الكنَّة وحماتها وابنها البار بالطعام فقط .. !


سوف أختصر القصة للفائدة ...جاورت في فترة أول أيام دراستي في الجامعة قبل( ٢٥ )سنة جاراً فقيراً ، فقد كان يوميا يأخذ معه وجبة الغذاء ،ويتوجه إلى والدته التي تسكن وحدها في غرفة قديمة ؛ لأنه وحيد والدته ،ولكنه عاق بوالدته( أي لا يحرك ساكنا) عندما تسب زوجته والدته وتطردها لأنه رجل مسكين .

الغريب العجيب أنني اختلطت بذلك الرجل في ذلك الوقت ، وكنت أذهب معه لوالدته و عندما يقترب منها تدعو له بالرزقة والخير فقط ، ولا تدعو لأولاده ولا زوجته ، حيث يضع الطعام أمامها، وأحيانا يقوم بإطعامها بيده ، ويتعذر منها على إساءة زوجته لها .

تعمقتُ في علاقتي مع ذلك الرجل أصبحت أزوره في البيت ، فهو طيب جدا ، ولا يقوى على زوجته التي كانت تصرخ في وجهه عندما كان يحضر والدته إلى بيته عندما تمرض ، كانت لا تخجل من الجيران ولا حتى من وجودي عند زوجها ، ولكن للأمانة الصحفية تحترم الضيوف والجيران، وتقدم لهم الضيافة والطعام رغم الفقر ، وكانت تكرمنا في رمضان ترسل الطعام مع إبنها الصغير وتضعه عند الباب عندما كان زوجها في العمرة ، عرفت وقتها أنها كريمة و لكن للأسف مشكلتها مع حماتها فقط ، كنت أسمعها تقول :" مش مجبورة فيك الله يريحنا منك يافلانة" ، بينما العجوز ترد بابتسامة، و كنت أحيانا أسمعها تدعو على حماتها و تقول : "الله ينتقم منك يا فلانة" وزوجها وقتها يلتزم الصمت ، شخصيته ضعيفة أمام صرخات زوجته .

دارت الأيام والسنوات ، علمت بعد تخرجي من الجامعة بسنتين أنه أصبح غنيًا ، رغم أنه موظف بسيط في ذلك الوقت ،فقد اغتنى بدعوات والدته التي توفاها الله ،ولكن الغريب العجيب أن أولاده أصبحوا شبه عاقين فيه وعلمت كذلك بعد مرور (٢٥ ) عاما بأن البعض الآخر مرضى ، بينما زوجته توفيت بسبب المرض ، بينما هو مصاب بمرض نفسي .

ما أثار دهشتي أن الرجل رغم غناه ؛ أصبح يعاني من زوجته وأولاده بعد مرور هذه السنوات الطويلة ،وقتها جاءني شعور غريب وهو كأن الله تعالى كأفأه على ما كان يقدمه لوالدته من طعام فقط، وكانت تدعو له بالرزقة، بينما في الجانب الآخر تضررت عائلته، ولم يتهنأ بما أعطاه الله من رزقة وخير بسبب خوفه من زوجته التي كانت تدعو على والدته في بيته، وتطردها بعض الأحيان وهو يلتزم الصمت ولا يحرك ساكناً .

لقد كتبت لكم هذه المقالة بعد مرور (٢٥) سنة للموعظة ونظرا لما حدث معهم من أحداث مؤسفة بعد مرور هذه السنوات بسبب إهمالهما بالعجوز وطردها من البيت ، شعرت بالأسف عما حدث معهم ؛ كون الزوج والزوجة كريمين معنا ومع الغير رغم فقرهما بالبداية .وهذا الأمر لم يشفع لهما للأسف بعد مرور هذه السنوات الطويلة....!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات