اذا أبحنا للعالم او صرحنا عن مدى حبنا وانتمائنا للاردن اخرجونا من الملة , والبسونا كل عناصر الخيانة , وفصّلوا لنا من الشتائم والسباب ما يقزز, حتى بات الاردني يشك في انه يدافع عن بلد غير بلده , أما اذ اعتلى اردني منصات التهريج ومنابر الخداع وقام بشتم الاردن صفقت له الايادي مطولا وسارت خلفه معتبرة اياه بطل ثوري وعملاق في صناعة الوطنية , فهل بات الدفاع عن الاردن في عرف بعض الاردنيين عيب وعار وفتنة وعنصرية وجرح لكرامة الشقيق الفلسطيني؟ , وهل يعقل ونحن في زمن الدفاع المستميت عن الاوطان بأن يشك احد ما في انني في دفاعي عن الاردن قد رضعت حليبي من ام يهودية ؟.
على العموم كل الشكر لله الذي اوزعني وقدرني لكي أشكر نعمته عليّ , لانه احياني ليوم يصفني به البعض باليهودية , لان اليهودية تدافع عن شرف اسرائيل وتعادي كل من يعاديها , وهذه سمة ليست موجودة باتباع القومية ولا بالاسلامية التي تتمنى ان يكون هناك في الاردن اعراس كالتي تجري في ليبيا واليمن والبحرين, وجرت في مصر وتونس لتتراقص بها طربا وفرحا مستغلة المواقف للحصول على المزيد من المكاسب الشخصية .
فحين يتهمني البعض بان حليبي منشأه ام يهودية , فهو قمة الشرف لي لانني ادرك مدى حرص الامهات اليهوديات على امن اسرائيل, وأمي الاردنية الشريفة غير الملوثة يرحمها الله لا تقل شأن في حرصها على امن الاردن من اليهودية على امن اسرائيل , فالتسمية لا تضيرني لانها اشرف لي مليون مرة من ان أُتهم بانني تخليت عن الاردن وتركته ساحته للغربان تنعق به كيفما يشاء الاسياد من دافعي الدولار والريال.
فاليهودية ليست مصطلحا للاتهام في عالم الغرائب العربية كما يرى البعض , بل هي شرف لكل من يحب وطنه , فاستحلفكم بالله اليس فخرا لليهودية ان تقف على اقدامها وسط القومية والشعارات الاسلامية والثورية التي لم يجني منها الاردن غير الالام والمصائب وضياع الاوطان وتلاشي الثروة وتغلغل المخابرات الامريكية بالانظمة العربية للتآمر علينا .
فمن يتهمني بانني رضعت حليبي من ام يهودية , عليه "مردود النقا" وليتذكر إن كان جاهلا او متجاهلا لالتهائه بالشعارات الثورية الخائبة, ان اليهود حافظوا على كيانهم ودولتهم وسط الضجيج العربي الثوري الكاذب , لانهم ينظرون الى ابن البطن "الامهات" في تعيينهم للمناصب الحساسة في دولة اسرائيل ولا يؤمنون ويثقون " بابن الظهر" , اي انهم يعتبرون ان من كانت امه يهودية هو الاصل في بناء اسرائيل وعليه يقع العبئ الاكبر لحمايتها والمحافظة عليها من الضياع , ولا يكترثون كثيرا بمن كان ابوه يهوديا وامه غير يهودية مهما علا صوته وصراخه على الوطنية .
فاليهود لا يجاملون على حساب مصلحة اسرائيل العليا , ولا يخلطون الانساب ولا يختارون زعماء لهم كان ابائهم سفراء ولا وزراء ولا اصحاب اموال, لان عقيدتهم تحّرم عليهم خوض غمار التجربة في المناصب الحساسة , كما نفعل نحن في الاردن والدول العربية.
فسعادتي ستكون غامرة لو تحول وطني الحبيب الاردن الى منهج اليهود في منح المناصب الحساسة لمن كانت امه اردنية الاصل والفصل والانتماء, وخاصة من ابناء تلك النسوة اللواتي انجبن وصفي وهزاع وحابس وعبدالحميد شرف ومحمد هويمل الزبن وخضر شكري وعبدالله التل وكل شهداء جيشنا العربي الاردني في كل المواقع.
فالاردنيين ليسوا على استعداد لايجاد قطعة ارض يعيشون بها بديلا عن وطنهم , حتى لو كانت تلك القطعة جزء من جنات الفردوس, فنحن شعب ليس كشعوب الارض نميل حيث يميل الدولار , وننام حيث ينام الشيكل والريال, فقد مرت علينا ظروف اقسى من تلك الحالية ولكننا من اجل الاردن والمحافظة عليه ارتضينا الفقر والجوع على بيع كرامتنا.
وليعلم من اتهمني بانني رضعت حليبي من ام يهودية ظنا منه انه اساء لي بأنه قد اخطأ , لانه اثلج صدري بهذا الوصف , فالام التي ارضعتني دافعت عن وطنها في ايلول الاسود عندما تحدت ازيز الرصاص لتصنع الخبز والشاي لإطعام الجنود الجوعى بعد ان تأخرت إمدادات الارزاق عليهم , ولم تجد حينها وقود للصاج غير "نمليتها" تلك قطعة الاثاث الفاخرة حينها .
فتلك المرأة تستحق ان تنحني لها الهامات , ويحق لابنائها رفع القامات , فشرف لي ان تكون امي يهودية بدفاعها عن شرف الاردن كما تفعل اليهوديات في الدفاع عن اسرائيل , فهذا الوصف لا يشنينا ولا يعيبنا, بل يمثل كل الشرف للاردنيين الاحرار.
فلتكن كل امهات الاردنيين الاحرار يهوديات بمحافظتهن على الاردن, فالمعايير في نظر البعض اصبحت بالمقلوب حيث بات كل من يطالب بالحفاظ على وطنه يهودي , ومن يطالب بتفريغ الارض وتهويد فلسطين ثائر وشجاع .
سنبقى ندافع عن الاردن حتى لو اوصلتنا كلمة الحق والحقيقة الى نار جهنم , فانا اردني من حقي ان اخاف عليه ,وليخاف غيري على من يشاء من الدول , وليسّلم فلسطين لليهود ويسكن بقصر بدابوق فلكل منا شأن يغنيه.
وقفة للتأمل :" الولاء المطلق للام التي تربي وليس للام التي تولد, فليكن ولائنا للاردن التي ربتنا".

Quraan 1964@yahoo.com