سوريا .. لون ثالث !


النظام في سوريا يتجرع ماء نار " الجامعة " من ذات الكأس الذي جرَعه هو للعراق و نظامه ذات يوم ! لكن ليس هذا هو وقت التشفي بل وقت العمل لمنع وقوع احتلال جديد و منع مذابح على الهوية و تحصين الامة من نعرات طائفية .
اليوم يجيئ الدور على سوريا بدهاء اطلسي – صهيوني غير مسبوق اطلاقا اذ لم يسبق لهذا التحالف الدنس ان استخدم قوى اسلامية كأدوات لتسويق مشروع التفتيت الجديد مثلما يحدث بفعالية و من دون تكاليف مادية و بشرية .
بين النظام الحالي في سوريا و جماعة "الاخوان" ما صنع الدهر من احقاد و دم من الطرفين لا علاقة لنا نحن بها و ليس من مصلحتنا الخوض به و يجب مقاومة رغبة "الاخوان" بجرنا اليها حتى لو استقووا بتحالفهم مع الناتو عبر النموذج الاردوغاني . ان كانوا يرون ان الوقت قد حان لتصفية الحسابات القديمة و تسديد الفواتير لا سيما ان تفاهما واضحا بين " الاخوان" و الامريكان كشفت عنه وثائق ويكليكس و مصادر صحفية متطابقة كشفت عن لقاءات مشتركة استضافها السلطان اردوغان ربيع هذا العام من الواضح انها افضت الى تفاهمات بخصوص تسليم المنطقة "للجماعة" و بأقل التكاليف عبر "التضحية" بدماء الالاف من الشباب العربي اصحاب التوجهات العلمانية و الاسلامية غير المسيسة اصلا و ما حدث في ثورات تونس و مصر و اليمن دليل قطعي من حيث مشاراكات رمزيه للقوى الاسلامية في احسن الاحوال و بدون المشاركة بالمواجهات التي قد ينتج عتها نزف دماء في حين تلجأ هذه القوى للخطاب الديني للاستيلاء على نتائج الثورات بكل اريحية .... و عبر صناديق الاقتراع تحت سطوة تأثير الخطاب الديني المجير كما في تونس !
التحالف افتضح امره و ولم يعد تخمينا سياسيا و دعونا نستذكر دعوة " العسكر" في الاردن للاعتصام امام السفارة الامريكية بعمان قبل بضع اسابيع و الحركة الالتفافية التي قام بها " الاخوان" انذاك لمحاولة افشال الحدث و تبهيته برغم ان الامريكان اصحاب المسؤولية الاولى عن ويلات الامة كلها !
انا لست مغرما بالنظام السوري و ضميري الانساني و السياسي يمنعاني من الانحياز لنظام ارتكب خطايا على المستوى القومي حينما انحاز ضد العراق طويلا و وطنيا حينما منع مواطنيه من عديد ابسط الحقوق السياسية و المعيشية و ليس من حقي – على الطرف الاخر - ان اطالب نظام الحكم في الاردن باصلاحات سياسية في بلدي و استكثر او اخون اشقائي قي سوريا بسبب ذات المطلب في بلدهم و من نظامهم . بكل تأكيد اني منحاز لعذابات السوريين لكن ذلك لا يستدعي استعداء نظام الحكم هناك و لا القبول بتدخل دولي مفضوح الاهداف بحجة حماية الشعب و انهاء حكم " ديكتاتوري" لا سيما ان ذات السلوك السياسي و لربما اسوأ يحدث في غير قطر عربي فلماذا سوريا بالذات ؟!
اغرب ما في الامر ان خطاب الاخوان المعادي للنظام السوري يستند الى ركيزتين اساسيتين كونه – اولا - نظام طائفي - بزعمهم- لمجرد انه "علوي" و لكأنه يحرم على غير السنة ان يكونوا حكاما ! هذا الخطاب طائفي و اقصائي اساسا ! فأنظمة الحكم لا تقيَم بمذهبها و معتقداتها الدينية انما بتوجهاتها و مشاريعها و نهجها مع ان النظام اساسا علماني قومي و ليس ديني و الاصل ان يكون برنامج اي نظام قائم على العدالة و الديمقراطية و صيانة حقوق المواطنيين ايا كانت اصوله المذهبية و للتذكير فأن معظم انظمة الحكم العربية اصولها سنية فما الذي قدمته ؟؟! اما الركيزة الثانية فهي ان هذا النظام عميل لأمريكا و متحالف مع الكيان ! و لم يطلق رصاصة على الجولان ... لكأن بقية الانظمة العربية " مقطعه حالها " !!! طيب اذا كان النظام السوري حليف للكيان لماذا وافقت " حماس " على استضافة دمشق لها ؟! و لماذا تريد مغادرتها في وقت الشدة ؟ الم يوقع النظام في الاردن معاهدة وادي عربة مع الكيان ؟؟ الا " ينسق " نظامنا مع الامريكان ؟ فهل هو بنظرهم عميل ام لا ؟؟! و ما موقفهم منه خصوصا بعد استلائهم على الحكم في سوريا ؟
المضحك ان " الاخوان" بتنظيمهم الاردني و السوري لا يتحدثان عن طائفية النظام البحريني حيث يتحكم و ليس فقط يحكم ما لا يزيد عن 25 بالمئة من سنة البحرين نحو 75 بالمئة من شيعة البحرين العرب لا الفرس كما يحلو تصويرهم !
حتما نحن بحاجة لتحديد موقف اردني مميز لا سيما اننا " جيران " لسوريا على اقل تقدير و من واجبنا حماية مصالحنا الوطنية و الحرص على امننا الوطني و القومي و عدم الانسياق وراء برنامج خبيث معادي اساسا للمقاومة العربية و عمادها الاساسي حزب الله الذي فشلت "اسرائيل" مرار بتصفيته .
اردنيا نرى النظام في سوريا بلونين لا ثالث لهما , الاول يتكون من خليط عجيب و مريب من "الاسلاميين" و الليبراليين المتأسرلين و التوطينيين و هؤلاء يرون النظام مجرم و فاسد و معادي للحريات – لاحظ ان "الاسلاميين " اصبحوا معنيين بالحريات ! – و هؤلاء يدفعون بهمة عالية بالرأي العام لمعاداة النظام السوري و تشويهه و شيطنته الى اقصى حد ممكن و هؤلاء يتظاهرون بهمة عالية امام السفارة السورية بعمان في حين لا يتجرأون على المرور على بعد كيلومتر من " سفارة " الكيان !!! . و من المضحك ان اغلب المتضامين الاردنيين مع "الثوار" في سوريا لا يتهاونون مع النظام السوري و لا يشف غليلهم سوى سحله بشوارع دمشق في حين انهم لا يخرجون في مسيرات سلمية هنا تطالب بأستعادة اراضي الدولة و المؤسسات التي بيعت و تحسين ظروف حياتهم و ليس المطالبة بأسقاط النظام في الاردن .. لا سمح الله .
صحيح كيف سيكون رد النظام في الاردن اذا خرجت مظاهرات تدعو لأسقاطه ؟ اليس من حقه الرد بقسوة حينها ؟
اما اللون الثاني فهو من الموميائات القومية التقليدية التي غالبا لا تريد الاقرار بأخطأ النظام الفظيعه و تفردها بالسلطة و فساده المادي و تضيقه السياسي و الاقتصادي على المواطن السوري !
اللون الثالث شبه مفقود و صوته مخنوق و متردد في تكوين تياره الواضح ازاء ما يحدث مع انه اكثر عقلانيه فهو يرى اخطاء النظام بوضوح و يتعذب للدم المسفوك من الطرفين و يتضامن مع تطلعات المواطن السوري بالحرية و الحياة الكريمة لكنه ايضا لا يقبل باستبدال النظام الحالي بنظام خليط اقطابه الليبراليين – المتأسرليين و جماعة "الاسلام الامريكي " !
اخيرا . بصراحة انا اشك بثورة كل شعاراتها شتائم و تطالب بتدخل اجنبي !



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات