الملف بشكل مباشر ومستمر وتصاعدي في ظل عدم توفر المعلومات الدقيقة عن الموضوع.
وهذا كان واضحا من كلام رئيس الديوان الملكي رياض ابو كركي نفسه حين قال 'أن الكثير من اللغط والإشاعات والأقاويل أثيرت حول الموضوع بغير وجه حق، مما اقتضى 'وضع النقاط على الحروف' وبيان جميع التفاصيل المرتبطة بها. وحول تفاصيل الموضوع'.
ولكن جاء الاجتهاد في الاعلان خلافا لما اشتهي المجتهد، ليفتح الباب على مصرعيه ويزيد من اللغط والشائعات والاحتقان، واصبح معه الحديث صريحا بضرورة فتح الملف كاملا دون تقطيع وتبرير، واصبح معه ايضا ضرورة ايجاد مخارج مناسبة لاغلاق الملف نهائيا بعد محاسبة كل من يقف خلف تسجيل الاراضي باسم الملك ، وهذا الموقف جاء على لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة راكان المجالي حين تحدث صراحة بمحاسبة من قام بالتسجيل .
لنتذكر جميعا ان رئيس الوزراء علي ابوالراغب في تلك الفترة (2000-2003) قد استبق هذه الزوبعة وتنصل مبكرا من المسؤولية بالتسجيل، واعتبر الأمر بمثابة استجابة منه لأوامر الملك عبر رئيس الديوان ووزير البلاط في حينه سمير الرفاعي وباسم عوض الله الذي ابلغه شفهيا واتبع ذلك كتابيا ، رغم ان كلامه مردود عليه بحكم الدستور الذي يتضمن ان اوامر الملك الشفهية والكتابية لا تعفي الوزراء من مسئولياتهم، فكيف اذا كانت الاوامر ممن هم دونه في الديوان الملكي؟.
ناهيك على ان ابو الراغب لم يكن دقيقا (كما اظهر ذلك بيان الديوان) حين تحدث في الموضوع في كانون الثاني / 2011، وهنا اقتبس من تصريحاته ' أن مجموع الأراضي التي سجلت باسم الملك عبد الله الثاني خلال حكومته وصلت لـ 1800 دونم لا غير.وقال ابو الراغب: أن الأرقام التي ظهرت في بيان الديوان الملكي حول الاراضي التي سجلت باسم الملك لم تعط التفاصيل، وأضاف أبو الراغب أن تسجيل الاراضي باسم الملك لم يكن كله خلال حكومته وإنما في حكومة سبقته والحكومة التي جاءت بعده'.
بيان الديوان الذي أظهره الكركي قال 'أن عملية تسجيل الأراضي كانت ما بين عامي (2000- 2003) حيث جرى تسجيل 4827 دونماً باسم الملك..'
عوض الله لاذ بالفرار، والرفاعي على سلامته يلوذ بالصمت متكئا على سنة النسيان وهدوء الزوبعة ( اعتمادا على خبرة والده زيد في السلطة) ولكن خبرته طواها الزمن واصبحت من الغابرين ..
لذلك ارى ان هناك من قدم الفكرة بالتسجيل، وقدم النصيحة للملك، وشجع عليها، وعمل جاهدا على التواصل مع الحكومة باقناعها ، وقد نجح في ذلك خدمة لمصلحته اولا في الحظوة والتقرب وتحقيق المكاسب دون النظر الى العواقب التي وصفت مبكرا بانها قنبــــلة مؤقــــته، ونحن نـــرى الآن عواقبها وردود الفعل عليها، ودون الأخذ ايضا بالقاعدة ' المستشار مؤتمن '..
الحديث بالدوافع (التبريرية) التي تتعلق بتسريع التنمية، لا انصح بإعتمادها لانها لاتصمد (بل تؤجج) امام الحجة والعقل، حيث ياتي الرد سريعا ؛ وهل يحتاج الملك الى هذا التسجيل وهو الذي يملك بمقامه السامي الوطن كله؟! اليست رغبات الملك فضلا عن اوامره (وهذا عرف وتقليد اردني محل تقيد الحكومات المتعاقبة) محل احترام وتقدير وتنفيذ في كل المجالات وليست التنموية فقط ولا يحتاج الامر الى التسجيل بل توجيه اواشارة او امر بالتنفيذ لاي مشروع يخدم الوطن؟!
هناك من يحاولون ان يديموا هذا الملف مفتوحا، خدمة لمصالحهم واجندتهم، تماما كما هم من عملوا جاهدين لتمرير التسجيل مهما تكن النتائج، سيما من الشطار والحيتان والفاسدين الكبار، ليكون هذا الملف مظلة يستظلوا بها من الحساب، اوشماعة يعلقوا عليها آثامهم وفسادهم، باعتبار ان هذا الملف يمثل حائط مصد عنهم..
اغلاق الملف برمته، بالطبع بعد ان يفتح للتحقيق والمساءلة، يخدمنا جميعا، من خلال اعادة الاراضي الى خزينة الدولة، ومحاسبة ومحاكمة كل من يقف خلف التسجيل ومن عمل على تمريره فكرة وتنفيذا، ولتكن مناسبة لمحاسبة كل الفاسدين والناهبين، بل ولتكن ثورة بقيادة الملك تفتح كل ملفات الفساد، نرى من خلالها (حيتان) الفساد (لأول مرة) خلف القضبان..( القدس العربي )




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات