دردشه عن مهرجان جرش لعام 2024،
" الجندي يقاتل بسلاحه و الفنان له جبهة آخرى، فيقاتل بفنه...فالتقل الفنون كلماتها و ألحانها و لوحاتها الغاضبة بحق غزة"
انها الفنون بأنواعها، انها لغة ابداعية تنتشر بصورة عشوائية بالمجتمع، نشأتها تتجذر بعمق وجداننا كبشر منذ اقدم حضاراتنا الإنسانية، و من اوصافها انها مواهب فطرية لأنها غالبا تولد معنا و تنشأ معنا، فتظهر بنا منذ نعومة اظفارنا و تتطور معنا، و تعيش معنا في مراحل نضوجنا الى مرحلة الوفاة، فلا تفارقنا قبل ان نفارق الحياة، انواعها عديدة فصنفها الفلاسفة و المفكرين الى سبعة انواع، فتنقسم الى نوعين هما تجريدية و تصويرية، و السبعة فنون هي 1-العمارة او الهندسة المعمارية، 2-النحت، 3-الفنون البصرية كالرسم و الطلاء و الفوتوغرافيا...الخ، 4-الموسيقى 5-المؤلفات اي كتب و شعر 6-الآداء اي المسرح و الرقص 7-السينما،
لم تبحث بأصولها العلوم الحديثة كثيرا، فهي لغة إنسانية يُخَاطِبْ الموهوب بها المجتمع من حوله من خلال الإبداع الذاتي الذي لديه، و لكن مع الثورة العلمية و خصوصا في علم هندسة الجينات اثبت العلماء ان الفن مؤخرا له علاقة بالجينات المتعلقة بالنشاط الدماغي، الجينات تتألف من الحامض النووي المعروف بالDNA، و تأخذ موضعها بأماكن معنية على الكروموسومات بنواة الحلايا البشرية، و تشكل الجينات سماتنا البشرية التي نرثها من الأباء و الأجداد، و سبحان الله تنتشر المواهب الفنية بمجتمعنا بصورة كبيرة و عشوائية و كأنها تنتقل من جيل الى جيل بإرادة ربانية...و لا عجب من ذلك...أَلَمْ يَخْلِقْ الله البشر على صورته كمثاله...ألم يقل الله ان الانسان خلق باحسن تقويم؟ ألم تكتب هذه الكلمات بالكتب السماوية جميعها؟ و يعني ذلك اننا كبشر نمتلك العقل المفكر و اللإرادة الحرة و النفس الخالده...و هذا يعني بوضوح تام انه خلقها الله بنا...و الله لا يخلق شيئ لا ينوجد به له المجد...فمن اين سيخلق الله الفنون و هي غريبة عنه؟ فالإناء يفيض مما في داخله...فبذلك نصل الى نتيجة ان الله عرف الفنون من خلال خلقه المبدع للكَوْنْ و الشموس العظيمة و الكواكب و مليارت النجوم التي تنتشر بالفضاء، و ايضا من خلال خلقه العظيم للحياة على كوكب الأرض، و من خلال الطبيعة الجميلة و ما قدمت من مناظر طبيعية خلابة...فالله خالق مبدع خلق اعظم لوحات من الجمال و الإبداع بالكون و على كوكب الأرض، فهذه طبيعته...إله خلاق يفيض من لدنه ايضا الإبداعات بأنواعها و الجمال، فلذلك جينما خلق الإنسان بهذا العقل المفكر المبدع خلق بطبيعته البشرية ان يبدع مثله...و ان يكون خلاق مثله من خلال الفنون التي وهبه اياها...فاعطاه ان يبدع من خلالها بصورة رائعة و راقية...لذلك اسمها مواهب خلاقة او فنون مبدعة....الله الخالق اعطى للإنسان ان يشاركه عالم الجمال من خلال الفن الذي يبدعه فيسيران بوحدة حال خلاقة...فلذلك بما ان هذه الفنون مصدرها الله نستطيع من خلال حواسنا و عقلنا ان نعقل جمال طبيعة الله و ان نشعر بجمالها و ان تذوق جمالها...لأننا بإنسجام مع ما يخلقه الله...لأننا بكينونة جميله مع الله...فمثلما يرضى الله عن خلقه و الإبداع الذي ابدعه من خلال عمله الإلهي اعطانا لأن نكون مثله...ان نبدع من خلال الفنون و نتذوق جمال هذا الإبداع و ان نتذوق جمال خلق الله...
احببت ان ادخل بهذا النقاش لأن الفنون طريقة يخاطب بها الفنان و يعبر عن مكنونات ذاته المجتمع من حوله، بل الفن نهر لا ينضب من الإبداع و خلق للمنتوج الفني الرائع ليتواصل الفنان به مع الإنسانية جمعاء، الرسام يرسم اللوحات الجميلة من خلال رؤيته لمشهد معين او تقديمه لثيمة او فكرة معنية، او حينما يريد ايصال حس بداخله للمشاهد، النحات كذلك فيأخذ المواد الخام التي يريد ان يستخدمها و يشكلها على شاكلة رؤيا ما يريد ايصالها للمجتمع، يقدم ما يحثه ابداعه الذاتي على تشكيله بيديه و تقديمه للمعجبين بفنه، المهندس كذلك فالتصميم جزءا لا يتجزء من رسم يبدعه وفق اسس حسابية و تصميمية معينة ليشكل على طاولة رسمه بنايات لها اشكال و مزايا تخرج من صميم حس فني لديه، و الموسيقى تتدفق ألحانها من صميم ابداعات و قلب مؤلفيها، فتتشكل النوتات الموسيقية و تتخذ لها مقام لحني ليسمعها المستمع و يستمتع بها...الم تتفكروا بأمر هام؟ لماذا استمتاع و مستمع لها نفس الجذر اللغوي...لأن اللإستماع و الإستمتاع توأمين لا يفترقا بالإبداع الموسيقي، و المسرح و الفنون الأدائية او الرقص، فالمسرح المعاصر يقدم لغة درامية بعالمنا الإنساني انحدرت من المسرح اليوناني منذ عام 700 قبل الميلاد، بالرغم من انه لا مجال لنا هنا للإستفاضة بهذا المسرح القديم و العريق الا انه معظم اسس و مفاهيم المسرح ابتدأت بالتشكل منذ تلك العهود العتيقة، فالأنواع الدرامية مثل الكوميدي و التراجيدي و العروض الساخرة كانت تُقِدَمْ منذ تلك التواريخ و الحضارات، حتى كلمة تراجيدي بالإنجليزية تنحدر من جذور لغوية يونانية عتيقة، و الرقص الذي ينتشر منذ القِدَمْ بالحضارات الإنسانية و بأقدمها في المناسبات الإجتماعية و الدينية المختلفة، فهو لغة تعبيرية للجسد و لعله جزاءا من تراثنا البشري و ثقافة الحضارات على مر الأجيال و العصور، و هو من اروع ما قدمه الإنسان اذ يتناسق مع الحالات الإنفعالية لديه، فهنالك رقص يعبر عن الفرح في قلب الإنسان و هنالك منه ما يعبر عن الغضب و الحزن، و هنالك ألوان منه كانت تقدم في حالة الإنتصار بالمعارك و الحروب، و الأعمال الموسيقية التي تضمنت عروضا راقصا كثيرة جدا في زمننا المعاصر، و لعل ما يحضر في بالي من المدارس الكلاسيكية المهذبة و المبدعة و التي عكست وجداننا الفني كأمة عربية هي الفنون اللبنانية و المصرية، و اذكر من الأرشيف الثري للفنانة الكبيرة فيروز فيلم بياع الخواتم و الذي شارك به نخبة من ألمع نجوم لبنان في ذلك العهد الذهبي من الفنون، كان من اخراج الراحل الكبير يوسف شاهين، كان فيلم تملئه الأغاني و اللوحات الراقصة الجميلة و الممتعة، و حدث بلا حرج عن مسرح الرحابنة و فيروز فكان موسيقيا بإمتياز و يتضمن لوحات فنية راقصة تعكس جوهر العمل و الشمهد، مسرحية ميس الريم....بترا التي عرضت بالاردن...كانت تلك العروض توازي عروض برودواي بأميريكا فقدمت فيروز مع الرحابنه نخبة من اجمل الأعمال التي عرفت بتاريخ فنوننا المعاصر، و لا ننسا اغنيتها الشهيرة زهرة المدائن التي غنتها لأحداث فلسطين المؤسفة، و لطالما كانت للسينما المصرية و لمسرحها و للعروض الراقصة بهما محطات تجلت على ابداعها الأجيال المتعاقبة التي شاهدتها و استمتعت بها، للسينما في زمن الفن الجميل وقفات عديدة قدمت من خلالها اعمال خالدة لن تنسى، فيلم دهب للراحل الكبير انور وجدي و الراحل سراج منير و للراحلة فيروز (المملثة المصرية بيروز آرتين كالفيان)، فحينما اختلف انور وجدي مع زوجته الراحلة ليلى مراد حينما رفضت اساليبه الأحتكارية معها بالسينما، فحاول منعها من التعامل مع شركات انتاج غيره، افترقا و لم يعودا الى بعض، فقرر تقديم موهبة بديلة عنها انتقاما منها على الخلاف الذي حدث بينهما، فتعرف على فيروز الطفلة و اعجب بموهبتها، فقدمها للسينما بفيلم ياسمين سنة 1950، و اعجب الناس بخفة دمها و صوتها الجميل و برقصها الإستعراضي لتنطلق هذه الطفلة بعدة افلام تبرز مواهبها الفنية، و قدمت عدة افلام بعدها من بينهم فيلم دهب الشهير و عصافير الجنة و غيرها من الأعمال، و قد يستغرب المطالع ان الفنون الغنائية موجودة بقوة في الدراما المصرية منذ عام 1932، فيلم الورده البيضاء يتخلله اغاني للراحل الكبير محمد عبدالوهاب، و في عام 1935 مع اول افلام ام كلثوم و الذي كان بإسم وداد، فربما تكون هذه النخبة من الأفلام حتى اول من اطلقت فكرة الممثل او الفنان المتكامل الذي يمثل و يغني بالافلام، فهذه التجارب فتحت المجال لهذا الشأن ليتعملق مع التجارب السينمائية اللاحقة، و ربما تكون السبب بتعملق الفنون على انواعها بزمن الفن الجميل حيث ازدهرت و امتزجت الدراما بالموسقى و المواهب المختلفة كالرقص، فمما لا شك به ان إطلالة فيروز (بيروز) تعملقت بهذا الشكل لأن هذه المفاهيم الفنية كانت تستثمر جيدا بالدراما المصرية، و مع تعملق الموسقى لهاؤلاء الفنانين قدمت السينما المصرية العديد من الكبار الذين قد تكون مساهمتهم بالسينما احد اسباب شهرتهم الفنية، فغمست اغانيهم باللحظات الرومنسية و التراجيدية التي عاشوها في افلامهم و امتعوا الجمهور العربي و المصري بها، الراحل فريد الأطرش و الراحلة اسمهان و العندليب الأسمر الراحل عبدالحليم حافظ و الراحلة ليلى مراد و غيرهم من الشخصيات الموسيقية البارزة، بل لا يجب ان ننسى الافلام المميزة للراحلة سعاد حسني فلها نصيب كبير بالغناء ببعض افلامها و بالرقص الاستعراضي، للفنون العربية محطات مع اعمال رائعة و جميلة لن تنسا فلولا هذه المساهمات الجبارة ما اصبحت السينما يوما جزءا لا يتجزأ من الوجدان الإنساني و لما كان لنا تراث و اصول بها إطلاقا، و هذه فقط امثلة بسيطة بين الكثير من التجارب بالفنون بالمنطقة العربية فلكل بلد عربي تجربته مع الدراما و الغناء و الفنون بأنوعها، و لهذه التجارب كل احترام و تقدير،
الفنون ستعبر عن الذي بداخلنا من غضب و فرح و حزن، الفن اصوله مزروعة بداخلنا و يغازل مشاعرنا و احاسيسنا، اكاد اسمع بكل مرة انظر الى أحداث فلسطين اغنية محمد عبدالوهاب الشهيرة "اخي جاوز الظالمون المدى"، اغنية قديمه و لكن لطالما عبرت عن الشجون في قلوبنا تجاه فلسطين، اسمع اغنية محمد عساف "سأموت حرا" الذي قدمها بمناسبة الحرب المؤسفة على غزة الأخيرة، اتذكر اغنية للفنانة صفاء سلطان في عام 2022 "فلسطين بلادي"، اتذكر اغاني دلال ابوآمنة التي صدح صوتها بالمسارح الفلسطينية و هي تحمل معاناة اهلها بفلسطين و اوجاعهم و تعبر عن مآسيهم بأغانيها، الفنان مارسيل خليفة الذي حمل اوجاع الفسلطينين بأغانيه منذ نعومة اظفاره، كنت شابا بالعشريينات من عمري حينما سمعت به و شاب شعري حيث ابلغ الخسمين عاما حاليا و هو لا يزال يغني للقضية الفلسطينية فهنالك فنانين كرسوا ارشيف اغانيهم لهذه القضية الجوهرية، و الفنانة ماجدة الرومي حينما غنت اغنية رائعة بعنوان "هل تسمعين" و قدمتها على مسرح من مسارح مصر في عام 2002 اثناء حفل كبير لها، لو فتشنا بالأرشيف الفني العربي لوجدنا ان الاغاني و الاعمال الفنية التي ترثي تلك المآسي تكاد تحتل جزءا كبيرا منه فلم تغيب هذه القضية عن وجدان الفن العربي منذ نكبة 1948، عددها كبير جدا يكاد يغطي عين الشمس فالقتل و الذبح و الدمار منتشر بتلك البلاد منذ قبل نشأت مهرجان جرش بالمملكة الأردنية الهاشمية، بل لطالما عنوا فنانين الوطن العربي عليه و ابشع المجازر تشتعل بفلسطين و مؤخرا في سوريا الشقيقة، و وقف فنانين وطننا العربي مرارا و تكرارا و غنوا للقضية الفسلطينية و للحروب بالمنطقة العربية فاصطبغ هذا المهرجان بالغضب بعدة دورات سابقة، و ها هو سيتوشح بالسواد و سينوح على ما فقدناه بغزة و فلسطين، هذا العام ارتدى مهرجاننا الغالي الاسود و بصدره الاحزان فقرر تقديم حلته الغنائية اكراما لأرواح الشهداء و الأحداث المؤسفة، فالموسيقى و الفنون ستقول كلمتها على ما يحدث في فلسطين، الا نسمع جرش و هي تبكي تراب فلسطين الذي تخضب بالدماء العربية الطاهرة، الا نرثي مع جرش اولادنا الذين استشهدوا و هم يتمسكون للنفس الاخير بتراب بلادهم الطاهر؟ ان ندفن مواهبنا و ان تنتهي حضارتنا العربية فهذا ما يريده اعداؤنا...ان تنتهي حضارتنا...ان نموت كعرب و ان يموت روح كفاحنا لاجل فلسطين، الجندي يقاتل بسلاحه و لكن الفنان له جبهة آخرى، فيقاتل بفنه...فحضارة الأمم تقاس بفنونها و ثقافتها...،
" الجندي يقاتل بسلاحه و الفنان له جبهة آخرى، فيقاتل بفنه...فالتقل الفنون كلماتها و ألحانها و لوحاتها الغاضبة بحق غزة"
انها الفنون بأنواعها، انها لغة ابداعية تنتشر بصورة عشوائية بالمجتمع، نشأتها تتجذر بعمق وجداننا كبشر منذ اقدم حضاراتنا الإنسانية، و من اوصافها انها مواهب فطرية لأنها غالبا تولد معنا و تنشأ معنا، فتظهر بنا منذ نعومة اظفارنا و تتطور معنا، و تعيش معنا في مراحل نضوجنا الى مرحلة الوفاة، فلا تفارقنا قبل ان نفارق الحياة، انواعها عديدة فصنفها الفلاسفة و المفكرين الى سبعة انواع، فتنقسم الى نوعين هما تجريدية و تصويرية، و السبعة فنون هي 1-العمارة او الهندسة المعمارية، 2-النحت، 3-الفنون البصرية كالرسم و الطلاء و الفوتوغرافيا...الخ، 4-الموسيقى 5-المؤلفات اي كتب و شعر 6-الآداء اي المسرح و الرقص 7-السينما،
لم تبحث بأصولها العلوم الحديثة كثيرا، فهي لغة إنسانية يُخَاطِبْ الموهوب بها المجتمع من حوله من خلال الإبداع الذاتي الذي لديه، و لكن مع الثورة العلمية و خصوصا في علم هندسة الجينات اثبت العلماء ان الفن مؤخرا له علاقة بالجينات المتعلقة بالنشاط الدماغي، الجينات تتألف من الحامض النووي المعروف بالDNA، و تأخذ موضعها بأماكن معنية على الكروموسومات بنواة الحلايا البشرية، و تشكل الجينات سماتنا البشرية التي نرثها من الأباء و الأجداد، و سبحان الله تنتشر المواهب الفنية بمجتمعنا بصورة كبيرة و عشوائية و كأنها تنتقل من جيل الى جيل بإرادة ربانية...و لا عجب من ذلك...أَلَمْ يَخْلِقْ الله البشر على صورته كمثاله...ألم يقل الله ان الانسان خلق باحسن تقويم؟ ألم تكتب هذه الكلمات بالكتب السماوية جميعها؟ و يعني ذلك اننا كبشر نمتلك العقل المفكر و اللإرادة الحرة و النفس الخالده...و هذا يعني بوضوح تام انه خلقها الله بنا...و الله لا يخلق شيئ لا ينوجد به له المجد...فمن اين سيخلق الله الفنون و هي غريبة عنه؟ فالإناء يفيض مما في داخله...فبذلك نصل الى نتيجة ان الله عرف الفنون من خلال خلقه المبدع للكَوْنْ و الشموس العظيمة و الكواكب و مليارت النجوم التي تنتشر بالفضاء، و ايضا من خلال خلقه العظيم للحياة على كوكب الأرض، و من خلال الطبيعة الجميلة و ما قدمت من مناظر طبيعية خلابة...فالله خالق مبدع خلق اعظم لوحات من الجمال و الإبداع بالكون و على كوكب الأرض، فهذه طبيعته...إله خلاق يفيض من لدنه ايضا الإبداعات بأنواعها و الجمال، فلذلك جينما خلق الإنسان بهذا العقل المفكر المبدع خلق بطبيعته البشرية ان يبدع مثله...و ان يكون خلاق مثله من خلال الفنون التي وهبه اياها...فاعطاه ان يبدع من خلالها بصورة رائعة و راقية...لذلك اسمها مواهب خلاقة او فنون مبدعة....الله الخالق اعطى للإنسان ان يشاركه عالم الجمال من خلال الفن الذي يبدعه فيسيران بوحدة حال خلاقة...فلذلك بما ان هذه الفنون مصدرها الله نستطيع من خلال حواسنا و عقلنا ان نعقل جمال طبيعة الله و ان نشعر بجمالها و ان تذوق جمالها...لأننا بإنسجام مع ما يخلقه الله...لأننا بكينونة جميله مع الله...فمثلما يرضى الله عن خلقه و الإبداع الذي ابدعه من خلال عمله الإلهي اعطانا لأن نكون مثله...ان نبدع من خلال الفنون و نتذوق جمال هذا الإبداع و ان نتذوق جمال خلق الله...
احببت ان ادخل بهذا النقاش لأن الفنون طريقة يخاطب بها الفنان و يعبر عن مكنونات ذاته المجتمع من حوله، بل الفن نهر لا ينضب من الإبداع و خلق للمنتوج الفني الرائع ليتواصل الفنان به مع الإنسانية جمعاء، الرسام يرسم اللوحات الجميلة من خلال رؤيته لمشهد معين او تقديمه لثيمة او فكرة معنية، او حينما يريد ايصال حس بداخله للمشاهد، النحات كذلك فيأخذ المواد الخام التي يريد ان يستخدمها و يشكلها على شاكلة رؤيا ما يريد ايصالها للمجتمع، يقدم ما يحثه ابداعه الذاتي على تشكيله بيديه و تقديمه للمعجبين بفنه، المهندس كذلك فالتصميم جزءا لا يتجزء من رسم يبدعه وفق اسس حسابية و تصميمية معينة ليشكل على طاولة رسمه بنايات لها اشكال و مزايا تخرج من صميم حس فني لديه، و الموسيقى تتدفق ألحانها من صميم ابداعات و قلب مؤلفيها، فتتشكل النوتات الموسيقية و تتخذ لها مقام لحني ليسمعها المستمع و يستمتع بها...الم تتفكروا بأمر هام؟ لماذا استمتاع و مستمع لها نفس الجذر اللغوي...لأن اللإستماع و الإستمتاع توأمين لا يفترقا بالإبداع الموسيقي، و المسرح و الفنون الأدائية او الرقص، فالمسرح المعاصر يقدم لغة درامية بعالمنا الإنساني انحدرت من المسرح اليوناني منذ عام 700 قبل الميلاد، بالرغم من انه لا مجال لنا هنا للإستفاضة بهذا المسرح القديم و العريق الا انه معظم اسس و مفاهيم المسرح ابتدأت بالتشكل منذ تلك العهود العتيقة، فالأنواع الدرامية مثل الكوميدي و التراجيدي و العروض الساخرة كانت تُقِدَمْ منذ تلك التواريخ و الحضارات، حتى كلمة تراجيدي بالإنجليزية تنحدر من جذور لغوية يونانية عتيقة، و الرقص الذي ينتشر منذ القِدَمْ بالحضارات الإنسانية و بأقدمها في المناسبات الإجتماعية و الدينية المختلفة، فهو لغة تعبيرية للجسد و لعله جزاءا من تراثنا البشري و ثقافة الحضارات على مر الأجيال و العصور، و هو من اروع ما قدمه الإنسان اذ يتناسق مع الحالات الإنفعالية لديه، فهنالك رقص يعبر عن الفرح في قلب الإنسان و هنالك منه ما يعبر عن الغضب و الحزن، و هنالك ألوان منه كانت تقدم في حالة الإنتصار بالمعارك و الحروب، و الأعمال الموسيقية التي تضمنت عروضا راقصا كثيرة جدا في زمننا المعاصر، و لعل ما يحضر في بالي من المدارس الكلاسيكية المهذبة و المبدعة و التي عكست وجداننا الفني كأمة عربية هي الفنون اللبنانية و المصرية، و اذكر من الأرشيف الثري للفنانة الكبيرة فيروز فيلم بياع الخواتم و الذي شارك به نخبة من ألمع نجوم لبنان في ذلك العهد الذهبي من الفنون، كان من اخراج الراحل الكبير يوسف شاهين، كان فيلم تملئه الأغاني و اللوحات الراقصة الجميلة و الممتعة، و حدث بلا حرج عن مسرح الرحابنة و فيروز فكان موسيقيا بإمتياز و يتضمن لوحات فنية راقصة تعكس جوهر العمل و الشمهد، مسرحية ميس الريم....بترا التي عرضت بالاردن...كانت تلك العروض توازي عروض برودواي بأميريكا فقدمت فيروز مع الرحابنه نخبة من اجمل الأعمال التي عرفت بتاريخ فنوننا المعاصر، و لا ننسا اغنيتها الشهيرة زهرة المدائن التي غنتها لأحداث فلسطين المؤسفة، و لطالما كانت للسينما المصرية و لمسرحها و للعروض الراقصة بهما محطات تجلت على ابداعها الأجيال المتعاقبة التي شاهدتها و استمتعت بها، للسينما في زمن الفن الجميل وقفات عديدة قدمت من خلالها اعمال خالدة لن تنسى، فيلم دهب للراحل الكبير انور وجدي و الراحل سراج منير و للراحلة فيروز (المملثة المصرية بيروز آرتين كالفيان)، فحينما اختلف انور وجدي مع زوجته الراحلة ليلى مراد حينما رفضت اساليبه الأحتكارية معها بالسينما، فحاول منعها من التعامل مع شركات انتاج غيره، افترقا و لم يعودا الى بعض، فقرر تقديم موهبة بديلة عنها انتقاما منها على الخلاف الذي حدث بينهما، فتعرف على فيروز الطفلة و اعجب بموهبتها، فقدمها للسينما بفيلم ياسمين سنة 1950، و اعجب الناس بخفة دمها و صوتها الجميل و برقصها الإستعراضي لتنطلق هذه الطفلة بعدة افلام تبرز مواهبها الفنية، و قدمت عدة افلام بعدها من بينهم فيلم دهب الشهير و عصافير الجنة و غيرها من الأعمال، و قد يستغرب المطالع ان الفنون الغنائية موجودة بقوة في الدراما المصرية منذ عام 1932، فيلم الورده البيضاء يتخلله اغاني للراحل الكبير محمد عبدالوهاب، و في عام 1935 مع اول افلام ام كلثوم و الذي كان بإسم وداد، فربما تكون هذه النخبة من الأفلام حتى اول من اطلقت فكرة الممثل او الفنان المتكامل الذي يمثل و يغني بالافلام، فهذه التجارب فتحت المجال لهذا الشأن ليتعملق مع التجارب السينمائية اللاحقة، و ربما تكون السبب بتعملق الفنون على انواعها بزمن الفن الجميل حيث ازدهرت و امتزجت الدراما بالموسقى و المواهب المختلفة كالرقص، فمما لا شك به ان إطلالة فيروز (بيروز) تعملقت بهذا الشكل لأن هذه المفاهيم الفنية كانت تستثمر جيدا بالدراما المصرية، و مع تعملق الموسقى لهاؤلاء الفنانين قدمت السينما المصرية العديد من الكبار الذين قد تكون مساهمتهم بالسينما احد اسباب شهرتهم الفنية، فغمست اغانيهم باللحظات الرومنسية و التراجيدية التي عاشوها في افلامهم و امتعوا الجمهور العربي و المصري بها، الراحل فريد الأطرش و الراحلة اسمهان و العندليب الأسمر الراحل عبدالحليم حافظ و الراحلة ليلى مراد و غيرهم من الشخصيات الموسيقية البارزة، بل لا يجب ان ننسى الافلام المميزة للراحلة سعاد حسني فلها نصيب كبير بالغناء ببعض افلامها و بالرقص الاستعراضي، للفنون العربية محطات مع اعمال رائعة و جميلة لن تنسا فلولا هذه المساهمات الجبارة ما اصبحت السينما يوما جزءا لا يتجزأ من الوجدان الإنساني و لما كان لنا تراث و اصول بها إطلاقا، و هذه فقط امثلة بسيطة بين الكثير من التجارب بالفنون بالمنطقة العربية فلكل بلد عربي تجربته مع الدراما و الغناء و الفنون بأنوعها، و لهذه التجارب كل احترام و تقدير،
الفنون ستعبر عن الذي بداخلنا من غضب و فرح و حزن، الفن اصوله مزروعة بداخلنا و يغازل مشاعرنا و احاسيسنا، اكاد اسمع بكل مرة انظر الى أحداث فلسطين اغنية محمد عبدالوهاب الشهيرة "اخي جاوز الظالمون المدى"، اغنية قديمه و لكن لطالما عبرت عن الشجون في قلوبنا تجاه فلسطين، اسمع اغنية محمد عساف "سأموت حرا" الذي قدمها بمناسبة الحرب المؤسفة على غزة الأخيرة، اتذكر اغنية للفنانة صفاء سلطان في عام 2022 "فلسطين بلادي"، اتذكر اغاني دلال ابوآمنة التي صدح صوتها بالمسارح الفلسطينية و هي تحمل معاناة اهلها بفلسطين و اوجاعهم و تعبر عن مآسيهم بأغانيها، الفنان مارسيل خليفة الذي حمل اوجاع الفسلطينين بأغانيه منذ نعومة اظفاره، كنت شابا بالعشريينات من عمري حينما سمعت به و شاب شعري حيث ابلغ الخسمين عاما حاليا و هو لا يزال يغني للقضية الفلسطينية فهنالك فنانين كرسوا ارشيف اغانيهم لهذه القضية الجوهرية، و الفنانة ماجدة الرومي حينما غنت اغنية رائعة بعنوان "هل تسمعين" و قدمتها على مسرح من مسارح مصر في عام 2002 اثناء حفل كبير لها، لو فتشنا بالأرشيف الفني العربي لوجدنا ان الاغاني و الاعمال الفنية التي ترثي تلك المآسي تكاد تحتل جزءا كبيرا منه فلم تغيب هذه القضية عن وجدان الفن العربي منذ نكبة 1948، عددها كبير جدا يكاد يغطي عين الشمس فالقتل و الذبح و الدمار منتشر بتلك البلاد منذ قبل نشأت مهرجان جرش بالمملكة الأردنية الهاشمية، بل لطالما عنوا فنانين الوطن العربي عليه و ابشع المجازر تشتعل بفلسطين و مؤخرا في سوريا الشقيقة، و وقف فنانين وطننا العربي مرارا و تكرارا و غنوا للقضية الفسلطينية و للحروب بالمنطقة العربية فاصطبغ هذا المهرجان بالغضب بعدة دورات سابقة، و ها هو سيتوشح بالسواد و سينوح على ما فقدناه بغزة و فلسطين، هذا العام ارتدى مهرجاننا الغالي الاسود و بصدره الاحزان فقرر تقديم حلته الغنائية اكراما لأرواح الشهداء و الأحداث المؤسفة، فالموسيقى و الفنون ستقول كلمتها على ما يحدث في فلسطين، الا نسمع جرش و هي تبكي تراب فلسطين الذي تخضب بالدماء العربية الطاهرة، الا نرثي مع جرش اولادنا الذين استشهدوا و هم يتمسكون للنفس الاخير بتراب بلادهم الطاهر؟ ان ندفن مواهبنا و ان تنتهي حضارتنا العربية فهذا ما يريده اعداؤنا...ان تنتهي حضارتنا...ان نموت كعرب و ان يموت روح كفاحنا لاجل فلسطين، الجندي يقاتل بسلاحه و لكن الفنان له جبهة آخرى، فيقاتل بفنه...فحضارة الأمم تقاس بفنونها و ثقافتها...،
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |