عودة سوريا للجامعة العربية لا تحصّنها من الضربات الإسرائيلية


جراسا -

جاءت الضربة الصاروخية الإسرائيلية على سوريا، ليلة أمس الأحد، وسط متغيّرات كثيرة طرأت على المشهد السوري سياسياً وعسكرياً. فمن الناحية السياسية، عادت سوريا إلى الجامعة العربية، وحضر الرئيس بشار الأسد قمّة جدّة وسط ترحيب حارّ، وذلك بالتزامن مع خطوات متقدّمة تجري على مسار التطبيع السوري – التركي الذي ينتظر تحديد موعد لانعقاد اجتماع رباعي لبحث خريطة طريق مفصّلة، وفق ما أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قبل أيام. أمّا عسكرياً، فقد سُرّبت معلومات عن توقف العمل بـ"الخط الأحمر" بين موسكو وتل أبيب الخاص بتنسيق الطلعات الجوية لمنع حدوث تصادم بين الجانبين.

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، عن مصدر عسكري، أنّه في الساعة 11.45 من مساء الأحد، "نفّذ العدو الإسرائيلي عدواناً جوياً من ناحية الجولان السوري المحتل، مستهدفاً بعض النقاط في محيط دمشق".
وأضافت الوكالة، أنّ وسائط الدفاع الجوي "تصدّت لصواريخ العدوان وأسقطت بعضها، واقتصرت الخسائر على الماديات".

بدوره، ذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، أنّ صواريخ إسرائيلية استهدفت على دفعتين، قاعدة لقوى "الدفاع الجوي" التابع لقوات النظام، حيث يتمركز عناصر من "حزب الله" اللبناني، في منطقة حفير الفوقا بريف دمشق، واستهدفت الهامة ومنطقة المطار، من دون معلومات عن وجود خسائر بشرية.

وما عزّز الشكوك حول توقّف الخط الساخن "الأحمر" بين تل أبيب وموسكو، أنّ الغارة الإسرائيلية حصلت أثناء إقلاع طائرة شحن روسية من قاعدة حميميم، وفق ما رصد الباحث في الشأن الإيراني ضياء قدور على حسابه في موقع "تويتر"، وقال قدور، إنّه عند إقلاع الطائرة الروسية كان هناك نشاط كثيف للمضادات الجوية السورية فوق دمشق.

وكان شهد العام 2018 إسقاط طائرة شحن روسية فوق البحر الأبيض المتوسط جرّاء إصابتها بمضادات سورية كانت تحاول التصدّي لصواريخ إسرائيلية. وقد حمّلت موسكو تل أبيب المسؤولية عن إسقاط الطائرة، لكن الطرفين تمكّنا من إنهاء التوتر بينهما وعادا إلى تفعيل آلية منع التصادم المُتفق عليها بينهما منذ عام 2015.

ووفق صحيفة "الجريدة" الكويتية التي كشفت قبل يومين عن توقف العمل بالخط الأحمر، فقد اضطرت إسرائيل لشن ضربتين داخل الأراضي السورية من دون الرجوع إلى موسكو لإبلاغها، كما كان يجري في السنوات الماضية، حيث كانت تل أبيب تبلغ الجيش الروسي بمواقع ضرباتها في سوريا قبل دقائق عدة، بما يسمح لموسكو بالتحرّك ولا يؤثر في فعالية الهجمات.

وأكّد مصدر للصحيفة الكويتية، أنّ الجهات الإسرائيلية بدأت تأخذ بالحسبان إمكان أن يكون هناك ردّ روسي على هجماتها في سوريا، أو حتى تعرّض الطائرات الإسرائيلية المقاتلة لاستهداف روسي وهي في الأجواء. وبالفعل، قام الجيش الإسرائيلي بتغيير بروتوكول الهجمات، وأصبح يتجنّب القصف المباشر فوق الأراضي السورية، ويقوم بالقصف من جهة البحر أو من الجولان، كما بدأ الطيّارون الإسرائيليون اعتماد أساليب مراوغة، عبر إطلاق صواريخ وهمية لاستثارة المضادات الجوية السورية ومن ثم تنفيذ الهجوم.

وكانت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أفادت بأنّ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أجرى أخيراً تقييماً مع قادة الجيش الإسرائيلي، للأوضاع في سوريا بعد الخطوات العربية، مضيفة أنّ التقدير الإسرائيلي يشير إلى أنّ عودة الأسد إلى العرب "تطور سيئ على المديين القصير والمتوسط، لأنّها تجعل أي هجوم إسرائيلي عليه أقل شرعية". غير أنّ التقرير نفسه أكّد أنّ إسرائيل بعثت رسائل واضحة إلى المجتمع الدولي مفادها أنّ التطبيع العربي مع سوريا لن يمنعها من مواصلة القصف.

وقال غالانت، قبل أيام، إنّ عودة الأسد للحضن العربي "لن تعطي وكلاء إيران أي حصانة"، كاشفاً أنّه ضاعف عدد الهجمات على إيران في سوريا خلال تولّيه منذ أشهر منصبه.

وكان راهن العديد من المحلّلين السياسيين السوريين على أنّ عودة سوريا إلى الجامعة العربية ستشكّل منعطفاً حرجاً أمام تل أبيب، حتى أنّ أحدهم كتب أنّ "عودة سوريا إلى الجامعة العربية تشكّل ضربة قاصمة لـ"إسرائيل" والولايات المتحدة الأميركية، ولمخططهما في المنطقة، القائم على تقسيمها وعزل سوريا عن الصف العربي".

ومن غير الواضح حتى الآن طبيعة الأهداف التي استهدفتها الصواريخ الإسرائيلية، ولكن ثمة مؤشرات على أنّها تتعلق بمواقع لـ"حزب الله" اللبناني. وكانت مصادر استخبارية أميركية أكّدت قبل أيام أنّ ميليشيا "حزب الله" اللبنانية تُجري تدريبات بالقرب من العاصمة السورية دمشق استعداداً لمهاجمة القواعد الأميركية في سوريا.

وكشف مسؤولان في الاستخبارات الأميركية لصحيفة long war journal أنّ وحدة "الجولان" في ميليشيا "حزب الله" اللبناني تجري تدريبات في قاعدة الضمير الواقعة على بعد 45 كيلومتراً شمال شرقي العاصمة دمشق، من أجل مهاجمة القوات الأميركية في شمال شرقي سوريا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات