قراءة في ثورة التغيير في العالم العربي 2011
1. لعل التغييرات التي تشهدها منطقتنا االعربية منذ مطلع هذا العام تعتبر أهم تغيير استراتيجي يشهده العالم العربي منذ حقبة الإستقلال، فقد تفاجأ العالم العربي كما العالم كله يوم 14 كانون الثاني 2011 باندلاع ما سمي بالثورة التونسية فيما يعد اول ثورة عربية منذ 60 عاما، تلتها ثورة مصر بعد 9 أيام لتطيح هذه الثورات بالأنظمة الحاكمة في تلك الدول بسرعة دراماتيكية غير مسبوقة، ثم لتمتد بعد ذلك بوتيرة متسارعة لمعظم الدول العربية ولتحدث أصداء بعيدة وصلت إلى الصين، آسيا الوسطى وايران وقد تمتد لأبعد من ذلك في مقبل الأيام.
2. إن اتساع وجذرية وحدة التغيير في السلوك الشعبي العربي تنبؤ بتحولات سياسية واجتماعية كبرى سيشهدها مجمل العالم العربي خلال الأشهر القادمة ومن المتوقع أن تمتد تداعياتها لعدة سنوات قادمة، كما أن تشابه الظروف السياسية والاقتصادية السائدة وتقارب حالات الشعور العام بالإحباط لدى معظم الشعوب العربية والتعاطف الكبير الذي تجاوز حدود القطرية بسهولة جعل أمر انتقال نمط التعبير واسلوبه ودرجة التصعيد ومستوى التصميم على التغيير عبر الحدود العربية بغاية السهولة والسلاسة حتى أن المراقب يكاد يرى وكأن الوطن العربي وحدة واحدة في هذا المجال مع فوارق بسيطة في سرعة التحرك وسقف المطالب في كل بلد وذلك تبعا لدرجة تباين العوامل المحركة للجماهير في كل بلد.
العوامل المحركة للثورات
3. من المعلوم أن الثورات الإجتماعية لا تحدث لأسباب طارئة أو نتيجة لأزمات مؤقتة يواجهها مجتمع معين، بل تحدث نتيجة لتراكمات كثيرة ومتنوعة من المشاعر السلبية وحالات السخط العام والتي قد توصل المجتمع إلى حالة من الإحتقان المزمن لا يلبث أن يعبر عنها عند حدث معين بصورة عنيفة وبوتيرة متصاعدة إلى أن تصل ذروتها على شكل عاصفة هوجاء تقتلع كل ما يقف بوجهها، وتعتبر العوامل التالية من أهم دوافع ثورة التغيير في الوطن العربي مطلع هذا العام :
أ. فشل معظم الأنظمة العربية في تحقيق طموحات شعوبهم. لقد سئمت الشعوب العربية من حالة التخلف والتراجع التي يعيشونها في معظم الميادين التي تتقدم فيها باقي شعوب العالم سياسيا واقتصاديا وثقافيا، فرغم أن معظم القيادات العربية حكمت لمدد تقارب الجيلين من عمر شعوبها إلا أنها أوصلت دولها إلى ذيل قائمة دول العالم في كافة ميادين التقدم وإلى رأس القائمة في مجال الفساد، فهم يحكمون باسلوب عاجز وهش عفا عليه الدهر ويتبنى فيه الحكام اساليب لا علاقة لها بالزمن الحالي، وهذه الحالة طرقتها النخب الثقافية والسياسية كثيرا ومنذ عقود إلا أن ذلك لم يكن كافيا لدفع الشعوب العربية للثورة حتى تظافرت معه عوامل أخرى.
ب. الإستئثار بالسلطة ونظام التوريث. تواصل معظم قيادات الدول العربية وأعوانهم من طبقة المنتفعين والبطانات الفاسدة الإدعاء بأنهم قيادات تاريخية ليس لهم بديل في الحكم، وهذا مناقض للواقع، وأعتتقد أن أكثر أسباب تمسكهم بالسلطة هو تورطهم بمسلسلات من الفساد لا تنتهي واتساع دائرة المنتفعين من حولهم، كما أن بعضهم أعجب بقدرة نظامه على إبعاد الخصوم السياسيين عن طريق التلاعب في الانتخابات والتوصل إلى أغلبيات برلمانية مزيفة تبادر لتعديل الدساتير لخدمة استمرار الأنظمة والحالات النفعية القائمة بقيامها، هذه الصورة القاتمة لم تعد تخفى على الشعوب نتتيجة سهولة تداول المعلومات وعدم قدرة هذه الأنظمة على إخفاء بشاعة ممارساتهم.
جـ. العامل الإقتصادي. لعل أهم الآفات التي تواجه أكثرية الشعوب العربية هي الفقر والبطالة ومعلوم أن هذا هو نتاج السياسات الإقتصادية الفاشلة، فرغم أن معظم الدول العربية تمتلك إمكانيات إقتصادية مناسبة لتحقيق العيش الكريم لشعوبها إلا أنها في تراجع مستمر بسبب الفشل في إدارتها للموارد.
د. العامل الإجتماعي: عادة ما يكون المجتمع على شكل هرم تراتبي في معظم الدول المتقدمة، فيوجد في قمته طبقة الاثرياء وهي عادة طبقة صغيرة ثم الطبقة الوسطى وهي الطبقة الأوسع في المجتمع، ثم الطبقة الثالثة وهي الطبقة الفقيرة، وعادة ما تكون هذه طبقة صغيرة تستهدفها معظم برامج التنمية الإجتماعية المختلفة للدولة، ولكن ما حصل في بعض المجتمعات العربية هو نمو غير سليم لطبقة الاثرياء حيث أصبح 5% من الناس يملكون 80% من الثروة ويمارسون كل اشكال الإستقواء على الفقراء والتسلط على موارد الدولة، في حين أن الطبقة الوسطى قد تراجعت مساحتها بشكل كبير وتحولت الطبقة الفقيرة إلى أغلبية المجتمع، وأعتقد أن الحقد الدفين على المتنفذين هو ما يدفع الثوار لإحراق ممتلكات الأغنياء المنهوبة حسب اعتقادهم.
هـ. إستشراء الفساد. لقد بلغ مستوى الفساد في الدول العربية درجة غير مسبوقة في النظام الدولي الحديث، ففي حين لا يملك الواحد من زعماء الدول الغنية والمتقدمة أكثر من راتبه ويكتب مذكراته بعد التقاعد ليكتسب بعض المال الذي لا يتجاوز عدة ملايين تجد بعض الزعماء العرب وبعض أعوانهم ونساءهم وأولادهم يملكون المليارات الكثيرة في بنوك الغرب وشعوبهم تكتوي بنار الجهل والفقر والتخلف، ولو نظرنا إلى كل القطاعات الحكومية في الدول العربية لوجدت نفس الشكوى فالنهب والسلب والمحسوبية هي القاسم المشترك لسلوكيات معظم المسئولين.
و. كبت الحريات العامة. لقد نجحت القيادات العربية خلافا للعالم كله بكتم الرأي الآخر إلا ما يقال خارج الحدود، حتى أن مدح القادة والمسؤولين وكتابة القصائد والأغاني التي تمجد قدراتهم وإنجازاتهم أصبحت تمثل معيارا للوطنية ومن أهم ركائز ثقافة المجتمعات العربية.
ز. الإنتشار الواسع لوسائل الإعلام وسهولة إنسياب المعلومة. الاعلام الحديث والذي من طبيعته أنه عابر للحدود والجدران كشف بشكل واضح عيوب الانظمة وفسادها، ومكن الشباب الثائرين من تنظيم أفكارهم وتنفيذ تحركاتهم بطريقة لا تستطيع الحكومات قمعها أو تجاوزها.
ح. الإحساس بفقدان الكرامة للمواطن العربي والدولة. ليس جميع الشباب الثائرون في ميادين العواصم العربية يبحثون عن الخبز والوظيفة وإسقاط قياداتهم السياسية المتهالكة وحسب بل أن الكثير منهم عبر عن إحساسه بأن هذه معركتهم لتحرير المواطن العربي من سطوة تحالف المال الفاسد مع النخب السياسية الفاسدة، وتحرير الروح العربية من حالة الضعف والهوان في سوق السياسة الدولية فقد قالها ثوار مصر لما نبيع الغاز لعدونا بسعر رمزي، وقالها الليبيون أصبحنا نخجل باننا ليبيون.
السمات المشتركة للثورات العربية
4. اتصفت ثورة التغيير في الوطن العربي بعدة صفات جعلت من لغة الشارع العربي الثائر لغة واحدة وأهم هذه الميزات:
أ. إنها ثورات شعبية بكل ما للكلمة من معنى فلم تكتسب أي لون ولم تسيطر عليها الشعارات البراقة المعهودة للأحزاب والنخب السياسية بل أن هذه الفعاليات لم تكن أكثر من شاهد على بدايات التحرك الشعبي ثم التحقت بالشارع التحاقاً لا قيادة له.
ب. العفوية المطلقة لتحركات الشارع واندفاعهم من تلقاء أنفسهم، ما يحركهم إلا رغبتهم في التغيير والتحرر من الواقع الصعب.
جـ. الإنطلاق المفاجىء والسريع لحركة الثورة وكأنها العاصفة وهذا يشير إلى حدة الإحتقان الذي يعيشه المواطن العربي ويشير كذلك إلى عدم وجود أي شكل من أشكال المؤآمرة الخارجية.
د. سرعة التصاعد في حركة الشارع والتصاعد السريع في سقف المطالب الشعبية بعد كل حالة قمع تقع على المحتجين.
هـ. التصميم على التغيير، فلم تتراجع التحركات الشعبية لغاية الآن أي خطوة إلى الوراء مهما بلغت التكاليف.
و. غياب عنصر القيادة في التسارع باسثناء الشباب المتحمسين والذين يبرزون قدرات قيادية عالية على التعبير وتوجيه المحتجين.
ز. حركة ذات صبغة شبابية.
ح. لم تجدي مع هذه الحركة الشعبية عمليات شراء الولاء بالمال كزيادة الرواتب وغيرها وفي جميع الحالات.
السمات المشتركة لردود فعل القيادات العربية
5. اتسمت ردود فعل القيادات العربية على الحركات الشعبية بشكل بما يلي:
أ. رفض مبدئي لإحتمالية تأثر بلدانهم بالحركة الشعبية على أساس أنهم ليسوا كالآخرين.
ب. محاولات مبدئية لقمع الحركة الشعبية وتخويفهم بكل الوسائل.
جـ. ردود فعل بطيئة ومتبلدة وتلهث وراء الأحداث.
د. غياب الرؤيا وتأخر بالفهم.
هــ. سيطرة القلق والخوف على القيادات العربية بشكل أفقدها القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة والشجاعة في الوقت المناسب.
و. التراجع عن العنف متأخرا ومحاولة التملص من المسئولية.
ز. العمل على تأمين ثرواتها المنهوبة وتدبير ملجأ الهروب.
السياق العام المتوقع في باقي الدول العربية
6. من المتوقع أن تأخذ حركة التغييرفي الوطن العربي أحد أشكال التغيير التالية:
أ. الشكل الأول على الطريقة التونسية والمصرية والليبية والذي يستهدف الاطاحة بالحاكم ونظامه كلياً وهذا الشكل من المتوقع أن يضرب جميع الأنظمة الجمهورية المستبدة.
ب. الشكل الثاني والذي سياخذ مجراه في الدول ذات الحكم الوراثي، وهو أقل حدة من حيث المبدأ لعدة أسباب: أهمها أن هذه الأنظمة لا تعتبر مغتصبة للسلطة، وأن طبيعة علاقات هذه القيادات بشعوبها أكثر تصالحية، وسيستهدف هذا الشكل من التغيير تطبيق إصلاحات جذرية من داخل النظام الحاكم بما في ذلك التحول إلى الملكيات الدستورية، ولكنه قد يتحول إلى المطالبة بتغيير النظام الحاكم جذريا إذا فشلت هذه الأنظمة في التكيف وإصلاح نفسها.
التداعيات المستقبلية المتوقعة على النظام العربي
7. إن التطور الطبيعي المتوقع كما هو شأن الثورات الشعبية التي شهدها العصر الحديث ابتداءا بالثورة الفرنسية ومرورا بالثورة الإيرانية، البولندية والرومانية يمكن قراءته على الشكل التالي:
أ. فوضى سياسية مؤقتة. وذلك نتيجة عدم وجود قيادة سياسية ناضجة للمجاميع الشعبية حيث سيكون هناك صعوبة في إيجاد قيادات بديلة كفؤة من خارج النظام الحاكم وهذا ربما يقود لفترة إرتباك قد تطول أو تقصر حسب درجة النضوج السياسي للمجتمع.
ب. بروز قيادات جديدة ذات بعد شعبي . وهذه القيادات ستحاول النهوض بالمجتمع والدولة بموجب منهج جديد يلبي متطلبات الشارع، قد تتشدد هذه القيادات أو تستبد بعض الشيء ثم تعتدل في مواجهة الواقع السياسي والإقتصادي الصعب في الدولة.
جـ. تلاشي القيادات التقليدية. ستنسحب عناصر القيادة القديمة تدريجيا من الحياة العامة نظرا لصعوبة قبولها من الشارع.
د. المحافظة على الحريات العامة ورفع الوصاية الأمنية عنها. حرية التعبير التي انفلتت إلى أبعد مدى أثناء حركة الشارع لا يمكن التراجع عنها، وسوف تقود للكثير من المطالب الممكنة وغير الممكنة الأمر الذي يجعل مهمة القيادات الجديدة أكثر صعوبة.
هـ. مشاركة واسعة في الحكم. ستضطر القيادات الجديدة للتحالف مع مختلف القوى السياسية لتؤمن لنفسها الشرعية والقدرة على الحكم.
و. ازدياد مستويات الشفافية والمسائلة. وهذا نتاج طبيعي لحالة االتداول السلمي للسلطة ووجود المعارضة السياسية الفاعلة والناضجة.
ز. دعم المجتمع الدولي للأنظمة الجديدة والمتكيفة. ستعمل الدول الكبرى الفاعلة على إعادة بناء علاقاتها مع دول المنطقة للمحافظة على مصالحها وقد تسبق ذلك بخطوات ملموسة لدعم الأنظمة الجديدة سياسيا واقتصاديا.
ح. إعادة بناء الأنظمة السياسية. سيكون ذلك من خلال بناء التكتلات السياسية والأحزاب والتي تعتبر ضرورة للحكم كما هي المعارضة البرامجية على حد سواء.
ط. مرحلة ترشيد الحكم وإعادة التوازن. من المتوقع أن يقود التفاعل الطبيعي بين عناصر السلطة من جهة وبين السلطات والشعب من جهة أخرى في إطار من الشفافية إلى إعادة التوازن بين السلطات وتصحيح قيم المسؤولية وستقود إلى إعلاء سيادة القانون وأخلاق العمل العام وقواعده.
8. من المتوقع أن تقوم بعض الأنظمة بمقاومة التغيير وذلك بسبب اعتقادهم أنهم قادرون على قمع الناس وحكمهم بعد ذلك في ظل البيئة السياسية الإجتماعية الجديدة التي غمرت المنطقة نتيجة قصر نظرهم السياسي أو بسبب خداعهم من قبل طائفة المنتفعين والمنافقين المرتبطة مصالحهم ببقاء النظام، ولكن ذلك لن يطول في ظل النتائج المغرية التي تحققت في الدول التي عبرتها موجة التغيير.
9. هناك مخاطر ذات احتمالات ضعيفة لعملية التغيير ولكنها مهمة جدا وتتطلب الحذر من جميع الأطراف تجنبا للوقوع بها:
أ. الدخول في حالة فوضى وارتباك طويلة.
ب. تفتت بعض الدول نتيجة استغلال أطراف إنتهازية لحالة الفوضى.
جـ. وصول أحزاب سلطوية لم تعلن إلتزامها بنظام التداول السلمي للسلطة.
د. مخاطر التدخل الأجنبي باشكاله المختلفة.
هـ. إلتفاف عناصر النظام على الثورة وسرقة إنجازاتها.
و. تنامي حدة مزاج الشارع بطريقة ترهق السلطة وتضعف موقفها.
10. السؤال الكبير هل التغيير إيجابي للعرب وما هوموقف الآخرين منه:
أ. الشعوب العربية. من الطبيعي أن تمثل ثورة التغيير نقطة تحول استراتيجي في التاريخ العربي، إنها تعني لهم حكم الشعب للشعب، لا مزيد من التسلط، ، إحياء الكرامة الوطنية، إدارة سليمة لموارد الدولة وإطلاق حرياتهم.
ب. إسرائيل. من المؤكد أن إسرائيل تحقق التفوق بسبب ضعف العرب، وإن تصحيح مسار الحياة السياسية والإقتصادية في الوطن العربي والخروج من تحت مظلة الهيمنة الغربية لا يصب في صالح إسرائيل وسيضعها أمام تحديات جديدة أهمها أنها ستتعامل مع دول عربية تحترم نفسها وتحسب مواقفها جيداً.
جـ. إيران. من الواضح أن إيران تبدي ارتياحاً كبيراً لما يجري على الساحة العربية لأنها ترى في ذلك كسرا للتحالفات العربية القائمة مع أمريكا، وهذا بلا شك في صالحها، إلا أنها تتناقض مع نفسها عندما تتحدث عن حق الشعوب في التحرر بينما تقمع شعبها بصورة منتظمة وتتحالف مع النظام السوري المعروف باستبداده المطلق في مجال الديموقراطية وحقوق الإنسان، ومن المؤكد أنها ستدفع للتغيير في الخليج العربي بهدف تحقيق أطماعها ذات البعد الطائفي.
د. تركيا. إن اقصى ما تطمح أن تحققه ثورات التغيير العربية هو نفس ما حققه حزب العدالة والتنمية في تركيا، وتركيا تنظر إلى مزيد من التعاون والتكاتف مع الدول العربية والإسلامية في مواجهة الرفض الأوروبي لها وتتطلع لتحقيق مصالح مشتركة مع العرب ولذلك فإن التغيير يصب في مصلحتها.
هـ. الغرب. من الواضح أن الغرب لا يبدوا متحمسا لهذا التغيير ولكنه يتخذ مواقف سياسية بطيئة ومتأخرة عن سياق الأحداث وغير ذات فاعلية ويعود ذلك إلى اللأخلاقية التي يتعامل بها الغرب مع منطقتنا فهو بوضوح يقف مع من يملك سلطة التعاقد على الصفقات التجارية.
و. الإسلاميين. الإسلاميين جزء أصيل من نسيج المجتمعات العربية ولكن الأنظمة البالية تروج لخطورتهم وتحاربهم بكل الوسائل حفاظا على مصالح النظام فقط، واعتقد أن الإسلاميين من أكثر الناس استفادة من ثورات التغيير لعدة أسباب أهمها: توقف الأنظمة عن اضطهادهم، الإستفادة من إطلاق الحريات العامة في الدعوة لبرامجهم، وأخذ دورهم في الحياة السياسية في بلدانهم.
الدروس المستفادة من الأحداث.
11. من أهم الدروس المستفادة من ثورات التغيير القائمة في العالم العربي ما يلي:
أ. إن إلاستبداد في الحكم والظلم سيقود حتما للمواجهة مع الشعب، وعلى الأنظمة العربية أن لا تهمل مطالب شعوبها أو تستهين بهم.
ب. إن الشعوب هي العنصر الأهم في معادلة الحاكم والمحكوم وإن الجميع يجب أن ينحاز للشعب عندما تختل المعادلة كما حدث في مصر فالشعوب أبقى وأهم من القيادات.
جـ. تهتم القوى الكبرى بمصالحها أكثر من القيم والأخلاق فهي تدعم النظم الديكتاتورية للحفاظ على مصالحها ولتحقيق المكاسب المادية وتنقلب عليها عندما تفقد قدرتها على الحكم.
د. الولايات المتحدة غير معنية بحماية حلفاءها إذا سقطوا، وإنما هي معنية باستمرار تدفق النفط الرخيص وتفوق إسرائيل.
هـ. إن الشعوب العربية تستحق الديموقراطية عن جدارة وتستطيع انتزاع حريتها بدون الوصفات الغربية غير البريئة.
و. هذه الثورات الشعبية أظهرت عدم قدرة منظمات المجتمع المدني العربية من أحزاب ونقابات وجمعيات على إحداث التغيير في بيئة مستبدة.
ز. إن التعاطف الذي ابدته الشعوب العربية تجاه بعضها البعض وتزامن تحركها ووحدة مطالبها تثبت أن ارتباط مصير الشعوب العربية مع بعضها حقيقة وليس وهم.
ح. من الواضح أن المبادرات الاسترضائية أو محاولات شراء الولاء بالمال لن تجدي وليست بديلا عن الإصلاح فحكومة حسني مبارك سقطت بعد ايام من اعلانها عن رفع الاجور للموظفين.
1. لعل التغييرات التي تشهدها منطقتنا االعربية منذ مطلع هذا العام تعتبر أهم تغيير استراتيجي يشهده العالم العربي منذ حقبة الإستقلال، فقد تفاجأ العالم العربي كما العالم كله يوم 14 كانون الثاني 2011 باندلاع ما سمي بالثورة التونسية فيما يعد اول ثورة عربية منذ 60 عاما، تلتها ثورة مصر بعد 9 أيام لتطيح هذه الثورات بالأنظمة الحاكمة في تلك الدول بسرعة دراماتيكية غير مسبوقة، ثم لتمتد بعد ذلك بوتيرة متسارعة لمعظم الدول العربية ولتحدث أصداء بعيدة وصلت إلى الصين، آسيا الوسطى وايران وقد تمتد لأبعد من ذلك في مقبل الأيام.
2. إن اتساع وجذرية وحدة التغيير في السلوك الشعبي العربي تنبؤ بتحولات سياسية واجتماعية كبرى سيشهدها مجمل العالم العربي خلال الأشهر القادمة ومن المتوقع أن تمتد تداعياتها لعدة سنوات قادمة، كما أن تشابه الظروف السياسية والاقتصادية السائدة وتقارب حالات الشعور العام بالإحباط لدى معظم الشعوب العربية والتعاطف الكبير الذي تجاوز حدود القطرية بسهولة جعل أمر انتقال نمط التعبير واسلوبه ودرجة التصعيد ومستوى التصميم على التغيير عبر الحدود العربية بغاية السهولة والسلاسة حتى أن المراقب يكاد يرى وكأن الوطن العربي وحدة واحدة في هذا المجال مع فوارق بسيطة في سرعة التحرك وسقف المطالب في كل بلد وذلك تبعا لدرجة تباين العوامل المحركة للجماهير في كل بلد.
العوامل المحركة للثورات
3. من المعلوم أن الثورات الإجتماعية لا تحدث لأسباب طارئة أو نتيجة لأزمات مؤقتة يواجهها مجتمع معين، بل تحدث نتيجة لتراكمات كثيرة ومتنوعة من المشاعر السلبية وحالات السخط العام والتي قد توصل المجتمع إلى حالة من الإحتقان المزمن لا يلبث أن يعبر عنها عند حدث معين بصورة عنيفة وبوتيرة متصاعدة إلى أن تصل ذروتها على شكل عاصفة هوجاء تقتلع كل ما يقف بوجهها، وتعتبر العوامل التالية من أهم دوافع ثورة التغيير في الوطن العربي مطلع هذا العام :
أ. فشل معظم الأنظمة العربية في تحقيق طموحات شعوبهم. لقد سئمت الشعوب العربية من حالة التخلف والتراجع التي يعيشونها في معظم الميادين التي تتقدم فيها باقي شعوب العالم سياسيا واقتصاديا وثقافيا، فرغم أن معظم القيادات العربية حكمت لمدد تقارب الجيلين من عمر شعوبها إلا أنها أوصلت دولها إلى ذيل قائمة دول العالم في كافة ميادين التقدم وإلى رأس القائمة في مجال الفساد، فهم يحكمون باسلوب عاجز وهش عفا عليه الدهر ويتبنى فيه الحكام اساليب لا علاقة لها بالزمن الحالي، وهذه الحالة طرقتها النخب الثقافية والسياسية كثيرا ومنذ عقود إلا أن ذلك لم يكن كافيا لدفع الشعوب العربية للثورة حتى تظافرت معه عوامل أخرى.
ب. الإستئثار بالسلطة ونظام التوريث. تواصل معظم قيادات الدول العربية وأعوانهم من طبقة المنتفعين والبطانات الفاسدة الإدعاء بأنهم قيادات تاريخية ليس لهم بديل في الحكم، وهذا مناقض للواقع، وأعتتقد أن أكثر أسباب تمسكهم بالسلطة هو تورطهم بمسلسلات من الفساد لا تنتهي واتساع دائرة المنتفعين من حولهم، كما أن بعضهم أعجب بقدرة نظامه على إبعاد الخصوم السياسيين عن طريق التلاعب في الانتخابات والتوصل إلى أغلبيات برلمانية مزيفة تبادر لتعديل الدساتير لخدمة استمرار الأنظمة والحالات النفعية القائمة بقيامها، هذه الصورة القاتمة لم تعد تخفى على الشعوب نتتيجة سهولة تداول المعلومات وعدم قدرة هذه الأنظمة على إخفاء بشاعة ممارساتهم.
جـ. العامل الإقتصادي. لعل أهم الآفات التي تواجه أكثرية الشعوب العربية هي الفقر والبطالة ومعلوم أن هذا هو نتاج السياسات الإقتصادية الفاشلة، فرغم أن معظم الدول العربية تمتلك إمكانيات إقتصادية مناسبة لتحقيق العيش الكريم لشعوبها إلا أنها في تراجع مستمر بسبب الفشل في إدارتها للموارد.
د. العامل الإجتماعي: عادة ما يكون المجتمع على شكل هرم تراتبي في معظم الدول المتقدمة، فيوجد في قمته طبقة الاثرياء وهي عادة طبقة صغيرة ثم الطبقة الوسطى وهي الطبقة الأوسع في المجتمع، ثم الطبقة الثالثة وهي الطبقة الفقيرة، وعادة ما تكون هذه طبقة صغيرة تستهدفها معظم برامج التنمية الإجتماعية المختلفة للدولة، ولكن ما حصل في بعض المجتمعات العربية هو نمو غير سليم لطبقة الاثرياء حيث أصبح 5% من الناس يملكون 80% من الثروة ويمارسون كل اشكال الإستقواء على الفقراء والتسلط على موارد الدولة، في حين أن الطبقة الوسطى قد تراجعت مساحتها بشكل كبير وتحولت الطبقة الفقيرة إلى أغلبية المجتمع، وأعتقد أن الحقد الدفين على المتنفذين هو ما يدفع الثوار لإحراق ممتلكات الأغنياء المنهوبة حسب اعتقادهم.
هـ. إستشراء الفساد. لقد بلغ مستوى الفساد في الدول العربية درجة غير مسبوقة في النظام الدولي الحديث، ففي حين لا يملك الواحد من زعماء الدول الغنية والمتقدمة أكثر من راتبه ويكتب مذكراته بعد التقاعد ليكتسب بعض المال الذي لا يتجاوز عدة ملايين تجد بعض الزعماء العرب وبعض أعوانهم ونساءهم وأولادهم يملكون المليارات الكثيرة في بنوك الغرب وشعوبهم تكتوي بنار الجهل والفقر والتخلف، ولو نظرنا إلى كل القطاعات الحكومية في الدول العربية لوجدت نفس الشكوى فالنهب والسلب والمحسوبية هي القاسم المشترك لسلوكيات معظم المسئولين.
و. كبت الحريات العامة. لقد نجحت القيادات العربية خلافا للعالم كله بكتم الرأي الآخر إلا ما يقال خارج الحدود، حتى أن مدح القادة والمسؤولين وكتابة القصائد والأغاني التي تمجد قدراتهم وإنجازاتهم أصبحت تمثل معيارا للوطنية ومن أهم ركائز ثقافة المجتمعات العربية.
ز. الإنتشار الواسع لوسائل الإعلام وسهولة إنسياب المعلومة. الاعلام الحديث والذي من طبيعته أنه عابر للحدود والجدران كشف بشكل واضح عيوب الانظمة وفسادها، ومكن الشباب الثائرين من تنظيم أفكارهم وتنفيذ تحركاتهم بطريقة لا تستطيع الحكومات قمعها أو تجاوزها.
ح. الإحساس بفقدان الكرامة للمواطن العربي والدولة. ليس جميع الشباب الثائرون في ميادين العواصم العربية يبحثون عن الخبز والوظيفة وإسقاط قياداتهم السياسية المتهالكة وحسب بل أن الكثير منهم عبر عن إحساسه بأن هذه معركتهم لتحرير المواطن العربي من سطوة تحالف المال الفاسد مع النخب السياسية الفاسدة، وتحرير الروح العربية من حالة الضعف والهوان في سوق السياسة الدولية فقد قالها ثوار مصر لما نبيع الغاز لعدونا بسعر رمزي، وقالها الليبيون أصبحنا نخجل باننا ليبيون.
السمات المشتركة للثورات العربية
4. اتصفت ثورة التغيير في الوطن العربي بعدة صفات جعلت من لغة الشارع العربي الثائر لغة واحدة وأهم هذه الميزات:
أ. إنها ثورات شعبية بكل ما للكلمة من معنى فلم تكتسب أي لون ولم تسيطر عليها الشعارات البراقة المعهودة للأحزاب والنخب السياسية بل أن هذه الفعاليات لم تكن أكثر من شاهد على بدايات التحرك الشعبي ثم التحقت بالشارع التحاقاً لا قيادة له.
ب. العفوية المطلقة لتحركات الشارع واندفاعهم من تلقاء أنفسهم، ما يحركهم إلا رغبتهم في التغيير والتحرر من الواقع الصعب.
جـ. الإنطلاق المفاجىء والسريع لحركة الثورة وكأنها العاصفة وهذا يشير إلى حدة الإحتقان الذي يعيشه المواطن العربي ويشير كذلك إلى عدم وجود أي شكل من أشكال المؤآمرة الخارجية.
د. سرعة التصاعد في حركة الشارع والتصاعد السريع في سقف المطالب الشعبية بعد كل حالة قمع تقع على المحتجين.
هـ. التصميم على التغيير، فلم تتراجع التحركات الشعبية لغاية الآن أي خطوة إلى الوراء مهما بلغت التكاليف.
و. غياب عنصر القيادة في التسارع باسثناء الشباب المتحمسين والذين يبرزون قدرات قيادية عالية على التعبير وتوجيه المحتجين.
ز. حركة ذات صبغة شبابية.
ح. لم تجدي مع هذه الحركة الشعبية عمليات شراء الولاء بالمال كزيادة الرواتب وغيرها وفي جميع الحالات.
السمات المشتركة لردود فعل القيادات العربية
5. اتسمت ردود فعل القيادات العربية على الحركات الشعبية بشكل بما يلي:
أ. رفض مبدئي لإحتمالية تأثر بلدانهم بالحركة الشعبية على أساس أنهم ليسوا كالآخرين.
ب. محاولات مبدئية لقمع الحركة الشعبية وتخويفهم بكل الوسائل.
جـ. ردود فعل بطيئة ومتبلدة وتلهث وراء الأحداث.
د. غياب الرؤيا وتأخر بالفهم.
هــ. سيطرة القلق والخوف على القيادات العربية بشكل أفقدها القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة والشجاعة في الوقت المناسب.
و. التراجع عن العنف متأخرا ومحاولة التملص من المسئولية.
ز. العمل على تأمين ثرواتها المنهوبة وتدبير ملجأ الهروب.
السياق العام المتوقع في باقي الدول العربية
6. من المتوقع أن تأخذ حركة التغييرفي الوطن العربي أحد أشكال التغيير التالية:
أ. الشكل الأول على الطريقة التونسية والمصرية والليبية والذي يستهدف الاطاحة بالحاكم ونظامه كلياً وهذا الشكل من المتوقع أن يضرب جميع الأنظمة الجمهورية المستبدة.
ب. الشكل الثاني والذي سياخذ مجراه في الدول ذات الحكم الوراثي، وهو أقل حدة من حيث المبدأ لعدة أسباب: أهمها أن هذه الأنظمة لا تعتبر مغتصبة للسلطة، وأن طبيعة علاقات هذه القيادات بشعوبها أكثر تصالحية، وسيستهدف هذا الشكل من التغيير تطبيق إصلاحات جذرية من داخل النظام الحاكم بما في ذلك التحول إلى الملكيات الدستورية، ولكنه قد يتحول إلى المطالبة بتغيير النظام الحاكم جذريا إذا فشلت هذه الأنظمة في التكيف وإصلاح نفسها.
التداعيات المستقبلية المتوقعة على النظام العربي
7. إن التطور الطبيعي المتوقع كما هو شأن الثورات الشعبية التي شهدها العصر الحديث ابتداءا بالثورة الفرنسية ومرورا بالثورة الإيرانية، البولندية والرومانية يمكن قراءته على الشكل التالي:
أ. فوضى سياسية مؤقتة. وذلك نتيجة عدم وجود قيادة سياسية ناضجة للمجاميع الشعبية حيث سيكون هناك صعوبة في إيجاد قيادات بديلة كفؤة من خارج النظام الحاكم وهذا ربما يقود لفترة إرتباك قد تطول أو تقصر حسب درجة النضوج السياسي للمجتمع.
ب. بروز قيادات جديدة ذات بعد شعبي . وهذه القيادات ستحاول النهوض بالمجتمع والدولة بموجب منهج جديد يلبي متطلبات الشارع، قد تتشدد هذه القيادات أو تستبد بعض الشيء ثم تعتدل في مواجهة الواقع السياسي والإقتصادي الصعب في الدولة.
جـ. تلاشي القيادات التقليدية. ستنسحب عناصر القيادة القديمة تدريجيا من الحياة العامة نظرا لصعوبة قبولها من الشارع.
د. المحافظة على الحريات العامة ورفع الوصاية الأمنية عنها. حرية التعبير التي انفلتت إلى أبعد مدى أثناء حركة الشارع لا يمكن التراجع عنها، وسوف تقود للكثير من المطالب الممكنة وغير الممكنة الأمر الذي يجعل مهمة القيادات الجديدة أكثر صعوبة.
هـ. مشاركة واسعة في الحكم. ستضطر القيادات الجديدة للتحالف مع مختلف القوى السياسية لتؤمن لنفسها الشرعية والقدرة على الحكم.
و. ازدياد مستويات الشفافية والمسائلة. وهذا نتاج طبيعي لحالة االتداول السلمي للسلطة ووجود المعارضة السياسية الفاعلة والناضجة.
ز. دعم المجتمع الدولي للأنظمة الجديدة والمتكيفة. ستعمل الدول الكبرى الفاعلة على إعادة بناء علاقاتها مع دول المنطقة للمحافظة على مصالحها وقد تسبق ذلك بخطوات ملموسة لدعم الأنظمة الجديدة سياسيا واقتصاديا.
ح. إعادة بناء الأنظمة السياسية. سيكون ذلك من خلال بناء التكتلات السياسية والأحزاب والتي تعتبر ضرورة للحكم كما هي المعارضة البرامجية على حد سواء.
ط. مرحلة ترشيد الحكم وإعادة التوازن. من المتوقع أن يقود التفاعل الطبيعي بين عناصر السلطة من جهة وبين السلطات والشعب من جهة أخرى في إطار من الشفافية إلى إعادة التوازن بين السلطات وتصحيح قيم المسؤولية وستقود إلى إعلاء سيادة القانون وأخلاق العمل العام وقواعده.
8. من المتوقع أن تقوم بعض الأنظمة بمقاومة التغيير وذلك بسبب اعتقادهم أنهم قادرون على قمع الناس وحكمهم بعد ذلك في ظل البيئة السياسية الإجتماعية الجديدة التي غمرت المنطقة نتيجة قصر نظرهم السياسي أو بسبب خداعهم من قبل طائفة المنتفعين والمنافقين المرتبطة مصالحهم ببقاء النظام، ولكن ذلك لن يطول في ظل النتائج المغرية التي تحققت في الدول التي عبرتها موجة التغيير.
9. هناك مخاطر ذات احتمالات ضعيفة لعملية التغيير ولكنها مهمة جدا وتتطلب الحذر من جميع الأطراف تجنبا للوقوع بها:
أ. الدخول في حالة فوضى وارتباك طويلة.
ب. تفتت بعض الدول نتيجة استغلال أطراف إنتهازية لحالة الفوضى.
جـ. وصول أحزاب سلطوية لم تعلن إلتزامها بنظام التداول السلمي للسلطة.
د. مخاطر التدخل الأجنبي باشكاله المختلفة.
هـ. إلتفاف عناصر النظام على الثورة وسرقة إنجازاتها.
و. تنامي حدة مزاج الشارع بطريقة ترهق السلطة وتضعف موقفها.
10. السؤال الكبير هل التغيير إيجابي للعرب وما هوموقف الآخرين منه:
أ. الشعوب العربية. من الطبيعي أن تمثل ثورة التغيير نقطة تحول استراتيجي في التاريخ العربي، إنها تعني لهم حكم الشعب للشعب، لا مزيد من التسلط، ، إحياء الكرامة الوطنية، إدارة سليمة لموارد الدولة وإطلاق حرياتهم.
ب. إسرائيل. من المؤكد أن إسرائيل تحقق التفوق بسبب ضعف العرب، وإن تصحيح مسار الحياة السياسية والإقتصادية في الوطن العربي والخروج من تحت مظلة الهيمنة الغربية لا يصب في صالح إسرائيل وسيضعها أمام تحديات جديدة أهمها أنها ستتعامل مع دول عربية تحترم نفسها وتحسب مواقفها جيداً.
جـ. إيران. من الواضح أن إيران تبدي ارتياحاً كبيراً لما يجري على الساحة العربية لأنها ترى في ذلك كسرا للتحالفات العربية القائمة مع أمريكا، وهذا بلا شك في صالحها، إلا أنها تتناقض مع نفسها عندما تتحدث عن حق الشعوب في التحرر بينما تقمع شعبها بصورة منتظمة وتتحالف مع النظام السوري المعروف باستبداده المطلق في مجال الديموقراطية وحقوق الإنسان، ومن المؤكد أنها ستدفع للتغيير في الخليج العربي بهدف تحقيق أطماعها ذات البعد الطائفي.
د. تركيا. إن اقصى ما تطمح أن تحققه ثورات التغيير العربية هو نفس ما حققه حزب العدالة والتنمية في تركيا، وتركيا تنظر إلى مزيد من التعاون والتكاتف مع الدول العربية والإسلامية في مواجهة الرفض الأوروبي لها وتتطلع لتحقيق مصالح مشتركة مع العرب ولذلك فإن التغيير يصب في مصلحتها.
هـ. الغرب. من الواضح أن الغرب لا يبدوا متحمسا لهذا التغيير ولكنه يتخذ مواقف سياسية بطيئة ومتأخرة عن سياق الأحداث وغير ذات فاعلية ويعود ذلك إلى اللأخلاقية التي يتعامل بها الغرب مع منطقتنا فهو بوضوح يقف مع من يملك سلطة التعاقد على الصفقات التجارية.
و. الإسلاميين. الإسلاميين جزء أصيل من نسيج المجتمعات العربية ولكن الأنظمة البالية تروج لخطورتهم وتحاربهم بكل الوسائل حفاظا على مصالح النظام فقط، واعتقد أن الإسلاميين من أكثر الناس استفادة من ثورات التغيير لعدة أسباب أهمها: توقف الأنظمة عن اضطهادهم، الإستفادة من إطلاق الحريات العامة في الدعوة لبرامجهم، وأخذ دورهم في الحياة السياسية في بلدانهم.
الدروس المستفادة من الأحداث.
11. من أهم الدروس المستفادة من ثورات التغيير القائمة في العالم العربي ما يلي:
أ. إن إلاستبداد في الحكم والظلم سيقود حتما للمواجهة مع الشعب، وعلى الأنظمة العربية أن لا تهمل مطالب شعوبها أو تستهين بهم.
ب. إن الشعوب هي العنصر الأهم في معادلة الحاكم والمحكوم وإن الجميع يجب أن ينحاز للشعب عندما تختل المعادلة كما حدث في مصر فالشعوب أبقى وأهم من القيادات.
جـ. تهتم القوى الكبرى بمصالحها أكثر من القيم والأخلاق فهي تدعم النظم الديكتاتورية للحفاظ على مصالحها ولتحقيق المكاسب المادية وتنقلب عليها عندما تفقد قدرتها على الحكم.
د. الولايات المتحدة غير معنية بحماية حلفاءها إذا سقطوا، وإنما هي معنية باستمرار تدفق النفط الرخيص وتفوق إسرائيل.
هـ. إن الشعوب العربية تستحق الديموقراطية عن جدارة وتستطيع انتزاع حريتها بدون الوصفات الغربية غير البريئة.
و. هذه الثورات الشعبية أظهرت عدم قدرة منظمات المجتمع المدني العربية من أحزاب ونقابات وجمعيات على إحداث التغيير في بيئة مستبدة.
ز. إن التعاطف الذي ابدته الشعوب العربية تجاه بعضها البعض وتزامن تحركها ووحدة مطالبها تثبت أن ارتباط مصير الشعوب العربية مع بعضها حقيقة وليس وهم.
ح. من الواضح أن المبادرات الاسترضائية أو محاولات شراء الولاء بالمال لن تجدي وليست بديلا عن الإصلاح فحكومة حسني مبارك سقطت بعد ايام من اعلانها عن رفع الاجور للموظفين.
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |
الجوع والقهر والظلم والتعالي على الشعوب تولد الثورات
نحن في عصر جديد يجب على الجميع التعامل مع معطياته
ومن لم يقرا التاريخ كتب عليه ان يعيشه من جديد
فشل معظم الأنظمة العربية في تحقيق طموحات شعوبهم
الإستئثار بالسلطة ونظام التوريث
العامل الإقتصادي. لعل أهم الآفات التي تواجه أكثرية الشعوب العربية هي الفقر والبطالة
إستشراء الفساد. لقد بلغ مستوى الفساد في الدول العربية درجة غير مسبوقة في النظام الدولي الحديث
كبت الحريات العامة
الإحساس بفقدان الكرامة للمواطن العربي
1- فشل معظم الأنظمة العربية في تحقيق طموحات شعوبهم
2- الإستئثار بالسلطة ونظام التوريث
3- العامل الإقتصادي. لعل أهم الآفات التي تواجه أكثرية الشعوب العربية هي الفقر والبطالة
4- إستشراء الفساد. لقد بلغ مستوى الفساد في الدول العربية درجة غير مسبوقة في النظام الدولي الحديث
5- كبت الحريات العامة
6- الإحساس بفقدان الكرامة للمواطن العربي
7-
8-
9-
10-
وفيه كثير كمان نفاط
منقول من نفس المقال
لتبدأ جميع الدول العربية بالاصلاحات ومكافحة الفساد ورفع الظلم عن ابناءها ومحاسبة كل الفاسدين وتعيد كل حق الى صاحبه
قراءتك يا باشا اثلجت صدري وخاصة عندما قرأت
"" إن التعاطف الذي ابدته الشعوب العربية تجاه بعضها البعض وتزامن تحركها ووحدة مطالبها تثبت أن ارتباط مصير الشعوب العربية مع بعضها حقيقة وليس وهم ""
نتمنى ثورة عربية شاملة للوطن العربي تتطالب بوحدة عربية
اتمناها حقيقة وليس وهم
اعادت الثورات الروح الوطنيه والقوميه في الامه العربية وعززت وجودها وازالت حواجز الخوف المبنيه بوجه العرب الذين اعتبروه نجاح لهم من المحيط للخليج.
الدروس المستفادة من الأحداث.
11. من أهم الدروس المستفادة من ثورات التغيير القائمة في العالم العربي ما يلي:
أ. إن إلاستبداد في الحكم والظلم سيقود حتما للمواجهة مع الشعب، وعلى الأنظمة العربية أن لا تهمل مطالب شعوبها أو تستهين بهم.
ب. إن الشعوب هي العنصر الأهم في معادلة الحاكم والمحكوم وإن الجميع يجب أن ينحاز للشعب عندما تختل المعادلة كما حدث في مصر فالشعوب أبقى وأهم من القيادات.
جـ. تهتم القوى الكبرى بمصالحها أكثر من القيم والأخلاق فهي تدعم النظم الديكتاتورية للحفاظ على مصالحها ولتحقيق المكاسب المادية وتنقلب عليها عندما تفقد قدرتها على الحكم.
د. الولايات المتحدة غير معنية بحماية حلفاءها إذا سقطوا، وإنما هي معنية باستمرار تدفق النفط الرخيص وتفوق إسرائيل.
هـ. إن الشعوب العربية تستحق الديموقراطية عن جدارة وتستطيع انتزاع حريتها بدون الوصفات الغربية غير البريئة.
و. هذه الثورات الشعبية أظهرت عدم قدرة منظمات المجتمع المدني العربية من أحزاب ونقابات وجمعيات على إحداث التغيير في بيئة مستبدة.
ز. إن التعاطف الذي ابدته الشعوب العربية تجاه بعضها البعض وتزامن تحركها ووحدة مطالبها تثبت أن ارتباط مصير الشعوب العربية مع بعضها حقيقة وليس وهم.
ح. من الواضح أن المبادرات الاسترضائية أو محاولات شراء الولاء بالمال لن تجدي وليست بديلا عن الإصلاح فحكومة حسني مبارك سقطت بعد ايام من اعلانها عن رفع الاجور للموظفين.
اثريتنا يا باشا بطرحك الموضوعي والبعيد عن المداهنه واتمنى ان يوضع هذا الطرح والعبر هذه في سياق طلاب العلم في جميع تخصصاتهم
الذي تعاني منه الامه منذ قرن الاستعمار الاول..حتى جاءت الانظمه الحاليه التي تعد ألعن من الاستعمار الاول..شكرا للكاتب واتمنى ان تكتب المزيد..
جرائم عديدة ترتكبها مافيات السلطة في اكثر من بلد عربي ولا يتم اكتشافها بسبب تواطؤ السلطة واجهزتها الامنية مع هؤلاء المجرمين وحمايتها لهم، وتجاهل اجهزة الاعلام الرسمية لهذا التحالف غير المقدس.
التونسيون الذين اثاروا اعجاب العالم العربي بأسره، واقدموا على اهم سابقة في تغيير نظام حكم ديكتاتوري بطرق سلمية حضارية، لم ينزلوا الى الشوارع طلبا للخبز فقط، وانما من اجل استعادة كرامتهم، واستقلالهم الحقيقي،
جرائم عديدة ترتكبها مافيات السلطة في اكثر من بلد عربي ولا يتم اكتشافها بسبب تواطؤ السلطة واجهزتها الامنية بسبب انها هذه الجيوش والاجهزه الامنيه والمخابرات والمؤسسات جميعها ملك خاص للحاكم ويتعامل معها على انها ملكه الشخصي مع هؤلاء المجرمين وحمايتها لهم، وتجاهل اجهزة الاعلام الرسمية لهذا التحالف غير المقدس.
التونسيون والمصريون والليبيون وان شاء الله القائمه ستطول......... الذين اثاروا اعجاب العالم العربي بأسره، واقدموا على اهم سابقة في تغيير نظام حكم ديكتاتوري بطرق سلمية حضارية، لم ينزلوا الى الشوارع طلبا للخبز فقط، وانما من اجل استعادة كرامتهم، واستقلالهم الحقيقي،
فاذا كانت بعض الشعوب غير العربية، او غير المسلمة، تهرب من انظمة الظلم والفساد والقمع الى الانفصال وتقرير المصير بعد ان عجزت عن التعايش، او نتيجة لتحريض غربي، والأكثر من ذلك تلجأ الى اسرائيل للتتحالف معها، مثلما نرى في جنوب السودان، وبدرجة اقل في كردستان العراق، فأين تهرب الشعوب العربية المقهورة؟
أهم مؤشر يمكن استخلاصه من الاحتجاجات الاخيرة هذه هو ان 'ثقافة الخوف' التي فرضتها الانظمة على الشعوب طوال العقود الماضية، تصدعت ان لم تكن قد انهارت، وان الانظمة بدأت تراجع حساباتها بشكل جدي للمرة الاولى، وتحسب حساب الرأي العام العربي الذي طالما تجاهلته واحتقرته
***
كيف تنهض هذه الامة والغالبية الساحقة من حكامها مرضى هرمون، انكسرت ظهورهم من الجلوس على كرسي الحكم الوثير. يتنقلون بين مستشفيات الغرب المتخصصة في امراض القلب والسرطان بانواعه المختلفة.
هل يعقل ان امة بلغ دخلها من النفط والغاز تريليونات الدولارات فشلت في بناء مستشفيات وطنية تعالج حكامها قبل مواطنيها، وهل يمكن ان نصدق ان ولي عهد مصر ورئيسها المقبل لا يثق بأطباء بلاده جميعا ومستشفياتها لكي تنجب زوجته طفلته في مستشفى بريطاني؟
لنأخذ اكبر دولتين في المشرق العربي، مصر الاكثر سكانا والاعرق دورا، والمملكة العربية السعودية الاغنى والاهم نفوذا، فماذا نجد؟ الاولى رئيسها مريض، مرضه غامض بالنسبة الى شعبه، ولا حسم واضحاً لمسألة خلافته، ولا نائب دستوريا له، والشيء نفسه يقال عن حاكم الثانية، مع فارق اخطر، وهو ان ولي عهده مريض، وكذلك الرجل الثالث وجميعهم تخطوا الثمانين في منطقة نصف سكانها تحت الخامسة والعشرين عاما.
كلنا سنمرض، وسننتقل الى الرفيق الاعلى، ولكن منطقة ملتهبة مثل منطقتنا، 'تتكاثر على قصعتها الامم' يجب ان يكون حكامها اقوياء، حادي الذاكرة والعقل، محاطين بالخبراء في مختلف المجالات العلمية المتخصصة، وليس باطباء القلب والضغط والسكر وآلام الظهر والزهايمر.
نريد حكاما اصحاء اقوياء ينشغلون بامراض شعوبهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ويجدون الحلول والعلاجات الناجعة لها، ويوفرون الحد الادنى من احتياجاتها الاولية من تعليم وصحة ومواصلات ووظائف بما يحفظ كرامتها الشخصية والوطنية.
و مشكككككككككككككككككور
وعلى مستوى المجتمع ككل المقياس صاحب الجاه والمنصب نبجله ونمدحه ليسكن في داخله العظمه والكبريا لنكون اصيلين في صنع الرجل المتعجرف والمتكبر هذا حال اغلب مجتمعاتنا يسودها النفاق.
بالرجوع الى استثناء العقول والكفاءات وهي الفئه المتضرره من وضع الفساد بشتى انواعه ولتغول الفاسدين الذين انجبوا اولادا والميزانيات والموارد باتت لاتكفي فكلهم يتنافسون من هو الاغنى وهكذا مما ادى في نهاية المطاف الى عجز الدول في سد رمق العيش لمعظم الشعوب بالاضافه للعوامل المذكوره .
فالشعوب العربيه حتى هذا التاريخ منقسمه ما بينها الشباب يرونها صنعهم وذات فوائد جما على الدول العربيه وكبار السن يرونها مؤامره خارجيه صنع امريكا واسرائيل ترجع بالدول العربيه الى الوراء عقودا من الزمن نعم لابد من ثمن للتغير يختلف مقداره من الى اخر.
في النهايه اشكر الله الذي يملك كل شىْ واشكر كاتب المقال الذي نطق بلسان حال الكثيرين كما اتمنى منا جميعا ان ننبذ النفاق والمنافقين والفساد والفاسدين في تحقيرهم وعزلهم في شتى الوسائل
يحق لنا كشعب ان نتحسر على خسارة طاقة مكنونة كامثالك لان لا تكون في ركب اصحاب القرار ان لم تكن حقيقة تستحق ان تكون على راسهم فلطالما كنت مثالا للطرح الواسع الرؤى و لطالما رسمت سياسات لو طبقت لاحدثت تغييرا جوهريا باتجاه الطريق السليم ولطالما كتبت من الدراسات العميقة التحلليل العالية الاهداف و البعيدة النظر الواسعة المدارك و لكن هل من قارئ او هل من سامع او هل من محلل او هل من متبني للافكار .
لو اردت ان اكتب كتابا عن مدح هذا المقال لكتبت و لكن يكفي ان اقول انه المقال الافضل لعنوان التغيير العربي حفظك الله يا باشا و نود ان نقرآ لك المزيد
يحق لنا كشعب ان نتحسر على خسارة طاقة مكنونة كامثالك لان لا تكون في ركب اصحاب القرار ان لم تكن حقيقة تستحق ان تكون على راسهم فلطالما كنت مثالا للطرح الواسع الرؤى و لطالما رسمت سياسات لو طبقت لاحدثت تغييرا جوهريا باتجاه الطريق السليم ولطالما كتبت من الدراسات العميقة التحلليل العالية الاهداف و البعيدة النظر الواسعة المدارك و لكن هل من قارئ او هل من سامع او هل من محلل او هل من متبني للافكار .
لو اردت ان اكتب كتابا عن مدح هذا المقال لكتبت و لكن يكفي ان اقول انه المقال الافضل لعنوان التغيير العربي حفظك الله يا باشا و نود ان نقرآ لك المزيد
يحق لنا كشعب ان نتحسر على خسارة طاقة مكنونة كامثالك لان لا تكون في ركب اصحاب القرار ان لم تكن حقيقة تستحق ان تكون على راسهم فلطالما كنت مثالا للطرح الواسع الرؤى و لطالما رسمت سياسات لو طبقت لاحدثت تغييرا جوهريا باتجاه الطريق السليم ولطالما كتبت من الدراسات العميقة التحلليل العالية الاهداف و البعيدة النظر الواسعة المدارك و لكن هل من قارئ او هل من سامع او هل من محلل او هل من متبني للافكار .
لو اردت ان اكتب كتابا عن مدح هذا المقال لكتبت و لكن يكفي ان اقول انه المقال الافضل لعنوان التغيير العربي حفظك الله يا باشا و نود ان نقرآ لك المزيد
طرح جميل
نظره مستقبليه ثاقبه
تحليل وافي
هذا حال المقال ولا عجب إذ ابرز الكاتب فهمه العميق لمجريات الاحداث والقدره العاليه على تحليلها بشكل سلس وامتعنا باسلوبه الفذ
هكذا عهدناك يا ابو مالك واتمنى ان نشاهد المزيد من ابداعاتك
وفكر عميق