الجامعة والمجتمع شركاء في صناعة العنف الجامعي


لقد طال الحديث وأعرض عن ظاهر العنف الجامعي، وازدحمت صفحات المواقع الالكترونية بخبر وارد من جهة أو بمقال مكتوب من جهة أخرى، حيث تباين العديد من أبناء الأردن الأوفياء لوطنهم والمهتمون بسمو تعليمها بآرائهم حول الأسباب الكامنة وراء ظاهرة عنف الجامعات. لقد كان من الممكن للعنف الذي وقع مؤخراً في إحدى جامعات وسط الأردن وغيرها أن يشكل فارقاً كبيراً بمصير تلك الظاهرة عند باقي جامعات الأردن لو أحسنت الإدارة الجامعية التعامل معها، وفي النهاية تجد أنه وان تعددت الأسباب فالنتيجة واحدة وهي تعطيل مسيرة التعليم وتراجعها، وخوف كبير للأسرة الأردنية بمختلف مناطقها، حيث لا يكاد يخلو منزل إلا ولهم ابن أو ابنة تدرس في الجامعة، وقد تصل النتيجة أحياناً إلى أُناس لا ذنب لهم غير أنهم يدفعون ضريبة أخطاء غيرهم من الإدارة الجامعية أو الوسطاء وصولاً إلى المتسببين.
كثيرا ما أسمع مثلاً يردده أبناء المجتمع الأردني واسمحوا لي هنا أن أذكره بكلمات أردنية بسيطة (مجنون رمى حجر في بير، مائة عاقل ما بطلعه) وكلمة المجنون في المثل لا يقصد فيها ذاك الشخص الذي رفعت عنه ألأقلام عند الله سبحانه وتعالى، وإنما كلمة ترددت بالمثل يقصد فيها الشخص المستهتر الذي يفتعل مشكلة في المجتمع دون معرفة عواقبها، ولا أدري هنا عن الحكمة من وراء الأسباب الصعبة في إخراج الحجر، ربما الظلام الدامس في قاع البئر أو حتى عمق هذا البئر، ومن الممكن أيضاً أن يخطئ العقلاء بمعالجة هذه المشكلة إن انحصر التفكير كله بكيفية إخراج الحجر وترك المتسبب دون عقاب مما يتيح لغيره من مجانين القوم بالتمادي والتجرؤ لرمي الكثير من الحجارة في ذاك البئر المظلوم (المجتمع).
لقد أسعدني كثيراً كأردني منتمي أولاً وكأحد أبناء العشائر الأردنية ثانياً ما توصل له جميع الأطراف التي اجتمعت على خلفية المشاجرة التي حدثت مؤخراً في إحدى جامعات وسط الأردن من إبرام صلح والتعهد بعدم تكراره. وما أسعدني أكثر هو الاتفاق على صياغة ميثاق نبذ لظاهرة العنف الجامعي لتشمل الجامعات الأردنية كافة.
لا أريد من هذا المقال أن يفهم المقصود منه على غير وجه حق، خصوصاً وأن المقصود منه الإشارة فقط إلى حلول أخرى قد يكون غفل عنها الكثيرون، أما الصلح من حيث المبدأ فلا أجد أفضل منه بدليل قوله تعالى " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ". فالصلح مصدر الطمأنينة والهدوء، ومبعث للاستقرار والأمن وينبوع الألفة والمحبة.
لكنني ،وفي هذا المقام تحديدا،ً اعتقد بأنه كان يجب على أصحاب القرار وعقلاء القوم الوقوف عند هذا الحد من الصلح، وعدم الموافقة على الطلب الخاص بوقف تنفيذ العقوبات بحق الطلبة المتورطون، والسبب هو أن جامعة البلقاء ما هي إلا جزء مهم لا يتجزأ من نسيج باقي الجامعات في كافة محافظات المملكة الأردنية الهاشمية، فما حصل من امتداد للعنف الجامعي في جامعة اليرموك والزرقاء الأهلية من قبلها كان أحد أسبابه التهاون في تنفيذ العقوبات مع الطلبة من قبل تلك الجامعة، فموافقة الجامعة على هذا القرار وعدم المحاولة في توضيح مخاطره كان فيها قصر نظر وحل آني لا يخدم إلا المصلحة الخاصة فقط.
أنا مؤمن بان جميع الأطراف المجتمعية التي وافقت على قرار وقف تنفيذ العقوبات حريصون كل الحرص بالحفاظ على مسيرة التعليم في الأردن ويتمنون من قلوبهم أن تنتهي ظاهرة العنف الجامعي، ولكن العاطفة أحيانا قد تتدخل في صنع القرار، إلا أن التضحية في كثير من الأحيان تعتبر بطولة، وقد أردت هنا أن أشير إلى أن العقاب ليس سيئاً عندما يكون المقصود منه ردع ظاهرة معدية قد تؤثر سلباً على المجتمع كله، فالعقاب بالإسلام يجمع بين العدل والرحمة، والعدل يقتضي أن من أخطأ يعاقب وفي هذا رحمة عامة للمجتمع كله، فالعقوبة تصرف المخطئ عن العودة إلى اقتراف الأخطاء كما تصرف غيره عن فعل مثلها، وهذا هو المطلوب بعينه من هذا المقال، والله من وراء القصد.
اللهم احفظ لنا أردننا وطناً ومليكاً وشعباً وأحفظ لنا استقراره.



تعليقات القراء

هذلول
(حول الأسباب الكامنة وراء ظاهرة عنف الجامعات)للاسف دكتور :هذا المقال وغيره من المقالات لم يتطرق للاسباب سواء عن او بلا قصد او (الله من وراء القصد)علما بان سائقي باصات النقل العام يكتبون نفس الجمله على باصاتهم ايضا,

العنف الاجتماعي هو نتاج و ثمرة الارث الثقافي و الاجتماعي لشعبنا شئت ام ابيت مخلوطا مع طلبه غير ملتزمين و وواسطه و تهاون في العقوبه و تطبيق القوانين
06-12-2011 03:10 PM
ابو حمزه
ولله كلامك ذهب يادكتور يجب ان يحاسب المخطي
06-12-2011 07:05 PM
رضوان الحمايده
كلام جميل من الدكتور أحمد الزعبي وأنا أايده في هذا الكلام
06-12-2011 07:07 PM
عبيدات
نشكر الدكتور احمد على هذا المقال الجميل والمختصر عن العنف الجامعي الذي اصبح وللاسف ظاهره منتشره في مجتمعنا الاردني ... المشكله يا دكتور انه الحلول موجوده لكن ما حدا بطبقها
06-12-2011 09:13 PM
علي عباس الزعبي
السلام عليكم دكتور احمد الزعبي كلام جميل في غاية الروعة. اراى من وجهة نظري بان اهم اسباب العنف الجامعي هي ضعف مستويات التعليم العالي في الجامعات الاردنية فكما يقال" من دخل دار ابو سفيان فهو امن" فقد تولدت لدى طلاب الجامعات قناعة بالحصول على الشهادة في اخر المطاف وبالتالى لم يعد لديهم ذلك الاهتمام الكبير في التعليم وبالتالي اصبح وقت الفراغ لديهم اكبر الامر الذي يدفعهم الى الاتجاة مثل هذه التصرفات. برائي يجب على متخي القرارات مراجعة السياسات التعليمية في الجامعات واخراط الطلبة في النشاطات المنهجية واللامنهجية واشغالهم في العلم والتعلم لملىء وقت الفراغ لديهم، وبالتالي ابعادعم عن تفاهات الامور مثل " ليش بتطلع علي هيك" شكلك مش عاجبني" " ليش بتطلع على البنت هاي لانها بتخصني" وهي من اكبر مسببات المشاكل في الجامعات الاردنية. اتمنى من متخذي القرارات مراجعة مثل هذه الامور واتخاذ اجراءات فاعلة للحد من مثل هذه المشاكل ولاا يبقى الوضع كما هو عليه" وعلى قولة قرابه لينا غطيني يا حمده ما فيش فايدة من الحكي"
06-12-2011 10:59 PM
حمزه العرود
بمنتهى التمعن تابعت حديثك من ألفه الى يائه وبمنتهى التقدير أشكر لك تناولك لهذا الموضوع .. ولكم بات هذا الموضوع محرجا ومقلقا ..فهو محرج اذ ان الشجار يحدث في الشارع بين سراديب الجهل و الا معرفه ..ومقلقا اذ ان بئره العنف اصبحت دائره ..وفي دور المعرفه ..بين الشباب ربيع الوطن ورصيد غده. ولكن ليس من المعقول عدم محاسبه كل من تسبب او شارك او ساهم توسيع هذه الظاهره التي لا تمس لعادت مجتمعنا بصله . رحم الله رسولنا اذ قال ...لو أن عائشه سرقت لقطعت يدها .
07-12-2011 12:01 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات