مرافق شيخوخة ..


حاولت أكثر من مرة في السنوات السابقة أن أؤدي فريضة الحج إلى بيت الله الحرام عن طريق وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية فلم أوفق في ذلك ... فقد كانت الوزارة تعتبرني صغير السن Under Age وكانت تعطي الأولوية لمن هم أكبر سناً ...

قبل نحو أسبوع فتحت الوزارة باب التسجيل للراغبين بالحج هذا العام من خلال منصة إلكترونية خصصتها لهذا الغرض ... سارعت للدخول للمنصة حتى لا تفوتني الفرصة كما حصل في العام الماضي عندما تأخرت في تقديم الطلب بضعة أيام عن الموعد المحدد ....
دفعت الرسوم المطلوبة من خلال أساليب الدفع الإلكتروني ... ثم شرعت بتعبئة النموذج الذي ظهر على الشاشة لي ولزوجتي أيضاً .... لأفاجئ بأن مواليد عام 1957 فما دون وأنا منهم عليهم تسجيل "مرافق شيخوخة" معهم ....

يا الله ... ما هذا .... فحتى قبل سنتين لم يكن متاحاً لي الذهاب للحج وفق اشتراطات ومعايير الوزارة بسبب "صغر سني" وها هي ذات الإشتراطات ونفس المعايير تعتبرني اليوم هَرِماً طاعناً في السن غير مؤهل للذهاب بمفرده للحج ... وتشترط أن يرافقني من يتولى خدمتي والعناية بشؤوني ...

أذهلتني المفاجأة للحظة ثم تابعت بعدها تعبئة النموذج المطلوب ... فليس لدي مشكلة في هذا المجال كون زوجتي التي تصغرني بأكثر من سبع سنوات سوف ترافقني في هذه الرحلة المقدسة وهي مؤهلة لأن تكون خير مرافق لي ...
لأصعق مجدداً برفض المنصة لذلك فهي تشترط اتحاد الجنس عند اختيار مرافق الشيخوخة ..... أي أن المرافق يجب أن يكون رجلاً .... وبالتالي فإن زوجتي التي ترافقني في رحلة الحياة منذ أكثر من أربعة عقود لا تصلح لأن تكون "مرافق شيخوخة" لي في رحلة الحج ... أي منطق هذا .... يا أهل المنطق ....؟؟؟؟!!!!

ثم من قال أو أفتى بأنني بحاجة لمرافق شيخوخة كوني قد بلغت الخامسة والستين ... هل أقدم شريط فيديو لي مع شهود عدول ثقات بأنني أمشي يومياً قرابة أربعة كيلومترات خلال أقل من أربعين دقيقة .... منها ما يزيد عن كيلومتر واحد راكضاً .... لأثبت للوزارة والمعنيين فيها أنني قادر على العناية بنفسي خلال هذه الرحلة ....

لماذا الإصرار على اعتبار كل من بلغ الستين أو تجاوزها شيخاً عجوزاً لا حول له ولا قوة ....
لماذا يسمح لمن بلغ الثمانين أو اقترب منها أن يتولى رئاسة دولة كبرى كالولايات المتحدة الأمريكية ... في حين يحال على التقاعد لدينا من بلغ الستين من العمر ....
يبدو أن القضية برمتها هي جزء من ثقافة ورؤى مشوهة تسود مجتمعنا ليس أفراداً وجماعات فقط بل ومؤسسات عريقة أيضاً ....



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات