النزيف اليماني


اليمن هم أصل العرب بلا شك، فمنهم العرب العاربة؛ القحطانيون، أبناء قحطان بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح، كما يذكر ذلك أكثر النسابين، ومنهم العرب المستعربة أو المتعرّبة، ويقال لهم العدنانيون أو النزاريون أو المعديون، وهم من صلب سيدنا إسماعيل بن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام، الذي تزوج من رعلة الجرهمية، فتعلم منهم العربية فسموا المستعربة وصار نسلهم من العرب واندمجوا فيهم، وهم ينتسبون إلى عدنان من نسل سيدنا إسماعيل عليه السلام، وبعضهم هاجروا إلى الشمال لتكوين الممالك في بلاد الشام؛ خاصة الأردن وسوريا.

اليمن مصاب قديماً وحديثاً، فلقد بدأت مصائب اليمن بُعيد انهيار سد مأرب الشهير، وبعدها توالت الحروب والصراعات على اليمن.

حديثاً خاضت اليمن العديد من الحروب والصرعات الإقليمية والداخلية، فمدينة صعدة اليمنية لوحدها شهدت ستة حروب في أربعة أعوام ما بين 2004 و2008، ثم دخلت اليمن في أحداث الثورة الشبابية عام 2011، واستولى الحوثيون على السلطة عام 2014، ودخلت اليمن في صراع مع المملكة العربية السعودية والتحالف العربي في حرب دامت لأكثر من خمس سنوات، ولم ينتج عنها سوى تدمير البنية التحتية، وتشريد الملايين من اهل اليمن.

وبعد الاعتداء الصهيوني على قطاع غزة؛ لم تتردد اليمن في الوقوف إلى جانب أهلنا في فلسطين، وحاولت بالإمكانات المتوفرة أن تُعرب عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني وقضيته وقضيتهم العادلة.

ولجأت اليمن إلى تهديد الملاحة البحرية في البحر الأحمر للتضييق على الاحتلال، ومحاولة منع وصول السلاح إليه، السلاح الذي يُمطر به غزة وأهلها كل حين.

ولم يتوان حزب الشر المتمثل في الولايات المتحدة الامريكية والمملكة البريطانية في الاعتداء على اليمن تماماً كما اعتدوا على العراق سابقاً، وذلك من أجل الوقوف إلى جانب المحتل الصهيوني، وبحجة تأمين الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وهنالك حديث اليوم عن تحالف من سبع وعشرين دولة للقضاء على التهديد اليميني للملاحة كما يزعمون، ولكن تلك الدول لم تتحرك لإيقاف الهجوم البربري الصهيوني على المدنيين في قطاع غزة.

بغض النظر عن الانتماءات الحزبية والطائفية في اليمن، وبغض النظر عن ولاءات القيادة اليمينة التي يشكك البعض فيها، إلا أنه يمكن القول أنهم أتوا بما لم يأت به غيرهم من العرب والمسلمين، ووقفوا ضد العدوان الصهيوني على غزة بما توافر لهم من إمكانيات.

والله انه لعار أن تأتي نصرة أهلنا في غزة عسكرياً من اليمن البعيد القريب، المصاب والمكلوم، والذي يعاني من الحصار والدمار، وأن تأتي نصرتهم سياسياً من دولة نصرانية تقع في قارة ثانية، وتبعد الاف الكيلومترات، بينما يتفرج ذوو القربى والنسب والجيران على أهلهم في غزة وهم يرتقون شهداء، الواحد تلو الآخر، وعائلات كاملة تباد هناك، ويتم مسحها من السجل المدني.

لم تتجاوز الحكومات العربية والمسلمة حد التصريحات والشجب والاستنكار، بل سعت دول وهيئات ومنظمات إلى اجهاض أي اتفاق أو قرار أو تحرك يلوح في الأفق، دفاعاً عن مناصبهم ومكاسبهم ومصالحهم.

ربما لم يكن لليمن ذلك التأثير الكبير للحرب الدائرة في غزة عسكرياً، ولكنها على الأقل نطقت بما يجول في خاطر الشعوب والدول التي تقف مقيدة الايدي والألسن.

سيظل موقف اليمن هذا تاريخياً ومشرفاً في دعمهم لإخوانهم في فلسطين، وسيظل العار يلاحق اولئك الصامتون عن الحق، الذين ينظرون للحرب الدائرة وكأنها لا تعنيهم، ولا يدركون انهم سيكونون الضحية التالية لو لا سمح الله وتوقفت المقاومة في فلسطين.

بالقصف الأمريكي والبريطاني لليمن اليوم؛ فإنه يدفع ثمن صرخته في وجه الطغيان والصمت العالميين، العالم الذي لا يعرف العدالة والحق، والذي آثر الانحياز إلى جانب الكيان الصهيوني في جرائمه، ودعمه سياسياً وعسكرياً



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات