شذرات وقضايا ادارية


 د. علي الدرابكه

أيام زمان كانت الحكومات / الدوائر تُكسّر الشوراع من أجل أن تُعبدها(تزفت ) من جديد , لغايات تشغيل الناس , وتنفق الأموال والموازنات قبل أن يأتي موعد استحقاقها وإعادتها للخزينة العامة, اما اليوم فالحكومات باتت اكثر حرصا على مواردها ( أو هكذا يجب) ولا بد هنا من تمكين الرقابة على الإنفاق العام ضمن ضوابط ومساءلة صارمة .

نعم تواجه الإدارات العامة في العالم أجمع أزمة حقيقية تتمثل في كيفية التوفيق بين ضرورات التحديث والإصلاح الذي عادة ما يتطلب كلفا مالية عالية وبين ضرورة ضبط الإنفاق , أكثر ضغط موثق حاليا في أدبيات الإدارة العامة أن ثمة ضغطا واسعا وشديدا على البيروقراطيات العامة من أجل تقليل الكلف وزيادة الإنتاجية بمعنى كيف نوفق بين قضايا الرشادة وضرورات الإستجابة لمتطلبات المجتمع؟

يجب أن نعي أن المطلوب من الإدارة العامة الآن خدمات أفضل وبتكلفة أقل وهذا لعمري تحدٍ كبير.

- العلاقة الجدلية بين الاطار السياسي ومتطلبات عمل الادارة العامة, فهناك عدم وضوح للخطوط الفاصلة بين هذين الإطارين ويمكن القول بأن من أكبر التحديات التي تواجه الدول النامية عموما والإدارة العامة الأردنية على وجه الخصوص ، هو الخلل في التوازن بين السياسة والإدارة فمن الممكن أن تعمل السياسة في معزل عن تفهم حيثيات عمل الإدارة العامة وهنا نصل الى نقطة (تسّيس الإدارة ) وهو أمر غير محمود إطلاقا ، حيث يتم تحويل الإدارة الى أداة من أدوات التنافس والصراع وتصبح الإدارة غير محايدة بطريقة واضحة، ومن الممكن كذلك أن تشتغل الإدارة العامة بمعزل عن تفهم أهداف ومبررات السياسة وبالتالي نصل الى نقطة تُسمى (بقرطة السياسة ) وهو أمر غير محمود أيضا , حيث يغلب طابع تأخير المعاملات وبطء الإنجازعلى المشهد المؤسساتي .

ولا بد لنا أن ندرك ان مسؤولية الإصلاح والتحديث للإدارة العامة هي مسؤولية سياسية في الدرجة الاولى فهي التي يقع على عاتقها إتخاذ القرار. فالإدارة ينتهي دورها في صنع القرار وطرح البدائل الممكنة, ولا بد من التنوية الى ان ليس كل حل علمي من وجهة نظر الادارة مناسب سياسيا . فالحل العلمي المناسب او الملائم هو الذي يأخذ بالإعتبار متطلبات السياسة , أما القرار الاداري الجيد فهو ذلك القرارالذي يمتلك أدوات تنفيذ جيدة .

والسؤال هل المطلوب فصل السياسة عن الإدارة؟ انا شخصيا اؤمن بأنه يصعب فصلهما ولكن يجب بذات الوقت ترتيب هذه العلاقة بين السياسة والإدارة، ولا بد ان ينالها قسطا وافيا من الإهتمام والإصلاح, فالوزير يعمل كثيرا في السياسة وقليلا في الإدارة (أو هكذا يجب أن تكون الأمور) اما الأمين العام الذي يرأس الجهاز التنفيذي فيعمل كثيرا في الإدارة وقليلا في السياسة وربما يسأل البعض ولماذا يجب ان يعمل الأمين العام بالسياسة فأقول لأنه الحلقة الأقرب للوزير او السياسي ولا بد ان يتفهم دوافعه وأهدافه.

 

الى شذرات وقضايا إدارية اخرى استودعكم الله

د. علي الدرابكه

الامين العام الأسبق لوزارة تطوير القطاع العام

الأمين العام السابق للهيئة المستقلة للإنتخاب



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات