COP28 قمة "السعادة للجميع" التاريخية


جراسا -

بعد 14 يوما من العمل الشاق ووصل الليل بالنهار، تكللت قمة المناخ "COP28" التي عقدت في دبي بـ"إعلان الإمارات" الذي عدته كل الأطراف بمثابة لحظة تاريخية، ورحبت به مختلف الأوساط السياسية والاقتصادية والعلمية باعتباره حدثا فارقا واتفاقا غير مسبوق.

وعقب شد وجذب وخلافات وتباينات، اتفق كل الفرقاء في النهاية على النص الذي طرحته الرئاسة الإماراتية، والذي دعا إلى "التحول بعيدًا عن استخدام الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة، من خلال تسريع العمل في هذا العقد الحاسم من أجل تحقيق الحياد الكربوني في عام 2050 تماشيًا مع ما يوصي به العلم".

وصباح الأربعاء، تلا سلطان الجابر رئيس "cop28" الإعلان، مؤكدا أنه تم الاتفاق للمرة الأولى على الإطلاق، على لغة موحدة بشأن الوقود الأحفوري، وذلك وسط عاصفة من التصفيق الحاد للحاضرين، ثم أكد أنه "قرار تاريخي"، داعيا إلى الفخر ببلوغه.

وشكر الرئيس الإماراتي محمد بن زايد كل الوفود "التي عملت بروح التعاون والعمل الجماعي، ومن منطلق الوعي بالمسؤولية تجاه الأجيال المقبلة، على الخروج بـ”اتفاق الإمارات” التاريخي الذي يدشن مرحلة نوعية جديدة في مسار العمل المناخي الدولي”.

ورغم تباين الرؤى الحاد بين أميركا والسعودية على سبيل المثال قبل ساعات من ختام المؤتمر، فيما يخص تحديدا مصير الوقود الأحفوري، حيث قادت الأولى جبهة "التخلص منه"، فيما قادت الثانية جبهة الرفض لـ"التخلي غير المنضبط"، فإن الجانبين أشادا بالنتيجة.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إنها خطوة تاريخية، ورغم أنه أوضح أنه "ما زال أمامنا الكثير من العمل" لبلوغ الأهداف من أجل الحد من الاحترار العالمي، لكنه أكد أن "النتيجة تقرّبنا بخطوة كبيرة".

وعلى الجانب الأخر، قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان إن الرياض تدعم الاتفاق لأنه يفسح المجال أمام الدول لتقرر بنفسها المسارات الملائمة للتحول إلى مصادر الطاقة النظيفة. كما دعت روسيا العالم إلى تجنّب التخلي عن الوقود الأحفوري بشكل "فوضوي"؛ لكنها رحّبت مع ذلك بالاتفاق.

وفي مشهد آخر طريف يدلل على النهايات السعيدة، تعانق المبعوث الأميركي للمناخ جون كيري ونظيره الصيني شيه تشين هوا، وأشادا بصداقتهما، رغم العلاقات المتوترة بين البلدين على مستويات عدة.

وقال كيري في كلمة إلى الحضور: "أعتبر أن الجميع هنا يجب أن يكونوا سعداء؛ لأنه في عالم يشهد حربًا في أوكرانيا وفي الشرق الأوسط وجميع التحديات الأخرى التي يواجهها كوكب متخبط... هناك سبب للتفاؤل وسبب للامتنان وسبب لتوجيه تهنئة كبيرة لكل الحاضرين هنا".
وفي المقابل، دعت وزيرة البيئة البرازيلية مارينا سيلفا الدول المتقدمة إلى أن تأخذ زمام المبادرة في تحول الطاقة، وتوفر "الوسائل اللازمة" للدول النامية.

كما قالت روث نانكابيروا، وزيرة الطاقة والتنمية في أوغندا، أن المؤتمر نجح في توحيد صوت الدول الأفريقية، وأتاح لها فرصة ليكون لها دور فاعل في الأعمال المناخية.

وبإجماع نادر، أقر الجميع أن قمة "COP28" كانت تاريخية واستثنائية في كل مخرجاتها وإعلاناتها، منذ يومها الأول وحتى يومها الأخير.

ففي حدث غير مسبوق، ومع الساعات الأولى للمؤتمر، أعلن عن تفعيل صندوق "الخسائر والأضرار" بهدف تعويض الدول الأكثر تضررا من آثار التغير المناخي، ونجح الصندوق في حصد تعهدات مالية بنحو 400 مليون دولار، ربعها من الإمارات.

وتلاه في اليوم الثاني الإعلان عن صندوق "الحلول المناخية" بقيمة 30 مليار دولار، كما تعهدت أميركا بتقديم 3 مليارات دولار لصندوق المناخ الأخضر، الذي يعتبر أكبر صندوق دولي مخصص لدعم العمل المناخي في الدول النامية، وقد حصل على تعهدات مالية تزيد قيمتها على 20 مليار دولار.

لكن في مكان آخر في الولايات المتحدة، وفي سياق "النكاية السياسية"، قال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الأوفر حظا للفوز بترشيح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة المقبلة، إنه سيتراجع إذا انتُخب عن تعهد أميركي بقيمة ثلاث مليارات دولار لصندوق عالمي يهدف إلى مساعدة الدول النامية على خفض الانبعاثات والتكيف مع تغير المناخ، مضيفا أنه سيسعى حتى إلى "استرداد" أي مدفوعات قدمتها إدارة بايدن.

وإضافة إلى ملايين أخرى خصصت لدعم الدول الأكثر تضررا، والمشروعات البيئية والتنموية، فقد تعهدت 50 شركة من عمالقة شركات النفط والغاز حول العالم بخفض الانبعاثات من الميثان والكربون في عملياتها الإنتاجية. كما وقعت أكثر من 100 دولة على تعهدات بتنمية الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، وبادرت البنوك بطرح إعلانات لتوفير التمويل الميسر.

وفي خطوة ناجحة أخرى للمؤتمر، فقد نجح في حل عقدة مكان انعقاد الجولة المقبلة "COP29" داخل أروقته، حيث أعلن عن استضافة أذربيجان للمؤتمر المقبل، بعد خلاف عنيف بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي هددت انعقاد الدورة المقبلة.

وربما كان التعهد الوحيد الذي لم تتمكن "COP28" من إنجازه، هو إعلان البيان الختامي في وقته الأصلي يوم الثلثاء.. لكن كل الحاضرين في دبي، من مسؤولين ومراقبين وإعلاميين لم يجدوا غضاضة في البقاء يوم إضافي وسط أجواء مرحبة، خاصة أن الثمرة النهائية كانت تستحق العناء.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات