نشوة الفخر والاعتزاز في ذكرى استقلال الأردن


لقد تجمّعت كل القلوب الطاهرة في خمسٍ بقينَ من شهر أيار صوبَ الراية الهاشمية الخفّاقة، تصطفُّ بأرواحها جُندًا يُقدِّسُ حرية الوطن ويحميها، وبرحيل ذلك اليوم، يكونُ قد مضى خمسٌ وستون عامًا على يوم الاستقلال، وهذا اليوم، بحد ذاته ليس مناسبةً للاحتفال بذكراه وحسب، بل هو وقفةٌ مع الذات ينبغي أن يقفها كلُّ مواطنةٍ ومواطن للحفاظ على ما حققه الوطن من إنجازاتٍ مُهيبة.. والبناء عليها من أجل التأسيس الواعي لمرحلةٍ جديدةٍ ومستقبلٍ أفضل يُجمِّعُ ولا يُفرّق. فالأردنُّ أمانةٌ لا ينبغي على أي فرد من أبناء شعبه إلا أن يكون هدفُه أولاً ودائمًا مصلحة الوطن حاضرًا ومستقبلاً.
ولو أتينا للإنصاف، فسنكون سادة التقصير وأهله في حق الحسين -طيّب الله ثراه- إن لم نذكره دومًا وفي كل المحافل، ومرثيتُنا له تتجسدُ بالدموع المترقرقة حزنًا برحيله، وفرحًا بإنجازاته للاستقلال وبناء الوطن، إلا أنَّ المنيةَ حالت بينه وبين إتمام مسيرته المجيدة.
ولأن لكلِّ فجيعة عزاءٌ من الرحمن القدير، تتنهدُ المحاجر في ترانيم الخاطر، وتأتَلِقُ البسماتُ على المُحيّا عندما نُبصرُ في سماء التاريخ قائدًا من نسل الهواشم يسيرُ على الدرب ذاتِه، وينحتُ في الصخرِ ما يُدعمُّ مسيرة الحسينِ ويكمِلُها، ويرفع من شأنِ شعبه وبلاده حتى ترتقي بين الأممِ محلِّقةً لأبعدَ مما نُبصرُ أو نتمنى، ... لذا؛ سيظلُّ هذا الأبُ والأخُ والصديقُ الصدوقُ على سجايانا بطبعه مُتقدّمًا، فيحقُّ لنا بكل فخرٍ أن نعتزَّ بحبه لنا ونرفعَ أسمى وأحرّ آيات الولاء التي تليق بعزة القائد، جلالةِ الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المُعظَّم، -حفظه الله وأعزَّ مُلكه-.. وأدامَ هذا البلد حِصنًا منيعًا، ونبعًا من ينابيع الأمان الصافية الطاهرة.
وإن يومَ استقلال أي شعبٍ في الدنيا هو بداية التاريخ الحقيقي لهذا الشعب، وكم هي كثيرةٌ هذه الأيامُ الوطنيةُ والقومية في حياة الشعوب، ولكن يبقى ليوم الاستقلال نكهةٌ خاصةٌ ومعاني خاصة مما يجعله أحد أهم الأيام والأعياد في حياة أي شعب، نظرًا لأنَّ أغلبية الدول لم تَـنَلْ استقلالها إلا بعد أن خاضت نضالاً مريرًا ومضنيًا ضد الاستعمار، نضالاً بكافة أشكاله: ثقافيًا وسياسيًا ومسلحًا ضد المستعمرين، والتي كان من نتاجِها استشهادُ وجرح الكثيرين في الأردن، وكما في بعض البلدان الأخرى تُعتبر الأردن من الدول التي حصلت على استقلالها تدريجيًا وليس عن طريق ثورة مسلحة أو انتفاضة كما حصل في بعض البلدان وكما هو حاصل حاليًا في العراق وفلسطين.
ولقد جاء استقلال بلادنا عن طريق المفاوضات مع بريطانيا والتي تُوِّجت بالمعاهدة الأردنية البريطانية عام 1946م، والتي عُدِّلت في 15 أيار 1946، مع إبقاء القوات الأردنية في الأردن وفي ما تبِعَ ذلك من سنوات عصيبةٍ عاشها الأردن وطنًا وشعبًا ( تخللتها النكبةُ الفلسطينية الكبرى عام 1948) وأصَّل شعبُنا الأردني نضاله الوطني الضّاري وخاضَ المعارك الشرسة من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتعريب الجيش.
وما زال الاستقلال رحلة طويلة من الإنجازات التي قادها الهاشميون، وما زالت هذه المسيرة في أوجها بظلّ قيادة جلالة الملك عبد الله الثاني -حفظه الله ورعاه-، بالرغم من كل العقبات وملحمة التحديات التي تواجه الوطن العربي والدول العربية المجاورة، إلا أننا نحتفل بوطننا الذي نحبه بكل جوارحنا ونعتز به ونفخر بمقدرتنا على الوثوب عن كل تلك الحواجز، وجدارة الأردن ملكًا وحكومةً وشعبًا؛ فهنيئًا للأردنِّ بهذا القائد الراسخ بالعقيدة والقيم الإسلامية، ودوره في البناء والتنمية وتوفير الأمن والاستقرار بشتى المجالات، حيثُ يؤكد جلالته على دور الشباب في بلورة الهوية الديمقراطية عبر الأجيال، ويثق بقدرات الشباب على تجاوز تحديات العصر والحفاظ على مقدَّراته والدفاع عن مقدساته وإعلاء صروحه وحماية حدوده.


وفي الختام، لا يبقى في خاطري إلا بعضُ الحروف المُذهَّبة تجاه هذا الوطن العزيز الأغرّ، ووصيةٌ للشباب الواعي، فإنه من أشدِّ مصالح الوطن ومصلحة الجميع - في ظل التفاعلات السياسية والاجتماعية القائمة في المنطقة- أن نُعزِّز الجبهة الداخلية، وأن نتكاتفَ مثلما كُنا وأكثر لخدمة الوطن، وأن نركّز على المبادئ التي وُضعت في الدستور الأردني، والتي تؤسس بدورها لمواطنةٍ راسخةٍ يتساوى فيها الجميع.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات