قوس قزح .. والسياسة



ناقشت في مقال سابق: "قوس قزح ... المظلوم"؛ إنتشار ظاهرة "المثلية الجنسية"، ودعم كبرى المؤسسات الدولية وبعض الدول وقادتها لها، وكيفية تحذير أبناءنا منها، وكنت قد وعدت فيه بالكتابة عن الدوافع التي تكمُن خلف دعم تلك المؤسسات والدول لتلك الظاهرة، وسيقتصر الحديث هنا عن علاقة "المثلية الجنسية" بالسياسة.

عبدالله بن أبي أبن سلول عُرف بزعيم المنافقين، وكان من أشد الناس عداوة لقيام الدولة الإسلامية، وكذلك عمرو بن هشام؛ فرعون هذه الأمة، ولكن ما هو أصل تلك العداوة؟ وما هو السبب الحقيقي لذلك؟

يعتقد البعض أن سبب عداوة زعيم قريش، ومشروع ملك يثرب هو تمسكهم بديانتهم، وإخلاصهم لها، ولكن أقوالهم أظهرت سبب العداوة الحقيقي لإقامة الدولة الإسلامية، ولاحظ هنا بأنني لا أتحدث عن الدين الإسلامي وتعاليمه؛ ولكن أتحدث عن إقامة الدولة الإسلامية، ليكون النبي محمد صلى الله عليه وسلم ملكاً لها.

حين سئل أبو جهل عن رأيه بالدين الجديد قال: "تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف، أطعموا فأطعمنا، وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تجاثينا على الركب، وكنا كفرسي رهان، قالوا منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك هذه؟ والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه".

ما بالنسبة لأبن سلول؛ فلقد كانت البداية قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، يومها كانت يثرب تعيش توتراً بين الأوس والخزرج ما إن تهدأ ثائرته قليلاً حتى يعود للإشتعال مرّة أخرى، وإنتهى الصراع على اتفاقٍ بين الفريقين يقضي بنبذ الخلاف، وتنصيب ابن سلول ملكاً على المدينة، ولكن حال قيام الدولة الإسلامية بينه وبين المُلك.

وفي القرن الحادي عشر الميلادي؛ كانت الكنيسة تتربع على عرش المُلك في أوروبا، وكانت المحرك الرئيس والقائد الفعلي للحملات الصليبية على الشرق، وكان ملوك تلك الدول عبارة عن أحجار على رقعة الشطرنج، تحركها الكنيسة كيفما أرادت، وتخضع سلطتهم لسلطة البابا في الفاتيكان، يأتمرون بأمره، وينتهون بنهيه.

حديثاً؛ وفي نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، قامت الدولة السعودية الأولى بتعاون بين آل سعود ومحمد بن عبد الوهاب على أسس دينية، لم تكن تهدف الى التمرد على الدولة العثمانية أو الإنفصال عنها، ولكنها هدفت الى إعادة الشعوب الى التمسك بالدين الإسلامي، ونبذ الشرك وعبادة القبور والبدع التي إنتشرت في تلك الفترة. جاء الرد واضحاً جلياً من الباب العالي في الأستانة؛ من خلال توجيه محمد علي والي مصر آنذاك لولده ابراهيم لتدمير تلك النواة، وإعادة السيطرة على الأرض، وخضوع الشعوب لإسطنبول من جديد.

من خلال الأمثلة السابقة نلاحظ أن الدين كان سبباً في نزع العروش من أصحابها، أو خضوع الملوك والزعماء له ولممثليه، وكان هنا بداية الثورة على الدين، وضرورة دفع الشعوب للتخلي عنه وهجره، وتحرير الشعوب من سطوة المسجد والكنيسة.

إذا كانت المثلية الجنسية محرمة في الإسلام؛ فهي كذلك في المسيحية واليهودية، ومحرمة في التعاليم البوذية والكونفوشيوسية، حتى في الديانات غير السماوية؛ فهي حرام كذلك.
لذلك كان الحل لتلك الزمرة التي تهدف الى السيطرة على الشعوب، والتربع على العروش؛ من خلال إقصاء الدين من المشهد، وذلك من خلال إباحة المحرمات في الديانات، ودفع الشعوب الى العلمانية أو "اللادينية"، تماماً كما وصل الحال اليه اليوم.

وإذا تتبعت أعداد متبعيّ الأديان المختلفة خلال القرنين الأخيرين؛ تلاحظ أنه لم يكن هنالك ما يسمى ب "اللادينية"، وإنما ظهرت في القرن الأخير، وقارب تعدادهم على ما يقارب 10% من سكان الأرض.

لقد كانت فكرة الشذوذ الجنسي فكرة جهنمية، قادرة على تحقيق عدة أهداف، أولاً: هي الخطوة الأولى في هدم الأسرة من خلال إيقاف الإنجاب، وبالتالي عدم تكوين مجتمعات متماسكة، والتي تحتاج بدورها بشكل رئيس الى ديانة وقوانين تنظم علاقتهم ببعضهم، وتُشبع الإحتياجات الروحية لهم.

وثانياً: هي فكرة قادرة على إخضاع أتباعها الى الأنظمة الحاكمة، بسبب حاجتهم لهم للدفاع عن حقوقهم في الشذوذ من خلال القوانين الوضعية، وتأمين المنصات الإعلامية المناسبة لتقديمهم للبشر، تماماً كما يحدث اليوم.

وهنالك أفكار أخرى تعكف بعض الدول على تطبيقها لترسيخ مفهوم "اللادينية" في عقول الشعوب، وسلخهم عن الدين مهما كان، مثل فكرة "مكافحة الحجاب" الذي تفرضه تعاليم الديانات الإسلامية والمسيحية واليهودية، وتحُض عليه بعض الديانات الروحية كالبوذية.

إذن الموضوع لا علاقة له بتعاليم الدين أو نوعه، تماماً كما في أمثلة أبن سلول وأبو جهل، ولا في قوة الدولة كفترة الحروب الصليبية التي شنتها أوروبا على الشرق، أو تدمير الدولة السعودية الأولى، وإنما يتلخص الموضوع بأنه عبارة عن تنافس على الزعامة فقط، ويهدف الى نزع العروش من أصحاب السلطة الدينية، وعدم خضوع الشعوب لهم.

أناقش إن شاء الله في مقال لاحق، الأبعاد الإقتصادية الدافعة لدعم "المثلية الجنسية"، ودور الأخيرة في دعم إقتصاد العديد من الدول والمؤسسات الدولية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات