الهيمنة الغربية تتراجع .. والنفوذ الصيني يتصاعد


جراسا -

يؤكد خبراء استراتيجيون ومحللون في العواصم الغربية (باريس ولندن)، أن الغرب لم يعد يحتكر القوة في النظام الدولي الراهن، فتشهد الهيمنة الغربية التي سادت طوال القرنين الماضيين تراجعًا مطردًا، بدأت ملامحه تتبلور بشكل أكثر وضوحًا في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين، فثمة مواجهات متزايدة على قمة النظام الدولي.

ولم تعد هذه المواجهات قاصرة فقط على الأبعاد السياسية والعسكرية، لكنها باتت تنطوي أيضًا على جوانب اقتصادية وحضارية، وقد أضحت القارة الأوروبية تمثل بالفعل واحدة من ساحات القتال الرئيسة، إثر نشوب الحرب الروسية الأوكرانية.
حرب العملات.. إعادة تعريف كامل للعولمة
يرى المؤرخ الفرنسي ورئيس مجلة «Conflicts»، جان بابتيست نوي، أن الحدث الأكبر هو عودة الصين إلى المنافسة على قمة النظام الدولي، وأنه إلى جانب التحديات الجيوسياسية التي تواجه الهيمنة الغربية على قمة النظام الدولي، توجد تحديات اقتصادية متزايدة، فقد أعادت الحرب الروسية الأوكرانية إحياء حرب العملات بين القوى الكبرى في النظام الدولي، حيث بدأت الصين تشتري الغاز والنفط الروسي باليوان الصيني، كما فتحت الهند مفاوضات مع روسيا لدفعها بالروبية، في حين عرضت المملكة العربية السعودية على الصين شراء نفطها باليوان، وهو ما يعكس مؤشرات مهمة بشأن إعادة تعريف كامل للعولمة.

الاقتصاد قبل الشيوعية في الصين


يقول جان بابتيست نوي، في كتاب جديد له حمل عنوان «انحدار العالم: الجغرافيا السياسية للاشتباكات والمنافسات في عام 2023»، إنه على المستوى العالمي، لا تسعى الصين لنشر الشيوعية، كما حاول الاتحاد السوفييتي أن يفعل في وقته، فالشيوعية بالنسبة لبكين ليست سلعة تصدير، وإن كان الفكر الشيوعي يمثل هيكلًا للسياسة الداخلية بالنسبة لبكين، إلا أنه ليس حاسمًا في سياستها الخارجية، فتحرك الصين الدولي بالأساس يستند إلى قوتها الاقتصادية وجاذبيتها للدول النامية.

صعود البحرية الصينية


يؤكد جان أن كل ما تفتقر إليه الصين الآن هو القوة العسكرية، وهذا ما تركز عليه حاليًّا، من خلال اتجاهها لتطوير قوة بحرية حديثة وقوية بطريقة متزايدة، بحيث تكون قادرة على إبراز نفسها عالميًّا، فقد أظهرت العديد من التقارير مدى صعود البحرية الصينية في جميع المجالات والغواصات والفرقاطات وحاملات الطائرات، وذلك بالتزامن مع تآكل القوة الأميركية في هذا الشأن، فقد شهدت رئاسة أوباما السابقة انخفاضًا واضحًا في القوة البحرية الأميركية.

أخطاء الغرب في معرفة الواقع الصيني
يشير المؤرخ الفرنسي إلى أنه يوجد قصور غربي بشأن معرفة الواقع الاقتصادي الحقيقي للداخل الصيني، إضافة إلى العديد من الأخطاء التي ارتكبت في ما يتعلق بالصين:

يتمثل الخطأ الأول في الحديث عن ولادة الصين أو الحداثة الصينية في ما يتعلق بقوتها، فما تعيشه الصين اليوم هو عودة إلى قوتها السابقة، وليس ولادة، فنادرًا ما تتمكن إمبراطورية منهارة ومحتلة ومجزأة من استعادة مكانتها وقوتها، فقد أعادت الصين اليوم إحياء المكانة التي احتلتها في القرنين الرابع عشر والخامس عشر.
أما الخطأ الثاني، فيتمثل في التفكير في أن الصين لم تعد شيوعية، فقد كانت الصين ولا تزال شيوعية، ويقدم رئيسها شي جين بينغ نفسه على أنه خليفة ماو تسي تونغ.
بينما يرتبط الخطأ الثالث بالاعتقاد بأن الصين لا تُقهر، فهي موجودة اليوم من المحيط الهادئ إلى أوراسيا، ومن إفريقيا إلى المحيط الهندي، مدفوعة في ذلك بقوتها الديموغرافية الهائلة، لكن في المقابل فإن سكانها يتقدمون في السن، كما أن هذه الإمبراطورية الصينية الاقتصادية والمالية باهظة الثمن ومتسعة الجغرافيا، ولا يمكن الحفاظ عليها على المدى الطويل.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات