الكويت القلعة الحصينة المناهضة للتطبيع


تنفرد دولة الكويت خليجيا بمعارضة التذلل لإسرائيل والسياسة الامريكية بكل الوسائل تحاول دفعها نحو مستنقع للتطبيع الاسن الا انه هنالك نهج راسخ في ضمير الشعب الكويتي يصرخ بقوة وايمان لا صلح او اعتراف بإسرائيل خاصة وان التأييد الكويتي الجارف للقضية الفلسطينية لم يكن طارئ

الجيش الكويتي كان موجوداً في ساحات القتال ضد الكيان الصهيوني وسقط شهداءه على الجبهة المصرية في الحرب التي اندلعت بين مصر وإسرائيل على ضفتي قناة السويس في تموز 1967 وكذلك على الجبهة السورية خلال الحرب التي اندلعت في هضبة الجولان بين سوريا وإسرائيل في 6 تشرين الأول 1973 وعلى مستوى الشعب الكويتي هناك الكثيرون ممن تطوعوا وشاركوا في القتال الى جانب قوات الثورة الفلسطينية في كثير من المعارك داخل فلسطين وعلى حدودها وفي مقدمتهم الشهيد الشيخ الفدائي فهد الأحمد الجابر الصباح رحمه الله

وفي المجال الرياضي الدولي تمكنت الكويت عام 1974 من حشد تكتل كبير وطردت إسرائيل من الاتحاد الاسيوي لكرة القدم مؤخرا تشكل أكثر من موقف كويتي مناصر للقضية الفلسطينية ففي أيار2021 خرجت مسيرة حاشدة في ساحة الإرادة تضامنا مع الفلسطينيين الذين كانوا يتعرضون لحرب إبادة حقيقية في العدوان على غزة ابان معركة سيف القدس كأبلغَ صورةٍ لحجم الاحتضان العارم لقضية المسلمين الأولى

وقد اختارت صحيفة القبس الكويتية الأشهر في البلاد الشعب الفلسطيني شخصية العام وهنالك مئات الكويتيين على مواقع التواصل الاجتماعي عنونوا حساباتهم بلازمة ضدّ التطبيع ولا يمر يوم إلّا وتبرز تغريدة أو كلام ينصر القضية الفلسطينية ولا قضايا خارجية تستقطب الشعب الكويتي سوى القدس كما تسابقت قوى سياسية وطلابية كويتية مختلفة إلى إصدار بيانات استنكار وتنظيم فعاليات ومهرجانات افتراضية عدة رفضت جميعها التطبيع وأكدت دعم الموقف الكويتي المساند للقضية الفلسطينية وقد نظم مواطنون كويتيون وقفة احتجاجية أمام السفارة الفلسطينية للتأكيد على تضامن الكويتيين مع حقوق الشعب الفلسطيني المنتهكة ورفضهم التطبيع

وفي العام 1957 تأسس مكتب مقاطعة إسرائيل في الكويت كما أن مواد المرسوم بقانون الذي أصدره أمير البلاد في 1964 تحظر حيازة وتداول السلع الإسرائيلية بكل أنواعها وتحظر على كل شخص طبيعي أو اعتباري أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقاً مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها أينما أقاموا

وفي عهد الأمير الراحل الشيخ صباح الاحمد تأكدت مقاومة الكويت للتطبيع من خلال إنشاء العديد من لجان مقاطعة الصهاينة وإقامة العديد من الملتقيات الرسمية والشعبية المقاومة للتطبيع ومنع الإسرائيليون من ركوب طائرات الخطوط الجوية الكويتية وتم إنشاء المؤتمر الشعبي لمقاومة التطبيع مع إسرائيل

كما ظهر في الآونة الأخيرة عدة ابطال كويتيون شرفاء رفضوا التواصل مع الإسرائيليين وقاطعوا أي مشاركة او نشاط او حضور بوجودهم وهي ليست مستغربة عليهم بل هي فطرية و طبيعية جدا منهم ( علي عاشور الجعفر واحمد الزمام ومنى الشمري وسعدية مفرح ) الذين قاطعوا مهرجان طيران الامارات للآداب عام 2022 بسبب مشاركة الكاتب الإسرائيلي ديفيد جروسمان

البطل الكويتي حبيب السبتي انسحب من بطولة روما الدولية بسبب وجود 3 لاعبين صهاينة ولاعب التنس محمد العوضي ابن الـ 14عام رفض مواجهة لاعب صهيوني في البطولة الدولية للمحترفين في الامارات والمتسلق الكويتي عمران هادي ارتدى الكوفية الفلسطينية بعيد وصوله الى القمة في جبال هملايا في نيبال بارتفاع 6119 متر

التوجه العام لدى السلطات الكويتية هو المشاركة دائما وفي كل المناسبات والفعاليات الإقليمية والدولية لكن عندما يتطلب الامر مواجهة مباشرة مع الصهاينة يصار الى الانسحاب فورا ( الإجماع واضح على نبذ أي علاقة أو تعامل مع عدو الأمة ) والتعليمات الرسمية صارمة جدا من حيث ضرورة ضبط ومراقبة المشاركات في المهرجانات الثقافية والمسابقات الرياضية منعا لوقوع أي شبهة تطبيعيه

القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والشعب في الكويت يرفضون التطبيع مع اسرائيل مما يحتم على الحكومة اتخاذ موقف مشابه يتجسد فيه التعاضد والتكامل بين المستويين الشعبي والرسمي وموقف الكويت كان دائما متميز ويتفوق على باقي الدول التي طبعت وبقيت ثابتة على سياساتها المبدئية بعدم الانجرار وراء التوجه الخليجي بإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني او استنساخ تجارب المطبعين والمرسوم الأميري الصادر عام 1967 يلزم الحكومة بالصمود على هذه السياسة

من يواكب ويراقب المشهد الخليجي عن قرب يلحظ تسارع الحج الإسرائيلي الى المنطقة وقد يسرت اتفاقيات أبراهام المهمة على الأعداء لكن الوضع في الكويت مختلف رغم تصدر بعض الأصوات الشاذّة عن القاعدة المطالبة بالسير على نفس الخطّ غير أن السواد الأعظم من الكويتيين يعادي الصهاينة مهما حاول الجيران تجميل صورتهم

الكويت على مدى عقود طويلة رسخت سياسة خارجية تقوم على أساس مبدأ الحياد والاتزان وأصبحت اليوم تنفرد خليجيا بمعارضة التذلّل للإسرائيليين ولهذا لن تترك بسلام فهنالك معلومات تتداول عن محاولاتٍ وضغوطاتٍ أمريكية تجري لدفع الكويت نحو مستنقع التطبيع ونتذكر هنا تصريحات جاريد كوشنر التي أدلى بها عقب أيام من إعلان التطبيع بين الإمارات وإسرائيل وانتقد فيها الموقف الكويتي الرافض للتطبيع ووصف وقوف الكويت إلى جانب الحق الفلسطيني بالأمر غير البناء حيث جوبه حينها بموجة غضب عارمة في صفوف عدد كبير من أعضاء مجلس الأمة الكويتي والمغردون الكويتيون وربما تدفع الكويت ضريبة مواقفها في العديد من الملفات على الساحة جراء المواقف التي يبدو أنها لا تتوافق مع النهج والسياسة لأطراف أخرى في المنطقة

السؤال الذي يطرح هل التشدد بمنع محاولات التطبيع في الكويت الجاري اليوم هو مسؤولية رسمية أم شعبية في الحقيقة لابد من التكامل بين المستويين الرسمي والشعبي خاصة وأن القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والشعب يرفضون هذا التوجه بوجود رأي عام حر لا يتوفر في باقي دول المنطقة ووجود حصانة وهامش مناورة أكبر مع حرية التعبير والديمقراطية التي يتميز بها المجتمع الكويتي

وهو ما يحتم على الحكومة اتخاذ موقف مشابه وحتى يظل الرفض صامدا ونشطا على أعضاء مجلس الأمة الدفع بقوانين إضافية تحظر أي شكل من أشكال التطبيع مع اسرائيل حتى يصبح أي نوع من أنواع العلاقة معها ممنوع على اي حكومة في الحاضر والمستقبل وإذا حصل ذلك فالأمر سيكون بمثابة إنجاز نفتخر فيه جميعا في زمن التطبيع المذل

مجلس الامة الكويتي ( البرلمان ) وفي مقدمته رئيسه مرزوق الغانم يبذل جهد دؤوب لمناهضة العدو ويدرس اصدار قانون لمناهضة التطبيع بكل اشكاله وصوره وهو مطروح ومقدم من كتل سياسية ووطنية مختلفة ومدعومة من خارج المجلس وهو ما يسهل عملية نجاحه وحصوله على نسب عالية من الأصوات والى حين ولادة القانون المذكور الذي هو استكمال لقانونٍ سابق صدر عام 2002

لكنه يغلِّط العقوبات على كل مطبع يتصل بالإسرائيليين أو يسافر الى الأراضي المحتلة أو يروج لهم ويؤيد مواقفهم يسجن كل من أقدم على ذلك لمدة تتراوح ما بين 5 الى 10 سنوات كما يدان بالأشغال الشاقّة ويلزم بدفع غرامية مالية بما يتناسب مع حجم جرمه وبانتظار ذلك القانون يجب ان يبقى الحراك المقاوم على حاله لا حياد عن المقاطعة فالشعب الكويتي وبكامل أطيافه موحد على مقاطعة الأعداء الصهاينة ويرفض التطبيع مع المغتصبين للحقوق والمقدسات

ربما يكون من المفيد هنا الاستشهاد بحادثة حصلت قبل عدة أشهر حين قامت إعلامية كويتية بالظهور على إحدى القنوات الاسرائيلية وقوبلت بردة فعل عنيفة في بلدها هاجمتها ودعت الى محاسبتها وتبرأّت منها ما يعني أن الكل في الكويت لا ولن يقبل بهذا الخيار المشين وستبقى آخر القلاع المناهضة للتطبيع

كذلك فان الإعلام الرسمي الكويتي ساهم في هذا السياق حيث تعتمد وكالة الأنباء الكويتية الرسمية والنشرات الإخبارية الرسمية قاطبةً مصطلح الكيان الصهيوني للدلالة على العدو بناءا على السياسة المتبعة في البلاد والتي أكدها امير البلاد الشيخ نواف الأحمد قبل عدة أسابيع وهذا بحد ذاته شيء جيد وفي السنة الماضية أصدرت الكويت قرار بحظر مرور السفن التجارية المحملة ببضائع من إسرائيل واليها عبر المياه الإقليمية الكويتية

حتى في السينما الكويتية لا مكان للتطبيع مع العدو حيث قررت وزارة الاعلام منع عرض فيلم ( داث اون ذا نيل ) على أراضيها ورفعته من جدول عروض شركات السينما كون بطلته كانت مجندة سابقة في جيش الاحتلال وهي ليست المرة الأولى التي تقوم فيها الكويت بمنع أفلام هذه الممثلة حيث سبق لها ان منعت عرض فلمها ( وندر وومان ) بعد تصاعد غضب الجماهير وحركة مقاطعة إسرائيل في الكويت والعديد من الدول العربية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب اختيار الممثلة ( غال غادوت ) التي كانت تدعوا للإمعان في قتل أطفال غزة خلال عدوان 2014

البعض راهن على أن الشرخ في العلاقات بين الكويت والسلطة الفلسطينية جراء تأييد الأخيرة قرار غزو الكويت من قبل عراق صدام حسين كفيل بجعل الكويت قابلة للتطبيع مع إسرائيل ولم يفكروا هؤلاء ان هناك شريحة كبيرة من الشرفاء في المجتمع الكويتي ترفض أي نوع من التطبيع مع إسرائيل

من منطلق ديني وإيديولوجي وتعلن موقفها هذا صراحة وعلانية وان المسألة بالنسبة اليهم دينية ووطنية وعروبية نشأوا عليها حتى صارت ركيزة أساسية من ثوابتهم المقدسة باعتبار أن فلسطين هي أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبي محمد صلوات الله وسلامه عليه

وفي الختام نشد على يد القيادة السياسية الكويتية في موقفها الشجاع والثابت ونعتز ونفتخر بوفاء الشعب الكويتي تجاه القضية الفلسطينية على مر السنين مؤكدين بأن ممارسات الاحتلال الوحشية لا يمكن نزعها من وعيهم ونفوسهم ليقبلوا في اي مرحلة قادمة ان يضعوا ايدهم الطاهرة بأيدي القتلة والمجرمين الملوثة بالخزي والجبن والملطخة بالدم والغدر والعار
mahdimubarak@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات