الاستيطان بالضفة .. مشروع استثماري ترعاه دولة الاحتلال


جراسا -

لا تكتفي دولة الاحتلال الاسرائيلي بالسطو على أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية بما فيها القدس، بأدوات وحشية وتحويلها إلى مجال حيوي لنشاطاتها الاستيطانية الهدامة، بل هي إلى جانب ذلك توفر الدعم لجمعيات وشركات إسرائيلية تتولى عمليات البناء في المستوطنات وتسويقها كمشاريع استثمارية لجذب أكبر عدد من المستوطنين للسكن في هذه المستوطنات.

تلك المسألة بدأت تأخذ أبعادا جديدة وخطيرة مع تشكيل نتنياهو لحكومته مع الفاشيين والنازيين الجدد، الذين فازوا بعدد كبير من مقاعد الكنيست بعد الانتخابات التي جرت في نوفمبر من العام الماضي، من أحزاب الصهيونية الدينية والقوة اليهودية ونوعام، بقيادة كل من بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير وآفي ماعوز.

ومن أجل الوصول إلى الهدف المعلن بزيادة أعداد المستوطنين، أوضح التقرير الصادر عن المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان بمنظمة التحرير الفلسطينية، فإن حكومة نتنياهو – سموتريتش – بن غفير لا ترعى الاستيطان باعتباره حجر الأساس في سياسة وممارسات الحركة الصهيونية وحسب، بل هي ترعاه باعتباره أيضا مشروعا استثماريا يجذب مشاركة القطاع الخاص في أكثر من مجال وميدان.

مشروع استثماري

وأوضح تقرير مقاومة الاستيطان أن ذلك يتمثل في الاستثمار في السكن وكذلك الاستثمار في السطو على الأراضي الفلسطينية الخصبة، وخاصة في الاغوار الفلسطينية.

فمع تشكيل الحكومة الإسرائيلية، التي يتولى فيها بتسلئيل سموتريتش إلى جانب وزارة المالية، مسؤولية شؤون الإدارة المدنية والاستيطان في وزارة الجيش، أصبحت الظروف مهيأة أكثر من أي وقت مضى لتكثيف وتعميق الاستيطان في الضفة الغربية، بما فيها القدس وترويجه كمشروع استثماري كذلك بهدف رفع عدد المستوطنين إلى مليون مستوطن مع نهاية العام 2024.

ووفقا للمعطيات المتداولة في الأوساط الإسرائيلية، وخاصة وسائل إعلام اليمين المتطرف والمستوطنين، فإن شركات مثل ”ديسي للبناء والاستثمار” و ”تسرفاتي شمعون” و ”تمار وياعيل” و ”أفني ديريش” و ”زد . إف ) وغيرها، التي تقوم منذ سنوات بعمليات البناء في المستوطنات تجني من وراء ذلك أرباحا طائلة وتؤكد أن عملها بعد صعود اليمين الفاشي إلى السلطة في إسرائيل أفضل من أي فترة سابقة، وأن من لا يستثمر في هذه المناطق لا يفهم ما هو الواقع الاستثماري الإسرائيلي الحالي.

تسهيلات استيطانية

ولا يقتصر الاستثمار في الاستيطان وفق التقرير الفلسطيني، على الشقق السكنية في المستوطنات القائمة، أو تلك التي يجري الإعداد لبنائها من خلال شرعنة عشرات البؤر الاستيطانية وتحويلها إلى مستوطنات جديدة أو أحياء لمستوطنات قائمة وما يسمى كذلك بالمزارع الرعوية، وفق مخططات الحكومة الإسرائيلية الحالية، بل هو يمتد على مساحة أوسع ليغطي قطاعات اقتصادية مختلفة توفر لها دولة الاحتلال الكثير من التسهيلات والحوافز، ليحقق المستثمرون في هذه القطاعات أرباحا مجزية.

الأغوار الفلسطينية هنا، بدءا من أريحا وشمال البحر الميت وصولا إلى حدود طوباس، أي الأغوار الجنوبية والوسطى والشمالية، هي ميدان واسع لعمل المستثمرين الاستعماريين وشركات الاستثمار الإسرائيلية، في هذه المنطقة، يعيش 65 ألف فلسطيني في 29 بلدة وتجمع سكاني بما في ذلك حوالي 15 ألف فلسطيني يعيشون في عدد من التجمعات البدوية الصغيرة.

فيما تخطط الحكومة الإسرائيلية الحالية لرفع عدد المستوطنين في المنطقة خلال العامين القادمين من 12 ألف إلى 30 ألف مستوطن من خلال تسهيلات واسعة للاستثمار والسكن في المنطقة بأسعار اقل مما هي عليه في بقية مناطق الضفة الغربية.

خسائر فلسطينية

الاستيطان في الأغوار الفلسطينية، فضلا عن كونه سطو لصوصي على اراضي الفلسطينيين، فهو عملية استثمارية مجزية للغاية للمستوطنين والشركات الاستثمارية ، حيث تمتد مزارع النخيل والورود والأعشاب والخضروات والدواجن والأبقار والبحيرات الصناعية وغيرها من الاستثمارات الإسرائيلية وهي تجني من ورائه أرباحا تقدر بنحو 750 مليون دولار سنويا وفق أسوأ وأقل التقديرات.

أما الجانب الفلسطيني فإن خسائره لا تقل عن 800 مليون دولار بفعل القيود المشددة على تجمعاتهم وما تبقى لهم من أرض وعلى استثماراتهم.

وقد راجت منذ صعود اليمين الفاشي إلى السلطة في إسرائيل في أعقاب الانتخابات الأخيرة للكنيست الدعاية لتنشيط للسكن والاستثمار في الأغوار الفلسطينية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات