هل يمكن أن نقبل بأقل مما طالب به أطفال درعا ؟!


في مطلع عام 1989 خرج الملك حسين بمبادرة التحول الى الدولة الديمقراطية وذلك على أثر إحتجاجات الجنوب ضد الفقر والبطالة والفساد. فكانت الدعوة إلى انتخابات برلمانية كان من المفترض ان تكون باكورة التحول نحو دولة القانون والمؤسسات. وشارك الشعب الأردني بهذه الأنتخابات ، وخرج أقوى برلمان في تاريخ الأردن الحديث وكان التفاؤل يملئ قلوب الأردنيين بالتغيير الحقيقي نحو الأفضل.
والآن وفي عام 2011 وبعد مايزيد على العشرين عاما ً من هذه التجربة فهل أثمرت عن النتائج التي كانت مرجوة منها ؟!
لقد كانت النتائج كما يعلمها الجميع الالتفاف على العملية الديمقراطية في انتخابات عام 1993 لتحجيم المعارضة والعودة إلى ما كان عليه العهد سابقا ً بعد ان تمكن النظام السياسي من امتصاص الغضب الشعبي بل والنجاح في تصوير المعارضة وكل صاحب موقف على انهم عاجزون عن تقديم أي قيمة مضافة للشعب. بل ومع مرور السنوات اصبح الفساد الذي كان مقتصرا ً على نهب المساعدات الخارجية والموارد الداخلية ، اصبح هذا الفساد يعمل بشكل مؤسسي وعلني بل وامتد إلى تحالف بين النظام السياسي  واصحاب رؤوس الاموال لتحقيق اكبر المكاسب الممكنة. والاسوأ ان هذا الفساد امتد إلى نهب اراضي الدولة الاردنية والتجارة بمؤسساتها وعلى رأسها الجيش وتقديم خدماتها لمن يدفع اكثر! وفي المقابل اتسعت رقعة الفقر في المجتمع الأردني وتضاءلت طموحات الأردنيين الى تحقيق مجرد الكفاف في المعيشة، والأشد من ذلك تراجع أداء المؤسسات الحكومية بفعل الفساد المالي والاداري.
وفي مطلع هذا العام 2011 ، تفجر الربيع العربي فما كان من صناع القرار في الأردن الا ان عادوا إلى الخدعة القديمة بطرح تعديلات دستورية هزيلة اعدتها لجنة من الحرس القديم  ووافق عليها نواب يعملون كموظفين لدى الحكومة. وكذلك تم الاعلان عن انتخابات بلدية واخرى برلمانية لاحقة على ذات الأسس القديمة البالية. وبذلك يكون واضحا أن صناع القرار في الأردن غير مباليين  بتحقيق خطوات حقيقية نحو التغيير شأنه في ذلك شأن من سبقوه من أنظمة عربية انهارت أو هي في طريقها الى الانهيار!
والسؤال الأن، هل سيقبل الشعب الأردني بالدخول في هذه الدائرة المغلقة من الخديعة بل والخيانة لضمير الانسان الأردني الذي هو في قلب الأمة العربية في ربيعها الذي بزغ في تونس ولم ينتهي في الشام ؟!
لقد قال آينشتاين قديما ً انه من العبث ان تجرب الفعل نفسه ثم تنتظر نتائج مغايرة!! فهل نعود إلى تجربة الخديعة ذاتها متوقعين نتائج مختلفة؟! اعتقد بأننا ينبغي ان لانقبل في ظل هذه الصحوة والجموح العربي بأقل من ملكية دستورية، واكررها ليس بأقل من ملكية لا يكون فيها للملك اي تدخل في السلطات الثلاث للدولة وليس للعائلة المالكة الا ما يحدده البرلمان المنتخب في ميزانية الدولة بالمقارنة مع الملكيات الدستورية في العالم. ينبغي ان لا نقبل كذلك بغير برلمان منتخب بمجلسيه وحكومة منبثقة عن هذا البرلمان. وأخيرا فان الفصل الحقيقي بين السلطات هو أساس الدولة التي نسعى اليها كذلك.
هذا هو شكل النظام الذي نريد الان وليس غدا، وهذ هو النظام الذي ينبغي أن نصر عليه كاملا وغير قابل للتجزؤ او التدرج، فالتدرج في قاموس مسؤولينا يعني التهرب من التغيير لا التقدم نحوه! وبخلاف ذلك فإننا نفقد الفرصة التاريخية في تحقيق الدولة التي نريد ونكون قد سلمنا بواقع لم يرضى به حتى أطفال درعا!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات