بيت البيدر المسكون .. الجزء الخامس


وقف سعيد منصور في وسط المحل و ابتسم للإنجاز الذي حققه في مكتبة الكتب، فأخيرا انتهى من ترتيب المكتبة بصورة حتى افضل مما كانت عليه بالسابق، فحينما فتح المحل بعد طول غياب تفاجئ من فوضى عارمة كانت تعم المكان، فبالرغم من قِدَمِ طُبْعَةْ الكتب التي كانت بالمحل الا انها كانت لا تزال في حالة جيدة تمكنه من بيعها لو شاء، و لكن لم يشكل هذا الأمر المشكلة الأساسية، كانت الكتب في فوضى كبيرة حيث كانت بعضها منثور على الأرض بعشوائية و بأكوام صغيرة، و بعضها كان مرميا على طولات البيع بصورة مريبة جدا، وقف منذ اربعة ايام في الصباح الباكر امام المحل حينما فتحه و هو بقمة صدمته، فكان يذكر كم كان والده انسان مثقف و مرتب فكان على ثقة انه من رابع المستحيلات ان تكون هذه الفوضى بسبب والده،

اقفل المحل حينها و سار الى مركز أمن عين ابل و تقدم ببلاغ للضابط المناوب، فحضر محققون منهم و عاينوا المكان و حاولوا رفع بعض من البصمات من على الكتب و طاولات البيع لعلهم يصلوا الى بصمات لها صلة بقيود لمجرمين، فربما من اقتحم المحل كان من السوابق المعروفين، كان بإنتظار تقريرهم و اي جديد منهم يخبره من فتح المحل بغيابه و بغياب اهله و نشر الفوضى بالمكان، ربما كان يبحث عن نقود فكان جرار النقود بماكينة الكاسيو مفتوح و الآلة بحالة خراب فوق طاولة من الطاولات، و لكن منظر الكتب و هو منتشر على الأرض و على الطاولات جعل شكا من نوع آخر يراوده، عن ماذا كان يبحث الدخيل بالضبط؟ فالذي يسرق لن يكترث كثيرا الى كتب المحل،

وضع آخر كتاب بمكانه بعد عمل مضني دام اربعة ايام بأمسياتهم الطويلة، فَقًسَمَ المكتبة الى اقسام مختلفة و وضع لاصقات تحت ارففها تعلن محتواها للذين يريدون التجوال بها، فكان هنالك رف للروايات الرومنسية باللغة الفرنسية، فوضع الكتب الورقية بترتيب عليه جنب الى جنب في خزانة في اول مدخل المحل، و وضع تحته الروايات البوليصية باللغة الفرنسية، و كان هنالك دواوين شعر لكبار شعراء لبنان فوضع خمسة نسخ لديوان لسعيد عقل على رف خاص بشعره بخزانة بجانب الأولى، و تحت منه رف للشاعر و الصحفي جورج عساف الذي كان من كبار شعراء المهجر اللبناني في البرازيل، ثم كان هنالك رف لمؤلفات الفيلسوف و الكاتب جبران خليل جبران، فوجد خمسة مؤلفات لكل ديوان من دواوينه، فكان هنالك لجبران نسخ من العواصف و آلهة الأرض و ديوان بإسم دمعة و ابتسامة، و كان هنالك ديوان بإسم روائع جبران صدر بعام 2005، كان للكتب الثقافية ايضا نصيب كبير فكان هنالك دواوين لكتب تختص بالعلوم السينمائية و كتب تروي سيرة فنانين من زمن الفن الجميل لمؤلفين من مصر، فاسس لها ارفف خاصة بها، و كان للكتب التاريخية مكان ايضا فَكَثُرَةْ الكتب عن الحضارة الفينيقية و الحضارات القديمية المختلفة،

كانت معارض الكتب لا تزال تتمتع بالتقدير بين الناس حينما اسس والده مكتبته، فكان للكتاب احترام خاص بالمجتمع، و كانت طلبة الجامعات و المدارس لا تزال تعتمد المراجع الورقية في دراستها فحتى مع بلوغ ثورة هواتف النوكيا ذروتها كان الإعتمتاد على الكتاب الورقي اساس في التدريس، و لكن مع تطور الهواتف الذكية في العقد الثاني من الألفية الحالية انتشر عبر الإنترنت الكتب الإلكترونية و المواقع الثقافية و الأكاديمية بكثرة، فهجرت الناس عادات مطالعة الكتب لتصبح المكاتب عَالةٌ على اصحابها، فخف الطلب على الكتب الورقية بصورة كبيرة، حتى اصبحت العديد من البلاد العربية تعتمد التابلت في التدريس بالمدارس لينتهي عصر التعليم الأكاديمي و يتحول الى عصر الكتروني بالكامل، لتصبح المكتبات ماضٍ بين ليلة و ضحاها، او اشبه بمتاحف يعود اليها الإنسان المعاصر من حين لآخر ليشاهد كيف كان جيلٌ من القدماء يدرس و ينجر مراحل التعليم المختلفة،

و بالرغم من شكوكه بأنه لن يبيع كثيرا الا انه ابتسم الى الإنجاز الذي قام به، فكان يعلم ان والده كان سيرتب مكتبته بعد الفوضى بنفس الطريقه، كانت المكتبة بالنسبة اليه من رائحة والده...كقهوة الصباح الذي كان يستيقظ على رائحتها و والدته تشربها مع جاراتها قديما، كانت رائحتها شهية جدا و لطالما خلدت في وجدانه مع العقود السالفة بما جبلت له من ذكريات...رائحة غابات عين ابل...طعم ثمار الجوز الذي كان يلتقطها مع والده من الاشجار في ربوع الضيعة اثناء مسيرهم بالشارع بأمسيات تلاقت بها ضحكاتهما مع اصوات العصافير و هي تزقزق بين الأغصان الخضراء، كم حلم بالأستقرار مرة آخرى بضيعته بلياليها الحنونة و قمرها الذي سامر سنين طفولته البريئة، حينما كان يجري مع اطفال الحارة يلهو معهم و يمضي ايامه بِيُسْرٍ بحضن والديه، استنشق مع رائحة الكتب بمكتبة والده عطر والده الذي كان يضعه حينما كان يُصَبِحْ عليه و يُنْهِضُه ليتناول معه طعام الإفطار بالصباح، تذكر حضن والده و وجهه الباسم و هو يجلس معه بأيام العطلة بالمكتبة يعلمه اصول ترتيبها و عن تجارتها، ايام شَعَرَ و كأنها مرت به كالطيف العابر...ففجأة كان يعيش طفولته...و فجاة جعلته الحروب الاهلية يسافر الى بلاد غربة عاش به ايام شبابه الى ان كبر بالسن و شاب كل شعره...و ها هو يجلس بدل والده بمحله العتيق...يرتب ما تبقى من ذكراه و ما خلفته سنين الفوضى التي حرمته من لبنان...قال في ذاته "يا ريت لو ترتيب امور لبنان سهلة مثل ترتيب الكتب بالمكتبة...لو كل شيئ عاد الى نصابه السليم هذا البلد سيسلم من امور كثيرة،
امسك حاملتين لعرض المجلات و وضعهما على باب المحل، كانتا تحمل عشرة مجلات تمزج بين الفرنسية و الإنجليزية و العربية، سار بضعة خطوات و وقف امام المحل، نظر الى الأعلى الى اللافتة الإلكترونية التي علقتها الشركة بالأمسِ، قرأ و هو يبتسم "عالم المعرفة"، اختار ان يحتفظ بنفس الإسم القديم، بقي امر واحدا، و هو ان يدفع إشتراك المولد الكهربائي، فكانت كهربة الدولة تأتي لساعات بسيطة فقط و بغير مواعيد ثابتة، كان لا بد ان يمر مساءا الى منزل قريبه ليتمم هذا الأمر، سيشرب عنده فنجان قهوة و سيدفع ما عليه، عاد الى داخل المحل و جلس خلف طاولة للعرض لعله يسترزق بعد جهده و المصاريف الت ي صرفها على المحل، كانت بالنسبة اليه مصاريف بسيطة مع ما ادخره من تجارته فكانت حساباته ببنوك الخارج بالملايين، و لكن كان لا بد ان يتعامل مع الوضع البنكي في لبنان بحذر، فكانت الأوضاع لا تبشر بالخير،
فجأة رنً هاتفه الخلوي، كان ضابط من المركز الأمني، اجاب "صباح الخير سيد حاتم،"
اجاب المتصل بترحاب "صباح النور، كيف حالك،"
"الحمدلله بخير،"
"سيدي العزيز احببت ان اخبرك بجديد اكتشفناه بالنسبة لبلاغك،"
"تفضل سيد حاتم،"
"احمد الملاح، هل سمعت به من قبل؟"
فكر بالإسم قليلا قبل ان يجيب "لا عرف احد بهذا الإسم،"
"هنالك بصمة من البصمات تخص هذا الشخص داخل المحل، و المميز عنه انه وافد سوري و مع الأسف له سوابق بالسرقات في بيروت و بعض من الضِيًعْ المحيطة بعين ابل، هذا الإنسان كان يسكن منذ عشرة سنين في عين ابل ثم رحل فجأة عنها، يبدو انه اقتحم المحل بعد وقاة والدك بمدة قصيرة،"
"انا مستغرب لأن قفل جرار المحل كان سليم، فكيف اقتحمه،"
"لهم اساليب ملتوية حينما يريدون السرقة، وجدنا بصماته ايضا على جرار المحل المجاور، و كانت هنالك علامات لمحاولات خلع للقفل عليه،"
"انا مستغرب بأنه ترك بصماته بسهولة بالمحل، اكاد اجن، عن ماذا كان يبحث بمحل للكتب؟"
"سيد سعيد هذا اللص محترف، ربما كان يعتقد انه سيجد شيئ نفيس ليسرقه، و لكن من المؤكد ان هذا الإقتحام تم و هو يظن ان والدك توفي و المحلات ستبقى مقفولة من دون ان يفتقدها احد عما قريب، اظن كان مرتاح البال لهذه النقطة، على العموم امسكت به شرطتنا في بيروت منذ سنتين بعد عن سرق محل تجاري و سُجِنَ لبضعة اشهر ثم رحل الى الشام،"

"سيد حاتم شكرا على تعبك معنا،"
"القضية لم تنتهي بعد، على العموم سيتم التعميم عليه و على اسمه، قل لي من فضلك، ماذا تعمل في بلاد الغربة؟"
"انا تاجر، و عن قريب قد اقيم تجارة بين لبنان و التشيلي،"
"وفقك الله، هذه البلاد بحاجة لدعم الكل، نأمل ان تهدء احوالها عما قريب،"
"انشاء الله، شكرا لك،"
انهى المكالمة و وضع هاتفه النقال بجيبه، فكر مليا بأمر لم يفهمه من كلام الضابط، كثر الله خيرهم فرُغْم المشاكل لا يزال يعمل الأمن في لبنان، فلولا تحرياتهم لما تنبه لأمر هام و لما علم من حاول سرقتهم، فالمريب بالموضوع ان بصمات السارق وجدت على جرار المحل المجاور مع علامات محاولت خلع، و لكنها لم تنوجد على جرار محل الكتب بل وجدت في داخل المحل، ماذا يعني هذا الأمر؟ نظر الى المحل من حوله و حاول تحليل الأدلة و البراهين بين يديه، هل هنالك ممر لم يدركه بعد بين المحلات، فجأة تذكر امر المفتاح في داخل الصندوق، و الورقة التي كتبت عليها الرموز الفينيقية؟ ماذا يجري هنا بالضبط؟ و اذا كان هنالك ممر بين المحلات ف كيف عرف عنه اللص؟
******************************
جلست ستيفاتي مسحراتي في مكانها تتأمل باقي النواب و هم يدخلون قاعة مجلس النواب، كانت الجلسة المقررة استثنائية فكان عليهم انتخاب رئيس للجمهورية و سط خلافات حزبية كبيرة، فالتوافق على مرشح ينال على دعم كل الكتل امر لم يكن ادراكه سهل، فكان هنالك فريق يعطل هذه العملية غير مكترث لما قد يحصل لبلادهم اذا بقيت من دون رئيس يضبط العجز و الهدر المالي بالوزارات و يتحمل مسؤلياته على اكمل وجه، كان الرئيس التي انتهت ولايته منذ شهرين منعدم الشخصية و القرارات امام تحديات و ملفات كان يجب البحث بها، فإنقطاع الكهرباء وسط اختفاء المساعدات القادمة لبلادهم في ظروف غامضة و عدم الجدية بالتعامل مع حل دائم للمشكلة ابسط الكوارث التي تنتظر قائدا سيطلب منه التصرف بامرها فورا، كما ان هنالك التحديات الإقتصادية و اصلاحات ملحة يجب ادخالها حيز التنفيذ لا تجد من يتابع امرها، فبلادهم اساسا متروكة لحركة احزاب غير متفاهمة مع بعض ليتعطل الأستقرار فيها و هي بوسط بحور من الكوارث البئيئة و الإاقتصادية و السياسية ،
كانت كل عشرة دقائق تشهد توافد عدد من النواب الى داخل قاعة المجلس، كانوا يتوقفون لبضعة ثواني بتعجب على الكلمات المكتوبة على الأرض باللون الأحمر ثم يدوسونها و هم يهمون بالدخول لحضور الجلسة، ارتفعت التمتمات مع ازدياد عدد النواب فسمعت ستيفاني بعض التعليقات التي كانت ترفض الذي كتبته على الأرض، فكانت تحضر لعدد منهم مفاجئة ما كانوا ليتوقعوها إطلاقا، عزمت على عدم الإكتراث لأصوات بعض الرفض الذي قد يرتفع اثناء كلمتها، فكانت دمائها لاتزال تغلي على حادثت مقتل اطفال دار الأيتام التي حدثت بالأمس فقط و تركت الوجع البالغ في ذاتها، كم كانت تريد سَمً سعادة بعض النواب الذين يرون بلبنان مرتع لخططهم الكريهة و لنشاطاتهم القذرة، فشعرت و هي تراقب توافد النواب الى داخل القاعة انها في داخل مستنقع كريه مليئ بالشياطين و بالزعران و المنفاقين...و خالي من السياسين،
فجأة سمعت صوت ليث بيضون و هو يعلن بدء الجلسة، فقال "هدوء من فضلكم، يجب البدء بجلستنا فورا...ما المشكلة؟ هدوء..."
ارتفع صوت النائب شارل خوري وسط الحضور حيث قال "سيادة الرئيس، لا مشكلة لدينا من بدء الجلسة، و لكن يجب علينا فهم ما هي الأسماء المكتوبة على الارض، هذه مهزلة..."
صرخ النائب طارق سماحة متسائلا "نحن فقط نريد ان نعلم ما القيمة المرجوة من كتابت اسماء على ارض مجلسنا البرلماني..."
أيد النائب فادي الحويك مداخلات زملائه قائلا "للمجلس قدسيته، و هذا قلة احترام للمجلس،" كانت تعلم ستيفاني ان النائب فادي من مناصري احزاب الشيعة في لبنان و كان يكرهها لأنها تطالب بدولة لبنانية مدنية و ليبرالية و إلغاء الطائفية السياسية، كان كثيرا ما يجادلها في رؤيتها السياسية، تابعت الجلبة الكبيرة تحت قبة البرلمان و هي كلها ثقة انها بلغت مقصدها مما فعلت،
فقال ليث بيضون "هدوء ايها الزملاء الكرام،" فجأة تنبه الى نهوضها من مكانها في منتصف المجلس، نزلت الأدراج من الممر في منتصف المجلس بكل هدوء و تروي و كأنها تتنزه وسط حديقة غير مكترثة لعاصفة الجدل التي اجتاحت المكان، نظر اليها بإستغراب و قال "هدوء من فضلكم، السيدة ستيفاني عودي الى مكانك فلم أمنحكي الإذن بالحديث،"
هدأت القاعة رويدا رويدا مع إلحاح ليث للجمع بالهدوء، قالت ستيفاني و هي واقفة على منصة الحديث"عذرا ايها الرئيس، فكلمتي لن تطول اكثر من اللأزم، عندي سؤال لسيادة النواب، "ألم يتعرف احد على الأسماء التي كتبت على الأرض باللون الأحمر، الم تتعرفوا حتى على احد تلك الأسماء؟"
فجأة وقفت النائبة هالة الزغبي و صرخت لستيفاني "هل نحن ببرنامج من سيربح المليون، ما هذه المهزلة ست ستيفاني، هل نتصل بصديق للتعرف عليها ام هل نحذف اجابتين،" ضجت القاعة بالضحك على التعليق فصرخ ليث للحضور "هدوء من فضلكم، الهدوء او الا سأضطر لإلغاء الجلسة،"
اجابت سيتفاني "سيدتي انا سألت سؤالا، و اريد من احدكم جوابا، انا لم اطلب شيئ حرام دينيا او ضد نظام الداخلي للمجلس كي تعترضي ست هالة و تحاولي الإستهزاء بي، هل يقل لي احدكم على الاقل اسماء من تلك على الأرض، و التي دستموها و انتم داخلون الى القاعة!"
فجأة استنار وجه ليث بالمعرفة، فابتسم لستيفاني و هو يكرر سؤالها على المايكرفون "هل يرد احدكم على سؤال حضرة النائبة؟ مداخلتها مشروعة بالرغم من استغرابي من الأسلوب المتبع فقط،"
عم هدوءا حذرا القاعة، و لم يسمع الا بعض الأصوات المنخفضة هنا و هناك، كان بالقاعة قرابة مائة نائب فلم يجب احدهم استفسار ستيفاني، بعد برهة من الزمن قالت ستيفاني "انا سأريحكم من الحيرة بالرغم من الصدمة التي انا بها، ألم يكلف احدكم نفسه للسؤال عن العشرة اطفال من دار الايتام الذين ماتوا في الشواطئ الموبؤة بالنفايات الكيميائية و النووية بالأمس،"
فجأة رأت نظرات بعض النواب تتجه على الأرض، اكملت و بغصة حزن عميقة، "هذه اسماء الأطفال الذين سبحوا بشاطئ من شواطئنا التي رمى احد فيها مخلفات ليست كيميائية فحسب، بل فيها مخلفات بلوتونيوم بحسب تقرير المعامل الطبية! دستم عليها كما داس الفساد عليها وهي تسبح بطفولتها البريئة على شاطئ ظنت ان هنالك دولة تراعي نظافته...!"
وقف النائب شارل خوري قائلا "اريحينا من درامة العواطف هذه، ما هو الاثبات ان هذه السموم رميت من لبنان اساسا،"
اجابت ستيفاني بنبرة حادة "و من لديه مصانع بلوتونيوم من البلدان المحيطة بنا، اسرائيل؟ و لماذا فلم تفعلها بالسابق، ام سوريا؟ سوريا لا تملك هذه المعامل اساسا، الجواب انها اتت في باخرة ما الى مرفئنا المبجل التي تديره بعض من القراصنة و تم نقلها بشاحنات الى اماكن عديدة ورميها على شواطئنا..."
اجاب النائب طارق سماحة "لا بد ان كثرة الأحزان فعلت لإتزانك شيئ، انت ترمي ادارة مرفئنا و القيمين عليه بالتهم العشوائية مرة ثانية، خذي قسطا من الراحة افضل لك، افضل ان تتركي امر التحقيقات للشرطة ست ستيفاني،"
"هل انت بقدرهذه الإتهامات، انت لم تتعرف على اسم من اسمائهم و لم تعرفهم كما عرفتهم انا، هذه الدار كنت ادعمها و كان اطفالها بمثابة اطفالي...اه نسيت،" نظرت الى النائب ايلي و رمقته بعينيها ثم اكملت "اعذروني جميعا، نسيت ان ابارك لسعادة النائب ايلي حبيقة بمناسبة براءته من تهم التسمم الغذائي التي قيل ان الشرطة حققت بها، المشكلة ليس بتحقيق الشرطة، المشكلة مَنْ مِنْ الشرطة حقق بها،"
فجأة صفقت بعض مرات و هي على المنصة ثم اكملت "مبروك سعادة النائب، مبروك براءتك من التهم الموجهة اليك، و لكن اتمنى لك الحظ في محكمة سماوية لا تعرف الرشوة...ارينا كيف سترشي محكمة السماء، على العموم قبل ان انهي كلمتي احببت ان اريكم التقرير الأصلي الذي صدر عن المختبرات بعد تحليل المياه بالشط الموبوء، التقارير التي نشرت بالصحف الرسمية و التي تم تداولها معلوماتها غير دقيقة، لأن التقارير الأصلية صودرت من قِبَلْ قيادات عليا بإدراة الشرطة و تم استبدالها بتقارير لا تنصف الواقع إطلاقا،" فجأة سَلًطَتْ الكاميرات الصورة على التقارير بين يدي ستيفاني، سارت ستيفاني نحو رئيس مجلس النواب و وضعت التقارير امامه، عادت الى المنصة و قالت "قبل ان انهي كلمتي، سأقول لكم قول منسوب الى الرسول عليه الصلاة و السلام، الساكت عن الحق شيطان اخرس، كل إنسان بين يديه ورقة ادانة ينصف بها الأطفال الذين ماتوا بهذه المذبحة فاليتفضل بها للمجلس، فالفاسدون الذين داسوا عليهم كثيرون بهذا المجلس،"
وقف النائب صائب جريصاتي و صرخ بوجه ستيفاني "صحيح انت انسانه مخبولة، يبدو ان حادثة مقتل خطيبك اصابتك بخلل عصبي،"
اجابت ستيفاني "المخبولين هم شلة مرتزقة تدعو نفسها نواب تؤيد الفاسد الذي يُبْقي اللبنانين من دون كهرباء و يترك المستشفيات من دون ادوية و المرضى تموت فيها بينما تصنعها بلدان شقيقة لنا بالأطنان و تستطيع ارسالها لنا على مدار الساعة و بابسط الأسعار، و هذا كله لكي يحموا بضعة لصوص يسرقون ميزانيات الدولة و الوزارات، المخبول هو من يرشي شلة من الفاسدين ترفض مراقبة المواد الغذائية اذا كانت صالحة للإستهلاك البشري ام لا، بضاعة فاسدة اغرقت اسواقنا بالسالف و من دون ضمير يردعهم عن اذية البشر، المخبول هو من يعيق قوانين مكافحة الفساد التي قد تحاسب لصوص يسرقون المساعدات التي تأتي الى دولتنا و تبقي الناس من دون مداخيل يقتاتون منها، اين نقود البنانين...في بطون نخبة تتستر عليها...كلمة آخرى منك و ستسمع من المحامي الذي يملثني، انت نائب فاسد و مخجل بأعين المواطنين ...مواطنون لبنان جائعون بينما انت تتمتع بالنعيم بفيلتك التي يخدمها خدم و حشم،"
صرخ و الغضب يغلي بعروقه"انا فاسد يا عاهرة الليبراليين...!"
قاطع ليث الحوار قائلا "اهدأوا يا حضرة النواب، تفضلي بالجلوس ست ستيفاني و سأنظر بأمر التقرير بنفسيي، السيد صائب لا داعي لهذا التجريح، لطالما كان هذا المنبر متاح لإدلاء الاراء حول شتى القضايا التي تهم المواطن اللبناني و للتعبير عن اوجاع المواطنين، السيدة ستيفاني لم تخطئ بما قالت،"
نظر ايلي الى ستيفاني و هي تعود الى مقعدها، صمت المجلس بعد مداخة ستيفاني حيث اكمل ليث "سنقوم بتلاوة بنود الدستور التي تعطي مجلسنا حق الإنعقاد و شرعية إنتخابنا لرئيس للجمهورية،" انتبهت بأنه ينظر اليها فبادلته وجه جاف المعالم علم منه انها تمقته الى ابعد الحدود، مال صوب طارق سماحة الذي كان يجلس بجانبه بينما تلى المتحدث بنود الدستور، قال بصوت منخفض"لا تقلق من شيئ، اوراقنا بالسليم، المختبرات اثبتت فقط ان المياه ملوثة، و لكن لن يكتشفوا مصدرها،"
اجاب طارق "اخبرني لواء متقاعد من جماعة حزبنا حيث قام ببعض الإتصالات مع اصدقاء له بالامن ان قضية المواد الفاسدة اقفلت و أُيِدَتْ ضد مجهول، لم يتمكنوا من الإمساك بأي ادلة ضدنا، لكن ما اخافه هو سيتفاني،" ارتسم التوتر على وجهه و قال "فباتت كاللبوءة تزأر بوجه المجلس،" كان بحقيقة الحال يشعر بعدم ارتياح من طريقتها بمخاطبت مجلسهم، و كانها باتت تخاطب الكل من دون اية اعتبارات او حدود لتقف عندها، فأكمل "يجب ان نجتمع للضرورة القصوة انا و انت و منيب، الليلة في منزلي،"
اجاب ايلي " اريد ان اعلم من اين اتت بنسخة من التقرير الأصلي، ألعل لها من ينقل لها الأخبار بالأمن؟ او ربما بالمختبرات؟ هذا صنيع شخص لا يهاب وزننا اطلاقا،"
"لا تقلق، سأسأل عن الأمر بطريقتي الخاصة،"
هز رأسه و كأن احمال الدنيا فجأة اصبحت فوقها و اجاب "الآن علمت ماذا تقصد بلبؤة، سأزيدك من الشعر بيت، ستيفاني تشك بي بأن لي يد بمقتل خطيبها، هذا ما اخشاه فقط، اما ديباجاتها اليوم فآخر همي، قضاء الله و قدره يا سيدي، عشرات يموتون في كل يوم في لبنان، الأطفال الذين ماتوا شأنهم شأن باقي البشر، و لكن يجب لستيفاني التوقف عن ملاحقتنا، الليلة يا طارق،"
"لا تستخف بما فعلته اليوم، اخشى انها كسبت تعاطف العديدين من النواب المستقلين، و لكن ألم تكن انت من رتب لخطيبها القنلبة؟"
"ليس انا، صدقني كنت اخطط لذلك لكن ما كنت قد اخذت القرار بعد، احدهم سبقني الى هذا، و قبل ان انسى، هنالك شحنة من نترات الأمونيوم ستصل المرفئ الليلة، جهز رجالك، سيتم تخزينها بمرافق المرفئ،"
"نترات الأمونيوم؟ لم نتعامل بها من قبل، لمن الشحنة هذه المرة؟"
"انها شحنة ترانزيت لزبون يريد ان يبقى بالظل، يريد تخزينها في مرفأنا كي لا يلفت الأنظار له، بعد شهرين اوثلاثة اشهر سيطلب تحميلها الى بلد آخر، سيتم هذا عن طريق باخرة لطرف ثالث،"
"كم مقدار الشحنة؟"
"خمسمائة طن،"
"هذه كمية، سنآخذ عليها مبلغ هذه المرة، انت تعرف ان هذه المواد عالية الخطورة فإذا دفعوا سنخزن لهم ما يريدون،"
سنتكلم الليلة، الرجل اخبرني انه سيدفع بسخاء،"
"قل له سنأخذ خمسة آلاف دولار على كل طن، يعني نقبل بمليوني و خمسمائة ألف دولار،"
"انت النصف و انا النصف،"
حسنا اتفقنا،"
فجأة ارتفع صوت احد الزملاء و هو ينادي النواب للأقتراع، قال بالمايكروفون "ايلي زكريا حبيقه،" قال ايلي و هو يقف "لا تكتب شيئ، لحزبنا شروط لم نتوافق مع احد عليها، سنسلم جميعنا الأوراق البيضاء،"
سار في الممر بإتجاه صندوق الإقتراع، سمعت هالة الزغبي اسمها فنهضت من مكانها بالصف العلوي للمجلس، سارت بالممر نحو ستيفاني التي امسكت بورقتها و وضعتها بمغلفها الأبيض، مرت بها و توقفت عندها لبرهة و وضعت ورقة امامها، اكملت المسير و هي تراقب ايلي يضع ورقته بصندوق الإقتراع، استدار ليجدها على مسافة قصيرة منه تنتظر مغادرته الصندوق، ابتسم لها و همس بأذنها و هو يعود الى مقعده " لا تنسي ورقة بيضاء"،
قالت له بصوت منخفض "طبعا،" اتجهت نحو الصندوق و هي تضع الورقة بالمغلف و قد كتبت عليها ستيفاني مسحراتي، اغمضت عينيها و هي تسقطها بالفتحة و قالت في ذاتها "لم ترشحي نفسك، و لكن لو لم افعلها لن يلتفت احد بأنك اكثرهم تأهلا لتكوني رئيسة للجمهورية بالرغم من ما ينص عليه الدستور،"
قرأت ستيفاني رسالة هالة بصدمة عنيفة، فركت عينيها فظنت لوهلة انها كانت تقرأ خطئا، لم تصدق الكلمات امامها على الورقة، فكانت تعلم ان هالة من اكبر مناصيري ايلي حبيقة، "شكرا للصفعة التي وجهتيها لنا بالمجلس، لأول مرة منذ زمن بعيد شعرت بأنني بحاجتها، لأول مرة تمنيت ان تطول صفعاتك لي فقد ايقظت ضميرا كان مدفون بداخلي، سأتصل بك فعندي ما قد يهمك، كوني قوية لأجل لبنان، اقبل يديك ان لا تضعفي بوجههم،"
************************
فتح العقيد الياس بركات المغلف الذي اتاه للتو مع البريد الى مكتبه في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، كان كبير الحجم و مليئ بالصور الملونة، اخرج محتواه و نظر الى الصور التي كانت بداخله، كانت هنالك ستة صور لتفريغ حاوية من على ظهر باخرة في مرفا بيروت، نظر اليها فلم يفهم ما المميز بها فهذا المرفأ كان كبيرا و يشهد حركة شحن قوية بصورة يومية، كان بعضها عن رافعة تنقل حاوية اربعين قدم من ظهر باخرة الى ظهر شاحنة كبيرة، و كان بعضها للشاحنة و هي تتحرك من ارض التحميل، نظر اليها لأكثر من مرة و لكن لم يرى الأمر المريب بها، كان هنالك تاريخ في اسفل جميع الصور و كان يشير الى العاشر من اكتوبر للعام الحالي، فتح المغلف ليتفقده مرة آخرى قبل ان يرميه بسلة المهملات فسقطت منه ورقة صغيرة كانت عالقة بداخله، التقطها و قرأ محتواها، "ابحث عن الباخرة بيغاسوس البحار يا سيادة الضابط،"
نظر الى الصور مرة ثانية فلاحظ ان احداها كانت للسفينه المذكورة، فكان مكتوب على جنبها و هي راسية بالمرفأ "بيغاسوس،" تذكر جلست اليوم التي بثتها بيروت انترناشيونال من مجلس البرلمان و التي اثار بعض النواب بها حادثة الشاطئ الملوث بالمواد السامة، لا بد ان المجهول الذي قام بإلتقاط هذه الصور علم ان محتوى الحاوية مريب جدا، او الا لما كان ارسلها اليهم، اغمض عينيه و توترت اعصابه للغاية، هل كان لهذه الباخرة علاقة بحادثة السموم على الشط؟ ام فَرًغَتْ على اراضيهم مصيبة آخرى لم تصل للراي العام بعد، فالأسماء التي كانت معروفة لديهم بسيطرتها على المرفا لم تكن قليلة، فمجلس ادارة مرفأ بيروت و الذي يتولى كل المهام اللوجستية به يرأسه عمار الراعي، و هو سياسي من مناصري حزب لبنان الحر، و كثيرا ما ظهر بإحتفالات تخص الحزب مع ايلي حبيقه، لو ثبت عليه اي جرم ستكون فضيحة الموسم و ستحدث عاصفة سياسية في البلد، ماذا عساه فعله كضابط بهذه المسألة، فكانت صلاحياته واسعة كعيقد في قوى الأمن الداخلي و لكن يد الفساد كانت اقوى في العديد من مؤسسات الدولة،
امسك هاتفه النقال و طلب رقم مكاتب ادارة المرفا، انتظر لدقيقة على الخط و التساؤلات تعصف بذهنه عن اذا كان ما يفعله هو الصواب، كان يستطيع اهمال المغلف و اتلافه من دون ان يراجعه احد فالصور لا تحتوي اية ادلة مباشرة تدين احد، كانت لباخرة تفرغ حاوية في المرفا، و لكن التزامه كضابط حرك يده بخلاف المنطق الذي كان يعصف بذهنه ليكلم ادارة المرفأ، انتهت المكالمة من دون اجابت احد الهاتف، شعر برغبة بإعادة هاتفه النقال الى جيبه و لكن شيئ داخله بالمقابل حركه ليطلب الإدراة مرة آخرى، اجابه صوت رجل "الو..."
اجاب "لو سمحت اريد مكالمة مكتب عمار الراعي،"
انتظر دقيقة على الخط ريثما اجابته فتاة بصوت ناعم "ألو تفضل،"
"مرحب سيدتي، انا العقيد الياس بركات من مكتب مكافحة الفساد في مديرية قوى الأمن الداخلي،"
ردت الفتاة بصوت منضبط اكثر "تحت امرك الياس بيك، كيف لي ان اساعدك،"
"اريد الحديث مع السيد عمار الراعي،"
"هو ليس موجود الآن، انه في اجتماع خارج المكتب،"
"هل لك بتزويدي برقمه الشخصي، هنالك امر ملح يجب ان اكلمه بأمره،"
"اذا الرقم الذي ظهر عندي على الشاشة رقمك سارسله لك على الواتس أب، و لكن هل لي بمعرفة ما يجري؟"
"في الحقيقة كنت اريد كامل البيانات و الملفات عن حركة البضائع لباخرة رست في المرفأ بتاريخ العاشر من هذا الشهر، اسمها بيغاسوس،"
"هل هنالك مشكلة بأمرها؟ أسأل لأن طلب استخراج الملف غالبا ما سيسألني عنه اقسام الخدمات اللوجستية و الأرشيف عندنا، فهم من يتولون حوسبة الملفات على برامج الحاسوب و تدقيق حمولات السفن و رصد حركتها داخل المرفأ ثم ارشفت الملفات الورقية، "
"لا مشكلة، الذي استطيع قوله لك اننا نبحث بأمرها فقط،"
"تحت امرك، اعطيني ساعتين من الزمن و ساحضر لك نسخ من الذي طلبته،"
ما اسمك سيدتي؟"
"انا هيفاء سكرتيرة عمار الراعي،"
"شكرا لك،"
*******************************
انهت هيفاء المكالمة مع الياس بركات و اغلقت باب غرفة المكتب عليها بسرعة، فكان الممر امام مكتبها مليئ بالمراجيعن و الموظفين كالعادة، ذهبت الى داخل غرفة مديرها و اتصلت على الفور به على هاتفه النقال، اجاب عمار بإستياء شديد "نعم يا هيفاء، آمل ان يكون الأمر مهم، انا على شك الدخول لوزارة العمل،"
قالت بصوت منخفض و حذر "عمار بيك اعتذر منك و لكن اتصل بي العقيد الياس بركات من مكتب مكافحة الفساد من ادارة قوى الأمن الداخلي، و سألني على ملفات تخص بيغاسوس، ماذا تريدني ان اقول له سيد عمار،"
اجاب و هو بحالة ذهول "ماذا يريد من الملفات؟"
"قال لي انهم يحققون بأمر ما، هذا ما فهمته منه،"
"انا سأتصرف، ارسلي لي رقم هاتفه،"
فصل عمار الخط على هيفاء و اتصل بمنيره مديرة الأرشيف بالمرفا، اجابت بنبرة مرحبة "سيد عمار اهلا و سهلا،"
قال بنبرة عصبية "ست منيرة اسمعيني جيدا، بكبسة واحدة على مفتاح الديليت على الحاسوب اريد إلغاء اية ملفات تتعلق بباخرة بيغاسوس التي رست بالرفأ في العاشر من هذا الشهر، اريد ان يختفي كل شيئ من برامج الحاسوب لدينا، و اي شيئ يتعلق بهذه الباخرة،"
ضربت منيرة اسم بيغاسوس على خانة البحث على برنامج المرفأ فعرض لها الكمبيوتر بوالص الشحن الرئيسية للباخرة، كانت تتعلق جميعها بشحنات ملابس و اثاث منزلي، قالت "سيد عمار لا شيئ مريب باوراق هذه الباخرة، البوالص كانت مليئة بحاويات ملابس و اثاث من فيتنام،"
"يا منيرة لا تناقشيني، انا اعلم ما فقمنا بتزويره مع بعض، امحي كل ملفات الباخرة من الحاسوب و الأرشيف الورقي، قطعي كل اوراقها بماكنة تقطيع الأوراق، أبتدات الشرطة بطلب ملفاتها،"
"تحت امرك سيد عمار،"...يتبع








تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات