تركيا تخشى «البديل» على طريق أردوغان


جراسا -

تؤكد الدوائر السياسية والحزبية في أنقرة، أن الانتخابات الرئاسية والتشريعية، تحمل رسالة «انتخابات التغيير»، وقد شهدت للمرة الأولى، نسبة مشاركة تاريخية قاربت 90%، وهو ما يظهر الإيمان الراسخ لدى الشعب التركي بأنّ التغيير ممكن عبر صناديق الاقتراع، حتى ولو أنّ نتائج الجولة الأولى جاءت على عكس ما أشارت إليه استطلاعات الرأي في الأسابيع الماضية، حين تحدّثت عن تقدم طفيف لمرشح تحالف المعارضة على حساب زعيم حزب العدالة والتنمية.

ولذلك بات واضحًا أن جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية التركية المقررة بعد أقل من أسبوعين، تعد جولة حاسمة للأتراك، سوف يختارون فيها بين كل من الرئيس المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان، ومنافسه كمال كليتشدار أوغلو.


ويتفق مراقبون ومحللون في تركيا، على أن نتائج الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية التركية، كشفت عن مجموعة مؤشرات ودلالات سوف يكون لها تأثير حاسم في الجولة الثانية يوم 28 مايو/ آيار الحالي:

أولًا: توجد هواجس قلق من (بديل) أردوغان، وفي مثل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، وأن حدوث تغيير في اللاعبين سيكون بمنزلة ضربة قوية للنظام المعقد الذي جرى بناؤه، حتى لو جرى الحفاظ على المسار السياسي السابق.
ويرى محللون أتراك أن التهديد الأكثر خطورة والمحتمل هو تغيير المسار، أي الضربة المزدوجة للاقتصاد.

ثانيًا: تأثير خطاب مسؤولي الحزب الحاكم «حزب العدالة والتنمية»، المناهض للمثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسية، وهو توجه يخاطب غالبية الشعب التركي المحافظ.
ثالثًا: رغم الألم الاقتصادي الناجم عن التضخم الخارج عن السيطرة، فإن أردوغان قد أقنع الطبقة العاملة المتدينة المحافظة بأنه لا يزال أفضل قائد لحماية مصالحهم، وأعلن أردوغان الأسبوع الماضي، زيادة رواتب موظفي القطاع العام 45%، وهو الأحدث في سلسلة من القرارات، بما في ذلك خفض أسعار الكهرباء وتقديم الغاز الطبيعي مجانًا لمدة شهر للأسر الفقيرة.
رابعًا: «المهارة السياسية» التي يجيدها أردوغان، خاصة في ظل الظروف العالمية «المرتبكة» وغير المستقرة حاليًّا، فتسلل إلى كل شرخ، وحاول الاستفادة من كل فرصة، ونتيجة لذلك، بحسب المحلل السياسي الروسي الشهير، ألكسندر نازاروف، فقد تمكن من بناء نظام عملاق يستند إلى اتفاقيات معقدة، وتنازلات من جانبه مقابل تنازلات لصالحه، وفي كل حالة، كان كالنحلة، يرتشف قطرة من رحيق كل زهرة.
خامسًا: كان واضحًا تأثير نزعة «القومية التركية»، خاصة لدى قطاعات عريضة من كبار السن وجيل الوسط، وكانت توجد أسباب وجيهة للنزعة القومية، في مواجهة اعتقاد الغرب «بأن الناخبين على وشك إدارة ظهورهم للنزعة القومية لرجب طيب أردوغان».
وترى الدوائر السياسية في أنقرة، أن تغيير المسار السياسي إلى نهج مؤيد للغرب سيكون بمثابة انتحار اقتصادي لتركيا، ستظهر نتيجته بسرعة كبيرة، في غضون بضعة أشهر.

سادسًا: نجح أردوغان في منع الاقتصاد التركي من الانهيار، بعد تحويل تركيا إلى مركز للحبوب والغاز بمساعدة روسيا، وتدفق النفط الروسي الرخيص بخصم إضافي «معتبر»، والأرباح الضخمة من واردات البضائع الرمادية عبر تركيا، المتجاوزة للعقوبات الغربية ضد روسيا، والوصول إلى الأسواق الروسية والصينية، إلا أن ذلك، في الوقت نفسه، غير مقبول بالنسبة إلى الغرب.
سابعًا: نتائج الجولة الأولى أظهرت تراجع الناخبين المخلصين لأردوغان الذي اعتاد الفوز في الانتخابات، واحدة تلو الأخرى، لمدة عشرين عامًا ليجد نفسه للمرة الأولى مجبرًا على خوض جولة ثانية في سعيه لإعادة انتخابه رئيسًا لتركيا، بحسب الباحثة الفرنسية، دلفين مينوي.
ثامنًا: نتيجة الجولة الثانية مرهونة جزئيًّا بالمرشح الثالث، سنان أوغان، القومي المتطرّف الذي حلّ ثالثًا بعد فوزه بنحو 5% من الأصوات في الجولة الأولى، غير أنّه لم يُعلن بعد أن كان سيدعم أحد المرشّحَين، ويتفاوض مع الخصمين مقابل منصب وزاري أو منصب نائب الرئيس.


ويرى المحلل السياسي نازاروف، أن احتياج تركيا للمساعدات الخارجية يتزايد كل عام، في حين بلغ عجز الحساب الجاري التركي 48.7 مليار دولار العام الماضي، ومن المتوقع أن تكون أرقام هذا العام مماثلة، وذلك هو مقدار العملة الصعبة التي يتعين على تركيا توفيرها في شكل قروض أو إعانات لدفع ثمن وارداتها. وقال: في رأيي المتواضع، أنني كنت لأدرج تركيا كواحد من أوائل المرشحين للإفلاس خلال العامين المقبلين، أما إذا فازت المعارضة، فأعتقد أن هذا سيحدث على الأرجح في غضون الأشهر القليلة الأولى.

لهذا فإن تركيا سيكون محكومًا عليها، إما بالعودة إلى طريق الرئيس أردوغان به أو بدونه، وإلا فإنه سينهار اقتصادها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات