في رثاء المهندس مخلد الجمعاني



رحل كثير من الناس الأعزاء، لكن رحيل "مخلد" كان له وقعٌ آخر، و إن كان "مخلد" لا يحتاج لدعائي لكنني أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعله في الفردوس الأعلى.
علمت من الناس أنّ المهندس مخلد كان قد تبرع لإقامة مسجد "البيان" في مادبا بقطعة أرض مع آخرين تبرعوا بقطعة أخرى، كما علمت أنه تبرع لبناء مسجد البيان بمبلغ عشرة آلاف دينار، علمت هذا من الناس عندما كان مخلد على قيد الحياة.
أمّا بعد وفاته رحمه الله، فقد علمت أنه كان يرعى أيتاماً، و كان يقدم خدمة لأسرتين فقيرتين في العقبة و يقدم مساعدة دائمة لجمعية أيتام ذيبان.
سألت أحد المعارف عن مخلد، فقال باختصار شديد: "تكفيه السمعة الطيبة"، و سألت آخر، فقال: إنه كان يزور مركز تحفيظ قرآن في تركيا بين الحين والآخر و قال أنه كان واصلاً للرحم و الجيران و كان له أعمال خير في مسجد زيد بن حارثة في مادبا.
سألت آخر من معارفه، فقال أنه كان صاحب موقف، و صاحب كلمة جريئة، و لا يجامل على حساب الحق، و يشهد أنه كان يبكي بالقرآن و في بعض المواقف، و يشهد هذا الرجل أيضاً أن "مخلد" رفض التوقيع على مشروع عمل في لبنان كان فيه "عوج" رغم عِظَم الأجر المدفوع له.
كان مخلد أحد طلابي في مدرسة ذيبان الثانوية في ثمانينيات القرن الماضي، كان ذكياً و علامات النباهة واضحةٌ عليه .. كان مواظباً على الصلاة و حضور الدرس في المسجد و كان على خلق و أدب جمّ .. له ابتسامة لا تكاد تفارق محياه.
مضت الأيام و غاب مخلد لدراسته الجامعية ثم إلى عمله كمهندس في مجالات عديدة و كلما التقينا على قلّة هذه اللقاءات، كان مخلد دائماً على طبيعته الرائعة المهذبة و يصر على تكرار القول "استاذي استاذي" و يُكثر المديح حتى يجبرني على القول "يا مخلد يا حبيبي، التلاميذ تفوقوا على أساتذتهم"، فيرد بقول آخر يصرّ عليه، يؤكد على طبيعته الرائعة المهذبة.
كنتُ دائماً أسعد برؤية الكثير من طلابي من أمثال "مخلد" و ما وصلوا إليه من نجاح في حياتهم العملية مع التزامهم بالأخلاق الحميدة و على رأسها العبادة .. لكنّ "مخلد" كان له شأنٌ آخر متقدم.
في الآونة الأخيرة زارني مرتين متقاربتين، و هو دائبٌ على طبيعته الرائعة المهذبة الوفية، لكنه هذه المرة أَصرّ على أن يقبّلني على جبيني و أنا أصرخ في وجهه " يا رجل كورونا _ كورونا".
بعد أن ذهب "مخلد" قلت في نفسي الحمد لله لعلّ هؤلاء الشباب يذكروننا بالخير بعد وفاتنا و لعلّهم يدعون لنا فننتفع بدعائهم .. ما كنت أحسب أني سوف أرثيه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات