أهلا بالعيد


نتفاءل بهذا العيد ، خاصة وقد مهدت له حبات المطر الأولى لهذا الموسم ، التي تلقفتها أمنا الأرض بشوق لاهف ، وتعطرت الأجواء بعبق الشتوة الأولى . ما أجمل هذا العبق ، وما أروعه، وأية نشوة تفيض بها جوانح الانسان وأحاسيسه ، وهو يملأ رئتيه من فوح الأرض ، وهي تستقبل المطر المبكر ، كما حصل معي صباح يوم الجمعة الذي سبق العيد.
عيد الأضحى مناسبة مفارقة في حياتنا ، ذات أبعاد روحانية واجتماعية عظيمة. وهو فرصة تتاح لنا كل عام لنفرغ النفوس مما علق بها من أدران الضغينة والحسد ، ومن كل ما يشينها. فرصة لكل واحد منا كي يعود الى سجيته النقية ، وفطرته الصافية ليرى أن في الحياة ما يستحق العيش والكفاح ، مترفعا عن سفاسف الأمور ، وصغائرها. العيد فرصة للتأمل والمراجعة، والعودة الى الذات من دون رتوش وأقنعة ، ليعرف الانسان أين أصاب في رحلة الحياة ليتقدم خطوة تليها خطوات ، وأين أخطأ، ليتجنب مواقع الزلل ، وليظفر بفضيلة الأوبة عن الخطأ والخطيئة.
العيد مناسبة لا أفضل منها ، لنخرج من عزلتنا وتقوقعنا الى فضاء الحياة الاجتماعية الأرحب . لا شيء في العيد يغني عن التزاور والتلاقي ووصل الأرحام ، وترميم العلاقات . لنذيب الجليد الذي فرضته تكنولوجيا العصر على أنماط حياتنا . فلا نكتفي بالرسائل القصيرة المكرورة والمعلبة ، عبر الموبايلات لمعايدة الأصدقاء والأحبة، واذا حالت المسافات والامكانات دون التزاور ، فلتكن المعايدة بالمكالمات على الأقل.
السياسة وشجونها ، وقضايا الوطن وهمومه ، ستحضر بقوة في جلسات الأردنيين خلال العيد ، وسيكون للاشاعات ،هذه العادة المتفشية في مجتمعنا ، نصيب وافر من الحضور أيضا. لنتحلى بسعة الصدر في النقاشات ، من دون تخندق واصطفاف ومواقف مسبقة . ليكن التفاؤل رائدنا وموجهنا . لنعلون فوق ذواتنا وأنانياتنا، ولا نلقين الكلام على عواهنه . لنترفعن عن رمي أي كان بما ليس فيه .
سيتردد في جلسات العيد السؤال: كيف نعيد والدم العربي يراق بغزارة حولنا؟!. ليكن الرد: نعم ، الدم العربي يراق ، ولكنه ثمن لا بد منه لغد أفضل كما حصل لشعوب كثيرة غير العرب . حل هذا العيد ، والذي سبقه في عام تاريخي ستذكره الأجيال طويلا ،هو العام الحالي 2011 . فمن منا كان يتخيل في مثل هذه الأيام من العام الماضي أن يحدث في العالم العربي ما حدث ، وما قد يحدث في الأيام المتبقية من هذا العام . لنتفاءلن بالحاضر والمستقبل ، ولنستقبلن العيد بما يليق به.
وكل عام ووطننا الحبيب الأردن بخير ، وكل عام وأمتنا العربية والاسلامية بخير ، وكل عام والانسانية بخير ، وكل عام وأنت عزيزي القاريء بخير .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات