جراسا -

يبدو أن الحرب في أوكرانيا سوف تسجل سابقة التناقض بين التصريحات الرسمية وبين الحقائق على الأرض، الأمر الذي أثار جدلا واسعا في الغرب بعد تحول نسبة كبيرة من الرأي العام وخاصة داخل الولايات المتحدة عن دعم أوكرانيا، بحسب استطلاع رأي نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، وخاصة بعد فشل الهجوم الأوكراني المضاد.

لم يتغير شىء منذ بدأ الهجوم الأوكراني
ويستعرض فرانك غاردنر وجيك هورتون، من فريق مراسلي شبكة «بي بي سي»، الوقائع على الأرض، بعد أن مضى على الهجوم الأوكراني المضاد شهران.. وقالا: في ظل أهمية الزمن قبل دخول الشتاء، نتساءل: هل أحرز الأوكرانيون أي تقدّم حقيقي؟ وفي محاولة للإجابة عن هذا السؤال، قمنا – بالتعاون مع وحدة تدقيق الوقائع ـ بتحليل مقاطع فيديو تصوّر مشاهد من القتال. وبنظرة على الخريطة، وتحديدا على الشرق والجنوب الأوكراني، يظهر لنا أن شيئا كثيرا لم يتغير خلال هذين الشهرين منذ بدأ الهجوم الأوكراني المضاد.. فلا تزال روسيا تحتل نحو خُمس أوكرانيا – بما في ذلك مدينة دونيتسك في الشرق، ومدينة ماريوبول التي احتلتها بعد أشهر من الحصار، حيث تتحصّن القوات الروسية على نحو جيد.

وتبدت تلك الحائق بوضوح، أمس الأحد، مع اعلان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إقالة وزير الدفاع أوليكسي ريزنيكوف، وتعيين السياسي رستم عُميروف وزيراً جديداً للدفاع، في خطوة مفاجئة، فيما تدخل الحرب مع روسيا شهرها التاسع عشر.
زيلينسكي يتعرض لانتقادات شديدة من الغرب


الرئيس الأوكراني زيلينسكي ـ AFP
وترى صحيفة «لوبس» الفرنسية، أن الرئيس الأوكراني، زيلينسكي، يتعرض لانتقادات شديدة من الغرب، وأن بطء الهجوم المضاد، والفساد ـ مع اقتراب موعد الانتخابات في الولايات المتحدة وأوكرانيا ـ قضايا تشكّل ضغوطات على الرئيس الأوكراني.
زيلنسكي في عجلة من أمره، وهو ما يزعج حلفاءه.. فيما يرتفِع ضجيج الشكوك بنجاح الهجوم المضاد، ما يثير غضبه، وقد سرّبت إدارة بايدن سيلاً من الانتقادات إلى الصحافة، كاشفة عن أخطاء استراتيجية للرئيس زيلينسكي.
البيت الأبيض يريد تحرير نفسه من بطء الهجوم المضاد
وتقول الباحثة الفرنسية، سارة دانيال، إنه مع اقتراب الانتخابات الأميركية، يريد البيت الأبيض تحرير نفسه من بطء الهجوم المضاد.. بينما يثير مستوى الفساد استياء المجتمع الدولي من زيلنسكي، خاصة وأن الرئيس بايدن سلَّمه خلال قمة مجموعة السبع الأخيرة، معطيات عن أحدث اختلاس للمال العام، حيث لا يريد بايدن أن يتهم بإهدار المليارات من المساعدات الأميركية، على إثراء الوزراءِ الأوكرانيين الفاسدين.

رئيس بلدية كييف منافس زيلينسكي القوي
وتضيف «سارة دانيال» في صحيفة «لوبس»: إن المفوضيةَ الأوروبية أيضا، ترى مكافحة الفساد، جزءاَ من الشروط السياسية للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.. وقد استغل زيلينسكي الحرب باستخدام الأحكام العرفية للتخلص من رؤساء البلديات الفاسدين، وكذلك من المعارضين السياسيين، الذين يمثلون تهديداً له بعد الحرب.

وتشير إلى العلاقات الفاترة بين زيلنسكي ورئيس بلدية العاصمة «كييف»، فيتالي كليتشكو، المنزعج من الضغوط على رؤساء البلديات، والذي يمثل منافساً خطراً لزيلنسكي، بشعبية تصل إلى 58% بين الأوكرانيين.

وتؤكد الباحثة الفرنسة، أن الرئيس الأوكراني، زيلنسكي، يصبح شيئاً فشيئاً سياسياً مثل غيره، وبينما تطول الحرب، فإن العداوات التي كانت خافتة، بدأت تولد من جديد، ومعها الانتقادات.
جدوى الدعم الأمريكي للهجوم الاوكراني المضاد


مدرعات على الحدود الروسية – الأوكرانية في منطقة خاركيف ـ REUTERS
الأوكرانيون حاليا وفق حديث دارا ماسيكوت، الخبيرة في مركز أبحاث راند لتطوير السياسات العامة، لمراسل صحيفة «لوموند» الفرنسية، في واشنطن، يواجهون واحدة من أكثر الشبكات الدفاعية تعقيدا، وليس لدى الجيش الأمريكي خبرة حديثة في مسرح عمليات مماثل لنقلها للجيش الاوكراني، مع وجود خنادق ودفاعات معززة، حفرها جيش عدو منظم، في إشارة إلى الجيش الروسي.

إسقاط المسيرات

ويرجع خبراء عسكريون في باريس، فشل الهجوم الأوكراني المضاد باستخدام «المسيرات» إلى السلاح الإيراني «إل آي إم بي إلكترومغنت بالس»، المحمول على الكتف ويعمل بأشعة الليزر والأمواج الإلكترومغناطيسية، وبإمكانه إسقاط كل المسيرات على مسافة 10 كيلومترات عبر التشويش، وقد أثبت هذا السلاح فعاليته ضد المسيرات الغربية التي تستخدمها أوكرانيا.

ولذلك طلبت موسكو شراء 10 آلاف قطعة منه إلا أن طهران قالت إنها ليست لديها القدرة إلا لتصنيع 50 قطعة شهرياً، وفق صحيفة الجريدة الكويتية.