في الماضي كنا نخاف الظلام , بل ونلتصق وترتجف أبداننا كلما وقعنا في فخ انقطاع التيار الكهربائي,,,فنعمد الى تسلية أنفسنا والتسرية عنها عن طريق خلق أحاديث فكاهيه ليتم لنا الأستئناس ومقاومة الحدث الطارء.

وبنفس الوقت تسري فينا رغبة فاتحة للشهيه ,فنلملم أخر ما تبقى بالبيت من خبز ونهجم كالشرهين باتجاه صحن الزيتون الذي من أسبوع يعاني أزمة القبوع على رف المطبخ دون أن نعيره أي اهتمام,, فكان انقطاع التيار الكهربائي سببا يؤدي فينا إلى تغير كثير من أساليب حياتنا ومما لا شك فيه
أننا وحال عودة التيار الكهربائي نعود إلى عبثيتنا السابقه ويعود الحال الى ما كان عليه.
ومما كان يثير الخوف في قلبي , أن يذهب الجميع الى النوم باكرا في مثل هذه الظروف وبما انّي مصاب بداء القلق المرعب اتسلل الى فراشي بهدوء تام وأبقى متقلباً أعيش حالة من مترقبة تطالب ببزوغ فجر جديد.
أما الأن وبعد مضي أكثر من عشرين عاماً على ذلك الحال أمسيت أعشق الظلام لا لأن شخصيتي وطبيعتي انقلبت وتغيرت لكن أمسيت لا اعرف طريق النوم الا في بحور الظلام التي تعطيني خيالا أوسع وعمق بصيرة ثاقبه,,فأطير في بحور الظلام بين كل التفاصيل وأتذكر ليبيا وثورتها وحربها
واتذكر القذافي فأفزع وأشعر بحاجة ماسة لدفن رأسي في فراشي كي أزيد الظلام لأشعر بالأمان أكثر فتستلزمني رغبة صارخة في البكاء فتخرج كما الانفاس المكتومه,,للأسف تغير الحال وأمسيت أعشق الظلام وأخاف ضوء النهار..فالقتل في ليبيا يزداد ويشتد مع اول خيط ذهبي ..
وهنا يحضرني ما قاله الشاعر الانجليزي جون ملتون..في ملحمته الفردوس المفقود.....(إنه ليحزنني ويسؤني ان أرى ذلك الفن الجليل ((المقصود الشعر)) يستنزف ثرواته الطائلة من براعة الذهن ورشيق العبارة في كتابة المدائح الآثمة الحقيرة للعظماء).
وعلى ذلك تنتهي حكاية وأُسطورة بوداع ظالم آخر ..لكن بعد حين