نحو استرتيجيه وطنيه للتغيير


قضايا تنتظر الحل -6-

لقد تكلمت في سلسلة الحلقات السابقه حول الاستراتيجيه الوطنيه عن الاسس والمرتكزات والمعوقات السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه والاداريه التي تواجه هذه الاستراتيجيه وفي هذا المقال فاني ساحدد بعض الاقتراحات المتعلقه بالاستراتيجيه الوطنيه وهذه الاقتراحات التي ذكرت في متن الدراسه او غيرها فهي عرضه للنقاش للوصول الى الحل الامثل .
تمثل رؤيا جلالة الملك وتوجيهاته المستمره للحكومات المتعاقبه الاسس لصياغة الاستراتيجية الوطنيه كما تعمل كدليل ارشادي لهذه الحكومات . وعليها ان تضع الاليات والتصورات لتطبيق رؤيا جلالة الملك وضمن اطار زمني مدروس وامكانية حشد الاردنيين حول هذه الاستراتيجيه الوطنيه .
ان الحاجه اصبحت ملحه ولا تقبل التأخير لوضع استراتيجيه وطنيه واضحه لخدمة الوطن قيادة وشعبا ,وعلى الجميع ,حكومه واحزاب ونقابات ومؤسسات مجتمع مدني ان تلتزم بهذه الاستراتيجيه ,وفي هذا المجال فإننا ندرك ان هناك قوى شد عكسي تعمل على اعاقة تطبيق هذه الاستراتيجيه ,وقد اشرت لبعضها في متن هذه الدراسه . وهذه تشمل النخب السياسيه ما فوق الوطنيه وما تحت الوطنيه وبعض المسؤولين في الدوله ممن امتهنوا المعارضه عندما غادروا مناصبهم وامتيازاتهم .
.وفيما يلي عددا من المعوقات التي تقف في مواجهة اية استرتيحيه وطنيه وتعمل على زعزعنها واضعافها .
اولا : عدم وجود معايير ثابته وضوابط معروفه للتعيين في المراكز المتقدمه ,لايزال قدر لا يستهان به من التعيين في المراكز المتقدمه يعتمد على الشلليه والمحسوبيه والجهويه، ولا يوجد هناك اسس محدده ومقننه للتعيين في المراكز العاليا ,وان نزاهة او عدم نزاهة هذه التعيينات تعتمد علبى نزاهة رئيس الحكومه والوزير المختص ,وهذه تختلف من شخص لاخر ,فبعض المعايير التي يمكن ان توضع من قبل رئيس حكومه لتكون الاسس للاختيار للوظائف العاليا , يمكن ان تلغى او تستبدل لدى تغير الحكومه بحكومه جديده .
ثانيا ؟ المناصب المتعدده للشخص الواحد : هناك حالات عديده يشغل شخص واحد اكثر من منصب في اكثر من موقع ,فقد يكون رئيسا لاكثر من مجلس اداره او عضوا في اكثر من مجلس ,وقد يحال على التقاعد ليعاد في اليوم الثاني مستشارا في نفس الدائره التي كان يعمل بها سابقا وبراتب مضاعف . ان المنطق يقول انه مهما كانت كفاءة هؤلاء الاشخاص فأنهم لا يستطيعون حمل هذا العدد من البطيخ في يد واحده . كما ان هذه الممارسه تثير العديد من التساؤلات لدى النخب حول مسوغات هذا الاعمال قي الوقت الذي توجد فيه كفاءات عديده معطله لا تجد لها موقعا لخدمة الوطن على الرغم من كفاءتها وتاريخها النظيف بسسبب هذه الممارسات .
ثالثا ؟ الفساد المالي والاداري والقيمي : ان الفساد هو ظاهره انسانيه وموجوده في كل المجتمعات . الا ان حسن اختيار القيادات ووضع التشريعات الجيده وتوفر الشفافيه والمسائله القانونيه يقلل من هذه الظاهره .لذلك يجب ان تبذل كافة الجهود لمكافحة افة الفساد وان يكون المسؤلين القدوه في الامانه ونظافة اليد والضمير ,فالكثير من المتاعب الاقتصاديه التي تعاني منها الدوله ناتجه عن استشراء الفساد ,فالرجل الفاسد يعد معوقا اساسيا في تطبيق استراتيجيه وطنيه ناجحه .
رابعا: تهميش دور المرأه في المجتمع : تمثل المرأه نصف المجتمع ,وان تعطيل نصف المجتمع يعني تعطيل نصف الجزء المنتج في المجتمع .وعلى ذلك فانه يتوجب على المرأه ان تشارك في كافة الفعاليات والنشاطات في المجتمع ,فالاستراتيجيه الوطنيه تستند على جناحين وهما الرجل والمرأه لتقوم بدورها بكفاءه ,وان اسلوب الكوتا لا يمكن ان يكون البديل على المدى البعيد للدور الاساسي لها , وحسب ثقلها في المجتمع ,فالكوتا عادة توضع لدعم الاقليه والمرأه لا يمكن ان تعد اقليه في المجتمع الا اذا اعتمدنا على معايير الاهميه فقط .
خامسا: محدوديه دور الجامعات ومراكز الدراسات والابحاث في خدمة صانع القرار وحل المعاضل .
انه وعلى الرغم من وجود اكثر من (25) جامعه حكوميه وخاصه ووجود اعداد كبيره من الاكاديميين المؤهلين تأهيلا عاليا في كافة حقول السياسه والاقتصاد والاجتماع في هذه الجامعات والمراكز ,فإن استثمار هؤلاء في البحث العلمي او لخدمة صانع القرار او لحل المعاضل التي تواجه المجتمع لا يزال في حده الادنى
,كذلك فإنه لا توجد خطوط مفتوحه ومستقره ما بين الجامعات ومراكز الابحاث والحكومه ,وذلك لايصال متطلبات الحكومه الى هذه المراكز او ايصال نتائج ابحاث هؤلاء الى الجهات المعنيه ,وفي حالات عديده فإذا وصلت هذه الابحاث والدراسات لهذه الجهات فإنه يتم تجاهلها وبالتالي يذهب الجهد سدى .
لذلك فإن الامر يقتضي وجود هيئه في الحكومه تجمع وتنسق بعض متطلباتها والتي تحتاج الى اجراء دراسات حولها وارسالها الى مراكز الدراسات المختلفه ومتابعة ذلك، وتقديم الحوافز الماديه والمعنويه لدعم ذلك ، ان وجود قناه مستمره ما بين الحكومه ومراكز الابحاث في الجامعات لازالت تمثل التحدي الاكبر امام الحكومه في كيفية استثمار هذه الطاقات الاستثمار الامثل وتوجيهها باتجاه دراسة القضايا الاكثر اهميه بالنسبه للوطن ، والتي تدعم الاستراتيجيه الوطنيه وتحقق رؤية جلالة الملك.
وهنا يجدر الاشاره ان الاكاديميين والمفكرين في الجامعات الغربيه قد قدموا ويقدموا خدمات جلى لصانعي القرار في بلدانهم ,وان الافكار والرؤى التي تطرح من قبلهم تصبح في حالات عديده منهاجا واستراتيجيه يتبناها صانع القرار، وهناك امثله عديده يمكن ايرادها حول استخدام الاداره الامريكيه للاكاديميين في ادارتها المتعاقبه . فعلى سبيل المثال : فإن ادارة الرئيس السابق كارتر قد استعانت بزبغنو بريجنسكي الاستاذ في جامعة هارفرد ,حيث عين مستشارا للامن القومي ,وكذلك سايروس فانس المحامي المعروف الذي عين وزيرا للخارجيه ,والبرفسور صموئيل هنتنجتون صاحب نظريه صدام الحضارت والذي عين مديرا للتخطيط الاستراتيجي في مجلس الامن القومي . واما في ادارة الرئيس ريجان ,فقد استعان بكل من البرفسور فرنسيس فوكوياما ,صاحب نظرية نهاية التاريخ والذي عين مديرا للتخطيط الاستراتيجي في وزارة الخارجيه ,والاستاذ غراهام فولر والذي عين محللا في وكالة الاستخبارات المركزيه ، واما في ادارة الرئيس كلنتون فقد استعان بالاستاذ دنيس روس والذي كان يعمل في معهد واشنطن لدراسات الشرق الاوسط والذي عين منسقا لعملية السلام ما بين العرب واسرائيل في حينه، ,كذلك الاستاذ مارتن انديك والذي كان يعمل في نفس المعهد والذي عين مساعدا لوزير الخارجيه لشؤون الشرق الاوسط ، ومن ثم سفيرا لدى اسرائيل لاحقا ,وكذلك البرفيسور جوزيف ناي استاذ العلوم السياسيه في جامعة هارفرد والذي عين مساعدا لوزير الدفاع . واما وفي ادارة الرئيس بوش فقد استعان بالبرفيسوره كونداليزا رايس والتي عينت مستشاره لشؤون الامن القومي ومن ثم وزيره للخارجيه ,وكذلك البرفيسور بول ولفوفيتز الاستاذ في جامعة هارفرد والذي عين نائبا لوزير الدفاع ، وكذلك البرفيسور زلماي خليل زاده والذي عين عضوا في مجلس الامن القومي ومن ثم سفيرا للولايات المتحده لدى العراق . وكذلك البرفيسور برنارد لويس الاستاذ العروف والمتخصص في شؤون الشرق الاوسط والذي عين مستشارا في مجلس الامن القومي . ان هذه الامثله تبين مدى اهمية الاكاديميين في مساعدة صناع القرار لتقديم المشوره ووضع الاستراتيجيات حول سيناريوهات المستقبل ولحل المعاضل التي تواجه الدوله .
سادسا : ازديار البطاله والفقر : ان ازدياد معدلات البطاله يعني ازدياد جيوب الفقر ,فقضية البطاله تصبح مؤرقه للجميع عندما تضم عشرات الالاف من خريجي الجامعات من الشباب والذين سدة امامهم السبل سواءا في القطاع العام او القطاع الخاص الذي يتوسع بصوره بطيئه جدا .
يعد الفقر التربه الخصبه التي تحتضن الانحراف والتطرف ,ومنها يتم تجنيد واكتساب العناصر الساخطه ، وذلك لان العاطل عن العمل يشعر بالاغتراب داخل وطنه. ومن هذه الفجوه تدخل المنظمات المختلفه لتقدم للعاطلين عن العمل والفقراء امالا تكون في الكثير من الاحيان زائفه ،,كما ان هذه المنظمات تعمل على تأليب الطبقات الدنيا ضد الطبقات العليا تحت ذريعة الاستغلال والفساد، وغالبا تنسب لهذه الطبقات اسباب الفقر والمعاناه التي تعاني منها الطبقات الفقيره وبذلك تعمل على احداث شرخ اجتماعي داخل المجتمع وتبذل كافة الجهود من اجل توسيعه ,كما تعمل وسائل اعلامها المختلفه على اتهام الحكومه بأنها لا تقوم بواجباتها، وانها تهمل الطبقات الفقيره وتدعم الاغنياء ليصبحوا اكثر غنى ,وانها بدل ان تعمل على تحسين اوضاع الفقراء والارتفاع بهم ,تطالبهم باستمرار بالصبر وشد الاحزمه على البطون والرضى بالقدر الذي يصعب تغييره . ان استحداث برامج التدريب المهني لم تمثل الحل لمشاكل البطاله للان ,وان ما يمكن ان تعمله هذه البرامج هو اعاقة ظهور المشكله وليس حلها ,وان الحل هو توسيع دائرة الاستثمار والانتاج وتوسع القطاع الخاص .
لقد ان الاون للدوله الاردنيه بكافة مكوناتها ان تحدد موقفها واولوياتها وبشكل واضح وصريح ,فالموقف لا يقبل الازدواجيه او التقيه تجاه مصالح الوطن. او التأخير والمماطله والتسويف . ان الاستراتيجيه العاليا للدوله الاردنيه لها تفرعات عديده ، ومنها الاستراتيجيه العسكريه العليا وتقوم بها القياده العامه للقوات المسلحه ، والاستراتيجيه الامنيه وتقوم بها الاجهزه الامنيه ,وان الاستراتيجيه الوطنيه التي اردت ان امر عليها تنصب على الابعاد الاداريه والاقتصاديه والاجتماعيه وكافة النشاطات المدنيه الاخرى التي تقوم بها الدوله. وان هذه الاسترايتجيات تؤثر على بعضها سلبا وايجايا . فالامن والقوه العسكريه للدوله تساعد على استقرار الدوله الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وتتيح لكافة القوى والفعاليات في المجتمع ان تعمل وتطور نفسها في مناخ امن ,كما ان المنعه السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه للدوله تعمل على تدعيم الامن الداخلي والخارجي للدوله . ان الاستراتيجيه العليا للدوله الاردنيه هي مهمه اشمل واوسع من ان تقوم بها الحكومه لوحدها وربما يتطلب تشكيل هيئه عليا لوضع الاستراتيجيه للدوله الاردنيه خلال فتره معينه من الزمن بما يغطي كافة الحقول والجوانب التي اشرت لها في متن هذه الدراسه .
وهذه الهيئه يمكن ان تشارك بها شخصيات وطنيه معروفه بسعة اطلاعها وولائها لهذا الوطن قيادة وشعبا ومن القطاع العام والخاص ومؤسسات الدوله المختلفه ، والتي ينبغي ان لا تنشغل بالتفاصيل الدقيقه بقدر انشغالها بالاطر العامه للاستراتيجيه الوطنيه بحيث تكون تلك الاطر الاسس التي ستبني عليها السياسات والبرامج التفصيليه لاحقا . ان المتغيرات المحليه والاقليميه والدوليه تؤثر باستمرار على الاستراتيجيه الوطنيه وعليه فإن الواقع يفرض باستمرار تحديث هذه الاستراتيجيه فلا يوجد استراتيجيه ثابته وجامده ,تصلح لكل زمان ومكان لأية دوله فأي استراتيجيه وطنيه تصبح عرضه للتغيير في اليوم التالي للانتهاء منها بسبب سرعة الاحداث والمتغيرات .

 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات