المساعدات الإنسانية سلاح تتسابق القوى الكبرى على إشهاره


جراسا -

تحول ملف المساعدات الإنسانية الأممية الخاص بسوريا، إلى ورقة مساومة بيد الأطراف الفاعلة في الأزمة منذ بدايتها.

فوفق قرار مجلس الأمن 2165 لعام 2014، تدخل المساعدات الإنسانية إلى سوريا من المعابر الحدودية مع تركيا فقط، 4 معابر في شمال غرب سوريا سيما معبر “باب الهوى” وكانت تسيطر عليها المعارضة المحسوبة على تركيا، والجيش السوري الحر.

واستمر الحال على ما كان عليه، حتى أدخلت الحكومة السورية فجأة مساعدات إنسانية إلى إدلب، من مناطق خاضعة لسيطرتها.. وكان ذلك في أغسطس 2021.

وهو تطور جاء بعيد أقل من شهرين قرار لمجلس الأمن، بتمديد آلية دخول المساعدات لمدة عام واحد، أي حتى 10 يوليو 2022.

وبموجب القرار الأخير، يمكن تمديد إدخال المساعدت لستة أشهر، أي حتى 10 من يناير 2023 ولكن من خلال معبر باب الهوى فقط.،

ولأن القرار الأممي يتيح أيضا إمكانية التمديد لستة أشهر إضافية، أي حتى 10 يوليو 2023، أقر مجلس الأمن بالإجماع التمديد قبل ساعات.

لكن هذا الإجماع، لم يخف سجالا قائما بين القوى الكبرى بشأن طريقة إيصال المساعدات وحصص توزيعها داخل سوريا،

فموسكو، ورغم موافقتها على القرار الذي وصفته بالصعب، تشدد على أن موافقتها ليست تغييرا في موقف روسيا من آلية إيصال المساعدات لسوريا.

أما واشنطن فتؤكد أن تلك المساعدات ستعم أنحاء سوريا، مشيرة إلى أنها كانت ترغب في التجديد لعام، وليس لستة أشهر فقط.

بينما تدعو دمشق إلى متابعة تنفيذ القرار للتأكد من تقديم المساعدة للسوريين دون تمييز.

ورغم تأكيد الأمم المتحدة على استمرار تدفق المساعدات الإنسانية كشريان حياة لا غنى عنه لنحو لأربعة ملايين شخص في شمال غرب سوريا، إلا أن ثمة مخاوف بشأن تحول الدعم إلى “سلاح” لتغيير موازين القوى خاصة في زمن الصراع بين الكبار.

حول هذا الموضوع دار الجزء الأول من برنامج “مدار الغد”.

من دمشق، تحدث الدكتور أسامة دنورة الأكاديمي والباحث السياسي عن التفاصيل التقنية لعملية دخول المساعدات، مضيفا: “هناك من يشرف عليها بشكل مباشر، ولكن من المفيد القول بأن الالتزام العالمي تجاه مساعدات الشعب السوري خاصة في المناطق التي تم تحريرها من قبل الدولة وطُردت منها المجموعات الإرهابية هو التزام غير كاف”.

وتابع: “الشعب السوري حوالي 15 مليون كما تشير بيانات الأمم المتحدة هم بحاجة لمساعدات والالتزامات الدولية الحقيقة فيما يتعلق بالأطراف الغربية هي ليست فقط مقصرة في هذا الاتجاه ولكن هي أيضا بناءً على إجراءات اقتصادية أحادية الجانب هي تعيق عودة الحياة الطبيعية وتعيق عودة البنى التحتية”.




من واشنطن، قال توم واريك كبير الباحثين في المجلس الأطلسي إن الموقف لدى الغرب هو أن النظام السوري قد يستخدم هذه المساعدات في كسلاح من أجل خدمة أنصاره وأيضا من أجل عقاب المناهضين له، لذلك فإنهم يعتقدون أن دمشق قادرة على استخدام هذه المساعدات كسلاح ضد أعدائهم وهذا ما يمثل خطورة ويمثل صعوبة في وصول المساعدات إلى مستحقيها، حسب تعبيره.

وأضاف: “تقسيم تلك المساعدات بين الناس يحتاج إلى دراسة، والموقف في سوريا مخز ومقلق للغاية لذلك فإن هناك خوف من أن يستغل النظام السوري هذه المساعدات للضغط بشكل أكبر على مناهضيه”.




ومن موسكو، قال د. فلاديمير ستونيكوف – أستاذ العلاقات الدولية بمعهد موسكو الحكومي: “إننا إذا تكلمنا عن روسيا وسبب إصرارها على دخول المساعدات من معبر بعينه فأظن ان ذلك لا يتعلق برغبة موسكو في التحكم بالأمر في سوريا ولكن المشكلة هي أن دمشق مازالت تحت تهديد الميليشيات الإرهابية والجماعات المناهضة للحكومة الرسمية، ولذلك فإن البلدين على حد سواء يخافان من بعض التداعيات إذا دخلت تلك المساعدات من معابر أخرى”.




والجزء الثاني من حلقة “مدار الغد” ناقش قضية اللاجئين السوريين ما بين صعوبة العيش وحلم العودة.

فكل شيء تغير في الأزمة السورية، إلا أزمة اللاجئين، حتى المنظمات الإنسانية المدعومة من الأمم المتحدة، لم تعد قادرة على استيعاب مآسي هؤلاء الفارين من أهوال الصراع، ويبدو أن أزمة اللاجئين لن تعرف حلا نهائيا سوى بحل نهائي لأزمة سوريا ذاتها، وبفتح الباب أمام عودة ملايين اللاجئين خاصة من دول الجوار.


قالت رولا أمين- المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لشئون اللاجئين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن المفوضية عملها يمتد من تسجيل اللاجئ وهي خطوة مهمة جدا حتى نتمكن من إعطائه حقوقه، ورصد احتياجاته من مأوى وغذاء ودواء وذهاب أولاده إلى المدرسة، وأيضا البحث عن حلول، والحلول هي إما العودة إلى بلده أو إعادة التوطين أو البقاء في الدول التي وصلوا إليها.

وأضافت: “لكن يجب ألا ننسى أن معظم اللاجئين السوريين بقوا في الدول المجاورة وهي دول استضافتهم رغم الصعوبات التي تعاني منها هذه الدول اقتصاديا، وهذا كرم شديد، فقد استضافوهم على مدى سنوات، ويجب ألا ننسى دور الدول التي تستضيف اللاجئين وحاجتها أيضا للدعم”.

وأشارت المسؤولة الأممية إلى أنه يجب أن نتذكر أن هناك بعض اللاجئين الذين قرروا العودة في السنوات الماضية، مثلا في عام 2022 حسب ما يمكن تأكيده والرقم يمكن أن يكون أكبر بكثير، أكثر من 50 ألف لاجئ سوري عادوا إلى بلدهم من الأردن ولبنان وتركيا وأماكن أخرى.

وتابعت: “هذا الرقم حد أدنى وهو ما نستطيع أن نؤكده، هؤلاء عادوا بقرارات طوعية، ولكن يجب التأكيد على أن القانون الدولي يضمن للاجئ حق التماس الأمان، يضمن له الحق في العودة إلى وطنه متى شاء، ويضمن ألا يتم إرغامه على العودة أيضاً”.





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات