ماذا يريد الأردنيون


أبدأ الكتابة هنا ببيان إعتقادي ببعض من قناعاتي التي كونتها خلال سنوات خبرتي المتواضعة ومن خلال المعايشة والإحتكاك والتعلم من خبرات الآخرين المختلفة وهي:-
1- إننا في المملكة الأردنية الهاشمية مواطنون أردنيون نسعى للحياة الفضلى وعدداً غير قليل منا يعرف مبتغاه وكيف يمكن أن تتحقق غايته على مستوى الفرد. ومن هؤلاء من يعتقد جازماً بأن أساس تحقيق المصلحة العامة يمر من خلال تحقيق مصلحته الفردية. كذلك فإن منّا من يقدس المصلحة العام ويعمل معتقداً أن المصلحة العامة تصب في مصلحته الخاصة وليس العكس. وحقيقة الأمر فإن قناعاتنا كأفراد هي من العوامل الرئيسة التي تقودنا نحو تحقيق غاياتنا وتؤثر على سلوكنا وكيف نتصرف ونتعامل مع الأوضاع والمواقف المختلفة.
2- يعيش في المملكة مزيج غني من مواطنين من مختلف الأصول والمنابت يعملون على إثراء المحفظة الثقافية  لتخرج ثقافات أردنية متميزة أو مزيج ثقافي متميز يستند الى قيم سامية نابعة من مؤثرات التشكيل والبناء المستندة الى الحضارة الإسلامية.
3- يعتبر الشعب الأردني، بالمقارنة النسبية، من أعلى الشعوب التي تعلمت تعليماً عالياً ولديهم ثقافة رائدة حيث المزيج الغني من المكونات والخبرات والإطلاع على الثقافات الأخرى. ومع ذلك فقد تنظر الدولة لهم كذلك كأفراد، للتفاخر بهم كأردنيين مثلاً، وليس كمجموعات مؤثرة إذ يعوزها القيادات الممثلة لها والمغيَّبة تقريباً عنها لغاية الآن.
4- إننا شعب عاطفي يبدو الكثير منه متأثراً بكلام المصطفى عليه الصلاة والسلام بأن "خير الامور حسن الظن بالله وبعباد الله" وهذه الصفة المتأصلة قد تساعد الإنسان في الوصول الى القناعة إلا أنه من الممكن إستغلالها عندنا لتسهل عملية إنقيادنا وتطويعنا وتقيلنا للتسويف في إدارة شؤون حياتنا وبلادنا.
5- إن التحلي بالشعور الوطني المنتمي وممارسة المواطنة الصالحة يرتب على المواطن واجبات سنَها بقناعاته لنفسه ولا يرتب له حقوق كونه لديه مثل هذه القناعات. لذلك فإن مثل هؤلاء يحددون أنفسهم بمبادئ لا تفرض على الدولة واجبات تجاههم. مع العلم بأن نظام الدولة يفترض بأن إلتزام مثل هؤلاء ذاتي المعتقد والوازع، ولا داعي أو ليس هناك جدوى لإستمالتهم أو حاجةً للإستثمار بهم في المعادلة السياسية أو في تحقيق العدالة الإجتماعية. وقد جرت العادة بالسعي على إستقطاب وإستمالة "المعارضين" ليس لتعزيز مواطنتهم ولكن لاعتبارات أخرى مختلفة لا تصب بمجملها في مصلحة الوطن والمواطن.


والسؤال التشخيصي المطروح والمُحيِر منذ زمن بعيد هو: كيف تدار الامور والأزمات؟
1- لقد تمت الإدارة بتسيير الأعمال بشكل إعتيادي ساعد في إستمرار تعزيز نفوذ القلة أو ما يسمى بمراكز القوة والمقربين على حساب الجمع الذين لم يحسب لهم حساب كمجموعات بل كأفراد قد لا يكونوا ممثلين حقيقيين لمجموعاتهم وجماعاتهم وحتى عشائرهم أو أحزابهم. وبالمناسبة فأنا لا تطاوعني نفسي، وقد لا يحق لي أصلاً، أن أذكر أنني ممثل لعشيرتي إذ أنني لم تسجلني الدولة كذلك ولا أستبعد خروج المُسَجّلين المعتمدين لوصفي أوصافاً قد لا ترضى بها النفس.
2- إذا لم يكن هناك موجباً فلا حاجة للتغيير وتبعاً لذلك يتم تجاهل ردود الفعل الفردية تحت تبريرات مختلفة تعززها أوضاع الإختلافات الإجتماعية والتباينات الديمغرافية.
3- لقد جرى إستخدام أفراد في مناصب هامة عليا على أنهم أصلح من يأتي لإشغال مثل هذه المناصب مع أنه توفرت مؤشرات مسبقة تدل على غير ذلك. ومع هذا فقد جرى تسويقهم مسبقاً على أنهم المخلِّصون الذين سينقذون الوطن من أزماته. وكالعادة وفي كثير من الحالات يثبت عكس ذلك تماماً. ومع ذلك يستمر التسيير الإعتيادي لغاية ظهور أزمة.
4- عند تشخيص الوضع بأنه يشكل أزمة يتم التعامل معها بإدارة فزعة وإرضاء أفراد بخصائص معينة ثم تنتهي هذه الأزمة ظاهرياً. وحيث أن الأزمة لم تحل جذرياً، فالغالب أنها مسألة وقت الى أن تظهر مرةً أخرى وقد تكون قد تفاقمت أو إستفحلت لدرجة عدم نجاعة الحلول الممكنة.

ولكي لا أكون مشخصاً لا يقترح حلولاً، وضمن هذا العرض المختصر، فسأحاول سرد النقاط التالية التي قد تشكل خطوطاً إستراتيجية عريضةً لحلول مقترحة وممكنة للتطوير والتحديث والتنمية، وهذه النقاط هي:
1-  المصارحة الكاملة بامور الدولة والتزاماتها السابقة واللاحقة ووضع الأمور في نصابها الصحيح إذ لا يعقل أن يلزم كافة مواطني الدولة بما لم يحاطوا به علماً بشكل مسبق ولم تتحقق موافقتهم المسبقة علية. إن مصلحة أفراد لا تعني في الغالب تحقيق المصلحة العامة أو مصلحة الوطن. فعلى الأب الديمقراطي بالفطرة أن يضع أسرته في حدود التأثيرات المحتملة لقراراته، والتي قد ترتب إلتزاماً معيناً على الأسرة بكامل أفرادها، إذ لم يعد يكفي أو يفي بالغرض  وجود النية الحسنة لرب الأسرة أو لإعتقاده غير الدقيق بأنه يعرف مصلحة أسرته أكثر منهم نظراً للحكم عليهم بالقصور أو لنقص في خبراتهم التراكمية.
2- إستعراض مفصل ومتكامل لمشاكل الدولة بشكل صريح وواقعي وتشخيص المرض لا العَرَض. إن الفساد الإداري والمالي أعراض لمرض أخشى أن يكون قد تحول من حالته "الحادة" الى حالته "المزمنة".
3-  تحديد الموقع الذي نرغب أن نكون فيه، حسب مطالب الشعب ومصالحهم، كدولة حديثة معاصرة وضمن مدى الرؤيا العليا. ويتطلب هذا الأمر تحديد الأهداف العريضة التي تشكل الغايات وكذلك الأهداف المحددة. وعلى سبيل المثال فإذا كان الهدف الوصول الى "ملكية دستورية" حسب الدستور المناسب، كدستور 1952 مثلاً، فعلينا أن نبين ذلك بشكل واضح وصريح، بإتفاقية الغالبية من الشعب، وعلى الدولة أن تتبنى ما يعتمده الشعب.
4-  بيان خطط العمل التي تيسّر علينا الوصول الى ذلك وبالتفصيل الشديد وذلك لإعطاء المجال للتقييم ممن لديه الخبرة من المواطنين للقيام بذلك.
5-  ضرورة تعزيز الأنظمة الرقابية الصارمة الداعمة والتي تقتضي التعامل بشفافية وتبني مبادئ المسائلة والمحاسبة حسب الاصول.

وبناءً عليه فإن حسن النوايا، الذي يعتبر أساس العمل الجيد، لا يعني بالضرورة حسن التصرف والأعمال ولا يكفي للدلالة عليها. كما أن النية الإصلاحية الخيِّرَة تبدأ بمراعاة شؤون المواطنين وعدم الإستخفاف بعقولهم.

لقد قدمت فيما سبق وجهة نظر تحت عنوان "ماذا يريد الأردنيون" ولست أجزم بصحتها من عدمه إلا أنني حاولت أن أعرض ما أعتقدت أنه مفيد للوطن وأرجو الله أن يكون كذلك.



تعليقات القراء

ibraheem gaith
Dr. refat ,, this is awesome ,, This wonderful ... :)
11-03-2011 09:41 PM
ibraheem gaith
Dr. refat ,, this is awesome ,, This wonderful ... :)
11-03-2011 09:42 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات