النخب العربيه والمتغيرات الاخيره في الوطن العربي


ان موضوع الثقافه والمثقفين العرب ودورهم في الثورات الشعبيه الشبابيه العربيه ، بدأ يطرح بعد اندلاع الثورات العربيه ونجاحها في كل من تونس ومصر وسيرها نحو النجاح في كل من ليبيا واليمن .
ومن الملفت للانتباه ان هذه الثورات هي الثورات الوحيده في تاريخ العرب الحديث التي لم تقاد من قبل العسكر او من حزب سياسي معين، كما انه لم يكن هناك دور ملموس للنخب الثقافيه والسياسيه العربيه في تحريكها او التأثير في مسارها وانما كانت تلهث وراءها .
ان اكثر من 60 عاما من المعارضه من قبل السياسين او النخب المثقفه لم تتمكن من احداث اي تغيير لمصلحة الشعب في منظومات الحكم العربيه المتحجره والمتكلسه ذات الطابع الاستبدادي . وانما نجحت الانظمه العربيه في قولبة وتدجين هذه المعارضات السياسيه والثقافيه.باستخدام سياسة العصا والجزره .واستخدمتها ديكورا هزيلا في اليات الحكم بحيث قدمت هذه المعارضات ستارا باهتا من الشرعيه المزيفه التي لا تستند على اي اساس شعبي .في حين قدمت الانظمه منافع اقتصاديه وامتيازات لهذه النخب .
ولدى الحديث عن الثورات الشعبيه العربيه فلا بد من التطرق الى اسباب الانفجار .فهناك عوامل يجب ان تتفاعل داخل المجتمع لاسباب تتعلق بطبيعة الحكم وممارساته وكذالك حدود التحمل للشعب والتي اذا ما تخطاها النظام فانه عليه ان يتوقع الثوره ، وعليه ان يبحث عن مؤشراتها، فمؤشرات الثوره موجوده ومنذ فتره طويله، وان اي باحث او خبير امني يستطيع ان يقرأ هذه المؤشرات ومنها :
- انتشار سياسة القهر وانعدام الحريات وامتهان كرامة الانسان العربي .
- انتشار الفساد السياسي والاقتصادي والاداري والاخلاقي بكل ابعاده ، مع عدم وجود اي نيه لدى هذه الانظمه للاصلاح .
- المزج ما بين الاماره والتجاره لدى الحكام ووجود تحالف مصالح ما بين الفئه الحاكمه ورجال الاعمال وتشكيل كومبرادور انتهازي يضم رجال حكم مدنيين وعسكريين وامنيين ورجال اعمال عاثوا فسادا في تلك الدول واجهزوا على اي شرعيه متبقيه لتلك الانظمه الحاكمه .
- ارتهان ارادة الانظمه الحاكمه العربيه لقوي خارجيه بحيث ظهرت هذه الانظمه انها اكثر ولاءا لتلك القوى من ولائها لشعوبها.كما ان بعض الانظمه افتخرت انها تقدم طوق امان لاسرائل في بحثها عن وسائل اعتقدت انه من خلالها يمكن ان تثبت ركائز الحكم لديها ..الامر الذي اشعر المواطن العربي بامتهان كرامته وسيادته الوطنيه ونهب ثرواته من قبل تلك الانظمه .
- ضرورة تصحيح المسار التاريخي الذي انحرف عن مساره منذ اكثر من 60 عاما ، منذ دخول العسكر على خط السياسه فاضاعوا فرصة احترافهم العسكري .وفشلوا في دورهم السياسي، بحيث خسرنا معاركنا على الجبهتين في نفس الوقت .

وهنا يجدر الاشاره الى حادثه طريفه .فعندما قام حسني الزعيم بأول انقلاب عسكري في سوريا عام 1949 ، وكان الانقلاب العسكري الاول الذي يقوده العسكر ، حيث طلب من فارس الخوري ان يشكل الحكومه في سوريا فرفض وقال له لقد ارتكبت اكبر جريمه بحق الامه .فقد اذقت العسكر طعم السلطه .وان اي شاب اصبح يفكر كيف سيتخرج من المدرسه ليلتحق بالكليه الحربيه ويتخرج ضابطا وينتظر فرصته في الانقلاب للسطو على السلطه .وبعد انقلاب حسني الزعيم توالت الانقلابات العسكريه في كافة انحاء المنطقه العربيه واصبحت امرا مألوفا .ومن اللافت للانتباه ان نسبه لا بأس بها من المثقفين العرب تحالفت مع الانظمة الانقلابيه ولم تقم بدورها المامول كأداه لتنوير الشعب باتجاه حريته وحقوقه ، وليس تزيين الاستبداد والدكتاتوريه تحت مسميات وشعارات زائفه .

- الغاء الدساتير في معظم الانظمه الانقلابيه بحيث اصبح كلام الزعيم الملهم هو الدستور .وشيوع الاحكام العرفيه لعشرات السنين هو الاصل الامر الذي اجهز على دور القضاء المدني .وليس صدفة ان تقوم هذه الثورات في دول حكمتها انظمه عسكريه من خلال الانقلاب مثل مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا وغيرها .
- وصول الشعوب العربيه الى مرحلة النضج التاريخي ، بسبب التعليم وثورة الاتصالات والانترنت والفيسبوك وغيره .
لقد مرت الشعوب العربيه منذ مرحلة استقلالاتها للان بثلاث مراحل وهي : مرحلة الطفوله السياسيه والتي اتصفت بثوران العاطفه والحماس والتعرض للخديعه، وفيها منيت الامه بمعظم هزائمها العسكريه والسياسيه ، وهذه المرحله استمرت من الخمسينيات وحتي نهاية حقبة السبعينيات ثم مرحلة المراهقه الساسيه والتي استمرت حتى العقد الاول من القرن الجديد ومرحلة النضج السياسي وهذه المرحله بدأت ملامحها تتشكل الان وقد تحتاج الى بعض الوقت لتنضج .
وفي الحقيقه فان المنطقه العربيه تمر بأكبر عملية تغيير سياسي وثقافي واجتماعي في تاريخها ومنذ قرون ، وهذا التغيير يقوده الشباب غير المسيس وليس النخب السياسيه المستلبه او تلك التي تعيش في زنازن فكريه معزوله عن حركة المجتمع ، او من تنابل السلطان .

القسم الاول من محاضره القيت في رابطة الكتاب الاردنيين -يتبع



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات