فرمتة


الفرمتة مصطلح حديث شاع استخدامه مع دخول الحواسيب، وهي عملية يتم اللجوء إليها عنما يغزو جهاز الحاسوب الفيروسات والبكتيريا والطفيليات، وتنتشر في برامجه القرصنة والهكر والغدد السرطانية سريعة الانتشار، أو عندما تتسلل إلى ذاكرته سيديات وفلوبيات غريبة الوجه واليد واللسان، كما يلجأ إلى الفرمتة عند إدخال وندوز حديث يرتجى أن يكون أفضل من الوندوز الحالي المعمول به. وإذا لاحظت أنّ جهازك أصبح بطيء الحركة، أو أنّ مساحة الذاكرة فيه تتقلص حتى لا تعاد تتسع إلى ثلث الثلاثة فعليك بالفرمتة. أما السبب الأخير فهو إزالة الملفات الفاسدة وشطبها، ولتأخذ في طريقها أيضا البرامج التي أتلفت الجهاز وعطلت مسيرة إصلاحه؛ هذا في مجال الحاسوب.
وأما في حياتنا اليومية، فنحن في أمس الحاجة إلى إعادة النظر في خطّ مسيرنا؛ سائلين ومسؤولين. وزراء وأعيانا ونوابا ومديرين و...مواطنين بعد أن تدنست الطباع وخبثت الأنفس والنفوس، وقست القلوب حتى صارت أشد صلادة من الصخر بسبب تراكم ذنوبنا حتى ضاقت ذاكرتنا من استرجاع آية قرآنية أو حديثا نبويا شريفا أو عرفا أو قيمة اجتماعية تحث على الخير وتحارب الشرّ فينا، والذي يتمثل في بعض صوره ببيع اللحوم الفاسدة أو منتهية الصلاحية أو الموبوءة المستوردة، وتبني أساليب غش وخداع يعجز إبليس اللعين عنها؛ كنفخ الذبيحة بالماء كي يزيد وزنها، أو استخدام الباذنجان لصنع ختم اللحم البلدي ذي اللون الأخضر ووضعه على المستورد باستعمال تقنية( كوبي – بيست). وكذلك وضع ( بوجية) سيارة في مكان ما من الدجاجة في محال معط الجاج... وغير هذا الكثير من صنوف البرامج الفاسدة التي توصلت إليها نفوس هذه البؤر السرطانية المنتشرة بيننا؛ ابتداء من التاجر الزغير إلى الهوامير الكبار الذين تفوح رائحتهم النتنة كلما ورد خبر استيراد صفقات موبوءة؛ بلغاري على نيوزلندي على سوداني على أثيوبي... فمتى يأتي الدور على الصومالي؟!
تأخذ الفيروسات مجدها وتمارس جبروتها في مفاصل حياتنا؛ فالقراصنة استباحوا الحل والحرم من خلال جمعهم بين النفوذ والمال، فإن سرق فإنه يسرق بقانون، وإن اختلس فإنه يختلس بمادة من قانون، وإن نهب فإنه ينهب بفقرة من مادة من قانون، ومثل هذا القرصان لن تطاله يد مكافحة الفساد ولا العدالة التي لا تعول في إصدار حكمها إلا على قانون!!!!وكما قيل فإنّ: دروب السرقة 100 ومع ذلك......................................... بقانون.
أما الجراثيم فتتكاثر وتتكاثر؛ وفي كل يوم تقريبا نسمع عن شبهات فساد في وزارة أو دائرة أو مديرية أو مؤسسة؛ رواتب خيالية إلى سكرتيرة تخرجت حديثا في حين أنّ (رفآتها) سيصلن إلى مرحلة العنوسة الوظيفية في يوم ما. وهناك سفرات، وندوات، ومياومات، ولجان وهيئات، وبعثات . وأما على المستوى الأخطر والأكبر فإن هذه الجراثيم تتناسل في الوزارات والشركات وتتسرب إلى مواطن ومستعمرات أخرى ليطال أذاها على سبيل المثال لا الحصر ماء الشرب الذي صار عزيز المنال؛ فالكرك تستغيث، وعجلون تستصرخ، وجرش تستنجد و...غيره مما تتناقله المواقع الإخبارية، وأما ما أراه رأي العين فإن العديد من أحياء إربد المدينة مثلا لم تتكحل عيونها برؤية قطرة ماء واحدة منذ ثلاثة أسابيع، ومن أجل تحديد المكان تماما، فالحديث عن منطقة الملعب البلدي المجاور تماما ل(شكاوي المياه وخدمة الجمهور) كما هو مدون على القارمة( الآرمة).
الخلل يعشش فينا؛ أفرادا ومجموعات، سائلين ومسؤولين، صغارا وكبارا، ففي كلّ منا بذرة فساد نسبية في حجمها ومدى تأثيرها وأذاها وضررها. هذا الخلل موجود على مستوى المواطن وكذلك مؤسسات الوطن، وخاصة بعد أن تزايدت أسراب الجراثيم والفيروسات، فلا بد من لجمها والقضاء عليها إن أردنا وطنا يحتضن الأطهار والأشراف ويركل بحذائه كل طفيلي يستعذب مالنا وحلالنا.
فلا بد إذن من الفرمتة في أسرع وقت ممكن، ولكن إن تكاسلنا وتخاذلنا وتباطأنا فإنني أخشى أن نفقد الحاسوب؛ وعندها سنحاسب عند عزيز مقتدر. فما نحن بقائلين!!!!!!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات