التعديلات الدستورية .. مقارنة!


يذكر الأمريكيون الى هذا اليوم والى قيام الساعة ابائهم اللذين قاموا بصياغة الدستور الأمريكي و تعديلاته. هذا الدستور وتعديلاته التي حافظت على وحدة بلادهم وقوتها، حيث أرسى هذا الدستور وتعديلاته قواعد الدولة الأمريكية والفصل بين السلطات فيها وضمان الحريات للمواطن الأمريكي وأهمها حرية التعبير. كفلت هذه التعديلات ان يكون هناك توازن بين السلطات الثلاث وأن يكون لكل منها الصلاحيات لمراقبة السلطات الأخرى ومنع تغولها وبما يضمن ان لا تتركز السلطة في يد جهة واحدة. وعلاوة على ذلك، فقد عني الدستور الأمريكي وتعديلاته على وجه خاص ان يحد من صلاحيات الرئيس ويكبحها باعتبار انها المؤسسة الأقرب الى التغول والانفلات. ولعل ابرز ما يميز الدستور الأمريكي وتعديلاته ان القائمين عليه حرصوا ان يكون المواطن الأمريكي هو صاحب القول الفصل من خلال صون حقه في انتخاب الرئيس و الكونغرس بشقيه وهما المؤسستين اللتين تقومان بتعيين قضاة محكمة التمييز حتى يتوفاهم الله بحيث لا يصبح لهتين المؤسستين أي تأثير على هؤلاء القضاة بعد تعيينهم (تجدر الاشارة الى ان المواطن الأمريكي ينتخب القضاة بشكل مباشر في بعض الولايات). وبذلك يكون واضعي الدستور الأمريكي وتعديلاته قد اسسوا لدولة القانون والمؤسسات ووضعوا السلطات جميعا بيد الشعب احتراما منهم وتقديرا وثقة بقدرات هذا الشعب وسيادته.
في الحالة الأردنية، اعتقد ان البون شاسع، ولعله يحلو للبعض دائما الاصرار على ان ينكروا علينا مثل هذه المقارنة وكأننا نقارن بين انسان و بهيمة لا بين انسان وانسان! بل ويحلوا لمن قاموا على الدستور الأردني وتعديلاته ان يمعنوا اكثر في الاهانة فيقولوا ان الشعب الأردني لم ينضج بعد لكي يكون قادرا على اختيار حكومته وممثليه في مجلس الأمة بيده وكأن من يقوم باختيار كل ذلك الان هو أكثر نضجا وأمانة! اما عن الفصل بين السلطات، فلا ضير في ان تتركز السلطة في يد شخص واحد فاذا ما تم المساس به اعتبر ذلك مساسا برمزية الدولة!
نقطة مهمة في هذا السياق ان الحديث هنا عن الحقوق الدستورية ليس رفاهية كما يراها البعض ولكنها هي الأساس في بناء الدولة التي يعيش فيها المواطن حياة كريمة لا حياة الكفاف!
ومرة أخرى، سيذكر الشعب الأمريكي واضعي دستورهم وتعديلاته الى أن يرث الله الأرض ومن عليها لإنجازهم في تمكين هذا الشعب من النضوج وامساك زمام دولته بيده، فبماذا سوف يذكر الأردنيون واضعي دستورهم وتعديلاته ومن شد على أيديهم وقد طعنوا في أهليته ليكون سيد نفسه لا عبدا مملوكا ليس له من الأمر شيء الا ما أراد سيده والوصي عليه!
الفرق واضح بين من يؤمن بسيادة الشعب ومن يؤمن بسيادة الرئيس!




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات