للباطل جولات .. لكن للحق جولة قاضية


لقد اشتهرت امتنا العربية ، في تاريخها الحديث المؤلم ، بافتعال المعارك الهامشية ، التي شتتت الجهد والفكر ، بعيدا عن الهدف ، ففي الخمسينات والستينات كان الفرز في الساحة العربية ، بين رجعي وتقدمي ، ولكل جبهته ، ولكلاهما عدو مشترك ، ثم جاء شعار التضامن العربي في السبعينات، ليلغي هذا الشعار الكارثي ، ويحقق بعض الايجابيات ، كما اشتهرت امتنا بالتقليل من هول الهزائم ، وتحويلها الى انتصارات ، فهزيمة حزيران اصبحت نكسة ، وام الهزائم سميت ام المعارك ، وسحق البنية التحتية في لبنان ، تحول الى نصر الهي ، والغضب المصبوب المتساقط على غزة ، كان ايضا نصرا ، بمجرد خروج القادة من انفاقهم سالمين .
اردننا هو جزء من الامة العربية ، وثقافة شعبنا تتأثر بالثقافة القومية العربية ، وفسادنا واستغفالنا واستدراجنا والضحك علينا طويلا ، نتاج لهذه الثقافة التي تعشق الالوان الرمادية ومزج الالوان ، فلم تقتصر هذه التشوهات في المفاهيم على الانظمة العربية ، بل امتدت الى قواها الطليعية ، احزابا ونقابات ومنظمات مجتمع مدني ، وهي المفترض ان تكون قيادات للعمل الشعبي ، وينابيع لثقافته الجديدة ، فكم حزبا في الاردن ، يرفع شعار الحرب على الفساد ، والنضال من اجل الحرية والديمقراطية ، ويعيش كل هذه المعيبات في عقر داره ، فيظل القائد الحزبي المناضل ، وبمعاونة اذنابه ، متشبثا بالكرسي الى الابد ، يحيك المؤامرات لمن يكتشف الاعيبه ويتصدى له ، وتتضامن قوى الفساد الحزبي ، لاقصاءه عن مسيرة الحزب .
وكم من قادة نقابيين ونقابات ، تاجروا بمصالح السواد الاعظم من زملائهم ، لحساب مصالحهم الخاصة ، وكما الشعب كان النقابيون ، فئة عرفت الحق وكابدت وضحت من اجله ، وفئة انجرت مع المتاجرين من اجل الفتات .
نحن عمال البوتاس ، عشنا هذه التجربة منذ اكثر من سبعة اعوام ، مع نقابة اخترنا نحن اعضائها فخذلتنا ، ولاكثر من مرة ، تفاءلنا بوجوه جديدة ، فلحقت بمن سبقها ، تجاهلوا حقوقا اساسية ، وصنعوا من مطالب تافهة تحققت ، انجازات وانتصارات نقابية ، سعوا مع ادارة سابقة لتحقيق مصالحهم ومصالح ازلامهم ، فكان التوافق والاتفاق ، ثم جاءت ادارة جديدة ، وقفت سدا منيعا في وجه مصالحهم الشخصية ، فسعوا الى ازاحتها ، واعلنوا الحرب عليها ، وها هم الان ينتظرون اعلان الانتصار ، باعلان استقالة او اقالة ، نائب المدير العام للموارد البشرية ، الذي جاء الى شركة البوتاس ، دون ان يمر بحالة البطالة لساعة واحدة ، وان تحقق انتصارهم الموعود ، فلن يمر ايضا بهذه الحالة .

فيا عمال البوتاس لا تنخدعوا وتتوهموا النصر ، ان تحقق هدف نقابة المناجم والتعدين ، فلن يكون الذي انتصر هو حقكم ، بل سينتصر عندما تتصدون لكل من يتلاعب بعواطفكم ، وتنتزعون حقوقكم بتضامنكم وتنظيمكم ، وسعيكم الجاد لانشاء نقابة خاصة بكم ، تنتخبون لعضويتها من ينتصر لكم ، ولا يتاجر بكم ، ولا يسعى لمصلحته الشخصية على حسابكم ، ولن تكون كرة صغيرة من الفساد نفسه ، تتدحرج في مواقع الفساد ، ليتراكم عليها ويتصلب ، وتصبح صخرة تجثم فوق صدورنا ، في هذا الزمن الرديء ، الذي اصبحنا نشهد للباطل فيه صولات وجولات ، لكن الحق حتما سينتصر في النهاية .
لن تتوقف المعارك الالهائية ، فالمعارك مستمرة ، يا جماهيرنا يا حرة ، والانتصارات ستستمر ، فلا بد ان ننتصر ، في معركتنا مع رئيس الاتحاد العام لعمال الاردن ، وفي معارك اخرى منتظرة ، حتى نستطيع استعادة حقوق عمال البوتاس ، تماما كما كان تحرير عمان وبيروت ، طريقا لتحرير فلسطين ، فلا غرابة ان نستلهم من ابداعات السلف الثائر ، ما يحفظ ماء الوجه لهذا الخلف المتاجر .
على وقع هذا الانتصار المشؤوم ان تحقق ، تستحضرني طرفة ، اعتقد ان اغلب زملاءنا في البوتاس يعرفونها ، شابان مصريان ، احدهما يدعى حسنين والاخر عوضين ، عادا الى شقتهما في الدور السبعين ، من ناطحة سحاب في نيويورك ، فوجدا المصعد معطلا ، فقررا الصعود على السلالم ، وبينما هما كذلك وقد اعياهما التعب ، صاح حسنين قائلا ، يا عوضين ، عندي الك خبرين ، واحد بفرح وواحد بزعل ، فقال له عوضين ، هات الخبر اللي بفرح بالاول ، فقال حسنين ، لقد وصلنا الدور 65 وبئلنا بس خمس ادوار ، فرد عوضين ، طيب ايه الخبر اللي بزعل ، فقال حسنين ، اطلعنا البناية الغلط .

m_nasrawin@yahoo.com



تعليقات القراء

اردني حر
الحق ابقى - أما الباطل فيذهب الى غير رجعة ,,, والزمان ليس ردىء انما الردىء من يعيش بهذا الزمان ,
25-04-2011 02:01 PM
سامر
مبروك اية االمحامى الجديد لماذا كل النقد الى الاحزاب والنقابات وانت كما اعرف كنت جزء مالان هذا التاريخ اية المحامى الجديد ؟؟؟؟؟؟؟ هل تعلم ما هى اخر توصية الى البطل رائد الى مجلس الادرا ة !الغاء التامين على حياة الموظفين ما هو رائك اية المحامى
26-04-2011 03:10 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات