الظالمون ؟!


قد نظلم دون ان ندرك ذلك ، وقد نظلم ونحن نعلم ذلك دفاعا عن انفسنا في مكان ما او زمان ما او ظرف ما او لشخص او جماعة ما ، وتبقى التوبة هنا مقبولة بشرط ان تعود المظلمة لاهلها ونطلب السماح منهم، ولكن ان تحترف الظلم وتشيعه حولك، وتجعل منه سلاحا وغاية ومسيرة حياة، وتصر ان يبقى هذا الظلم ديدنك، تقتل وتبطش وتشوه وتمارس الفساد واكل اموال الناس بالباطل وكل انواع البلطجة في سبيله، ثم تسخر الاخرين وتفسدهم دفاعا عن ظلمك، فلعمري لن يكون بعد ذلك غفران..
في الحديث القدسي يقول رب العزة جل جلاله\" يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ،وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ،... يا عِبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله،ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه\"رواه مسلم
وهنا عظم ما عبر عنه الخالق عزوجل في حرمة الظلم ، لنصل الى النتيجة الاعظم ان من يظلم يجب ان لا يلومن الا نفسه عقاب له في آخرته وبلا شك عقاب له في دنياه ..
ومن يتلذذ في قتل شعبه والتكيل به بدم بارد، وهدم المساجد وقطف المآذن التي يرفع منها اسم الله، وهي تكبر ان الله اكبر وليس البشر مهما علت مقاماتهم ، كل هذه الكبائر والجرائم يرتكبها في سبيل بقاء كرسي حكمه الزائل، انما يستحق عقاب الله وعقاب شعبه الذي لن يكون باقل من خلعه..
في لحظة تامل فيما يجري من مجاز ودماء بريئة طاهرة تسيل في ليبيا وسوريا واليمن، على يد جيش الحاكم بامره، يقتل شعبه بهدف الحفاظ على حطام الدنيا الزائلة، من زعامة كان يفترض انها خادمة للشعب وممثلة له، وليست قاتلة له ومدمرة لاماله وطموحاته، ضاربة عرض الحائط بالملايين التي تخرج رفضا له ولحكمه..
تذكرت في تلك اللحظة، الظلم بعينه في حادثة كربلاء ؛ حين ارسل حاكم الشام آنذاك يزيد من معاوية جيشه، الى احدى ولاياته وهي كربلاء ليؤدب المعارضة، وليقتل الحسين بن علي رضي الله عنه ومن معه ومن آل بيته ، في مهمة عاد فيها جيش حاكم الشام براس الحسين بن علي على راس الرماح بعد جزر من كان معه وسبي النساء منهم، والتنكيل بهم، ليتلذذ حاكم الشام براس مقطوع يقطر دما لمن عارضه وازعجه وهدد ملكه، وتنتهي الماساة التي سطرت في التاريخ كابشع ما روته الحوادث، انتصر له من انتصر، وندم عليه من ندم لانه لم ينتصر للحسين وصحبه وآل بيته ..
يعيد التاريخ نفسه في كربلا العصر،التي فاقت كل الوقائع والخيالات التي رسمت لكربلاء العراق، ليرسل حاكم الشام جيشه هذه المرة ، ليؤدب المعارضه ، ليس في محافظة واحدة ولا الى رجل واحد ، بل الى كل محافظات ملكه العضود، والى كل شعبه المسالم الرافض له، ليطيح بالرؤوس تترا تحصد العشرات يوميا،حتى رؤوس المآذن قطعت ولم تسلم منه..
يقطر الشعب دما وتقطر معه كل معاني الانسانية، التي تساقطت اما كرسي ذلك الطاغية، ولن نتقن الوصف ولن نحسنه مهما اوتينا، الا ان نقول لقد غطت كربلاء العصر في سوريا في دمويتها وشمولها وجرائمها وابعادها كربلاء التاريخ في العراق..
واقول هنا الى سيد كربلا ؛ يا حسين لقد قتلت مع آل بيتك على يد سفاح وكان التاريخ معك وشرفاء الامة معك،انتصر لك من انتصر، وندم من تاخر في نصرتك من ندم ، لو تعلم يا حسين ان كربلاء اعظم عادت من جديد، وان راسك اصبح راس شعب بكامله ومعه مآذن مساجد الله التي يذكر فيها اسمه، يقتل منهم العشرات يوميا، انتصرت لهم الامة بكاملها والانسانية جمعاء ، وبقي هناك من يريد ان يعيد الندم ولكن بعد فوات الاوان..
نعم كما قالها الشرفاء هناك حيث الدماء تسيل \" صمتكم يقتلهم \" فليكن لكم موقف يسطره التاريخ ، فالامة اعظم من جلاديها مهما علت المصالح ، والشرفاء يجمعهم الهدف والمصير...
drmjumian@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات