كيف تستطيع حماس مواصلة إطلاق الصواريخ


جراسا -

رغم القصف المتواصل والعنيف منذ شهر على كل شبر في قطاع غزة، إلا أن هذا العدوان لم يُفقد المقاومة الفلسطينية خيار الرد الصاروخي على جرائم الاحتلال، ولا تزال فصائل المقاومة ترد بصواريخها صوب المدن الإسرائيلية، والتي يصل منها الكثير إلى العمق.

ولا يزال هذا الأمر يثير التساؤلات لدى العديد داخل إسرائيل، خاصة أن طائرات الاحتلال لا توقف إمطار القطاع بالقنابل والصوايخ منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ويخرج يوميا متحدثو الجيش للإعلان عن اغتيال قيادات المقاومة.

ويقول خبراء إن القصف الذي تشهد غزة هو الأكبر والأعنف في منطقة الشرق الأوسط منذ حرب الخليج، إلا أن مناطق مختلفة في إسرائيل تشهد يوميا سماع دوي صفارات الإنذار، ويركض الإسرائيليون نحو الملاجئ، فكيف يمكن لحماس والفصائل الفلسطينية في ظل هذا القصف أن تهدد العمق الإسرائيلي بصواريخها؟.

طرحت صحيفة «كلكاليست» العبرية أجوبة لهذا التساؤل المثير لحيرة الكثيرين، وقالت الصحيفة: «حماس ليست جيش عدو عادي، وسلاح الجو يتعامل مع هذا التحدي بطريقة مختلفة»، وأشارت إلى أن هناك العديد من الأسباب التي تمكن الحركة من مواصلة إطلاق الصواريخ، وكان أبرزها كالتالي:

الموقع

وأول تلك الأسباب هو «المساحة الكبيرة»، حيث تنتشر صواريخ حماس على مساحة جغرافية واسعة، وقد تم بناؤها بطريقة تجعل من المستحيل معرفة مكان كل منصة إطلاق.

حيث يتم حفر خندق كحفرة للإطلاق، ويوضع به قضبان ثم يتنصب بها صاروخ، في عملية بسيطة، لتستهدف بعدها تلك الصواريخ قصيرة المدى غلاف غزة وعسقلان، بينما تستهدف الصواريخ متوسطة المدى منطقة غوش دان ومحيطها.

ويتم إطلاق تلك الصواريخ باستخدام جهاز تحكم عن بعد أو جهاز توقيت، ويمكن إطلاقها من مخبأ قريب، دون التجول في المنطقة ومتابعة عملية الإطلاق تجنبا لرصد المنفذين، وعادة ما تدمر تلك المنصة عقب الإطلاق جراء نيران الصاروخ.

أما الصواريخ بعيدة المدى، تلك التي يمكنها الوصول إلى حيفا وتل أبيب، فيتم إطلاقها في بعض الأحيان من مخبأ تحت الأرض يعاد إطلاق الصواريخ منه؛ ويعد الإطلاق جزءًا من نظام الأنفاق، حيث يتم تثبيت الصاروخ على محاور تسمح بالتوجيه إلى مكان الإطلاق حسب الحاجة.

ومع ذلك، فإن معظم مصفوفة الإطلاق منتشرة بشكل عشوائي في الميدان، ولا يتم إطلاقها إلا مرة واحدة.

وأكدت الصحيفة أنه على مدار سنوات نجح عناصر حماس في إخفاء مواقع الحفر عبر التمويه، واعتمد جيش الاحتلال على منظومة «القبة الحديدية» لمواجهة هذا التهديد، وذلك بدلا من التنقيب على الحدود بحثا عن الصواريخ.

إلا أن العدد الهائل من منصات الإطلاق لا يزال يسمح لحماس بمواصلة إطلاق الصوارخ، حتى عندما تتعرض للهجوم من جميع الاتجاهات.

«البنية التحتية»

حيث صممت منصات الإطلاق بحيث يمكن لكل منها العمل بشكل مستقل عن حالة منظومة القيادة والسيطرة.

فلإطلاق إحدى المجموعات رشقة من الصواريخ، تحتاج فقط إلى أمر وجهاز التحكم عن بعد الخاص بقاذفة تلك الصواريخ، وبالتالي إطلاق الصواريخ يتم بسهولة حتى بدون وجود رسالة دقيقة لتمريرها عبر سلسلة القيادة.

كما أنها لا تحتاج حتى إلى التصويب الدقيق؛ إذ تم حفر كل شيء وضبطه مسبقًا حتى يتمكن عناصر حماس من إطلاق الصواريخ دون التورط في ضبط وكشف أنفسهم.

وهذا الأمر الذي يصيب المنظومة الأمنية الإسرائيلية بالقلق، فلو حتى نجح قادة الاحتلال في تصفية كبار الضباط والقادة في بعض القطاعات، فلا يزال بإمكان القادة الصغار في الميدان إطلاق الصورايخ عندما يُطلب منهم ذلك.

إلا أنه بدون قادة، سيكون من الصعب تنسيق الهجمات المعقدة، والتحركات الدفاعية، والكمائن، وما إلى ذلك، ولكن إطلاق صواريخ هو خطوة بسيطة للغاية بالنسبة لحماس.

سياسة إطلاق النار

وهذا هو السبب الثالث بحسب الصحيفة العبرية، موضحة أن حماس نفذت عملية طوفان الأقصى وهي تعلم أنها سوف تدخل بعد ذلك في حرب مع الاحتلال، وأنها لن تحصل على تعزيزات، ولن تصلها مساعدات من الذخيرة، ويتعين عليها أن تستخدم ما لديها بحكمة حتى نهاية القتال.

وهذا أحد الأسباب التي دفعت الحركة إلى حفر أنفاق عميقة وطويلة، وبناء مخابئ وإنشاء بنية تحتية تسمح للمقاتلين بالبقاء لفترة طويلة.

كما تطلق صورايخها بشكل يسمح لها بالاستمرار لأطول فترة ممكنة، لذا تطلق عددا قليلا نسبيا في كل رشقة تقوم بإطلاقها، وتختار حماس الوقت المناسب لتركيز جهودها وإطلاق المزيد من الصواريخ.

وهم يعلمون، على سبيل المثال، أن هناك عدة مناطق إنذار في أشدود وروش لاتس وعسقلان، ويكفي أن تنطلق صواريخ حفرة إطلاق واحدة للمدينة، وستضيء الشاشات في إسرائيل بنقوش تحذيرية برتقالية.

وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإن المقاومة الفلسطينية أطلقت بالفعل على الأقل نصف مخزون الصواريخ الذي كان لديها قبل بدء الحرب.

ورجحت كلكاليست أن تستمر حماس في إطلاق الصواريخ، إلا أنها أكدت أن عملية تتبع القادة مستمرة، على أمل أن يفقد هذا الحركة توازنها ومركزيتها في القتال.

ولفتت إلى أنه في نهاية الأمر فإن عدد الصورايخ التي تمتلكها حماس والمقاومة الفلسطينية محدود، ولا سبيل للحصول على إمدادات في ظل الحصار المفروض على القطاع، ويبدو أن هذا الأمر هو ما تستغله إسرائيل.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات