«المسنون» ضحايا التضخم وارتفاع الأسعار


جراسا -

في ظل مناخ عالمي مرّ بسحب كثيفة من التضخم المفرط والأزمات الاقتصادية التي دفعت بأسعار المواد الغذائية إلى أرقام فلكية.. وتحت مظلة تقارير أممية تحذر من «الموت جوعا».. هناك قطاعات بشرية من المسنّين والمسنّات» سقطوا من حسابات المجتمع الدولي، وهم لا يملكون شيئًا حتى القدرة على الحركة والبحث عن أي وجبة تنقذهم من الموت جوعًا.. وقد بدت آثار أزمة التضخم العالمية عليهم.

وتشير دراسة جديدة أجرتها شبكة HelpAge الخيرية التي تمولها وكالات دولية إلى أن كبار السن يضطرون اللجوء إلى «إجراءات قاسية للبقاء على قيد الحياة»، من التسول للمرة الأولى في حياتهم، إلى مغادرة المستشفيات بدون تلقي العلاج اللازم.
الأزمة تضرب الصحة العقلية للمسنين
ويؤكد الخبراء أن الأزمة كان لها بالغ الأثر على الصحة العقلية والنفسية للمسنين.. وهي مشكلة كبيرة جدًا يتم تجاهلها تمامًا.. ويقول برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، إن عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدامًا حادًّا في الأمن الغذائي ارتفع من 135 مليون في عام 2019 إلى 345 مليون في عام 2022.

وفضلاً عن وباء كوفيد والتغير المناخي، أدت الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/ شباط عام 2022 إلى عرقلة سلاسل إمدادات الغذاء والطاقة والدواء وكذلك إلى ارتفاع هائل في معدلات التضخم.
النساء المسنّات يتحملن المعاناة الأكبر


النساء المُسنّات، يتحملن العبء الأكبر للأزمة، بحسب خبراء.. ومن جانبه يقول بوب باباجانيان، رئيس قسم ضمان الدخل بشبكة HelpAge إن الأعراف الاجتماعية – الثقافية عادة ما تؤدي إلى أن النساء يصبحن أول من يتنازلن عن وجباتهن عندما يصبح الطعام محدودًا. كما أنه بسبب حالات انعدام المساواة الاجتماعية القائمة بالفعل، فإن النساء أقل قدرة على إيجاد مصدر للدخل.

وهذا يُترجم أيضًا إلى ديناميكيات داخل الأسر، حيث تصبح سيطرتهن على المصادر أقل من سيطرة الرجال، وفقًا لتقرير ريكاردو سينرا، مراسل شؤون السكان في شبكة «بي بي سي»، وعادة ما تكون النساء هن الراعيات الأساسيات للأطفال والأقارب، وعادة ما يحصلن على رواتب أقل من الرجال عندما يعملن في وظائف.
إهمال وتجاهل معاناة المسنين
تحدثت شبكة «بي بي سي» إلى مسنين ومسنات من أنحاء مختلفة من العالم في محاولة لفهم آثار أزمة التضخم العالمية عليهم، وكشفت شهاداتهم عن هشاشة بالغة واعتماد متزايد على المنظمات الخيرية، كما تكشف عن تحديات يواجهونها لتوفير احتياجاتهم الأساسية.

وتقول كلاوديا مالر، خبيرة حقوق كبار السن المستقلة لدى الأمم المتحدة: «البيانات الخاصة بكبار السن غير موجودة نهائيًّا، وهؤلاء لا تشملهم أنظمة المساعدة لأنهم لا يلفتون الأنظار لأنفسهم، وأن الفئات الأخرى التي تُحدث ضجيجًا تدفع بهم إلى الخلفية».
البحث عن وجبة واحدة في اليوم!
وتناول تقرير ريكاردو سينرا، صور بؤسٍ وحرمانٍ لعدد من المسنّات، من بينهن ميسيرات أديس، 83 عامًا، من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، والتي تتناول وجبة واحدة في اليوم، وأحيانًا لا تجد ما تتناوله من طعام على الإطلاق.. تقول ميسيرات»، بينما تتدثر ببطانية في غرفة نومها الباردة: «تستطيعون أن تروا أني مريضة وألزم الفراش. إذا لم أحصل على المساعدة، فلا أتوقع سوى الموت».

في سرير آخر، على بعد أكثر من 4000 كيلومتر، في العاصمة اللبنانية بيروت، ترقد أليس تشوبانيان البالغة من العمر 67 عامًا، وتتحدث بمشاعر يأس مشابهة: «لا أريد أن أتحدث عن عدد المرات التي حاولت فيها إنهاء حياتي».
ارتفاع عدد المسنين في بريطانيا
صورة أخرى ترسمها، تاباني سيتول، ممرضة متقاعدة تبلغ من العمر 74 عاما وتقيم في جنوب لندن. تضطر سيتول حاليًّا للاعتماد على مؤسسة خيرية يديرها أفراد المجتمع وتسمى «بنك الطعام» للحصول على احتياجاتها الغذائية.. وذكرت سيتول، أنها تعتمد كذلك على مساعدة المنظمات الخيرية مثل منظمة Independent Age، وتخشى أن الأوضاع ستزداد سوءًا مع مرور الوقت.

وتقول الدكتورة واي يانغ، مديرة مركز دراسات الشيخوخة بجامعة كينغز كوليدج لندن: «في المملكة المتحدة، عدد هؤلاء الذين يبلغون من العمر 65 عامًا أو أكثر سوف يرتفع بمعدل المثلين أو الثلاثة أمثال خلال العقدين المقبلين».

وسوف يصبح من شبه المستحيل أن يكون لكبار السن دائما أفراد أسرة أصغر سنًّا يقدمون لهم العون. ومن ثم يتعين على الحكومات التفكير في طرق جديدة لتمويل رعاية المسنين على المدى الطويل.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات