إذا لم يسقط الدين عن المدين مقابل الحبس فحبس المدين إبادة جماعية


في تقديرنا المتواضع أن إعادة حبس المدين تصلح أن تكون شاهداً آخر ،وليس أخيراً على فشلنا ، بل و عدم قدرتنا على قراءة المشهد الأردني والدولي في آن معاً ، لأن حبس المدين وإن كان يوحي بما هو أسوأ محلياً ، إلا أنه يغضب الأمم المتحدة ، والمنظمات غير الحكومية ، مما يحرج الدول المانحة ، والتي قد تصبح شريكة في جرم ( حبس المدين ) المخالف للقانون الدولي والمعاهدات الدولية ، وهذا ما يجعلنا أمام حقيقة أننا في متاهة لا نهاية لها ، والمتعثرين في مستنقع دون القاع ، نعم ، سيما وأن المطلوبين الآن على قضايا مالية 158 الف شخص تقريباً ، إضافة لذلك فإن تصريحات البنك المركزي الاردني تفيد أن عدد المتعثرين مليون شخص متعثر بالشيكات ، وهنا علينا ألا نتناسى أن من أهم أسباب التعثر : ( فشل البرامج الحكومية ) في الحكومات المتعاقبة ، وعدم توفير فرص عمل ، أو حتى مناخ للعمل ، والعمالة الوافدة تسيطر على السوق الأردني ، كما أن الحكومات لم تأبه بموضوع توفير سكن للفئات المعروفة جيدا لدى الموسسات الحكومية ، فضلاً عن طرد الإستثمار لا جذبه كما ينادي جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ، ما هذا يا سادة ؟! هل الشعب الأردني بالكامل مطلوب على قضايا مالية ؟! وإلا ما تفسير الهجرة القسرية ، هروبا من السجن المحتوم ؟!! وما دام الأمر على هذا النحو ، فنحن بصدد ( إبادة جماعية) بكل ما تحمل الكلمة من معنى ، ولو بشكل مختلف ، وأدوات مختلفة، وبالطبع مثل هذا الأمر لا يرضي النظام ، ولكننا نتفهم حقيقة الموقف ، والذي أشار إليه المغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسين تغمده الله بواسع رحمته ، حين عبر في أيامه الأخيرة ، عن تخوفه على الأردن من المافيا ، مافيا المرابين ، والفاسدين والمفسدين ، والذين يلقون بعرض الحائط توقيع الأردن على اتفاقية العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، والتي تنص في المائة 11 على عدم حبس المدين العاجز عن الوفاء بالتزام تعاقدي .
وهنا أتساءل تساؤل الباحث عن إجابة : ترى: إذا كانت الأسئلة الصعبة لاتحتاج الى ظرف ينتجها فحسب ، بل هي أيضاً تتطلب عوامل كي تنضج ، وإن كانت هذه العوامل في غالب الأحيان موضع جدل ، كما هي موضع تساؤل يطرح لمعالجة قضية المتعثرين كاملة بما فيها عقود الإيجار ، والقضايا العمالية : لماذا لا يسقط الدين بالسجن ؟! ما دام أن المتعثر دفع حكماً بالسجن حبس جسده ونفسه وروحه ودمه مقابل المال ؟!
ولو أقرت الأردن ذلك قانونياً لخرجت من الإحراج الدولي ، و تبدلت تلك الصورة ، وبقية الأمور في يد الدائن فإن أراد حبس المدين سقط دينه ، وإذا أراد حرية المدين بقي الدين في رقبة المدين وكان ملزما بالسداد وإلا فإن هناك عقوبات مدنية ، تمنع المدين من إجراء أي معاملة إلا بموافقة خطية من الدائن وبذلك نكون قد ضمنا حق طرفي المعادلة ، بدلاً من الإستمرار في حبس المدين والذي يشرد عائلات ، ويكون وكأننا نمارس إبادة جماعية بحق المتعثرين وأسرهم
، وفي المحصلة تتغير عناوين السجال القادم ، للبحث عن حلول حقيقية مثل ( صندوق المتعثرين ) .
وفي تقديرنا المتواضع أن الأردن لا بد ان يكون سباقا في هذا السياق ، سيما وأن
أحدا لايساوره الشك بأن عراقة المؤسسات لابد أن تجد مخرج ، يضمن للجميع حقوقهم ، بدلا من إحراج الدولة والنظام المحترم عالمياً ، والذي كان وما زال رمزاً للأمن والسلم ، وقبلة للرحمة ، وحامي حقوق ( الأمن الإنساني) وهنا قد يتساءل البعض عن كيفية احتساب مدة السجن مقابل الدين ؟! وللإجابة نقول : تكلفة النزيل على الدولة 750 دينار ، هذا عدا عن المصاريف الطبية ، وحبس حريته ، بالتالي فإن الشهر الحبس يجب ألا يقل في حسبة الدين عن ( 1000) الف دينار أردني عن كل شهر حبس .
وبالمناسبة قد حدد القانون الحد الأعلى لحبس المدين مدة 60 يوماً بالسنة للدين الواحد، مع طلب الحبس مرة أخرى بعد انقضاء السنة، و120 يوما إذا تعددت الديون، مع التنويه إلى أن حبس المدين لا يقضي الدين حسب المادة (25) من قانون التنفيذ، كما أن العفو العام لا يسقطه أيضاً ، بالتالي لا بد من إعادة النظر في المادة ( 25 ) .
نقول ذلك ولا يزال الواقع الأردني يطرح تداعياته عبر رسائل تتباين تبعا لمعطيات (حبس المدين ) فيما المضمون لا يتغير ، ومع ذلك ثمة من يراهن على تدخل جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ، و حنكته في قلب المعايير للصالح الوطني العام ، وآخرين يلوحون باللجوء إلى الأمم المتحدة والمحاكم الدولية ، والمنظمات غير الحكومية ، ونحن هنا لا نريد أن نأخذ في وطننا ولا في مواطنينا سواء دائن أم مدين شكل الخطأ أو الخطيئة ،
وإذا كان المرابين يستعجلون ( حبس المدين ) ، كبديل وحيد للورطة التي تتفاقم بغض النظر عما يجري ، فإن الأردنيين ، وإن تباينت درجة امتعاضهم من الاستعجال ( بحبس المدين ) يقرؤون المشهد برؤية مغايرة و بديلة ، و منسجمة تماما مع مصلحة الأردن أرضاً وشعباً و نظاما .
مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي .



تعليقات القراء

اردنـي
اذا كل واحد تداين وما دفع دينه وسقط الدين مقابل الحبس فمعناته كلنا جاهزون للتداين بمليارات الدنانير وخليهم يسجنونا وبعدين بنطلع نبرطع بالفلوس ....السجن مقابل النوايا الخبيثة للمدين وليس مقابل اسقاط حق الدائن.
09-05-2023 10:43 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات