كَلَامُ النَّاسِ مُكَالَمَةٌ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهَا



حَيَاتُنَا أَصْبَحَتْ صَعْبَةً ،الْكُلُّ يَتَدَخَّلُ فِي حَيَاتِكَ ، فِي عَمَلِكَ ، دِرَاسَتُكَ ، تُخَصِّصُكَ ، زَوَاجُكَ ، أَبْنَائُكَ ، وَ كَأَنَّهُمْ هُمْ الْمَسْؤُولِينَ عَنْكَ ، هَذَا فِي الظَّاهِرِ لَكِنْ فِي الْبَاطِنِ لَا يَعْلَمُ سِوَى اللَّهِ .
يَقُولُ الْمَثَلُ "إِنْ طَاحَ الْجَمَلُ كَثْرَةَ سَكَاكِينِهِ " وَ هَذَا بِالضَّبْطِ مَا حَصَلَ فِي الْمَاضِي وَ يَحْصُلُ الْآنَ وَ مَا سَيَحْصُلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ،وَكَأَنَّ أَجْدَادَنَا يُرِيدُونَ أَنْ يَقُولُونَ لَنَا ، مَا نَعِيشُ مِنْ أُمُورِ تَكَدُّرِ الْحَيَاةِ وَ تُضَيقُ الصَّدْرَ قَدْ عِشْنَاهُ وَ تَعَايَشْنَا مَعَهُ ، وَ كَأَنَّ الْمَوْضُوعَ مُتَوَارَثٌ ، وَ الْأَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كَلَامَ النَّاسِ وَ انْتِقَادَاتِهِمْ وَ أَفْكَارَهِمْ السَّلْبِيَّةَ لَا تَنْتَهِي ،
قَدْ كُنْتُ فِي "عُمَرُ الْمَهْدِ " وَ أَتَوْا يَلْقَونَ اللَّوْمَ عَلَى أُمِّكَ " لِمَاذَا لَا تُعْطِيهِ كَذَا ؟ لِمَاذَا يَشْرَبُ مِنْ الْحَلِيبِ كَذَا ؟ أَشْعَرُ أَنَّ وَجْهَهُ مُلَوَّنٌ ، وَ رُبَّمَا وَكَأَنَّهُ.." وَ الْكَثِيرُ الْكَثِيرُ مِنْ التَّعْلِيقَاتِ السَّلْبِيَّةِ الَّتِي رُبَّمَا تُذْهَبُ فَرْحَةَ الْأُمِّ بِطِفْلِهَا
الصَّغِيرِ وَ تَبْدَأُ الْأَفْكَارُ السَّلْبِيَّةُ تُوَسْوِسُ فِي أَذَانِهَا مِنْ شِدَّةِ الْحِرْصِ، وَمِنْ عِنْدَمَا كَبُرَتْ قَلِيلًاً وَدَخَلَتْ الْمَدْرَسَةُ تَفْرَحُ أُمُّكَ بِكَ وَ تَرَى فِيكَ الْمُسْتَقْبَلَ الْبَاهِرَ تَرَى فِيكَ " الطَّبِيبُ وَ الْمُحَامِي وَ الصَّحَفِيُّ وَ الْمُهَنْدِسُ وَ غَيْرُهَا مِنْ الْمِهَنِ الَّتِي تَسْتَطِيعُ أَنْ تَرْفَعَ رَأْسَهَا وَ تَقُولُ " هَذَا ابْنِي " وَ لَكِنَّهَا لَمْ تَسْتَطِيعْ أَنْ تَفْرَحَ حَتَّى تَلَقَّتْ النَّقْدَ اللَّاذِعَ " لِمَاذَا وَضَعْتِيهِ فِي هَذِهِ الْمَدْرَسَةِ ؟ مُعَدَّلُهُ لَيْسَ كَمَا يَجِبُ " وَمِنْ ثَمَّ تَكَبَّرُ أَكْثَرُ وَ تَدْخُلُ الثَّانَوِيَّةُ فَتَتَّسِعُ دَائِرَةُ النَّقْدِ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ " لِمَاذَا دَخَلَتْ هَذَا الْفَرْعَ ؟ هَلْ تُرِيدُ أَنْ تُصْبِحَ ذَلِكَ ؟ هَلْ تَعْتَقِدُ أَنَّهُ يُمْكِنُكَ ذَلِكَ ؟ لَا أَتَوَقَّعُ أَنَّكَ تَسْتَطِيعُ ؟" وَ كَأَنَّ الْمَوْضُوعَ تَحْبِيطٌ لِلْعَزِيمَةِ وَ جَعَلَهَا فِي قَاعِ الْبِئْرِ ، وَ عَجَلَةِ انْتِقَادَاتِ النَّاسِ " السَّلْبِيَّةِ " لَا تَنْتَهِي ، الْكُلُّ خَافَ أَنْ تَصِلَ ، أَنْ تُصْبِحَ أَنْتَ ، أَنْ تُحَقِّقَ طُمُوحَكَ وَ ذَاتَكَ ، وَكُلُّ هَذَا لِأَنَّهُ إِنْسَانٌ عَاجِزٌ لَمْ يَسْتَطِيعْ أَنْ يُحَقِّقَ طُمُوحَهُ فَأَخَذَ يَلُومُ الْآخَرِينَ وَ يَنْتَقِدَهُمْ
وَ يَسْعَى إِلَى أَنْ يَجْعَلَهُمْ يُشْبِهُونَ بِالْفَشَلِ بِعَدَمِ تَحْقِيقِ الذَّاتِ بِعَدَمِ بِنَاءِ الشَّخْصِيَّةِ يَسْعَى إِلَى تَهْمِيشِ شَخْصِيَّةِ الْآخَرِينَ وَ السَّبَبِ لِأَنَّهُ إِنْسَانٌ عَاجِزٌ وَلَمْ يَسْتَطِيعْ أَنْ يَمْتَلِكَ الْإِرَادَةَ وَ الْعَزِيمَةَ وَ الْإِصْرَارَ وَقَبْلَ كُلِّ ذَلِكَ التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ ، كُلُّ هَذِهِ الْأُمُورِ تَجْعَلُكَ تَصِلُ الَى أَهْدَافِكَ وَ طُمُوحَاتِكَ الَّتِي لَطَالَمَا حَلَمْتُ بِهَا فِي صَغْرَكَ وَ كُنْتُ تَضَعُهَا أَمَامَ عَيْنِكَ قَبْلَ النَّوْمِ وَ تَغْمِضُ عَيْنَكَ عَلَيْهَا وَ تَحْلُمْ بِهَا ، لَا تَكْتَرِثْ إِلَى كَلَامِ النَّاسِ ، ارْمِ كُلَّ الِانْتِقَادَاتِ وَ اجْعَلْهَا الْجِسْرَ الَّذِي يُوصِّلُكَ إِلَى أَحْلَامِكَ، " الشَّجَرَةُ الْمُثْمِرَةُ تُرْمَى بِالْحِجَارَةِ " .
وَ لَكِنَّهَا تَبْقَى تُثْمِرُ بِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّ هَذَا الْحَجَرَ قَدْ يَكْسِرُ غُصْنَهَا
وَ لَكِنَّهُ إِذَا انْكَسَرَ هَذَا الْغُصْنُ تَسْتَبْدِلُهُ بِغُصْنٍ آخَرَ ، كُنْ أَنْتَ هَذِهِ الشَّجَرُ مَهْمَا تَكَلَّمُوا عَنْكَ وَ فِيكَ وَ خَلْفَكَ أَوْ حَتَّى أَمَامَكَ ،
ابْتَسِمْ وَقُلْ لَهُمْ بِكُلِّ ثِقَةٍ كَبِيرَةٍ وَ كَأَنَّكَ تَرَى طُمُوحَكَ ، هَدَفَكَ بَيْنَ عَيْنِكَ " إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " وَ أَعْلَمُ جَيِّدًا
" بِمُجَرَّدِ أَنْ تَكُونَ نَاجِحٌ سَيَخْرُجُ لَكَ آلَافٌ وَ آلَافٌ مِنْ الْأَشْخَاصِ ضِدَّكَ ".
وَ حَتَّى تَنْجَحَ وَ تَصِلُ إِلَى أَسْمَى أَهْدَافِكَ ، اسْتَيْقَظْ فِي الصَّبَاحِ الْبَاكِرِ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ اسْتَقْبَلَهَا وَقُلْ لَهَا " أَهْلًا بِيَوْمِ تَحْقِيقِ حِلْمِي ، أَهْلًا بِيَوْمٍ انْتِصَارِي ، أَهْلًا بِيَوْمٍ تَحْقِيقِيٍّ لِذَاتِي " .
وَامْشِي فِي الشَّوَارِعِ وَ ارْكُضْ فِي الطُّرُقَاتِ وَ تَسْلِقِ السُّفُوحَ بَحْثًا وَ طَلَبًا لِتَحْقِيقِ ذَاتِكَ ،وَتَأَكَّدْ أَنَّكَ سَتَصِلُ بِإِذْنِ اللَّهِ ،

فَلَا شَكَّ أَنَّ الْكَلَامَ وَ الِانْتِقَادَاتِ السَّلْبِيَّةَ حِينَمَا تَقَعُ عَلَى الْمَرْءِ تَسَبِّبَ لَهُ نَوْعًاً مِنْ الضِّيقِ، فَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : " وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ [الْحِجْرُ:97]، وَقَالَ تَعَالَى: " وَلَاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ"[النَّحْلُ:127].

وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى حُصُولِ ذَلِكَ فِي صَدْرِ الْمَرْءِ إِذَا مَا أُوذِيَ بِغَيْرِ حَقٍّ، لَكِنَّ الْمُؤْمِنَ الْمُتَوَكِّلَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى الْعَالِمِ بِحِكْمَتِهِ وَ حُسْنِ تَدْبِيرِهِ وَ جَمِيلُ فِعْلِهِ يَحْتَسِبُ كُلَّ ذَلِكَ، وَ يَسْتَفِيدُ مِنْهُ مَا يَقْرَبُهُ إِلَى رَبِّهِ، فَيُقَابِلُ ظُلْمَ الْغَيْرِ بِالصَّبْرِ الْجَمِيلِ، قَالَ تَعَالَى: " إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ " .

يَقُولُ : أَبُو الْقَاسِمِ الشَّابِّيُّ

وَأَعْلَنَ فِي الْكَوْنِ أَنَّ الطُّمُوحَ لَهِيبُ الْحَيَاةِ وَرُوحُ الظَّفَرِ
إِذَا طَمَحَتْ لِلْحَيَاةِ النُّفُوسُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَسْتَجِيبَ الْقَدَرْ



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات