أفتى العلامة الشيخ القرضاوي بأن من يموت في المظاهرات الشعبية شهيد ، ولم يدر بخلد الشيخ ما سيترتب على فتواه من آثار كارثية على المجتمعات ، فمثل هذه الفتوى ستحوّل العمل الاحتجاجي العفوي إلى وسيلة إغراء وتطويع للشباب في مختلف أصقاع الوطن العربي لمزيد من الاندفاع اللامحسوب ، وإشاعة الفوضى ، ما دام قد ضمن سماحته الجنة لهم . كان الأجدى به أن يحدّد كلّ حالة على حدة ، فما يجري في مصر لا ينسحب على ما قد يجري في بلد آخر ،فالدوافع للتظاهر ليست كلها بريئة أوتنبع من موقف واحد يجتمع الناس كلهم عليه .
إنّ هذه الفتوى ستكون مطيّة سهلة لكل من يريد العبث بأمن الأوطان ، و ستكون موضع حجّة مثيري الفوضى وأصحاب الأجندة الخاصّة ، وستوفّر لهم غطاء شرعياً لأعمالهم ، ما يخلط الحابل بالنابل ،ويبعثر الأوراق ،و يغيّر من مفهوم الشهادة والاستشهاد ، ويجعل طلبهما في متناول اليد ، دون أن يكون لهما معنى أو هدف.

لا شكّ في أن مثل هذه الفتاوى المتعجلة ، والتي تنبع من مواقف شخصية وتنظيمية وتحت تأثير عاطفيّ واضح ، ستفقد مجتمعاتنا السلم الاجتماعي ، وستدفع المناوئين لديننا للاستهزاء، واللمز بما لا يليق بديننا.
لذا أرى أن يهبّ علماؤنا لتحديد مفهوم الشهادة ، وتوضيح أن ما ينطبق على حالة ليس بالضرورة يمكن أن ينسحب على حالات أخرى ، وأن ما أفتى به سماحته هو قناعة شخصية بشكل كبير ، ربما لا يقتنع بها علماء آخرون ، مع تسجيلنا كل التقدير والاعتزاز لسماحة الشيخ الذي نحمل له تبجيلاً واحتراماً دائمين ،ففتاواه محل ثقة وتقدير ، وما كان لي أن أجرؤ على الاعتراض ، لولا أنني أراها متعجّلة ولا تخدم ديننا وأوطاننا.
Kh.darabseh@yahoo.com