قواعد المعارك العشر - القاعدة السابعة .. الكل خاسر


تناولتُ حتى الآن ستة قواعد للفوز بالمعارك: الإستعداد، والسرعة، والروح القتالية، ونقاط القوة والضعف، والمرونة، وأخيراً الريادة، واليوم نتحدث عن واحدة من أهم القواعد العشر.

كلنا نتمنى الفوز بالمعارك التي نخوضها يومياً، بعض تلك المعارك ندخل فيها بقرار شخصي دون أية ضغوط خارجية، وبعضها الآخر قد نجد أنفسنا مدفوعين لخوضها، ومهما كان سبب إقحامنا في المعارك؛ يكون الفوز هو هدفنا الدائم.

وقد يعتقد البعض أن الفوز محصور في القدرة على القضاء على الخصم، وإرغامه على الإستسلام، وقبوله بالشروط التي سنضعها بعد جلوسنا على عرش الإنتصار في المعركة، ولكن كل هذا غير صحيح البتة.

إن أكثر معركة رابحة هي تلك التي تتمكن من تجنبها، وأن تنتصر فيها دون أن تخوضها، ودون أن تبذل جهداً، أو تريق دماً، أو تقضي فيها على خصمك، فالعداء مع الخصم سرعان ما يتلاشى لو حولته إلى صديق.

وأكثر معركة خاسرة هي تلك التي من الممكن أن تنتصر فيها ظاهرياً، ولكنك فقدت خلالها واحدة من قيمك الإيجابية، والتي لا يمكنك استعادتها مع مرور الأيام، ولا يُستشفى ذلك الجرح بعد فترة، بل تبقى القيم الطيبة تنزف منك لمدة طويلة، في هذه الحالة يمكن القول بأن خصمك قد عمل على تدميرك على الرغم من فوزك في المعركة.

قد تستعمل الكذب أو الخيانة أو الغش خلال واحدة من المعارك، وربما ستنتصر في النهاية، ولكنك لن تشعر بفرحة الإنتصار لأنك تعلم أنك لا تستحقه، وكذلك لن ينظر إليك خصمك على أنك الفائز، بل ستبقى نظرات الإستهزاء تلاحقك منه ومن شهود المعركة طوال ما بقيت تلك المعركة في الذاكرة.

وقد تتمسك بالقيم الإيجابية خلال المعركة، وقد تخسرها بنظر الآخرين، ولكنك ستفوز بنظر نفسك، وسيحمل لك الخصم كل الإحترام طوال الوقت، بل سيتجنب الاقتراب من ساحتك قابل الأيام.

في أولمبياد 1986 في اليابان؛ تمكن لاعب الجودو المصري محمد رشوان من الوصول إلى المباراة النهائية، وتعرض خصمه الياباني إلى إصابة في القدم خلال الجولة الأولى، فطلب مدرب محمد منه أن يضرب الخصم على قدمه المصابة لكي ينهي المعركة، ولكن محمد رفض ذلك، وتمكن الياباني من الفوز بالميدالية الذهبية، واكتفى رشوان بالفضية.

ولكن بطولة محمد لم تنته هنا، فعند عودته وجد الآلاف من المصريين بإنتظاره في المطار من أجل الترحيب ببطلهم الشريف، وتقلد أرفع الأوسمة من رئيس الجمهورية، وتم إعلانه بطل العالم في اللعب النظيف، وتم تصنيفه من أكثر لاعبي العالم أخلاقاً لذلك العام.

وبعد عدة أيام تم دعوته من الإتحاد الرياضي الياباني من أجل التكريم، واعتقد محمد بأنه سيكون تكريماً روتينياً من قبل الإتحاد، ولدى وصوله إلى طوكيو تفاجأ بأكثر من 35 ألفاً من المواطنين اليابانيين، بالإضافة إلى ممثلين عن كافة الفعاليات الرسمية والشعبية في المطار من اجل إستقبال اللاعب الشريف البطل.

خلاصة القاعدة السابعة هي أنه في المعارك الكل خاسر، بإمكانك أن تربح المعركة من خلال تجنبها، وعدم الدخول فيها من الأساس، وبالتالي ستكون الأضرار أقل ما يكون، بل ربما تكسب صديقاً بدلاً رمن أن تصنع عدواً، وبإمكانك أيضاً أن تدخلها بالقيم الإيجابية وتخرج منها بنفس القيم دون نقصان، فأنت لا تريد أن تفوز في المعركة وتخسر نفسك.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات