جراسا -

حالة رعب بكل معانيها، يُعايشها مايك واشبورن أحد المستثمرين في العملات الرقمية. منذ شهور قليلة كانت مكاسبُه في ارتفاع. أقصى آماله اليوم استعادة أمواله. رصيد الرجل 100 ألف دولار في حساب "سيلسيوس".

بفارغ الصبر، ينتظر واشبورن سماع ما سيحدث لحسابه. "إذا لم أر هذه الأموال مرة أخرى، فسأعود أنا وأسرتي إلى الوراء لسنوات"، يقول في حديث إلى "وول ستريت جورنال". "في أعماقي لا أعتقد أنه ستكون هناك نتيجة جيدة" - يتابع - "لكنني آمل أن أكون مخطئاً".

كما واشبورن، كذلك مات نوفاك، أحد المستثمرين في الشركة. استثماراته في العملات الرقمية تمثل نحو 60 في المئة من أموال التقاعد الخاصة به. كانت قيمة أمواله نحو 93 ألف دولار مطلع الأسبوع الماضي، لكنها انخفضت إلى نحو 28 ألف دولار في وقت سابق هذا الأسبوع، حسبما قال للصحيفة الأميركية.

أدنى مستويات
... مُقرض العملات المشفرة الأميركي "سيلسيوس"، جمّد أخيراً عمليات السحب والتحويلات بين الحسابات. خطوته أثارت مخاوف من حدوث تداعيات أوسع في سوق الأصول الرقمية. مستثمرو العملات الرقمية في حالة رعب الآن، تكتب "نيويورك تايمز".
استثمر واشبورن أمواله في حساب "سيلسيوس" لسبب رئيس؛ العائدُ فيه أعلى من الحساب المصرفي التقليدي... لكن الآن قطاع العملات المشفرة في خطر. عملة بتكوين، انخفضت الأربعاء إلى أدنى مستوى لها في 18 شهراً. تراجعها دفع إلى الخلف معها أيضاً العملات الرقمية الأصغر منها. حتى اللحظة، لا مؤشر إلى توقف التراجع الأخير في أسواق العملات المشفرة.

ووفق مؤشرات أوردتها الوكالات الغربية، انخفضت قيمة "بيتكوين" بنسبة 6.3 في المئة، وهو أدنى مستوى منذ كانون الأول (ديسمبر) 2020. وفقدت العملة، أكثر من نصف قيمتها هذا العام. "فرانس برس"، أشارت إلى هبوط قيمة البتكوين إلى ما دون 25 ألف دولار. السبب في ذلك، "تجنّبُ المستثمرين الأصول الخطرة في ظل توتر الأسواق العالمية". ومُذ سجّلت أعلى مستوى لها عند 69 ألف دولار في تشرين الثاني (نوفمبر)، انخفضت قيمة بيتكوين بنحو 70 في المئة، بحسب "رويترز". كما انخفضت توازياً العملات الرقمية الأصغر، وهي في عملات تتأثر بتحركات بتكوين، فنزلت إيثر ثاني أكبر عملة مشفرة 9.4 في المئة إلى 1090 دولاراً.

خسائر كبيرة
"ظروف السوق قاسية"، تقول شركة "سيلسيوس"، مبرّرةً الوقف الموقت لجميع عمليات السحب والمبادلة والتحويلات بين الحسابات. خطوتها جمّدت 11.8 مليار دولار من أصول العملاء، بحسب تقرير للشركة صدر في شهر أيار (مايو). منذ ذلك الوقت، لا تزال الأصول مجمدة. مؤسس "سيلسيوس" ورئيسها التنفيذي أليكس ماشينسكي، غرّد في الإطار قائلاً: "الشركة تعمل بلا توقف" بشأن هذه القضية.

تضم الشركة نحو 1.7 مليون عميل، وقد دفعت للعملاء عوائد سنوية بنسبة تصل إلى 18.6 في المئة على ودائع العملات المشفرة... لكن السحب الجماعي لأصول المودعين قد يضطر "سيلسيوس" لبيع ممتلكاتها، ما سيلحق بها "خسائر كبيرة"، بحسب "وول ستريت جورنال".

الحماية؟
"المستثمرون، المالكون عملةً مشفرة من خلال منصات التداول غير المسجلة، لا يتمتعون بالحماية نفسها عبر الاستثمار في وساطة مسجلة"، كما يقول لـ"وول ستريت جورنال"، رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات غاري جينسلر.
"العملاء قد يفقدون الوصول إلى أصولهم الرقمية الموجودة في البورصة إذا أفلست الشركة". الإعلان هذا يعود الى شهر أيار حينما أعلنت ذلك شركة "كوينباس" لتبادل العملات الرقمية.

بَيْع بالجملة... وتسريح موظفين
على مدار العام الماضي، باع كبار المستثمرين البارزين ومؤسسو العملات المشفرة استثماراتهم، وحققوا أرباحاً قبل عمليات البيع الأخيرة. شركة "غاليكسي ديجيتال هولدينغ"، التابعة للملياردير مايك نوفوغراتز، باعت العديد من العملات المشفرة، وفقاً لملفات الشركة والأشخاص المطلعين على الملف.

وفي وقت سابق من هذا العام، كان نوفوغراتز متفائلاً بشأن مستقبل لونا والعملات المشفرة الأخرى. تحدث إيجاباً عن العملات المُشفرة، لكنه لطالما حرص - كما قال في تصريحات صحافية - على تضمين بعض العبارات التحذيرية خلال تصريحاته.
في هذا الوقت، تتسارع عمليات تسريح الموظفين من شركات العملات الرقمية. شركة "بلوك في" المقرضة للعملات المشفرة أعلنت تقليص عدد الموظفين بنسبة 20 في المئة.

شركة "كوينباس" ذكرت أنها ستُقلص ما يقرب من خُمس موظفيها. عزت ذلك إلى "نمو الشركة بسرعة كبيرة" و"توقعات بركود محتمل".

"التدهور الأفدح سيحصل على الأرجح في عالم العملات المشفرة"، يقول المحلل لدى مؤسسة "أواندا"، جيفري هالي. في المقابل "يُسجّل تدفق للمستثمرين على الدولار كملاذ آمن". بلغة الأرقام، كان سوق العملات المشفرة يساوي أكثر من 3 تريليونات دولار في ذروته قبل سبعة أشهر، لكنه يقترب الآن من تريليون دولار، وفقاً لموقع "كوينغيكو". الموقع هذا يرصد أكثر من 13 ألف عملة مشفرة مختلفة